محمد رحامنية عضو بجمعية النبأ للاعلام ذُكر في كتاب رحلات ماركو بولو المستكشف الايطالي، أن أول مسابقة لملكات الجمال في التاريخ نضمها الامبراطور المغولي قوبلاي خان الذي حكم الصين في بداية القرن الثالث عشر. كان البلاط الامبراطوري يختار كل سنة 365 محظية بكر من مقاطعة تارتار التي يتميز سكانها بجمال طبيعي أخاذ. يكون أعمارهن بين السابعة عشرة والسابعة والعشرين ويتميزن بموهبة كالغناء أو كتابة الشعر. يتم عرض الفتيات ذهابا و اياب على لجنة تحكيم. ذهابا في كامل زينتهن كأنهن ملكات يزفن لعريسهن و ايابا بعد أن يتخلصن من كل لباس أو زينة كي لا يؤثر على هذه اللجنة عامل خارجي فتخطئ في اختيار ذوات القد المياس اللاتي سينلن شرف تمضية ليلة واحدة على فراش الامبراطور. لقد ارتبط مفهوم الجواري في المخيال الشعبي بالمجون و الخلاعة فقط. لكن على العكس، كان وضع الجارية العربية، في البلاط العباسي مثلا، مختلفا تمام. فقد أصبح لفظ جارية مجرد وصف أو اسم يوضح أصل المرأة، التي كانت في كثير من الأحيان هي السيد و الحاكم بالأمره. فهي التي تولي و تعزل و تأمر و تنهى و حتى التي تُسير الجيوش للحرب كحال شجرة الدر. لقد تحول دور النخاسيين في العصر العباسي من مجرد تجار يبيعون و يشترون إلى منظومة كاملة. فقد تطور العمل والتخصص لدى هؤلاء بحيث انهم جلبوا المعلمين والمثقفين في مختلف الفروع للاشراف على تربية وتثقيف جواريهم وتعليمهن مختلف معارف ذلك الزمن لكي يتمكن من مجالسة أفراد الطبقات العليا والتأثير فيهم. وقد نجحت هذه الجهود لدرجة التي أصبحت فيها الكثير من هؤلاء الجواري يجادلن ويحاورن في كثير من أبواب العلوم والفنون بالشكل الذي تفوقن فيه على كثير من الحرائر اللواتي لم تتح لهن كل هذه الفرص في التثقيف والتعليم. في نفس الزمان لكن في أوروبا التي كانت تعيش وقتها في ما يعرف بعصور الظلام، كانت الجارية كغيرها من النساء عندهم مجرد أدات للمتعة، فالأوروبي حينها كان يتخذ زوجة لتكون ولاّدة فلا يقربها الا حين طهرها علها تكون حاضنة لولي العرش. فان انجبته فبعدها تكون نسيا منسيا و يمضي هو حياته بين الخليلات. وحينها كان الأمر مباركا و كثرة العشيقات عندهم دليل على الرقي و التمدن. وكان الملك لويس الخامس مدعي الورع و الوفى لزوجته على خلاف غيره من ملوك فرنسا، الحريف المبجل لدور البغاء الباريسية. أما صديقه قيصر روسيا “بيتر الأعظم" فكان يختار و زاراءه و خدمه ليس لكفائتهم لكن لجمال زوجاتهم اللاتي يتصيدهن بين أروقة و دهاليز قصره. طلع على تونس ما بعد الثورة، سياسي تصدر الدعوة لتحرير المرأة من لباس كبلها و منع الهواء عن رأسها كما قالها اخ له. وقد بح صوته لانتشالها من الرجعية والظلامية. كان للحيته الحليقة المعطرة بهوغو بوس و لباسه المخيط في ديار الأرماني أثر على الاناث حتى صاحت احداهن وقد اغرورقت عيناها دموعا “il est un gentleman, je voterai pour lui" مادام غيره همج بلحاهم و “قعر" بملابسهم. انتشر، لهذا الذي يرى من تطبيق الشريعة مساسا بحرية المرأة و العودة للعبودية، صورة على صفحات التواصل الاجتماعي لمحادثاته مع صحفية أغراها بماله وجاهه. ولأنها ممن تغرها المظاهر فقد رأت فيه من سيفتح لها أبواب ستوديوهات الدوحة وراحت تستجدي دولارات فريدم هاوس التي ملأت جيوبه. فصارت تناديهي سيدي و ملكي و أجلست نفسها جارية عند قدميه. هذا الذي تدمع عيناه لذكر حالة المرأة التونسية من استقواء الرجل الشرقي التفكير، الزوالي الواقع، على حقها في نصف الميراث. لا يستحي أن يُذكر عشيقته حين تحدثه عن الحب أنها مملوكة له قلبا و قالبا يتصرف في كيانها بما تمليه غرائزه. ان كان للجواري في ما مضى وضيفة واحدة. فجارية 2.0 هذه، متعددة الوظائف و الخدمات. ففي النهار هي صحفية تلمع صورة سيدها و صورة حزبه الافتراضي، و في المساء طباخة تملؤ معدته بما لذّ و طاب، بعدها تتحول الى راقص لعوب قد كان خنّاسُها اختار لها ما ترتدي من فاضح اللباس. لتتشرف ليلا بالنوم بين أحضان هذا الماغولي. لم نسمع للمتهكمين على الزواج الشرعي، نبسا ببنت شفة لزنى المسيار هذا الذي يمارسه اخاهم في الفساد. يكفيه انتماءه لحزب رعاع الخلق حتى تكن له الحصانة فيخوض هتكا بكل مقدس. يتجسد نهارا في ثوب الغربي القادم على صهوة الديمقراطية لينقذ من بحور التخلف من غاص فيها لأربعة عشر قرنا. متحول ليلا للويس جديد يضيق خليلته كأس الذل و المهانة كما لا يفعله أشد الشعب رجعية. تكثر الأهات لذكر الرويبضات في بلادي، وذكر الجواري يذكرني بسليمان القانوني حين قال “إذا أردت خراب مملكة فسلط عليها النساء" فيا ليته التزم بنصيحته فلولا ألكسندرا ما سقطت خلافته وما كان لدعاة جهنم أن يقفوا في وطني. رجاء بالحاج منصور: سأفضح فساد محسن مرزوق