أحمد الصغير، خبير في حقوق الانسان، جنيف. استوقفني خبرغريب مفاده ان مفوضية الاممالمتحدة السامية لحقوق الانسان قد قامت بانشاء لجنة تقصي خاصة للبحث في ملابسات وفاة لطفي نقض منسق حركة نداء تونس في تطاوين الذي توفي في 18 اكتوبر 2012. في الحقيقة لم اصدق للوهلة الاولي عيني عندما قرأت هذا الخبر الذي اقل ما يقال فيه انه من وجهة نظر قانونية و ديبلوماسية أمر غريب يثير الكثير من التساؤلات المحيرة و المدهشة و ذلك للاسباب التالية: - ان تكوين بعثة خاصة لتقصي الحقائق بسحب ما جرى عليه عمل الهيئات الدولية و خصوصا المفوضية السامية لحقوق الانسان انما يتم من خلال قرار يتخذه على سبيل المثال مجلس حقوق الانسان في جلسة عامة و علنية بناء على تقارير تبين الانتهاكات الجسيمة و الممنهجة لحقوق الانسان في بلد ما، بما من شأنه ان يستدعي تدخل الهيئات الدولية لللتحقيق في الوضع و تحديد المسؤوليات و تقديم توصيات للاطراف المعنية على الصعدي الوطني و الدولي. - ان انشاء لجان تقصي الحقائق يكون في الاصل في البلدان التي تعيش اضطرابات سياسية و امنية كبيرة يتم خلالها قتل عدد كبير من المدنيين و الابرياء مثلما هو الشأن مثلا بالنسبة لغزة و سريلانكا و الكنغو و غيرها من البلدان التي عاشت صراعات مسلحة خطيرة - لقد قامت الاممالمتحدة بانشاء لجنة لتقصي الحقائق على اثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري و كان ذلك استثناء يمكن فهمه من خلال أهمية هذا الشخص الذي يمثل طرفا سياسيا هاما و مكونا اساسيا في المشهد السياسي و الطائفي اللبناني، بالاضافة الى وقوف اطراف خارجية معه مثل السعودية و فرنسا. - على سبيل المثال، فعلى الرغم مما حدث و يحدث في بلدان مثل مصر و ليبيا والجزائر من احداث عنف و قتل لم نسمع البتة بان المفوضة السامية لحقوق الانسان قد قامت بانشاء وارسال لجان تقصي حقائق للتحقيق فيما حدث من عنف و قتل. فهل ان ما حدث في تونس أخطر بكثير مما حدث و يحدث في هذه البلدان؟ ام ان هذه البلدان هي دول مستقلة و لها سيادة و تونس دولة تحت الوصاية الدولية؟ - لم تقم المفوضة السامية لحقوق الانسان بانشاء لجان تقصي حقائق مثلا للتحقيق في أحداث المتلوي التي حدثت خلال السنة الماضية، زمن حكم السيد الباجي قايد السبسي، و التي سقط خلالها عشرات القتلى و هي بكل المقاييس احداث اخطر بكثير من حادثة وفاة شخص نكرة لم نسمع به قط من قبل و كل فضله انه كان منسقا لنداء تونس الى جانب ترؤسه للاتحاد الجهوي للفلاحة و الصيد البحري. - لم تقم المفوضة السامية بانشاء لجان تقصي حقائق فيما حصل من عنف و قتل في منطقة صفاقس و في دوار هيشر و غيرها من المناطق في تونس. - منذ متى تقوم المفوضة السامية لحقوق الانسان بالتدخل في الشؤون الوطنية الداخلية للبلدان المستقلة التي لا تشهد اضطرابات عامة واسعة النطاق وتقوم بانشاء و ارسال لجان تقصي حقائق للبجث في ملابسات العنف و القتل ان حدث؟ - ماهي الاهمية الاستثنائية و الخاصة التي يتمتع بها لطفي نقض حتى تقوم المفوضة السامية لحقوق الانسان، و ما ادراك ماهي، بالاهتمام به و انشاء لجنة تقصي حقائق من اجله؟ - هل ان الماضي النضالي و الحقوقي للسيد لطفي نقض على الصعدي الوطني و الدولي يبرر للمفوضة السامية لحقوق الانسان انشاء لجنة تقصي حقائق للبحث في ملابسات وفاته؟ - كيف أمكن للمفوضة السامية لحقوق الانسان ان تستبق نتائج التحقيق الوطنية وتقوم بانشاء آلية دولية للبحث في ملابسات وفاة لطفي نقض قبل استكمال التحقيق من طرف السلط الوطنية؟ ألا يعتبر ذلك تعديا سافرا على سيادة البلاد بتواطؤ ممن يقوم على أمور الحكم الآن في تونس؟ الا يعتبر ذلك سابقة خطيرة تتهدد تونس ويمكن ان تجعلها تحت الوصاية الدولية؟ - اين كانت المفوضة السامية لحقوق الانسان و أين كان دورها زمن المجرم الفار بن علي؟ هل قامت بانشاء و ارسال فرق و لجان لتقصي الحقائق في الفضائع المرتكبة في تونس آنذاك؟ - لماذا لم تجرؤ المفوضة السامية لحقوق الانسان و كبار موظفيها، الذين نعرفهم جديا في جنيف، بفتح افواههم و لو لمرة واحدة من أجل ادانة نظام الدكتاتور الفار بن علي؟ - لماذا رفضت المفوضة السامية لحقوق الانسان الاستجابة لطلبي شخصيا بالتدخل ابان الثورة التونسية و رفضت اصدار اي بيان يدين العنف الذي مارسته قوات بن علي ضد المتظاهرين السلميين و يطالب السلطات التونسية آنذاك باحترام حقوق الانسان و الكرامة البشرية؟ - هل ستقوم المفوضة السامية لحقوق الانسان مستقبلا و في كل مرة يقتل فيه تونسي او يموت في ظروف مشابهة بانشاء لجنة تقصي حقائق للتحقيق في الوفاة كما فعلت هذه المرة مع الهالك لطفي نقض؟ في الختام أعتقد انه من حقنا ان نتساءل عن النية الحقيقية للمفوضة السامية لحقوق الانسان من خلال اصرارها على انشاء لجنة تقصي حقائق للتحقيق في ملابسات وفاة لطفي نقض؟ كما انه من حقنا ان نتساءل عن أسباب هذا الاهتمام الكبير لمقتل او وفاة شخص في تطاوين؟ هل ان لنداء تونس دور في التأثير على قرارات المفوضة السامية لحقوق الانسان؟ و هل ان هذا التاثير يقتصر على هذا المجال فحسب ام يتعداه لينسحب على مجالات و هيئات دولية اخرى؟ كيف قبلت الحكومة التونسية بالدوس على اختصاصاتها و المس بالسيادة الوطنية بهذا الشكل الفج قبل استكمال التحقيق الوطني في ملابسات الوفاة؟ هل قررت السلطات التونسية التنازل عن السيادة الوطينة لتونس بشكل تام وفتح البلاد لكل من هب و دب للعبث بامنها و سايدتها؟ ماذا فعل التونسيون حتى يتم انتقاص كرامتهم و سيادتهم و امتهانهما بهذا الشكل؟ ماهي المخططات التي ترسم لتونس ربما بالتواطؤ مع الكثير من الاطراف السايسية في تونس؟ من المستفيد من التعدي على السيادة الوطنية ؟ من االمستفيد من تدويل قضية مقتل او موت لطفي نقض؟ هذه بعض الاسئلة التي نتمنى ان يسعفنا من يمثل الحكومة او المفوضة السامية او غيرهم ممن يرتضي مواقفهم باجابات عنها.