أبو مازن آه على الشيوعية والاشتراكية، رحلت ولم تترك لنا من سننها سوى شوارب ستالين يتزيّن بها قياديو الجبهة ... الشعبية. تلك الصفة التي افتقدت هي الأخرى بعد أن انصرفت على مواكبة قوت الزوالي وقفته و ما حوته من خضار (فلفل، معدنوس، ...) منذ تولي حكومة التكنوقراط. لقد انقطع قياديو الجبهة عن العويل و تركوا الزوالي يضرب أخماسه في أسداسه فيعيد ترتيب الافكار والأحداث في ذهنه ليصل آخر المطاف أنه كان مطيّة لهؤلاء و أولئك، فرغم كل شيء حدث و رغم تغيّر نسق المسار الانتقالي فان ارتفاع اسعار عديد المواد بقي متواصلا و أن الاتحاد الذي يدّعي الدفاع عنه يغطّ في نوم عميق بعد أن أقفل باب الاضرابات و أوصد شباك الاعتصامات وراح عبثا يحاول دفع عجلة الانتاج. الجبهة التي تعتمد أطروحاتها أساسا على قفة الزوالي و توفير الحياة الكريمة له لم تعد تعير ملف الاسعار اهتماما بل تنادت الى غيره من الملفات بعد عجز أصاب جميع الاطراف للتحكم في التسعير وضرب التهريب والاحتكار والتجارة الموازية. لقد تنادت الجبهة الشلغومية الى ملف الارهاب فتناولته بحماقة السياسي الملهوف والقت التهم جزافا على هذا و ذاك فحلت محل القاضي والمحامي والسجان في آن واحد وتخبطت في متاهات هذا الملف الغامض عند جل التونسيين، ولكن اجل الانتخاب داهمها فخشيت أن تخسر الرهان و راحت تفكر في بناء قوائم صلدة شلغومية تتمتع بمناقب او ماضي نضالي تليد فتفوز ببعض ما قدر الله لها من مقاعد البرلمان الجديد. ها هي الاسماء تتوالى في الظهور شوارب فشوارب فشوارب تتوسط وجوها عهدناها في التلفاز تصب الزيت على النار وتوقد الفتنة لتنتصر لسجال قديم دارت أحداثه في الجامعة أيام السبعينات والثمانيات. لم يدرك أصحاب الشوارب ان الوقت غير الوقت وان الحديث عن الالحاد و مساواة الارث واقامة الحدود الشرعية والنسوة الاربعة لم يعد يستهوي الناس فقد ملّوه لأن تنزيله بهذه الطريقة الخبيثة لعبة خسيسة غايتها ضرب ايمان التونسيين بمعتقداتهم. لم يعد اذن للجبهة حديث يقولونه او يحملون الناس لانتخابهم غير تأجيج نار العروشية و الثأر فاختيرت زوجة الشهيد البراهمي لترأس قائمة مولد الثورة التونسية و اختير "أسد" المناجم ليرأس قائمة قفصة. لم يكن يسيرا بالمرة تثبيت هذه الاسماء على رؤوس القوائم فقد عصفت رياح الشخصنة و الحقرة بمكونات الجبهة، فتنصلت حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وكذلك حركة البعث وبقيت الجبهة شيوعية خالصة تمارس طقوس لينين وستالين السياسية. هل ينفع امتداد الايدي للفاتحة بعد ان عزفت عن ذلك عديد المرات فتتحسن الصورة التي لا تستجيب للأصل؟ هل تنفع صولات الرحوي في التأسيسي لتستثمر في ترشيح جديد؟ هل ينجح الجيلاني في استثمار احداث الرش في سليانة؟ أسئلة عديدة يطرحها المتابعون للسياسة في بلدنا وهم منقسمون بين مستنكر لما حدث كلما جال في الخاطر عربدة الجبهة في التأسيسي في الماضي القريب، و متأفف مشمئز من خطاب عقيم لا يسمن ولا يغني من جوع ولا تلحظ فيه أدنى مستوى من الصدق، و نادم عن صوت منحه لمكونات الجبهة الشلغومية في وقت مضى قصد نيل بحبحة العيش ولكنه بقي الى اليوم يجلب الماء من الحنفية العمومية و يشكو زمهرير الشتاء القارس و حرّ الصيف المقيت.