بقلم الأستاذ بولبابة سالم كلما حضر في أحد المنابر الحوارية إلا و أقنع بفضل زاده العلمي و السياسي الوفير و تجربته الكبيرة في الشرق , جادل اليمين و اليسار و استطاع ارباكهم , يتكلم بطلاقة لافتة و فصاحة غريبة عن الكثيرين ممّن صمّوا آذاننا صباحا مساء بالكليشيات المعهودة , عرفت جريدته " عرابيا " نجاحا كبيرا و قرأ التونسيون صحافة محترفة فيها معنى التحليل السياسي و المحتوى الجيّد و كان وقف صدورها خسارة للإعلام النزيه . إنّه الصافي السعيد الذي عرفناه مناضلا قوميا و صار ينتمي اليوم إلى اليسار الجديد , اليسار الذي قفز فوق المقولات المحنّطة لماركس و لينين التي يعبدها اليساريين الصغار. ما أتاه ليلة الخميس على قناة حنبعل في مواجهة القيادي في نداء تونس نور الدين بن تيشة هو درس في الجدل و المحاورة السياسية التي يفتقدها- للأسف الشديد – الكثير من السياسيين . نسف لمقولات الخصم من أساسها و ثقافة واسعة و أمثلة متنوعة جعلت بن تيشة تائها و مذهولا من الصافي السعيد . لقد تعوّد على الحوارات الصديقة و الأسئلة اللطيفة و الناعمة فإذا به يجد نفسه أمام محاور بارع انتقد بشدّة نيّة ترشّح الباجي قايد السبسي للإنتخابات الرئاسية , و رفض المقارنات السخيفة مع إيطاليا و غيرها كما رفض احتقار الشعوب الأخرى كالشعب الكيني و بيّن له التعداد السكاني لهذا البلد المقدّر ب 40 مليونا و كيف أنّ جامعاتها أفضل من جامعاتنا حسب تصنيفات دولية عديدة , رفض التطبيل للأشخاص الذي مارسه بن تيشة للباجي قايد السبسي و كشف الأسباب الخفية لترشحه التي يرفض إعلامنا الخوض فيها لغياب المهنية و الحياد في التعامل مع الأحزاب السياسية . لمن لا يعرف الصافي السعيد عليه بقراءة كتبه و أهمّها " بورقيبة : سيرة شبه محرّمة" , لقد احترمه المشاهدون لأنه يسمّي الأشياء بأسمائها و صريح جدا و تلك الصراحة جعلته في صدام مع القيادي في الإتحاد العام التونسي للشغل بلقاسم العياري . عندما تستمع للصافي السعيد فستضطرّ حتما إلى المتابعة و تبتعد عن مهاترات أشباه الصحفيين و ضيوفهم من المتشعبطين في عالم السياسة . و أبقى أتمنى مثل غيري أن يحتل الصافي السعيد مكانة في المشهد الإعلامي التونسي المليء بالطفيليات .