محمد خليل قموار تعتبر وزارة التربية من أكبر الوزارات في تونس بل هي أكثر وزارة تشغل بال التونسيين , فأغلب العائلات لديها أبناء يدرسون في مدارسها و معاهدها . و قد تسلل الفرنكفونيون ووكلاء الإستعمار الثقافي إلى تلك الوزارة منذ الإستقلال و تشهد شهادة العالم التونسي البشير التركي على حجم المأساة التي عاشها قطاع التربية و التعليم في تونس عندما أعفى محمود المسعدي في خمسينات القرن الماضي عالم الذرّة التونسي و رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاحقا من مهامه كمدير للتعليم العالي و تعويضه بآخر فرنسي وهو " دوبياس " الذي لا يملك شهائد العالم التونسي و نفس الأمر حدث للتعليم الثانوي الذي عيّن له المسعدي أستاذا فرنسيا يدعى " كولون " وهو ماسوني معروف للإشراف على المنظومة التربوية التونسية في أكبر عملية إستعمار الثقافي عاشتها تونس . ما جعلنا نختار الخوض في هذا الموضوع هو حجم التسريبات المتعلّقة بالحكومة الجديدة التي كُلّف السيد المهدي جمعة بتشكيلها , و لعلّنا ندرك حجم التحدّيات التي تواجه الرجل وسط زحمة الضغوطات التي تواجهه من كل المنظمات و الأحزاب السياسية دون استثناء , و ما لفت انتباهي هو الإستطلاع التي قام به موقع " باب نات " الذي دعا متابعيه إلى اختيار الحكومة الجديدة , وهي مبادرة جيّدة بحكم قيمة هذا الموقع الإلكتروني الذي يحظى بمصداقية عالية و نسبة متابعة قياسية { أكثر من 35 مليون متابع سنة 2013 } , و أيضا بدعوة عموم المواطنين إلى إبداء آرائهم و المساهمة في اختيار من يحكمهم . لكن ما فاجأني هو وجود اسم السيد معزّ بوبكر كأحد المُرشّحين لوزارة التربية , وهو عرّاب برنامج مدرسة الغد في عهد بن علي و عمل ضمن البرنامج الرّئاسي في هذا الخصوص , كما تولّى منصب رئيس ديوان وزير التربية لفترة طويلة وعمل أيضا مع الطيب البكوش و عبد اللطيف عبيد , ثمّ أعفاه الوزير سالم لبيض من مهامه عندما تولّى مقاليد الوزارة . نرجو من السيد مهدي جمعه أن يختار الشخصية المناسبة لهذا المنصب الحساس لتبقى وزارة التربية بعيدة عن كل التجاذبات , فليس من المعقول أن يقع إعفاء شخص من مهامه و عمل طويلا في العهد السابق ثم يعود من جديد كمشرف أول على الشأن التربوي , كما نرجو ألاّ يكون العامل الجهوي حاسما في الموضوع بسبب انتماء السيدين المهدي جمعه و معز بوبكر إلى نفس الجهة { المهدية } . تحتاج تونس إلى كل كفاءاتها في إطار حكومة مستقلة بعيدة عن التجاذبات الحزبية لكن نريد أن يكون وزير التربية منحازا إلى أهداف الثورة و للهويّة العربية الإسلامية للشعب التونسي مع الإنفتاح على تجارب العالم المتقدّم .