مكثر: وفاة شاب واصابة 5 أشخاص في حادث مرور    مجلس عمداء المحامين يصدر بيان هام..#خبر_عاجل    وزير السياحة يؤكد لمستثمرين كويتيين الاستعداد لتقديم الإحاطة اللازمة لتطوير استثماراتهم في تونس    كأس العالم لأقل من 17 سنة : الفيفا يحدد عدد مقاعد الاتحادات القارية    علي معلول: لاعبو الأهلي يمتلكون الخبرة الكافية من أجل العودة بنتيجة إيجابية    في اليوم العالمي للأسرة: إسناد 462 مورد رزق لأسر ذات وضعيّات خاصة ب 15 ولاية    الشركة التونسية للبنك تتماسك وترفع الودائع الى 10.3 مليار دينار    وفاة عسكريين في حادث سقوط طائرة عسكرية في موريتانيا..#خبر_عاجل    احتجاجا على عدم انتدابهم... عدد من عمال الحضائر يدخلون في اعتصام مفتوح    بطاقة ايداع بالسجن في حق الزغيدي وبسيس    بطولة كرة اليد: النادي الإفريقي والترجي الرياضي لتأكيد أسبقية الذهاب وبلوغ النهائي    لاعب الأهلي المصري :''هموت نفسي أمام الترجي لتحقيق أول لقب أفريقي ''    على هامش الدورة 14 لصالون للفلاحة والصناعات الغذائية صفاقس تختار أفضل خباز    منوبة: تفكيك وفاق إجرامي للتحيّل والابتزاز وانتحال صفة    بنزرت: توفير الظروف الملائمة لتامين نجاح موسم الحج    القلعة الخصبة: انطلاق فعاليات الدورة 25 لشهر التراث    الدورة ال3 لمهرجان جربة تونس للسينما العربية من 20 إلى 25 جوان 2024    وزير الفلاحة: قطع المياه ضرورة قصوى    الكاف: عدد الأضاحي لهذه السنة لا يتجاوز 56 ألف رأس غنم    وزارة الصناعة: إحداث لجنة لجرد وتقييم العقارات تحت تصرّف شركة ال'' ستاغ ''    في هذه المنطقة: كلغ لحم ''العلّوش'' ب30 دينار    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    مكتب مدنين : غدا استكمال الحصص التوعوية للحجيج    بورصة تونس .. مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على انخفاض طفيف    بنزرت: إيداع 7 اشخاص بالسجن في قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    الأكثر سخونة منذ 2000 عام.. صيف 2023 سجل رقماً قياسياً    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    27 ألف متفرج لنهائي الأبطال بين الترجي و الأهلي    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    غوارديولا يحذر من أن المهمة لم تنته بعد مع اقتراب فريقه من حصد لقب البطولة    اخر مستجدات قضية سنية الدهماني    ضجة في الجزائر: العثور على شاب في مستودع جاره بعد اختفائه عام 1996    الأهلي يصل اليوم الى تونس .. «ويكلو» في التدريبات.. حظر اعلامي وكولر يحفّز اللاعبين    ارتفاع عدد قتلى جنود الإحتلال إلى 621    الرائد الرسمي: صدور تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صفاقس: ينهي حياة ابن أخيه بطعنات غائرة    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    الرئيس الايراني.. دماء أطفال غزة ستغير النظام العالمي الراهن    "حماس" ترد على تصريحات نتنياهو حول "الاستسلام وإلقاء السلاح"    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    الكاف: حريق اندلع بمعمل الطماطم ماالقصة ؟    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثالث و العشرون، ماذا بقي في الذاكرة؟
نشر في باب نات يوم 24 - 10 - 2013


عبد الجليل الجوادي
من أين ابتدأ الكلام؟
سنتان انقضت عن أول موعد مع التاريخ في يوم لن تنمحي قسماته من ذاكرة المواطن التونسي. ذلك المواطن البسيط الساكت دهرا على ألوان من الظلم و الطغيان و الجبروت. الملتحف بالصبر أمام قلة الحيلة و كثرة الحاجات. يوم، يحضر في ذاكرتنا و وجداننا الجماعي كيوم عيد أغر مشرق خفيف الظل. كان الطابور طويلا و أعداد المقبلين على الاقتراع غفيرة و لكن نحن قوم قد تعودنا الصبر على كل شيء . نحن من جلدنا بصوت القهر و تمرغنا بماء الذل و تعودنا أن نحبس الدمع عندما يعن البكاء و أن نخرس حين يعن الكلام. اليوم سنقول كلمتنا و سنزيح عن أنفسنا درن السنين.... و قد قلنا. فلكل رأيه و لكل اختياره و الاختلاف لا يفسد للود قضية.
خرجنا نحمل في أصابعنا بصمة الحرية بلون أزرق.و ما زلت أذكر كيف غمست أصابعي في الحبر لأرسم على جبين التاريخ أول بصمة. بصمة الحرية التي طال انتظارها حتى باتت حلما صعب المنال لولا أن الله سلم...
