بقلم الأستاذ بولبابة سالم لا أظنّ أن المنتحبات على حقوق المرأة ممّن يرفلن في الحرير و يلبسن أغلى الماركات العالمية و تتلوّن وجوههنّ بأفخر أنواع الماكياج و يسهرن في الملاهي الليلية و يتجوّلن كالعصافير في بلدان العالم قد تشقّقت جلودهنّ أو لفحهنّ القيظ و عانين كما تعاني المرأة الريفية في المناطق الفقيرة حيث العمل في الحقول و المزارع و المصانع لساعات طويلة بأجرة بخسة هي أقرب إلى العبودية , ثمّ يعدن إلى منازلهن حيث تبدأ رحلة جديدة من المعاناة اليومية في البيت و الأسرة لرعاية الأبناء و السّهر على راحتهنّ . كل مكسب لا يشمل حقّ هؤلاء في العيش الكريم و الرّخاء المادي تصبح مجرّد شعارات و مكاسب لفئة قليلة مرفّهة أصلا لتوسيع هامش الحريات الشخصية لهنّ . إنّ الأمن الإجتماعي و الإقتصادي لا يتحقق إلا بضمان حقوق المرأة الريفية , و شواغل تلك الفئة الكبيرة من النساء بعيدة عن شواغل طبقة أخرى تنعم في الحرير و تريد فرض نمط عيشها على الجميع , ليس من مشاغل المرأة الريفية المساواة في الإرث و لا الحرية الجنسية كما تنادي بعض الجمعيات النسوية المستنسخة من البلدان الغربية , ليس من مشاغل المرأة الريفية شكل الدولة سواء كانت دينية أو لائكية أو علمانية كما لا تبحث عن الإكتفاء بالفصل الأوّل من الدستور أو تطبيق الشريعة . لا يبحثن سوى عن حقوقهن المادية كمواطنات لهنّ كرامتهن لكن يبدو أنّ بعض المنظمات التي صدعت رؤوسنا بالحديث عن حقوق المرأة ينظرن إلى المرأة الريفية كمواطنة درجة ثانية و المرأة التونسية عندهن هي التي تسكن العاصمة و الأحياء الراقية . المرأة الريفية العاملة في الحقول و المصانع تساهم في الإنتاج و تكابد لساعات طويلة لتوفير الغذاء و بهنّ لا يتحقق الأمن الغذائي المنشود , و لا يمكن للدورة الإقتصادية أن تتحرّك دون سواعدهنّ المناضلة , هذا هو النضال الحقيقي و نفس السواعد حملت السلاح سابقا ضدّ الإستعمار في القرى و الأرياف و الجبال الوعرة دفاعا عن الوطن و العرض و الشرف . لقد علّمونا النضال الحقيقي و رفعن العلم الوطني عاليا بالصمود و الصبر و التضحية لا من يجعلنه خرقة يلبسنه لإظهار حبّهنّ لتونس فذلك شاهد حيّ على تسليع المرأة و المتاجرة بها .