و بدأ الحلم يكبر فينا ليلامس كل ما نصبو إليه و كلما طاقت إليه أنفسنا عقودا طويلة من الزمن. مجلس تأسيسي منتخب، و رئيس حكومة يمثل إرادة شعب و رئيس جمهورية منا و علينا. نعرفه و يعرفنا و هو الذي اكتوى مثل ما اكتوينا بنار القمع. مؤسسات ديمقراطية قدمت للغرب بل للعالم نموذجا حيا للوطنية حين اجتمع الخلاف الإيديولوجي و انصهرت كل المذاهب حبا لتونس.
فرحة شعب بثورته حين كبر فيه الأمل بالإنعتاق من نير الظلم و الاستبداد ليسترد وطنا سلب منه بالقوة في حين غفلة منه. و طنا عاش فيه غريبا أجيرا قليل الحيلة و هو المالك الحقيقي و غيره الدخلاء. و طنا كان يراه يسلب كل يوم و يغتصب و يصلب و يعذب فيستغيث فلا يغاث. فالشعب أيضا كان معصوب العينين مسلوب الإرادة محكوما بقوة النار و الحديد. نحن صلبنا على أسوار هذا الوطن و جردنا من كل شيء بعد ما سرقت كرامتنا...
فرحة كأنها الحلم، أو هي ربما حلم هيئ إلينا أنه حقيقة و ما أكثر السحرة في هذا البلد و ما أكثر البطرة و المبطلين.
قالوا عنا جهلاء، لا ثقافة لنا و لا فهم و لا وعي و لا إدراك. وصفونا بالرعاع حين لفظتهم صناديق الاقتراع. قالوا أن الدين أفيون الشعوب و أن الغرب صار غربا حين أوغل في الحروب. حين لفظ الكنيسة و كفر بالله وعيسى. و نحن قوم فينا جهل و سفاهة إذ نفكر في الخلافة. هددونا بالانقلاب مرة تلو مرة. قالوا أننا لا نملك خبرة في تسيير البلاد و استباحوا اللجوء لجلاد الأمس كي يعطينا درسا في الديمقراطية على طريقته. و استعانوا بأعداء البلاد في الخارج و استوردوا لنا الإرهاب من جبل إلى جبل. فالإرهاب عندنا صناعة محلية بعقول و تدبير أجنبي و تمويل و رعاية من المجروحين من الثورة أصلا أو من صناديق الاقتراع.
بدأ الحلم شيئا فشيئا يتبدد و يضمر فينا الأمل في الإنعتاق حين عادت ألأفواه التي خلناها خرست إلى الأبد، تكشر عن أنياب تربت بمص الدماء و نهش اللحم نيا. و بدأت الأفاعي التي غمست رؤوسها في التراب حين من الدهر، تنفث سمها و تتسلل من جديد عبر الأزقة المظلمة لتعيد لنا الاستبداد في ثوب جديد كما الثعبان حين يخلع ثوبه.
ثم جاء السيناريو المصري ليزيد هؤلاء ثقة في النفس فيزدادوا ضراوة و يرتفع سقف المطالب من حل الحكومة و حل المجلس و استقالة رئيس الجمهورية...و ماذا بعد؟؟؟ لم يبق سوى أن يعتذر هذا الشعب لجلاديها و أن ينصب لنفسه المشانق في انتظار القصاص منه لما اقترفت يداه من خروج على ولي نعمته و نكران للجميل و الأيادي البيضاء.
ماذا لو تمكن هؤلاء من الانقلاب على إرادة الشعب و مؤسساته؟؟ ماذا ننتظر ممن تجرأ على هيبة الدولة في شخص رؤسائها الثلاث، أتراه يرحم مواطنا ضعيفا الحال قليل الحيلة؟؟؟ من ذبح جنودنا البواسل بدماء باردة و قتل رجال الأمن الشرفاء و أحرق الأضرحة و المقرات و اختلق سيناريوهات الانقلاب و خطط و مكر بالليل و النهار و لم تعيه الحيلة بما ترسب في ذاكرته من درن السنين العجاف...ماذا تراه صانعا بنا لو سنحت له الفرصة يوما للرجوع؟؟
يا أهل الكوع و البوع. يا من كفرتم بالدين و آمنتم بالشيوع. أيها الخبراء و الخطباء و الخلطاء في المصالح. يا أيها الحالمون بالرجوع هل للأموات بعد الدفن من طلوع؟؟ و هل تطلع الشمس من مغربها إلا حين يؤذن الكون بالنهاية أم أنكم لم تفقهوا سنن التاريخ و أن لله في خلقه شؤون. و ماذا لو فشل السيناريو المصري كما فشلتم و انقلب السحر على الساحر و سقط اللثام عن اللئام و نفذ صبرنا عليكم؟؟؟
سيبقى في ذاكرة التاريخ شعب عظيم. صنع ثورة عظيمة و كان في قمة التحضر حين تعامل مع جلاديه و قاتليه بالعفو بعد الصبر. و بالحلم مع القدرة. و لكن للصبر حدود و للحلم مداه و قد بلغ منا كل شيء أقصاه، و إن للثورة حراسها و رجالها. و لعل الأيام القادمة تكون حبلى بالمفاجئات بقدر صبرنا و تضحياتنا و إن العدل الإلهي من سنن الكون و لكل ظالم جزاء في الدنيا حتى لا ينخرم نظام الكون و تنقلب الموازين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.