بقلم حاتم الكسيبي اعلم أن الظلم الصهيوني كلما عمّر لم يزد المظلوم الفلسطسني الا اصرارا على استرداد حقوقه بالقانون فان لم يقدر فبيده و أسنانه يحدّها كالسيف ليدافع عن أرض و عرض قد أغتصبا و خيرات قد نهبت. ذلك ما استلهمته الضفة و سكان القدس من المقاومة الغزية الذي أذهلت العالم الاسلامي والغربي والشرقي فسهر نتنياهو الليالي وعقد الاجتماعات تلو الاجتماعات يضرب أخماسا في أسداس لعله يجد حلولا و لو وقتية لايقاف مارد المقاومة الصاروخي. هذه عمليات الدهس والطعن بالآلات الحادة تتوالى في وضع مكهرب و شديد الاضطراب، هذه أوضاع يفقد فيها المستوطن الصهيوني مقومات الحياة التي جاء من أجلها ليعمر أرض الميعاد كما يدعي و يشيد الهيكل المزعوم. اعلم أن ما تتناقله الأخبار العالمية والعربية، وتتجاهله وطنياتنا، من ردة فعل مقدسية عنيفة تجاه المستوطنين الغاصبين أمر حتمي لتراكمات عديدة منذ حرب العبور، فلقد أضحى الأقصى مهددا أكثر من أي وقت مضى و لقد أضحت الحياة اليومية للمقدسيين مشادات شبه يومية مع المستوطنين و آلة الحرب الصهيونية تتلوها الايقافات والهدم و التشريد والنفي وفي بعض الأحيان القتل والتصفية بدم بارد وضحكة صفراوية ترتسم على محيى جنود العدو الغاصب. لقد شهدنا منذ سنين عديد الاتفاقيات الجزئية التي تضمن أوهن مستويات العيش للمقدسيين الذين رضوا لفترة من الزمن بالذل ولكن الهمج الصهيوني لم يرض به فتمادى في بناء جدار يقطع الضفة ومدنها أجزاء متفرقة و نصب المعابر تلو المعابر ومنع الغذاء والطاقة و حدد أعمار المصلين في أولى القبلتين وثالث الحرمين. لقد فاق تعنته كل التوقعات وبات يستعد لهدم الأقصى واقامة كنيس الهيكل فيبدّع بالمسلمين و بصومعاتهم و يمكّن للمهاجرين الروس والاشكيناز و الفلاشا و المشتتين في أصقاع الأرض من الصهاينة فيستوطنون أرض فلسطين. أعلم أن المقدسيين استلهموا من غزة العزة والكرامة أسلحة دفاع بدائية ترعب العدو المغتصب وترجعه عن غيه فيعيد حساباته و ينضبط للقانون الدولي كباقي الدول. لقد دفعوا مكرهين لوسائل بدائية للدفاع عن أنفسهم بعد أن عجزت سلطتهم الفلسطينية عن رد الكرامة بالمفاوضات الفارغة كلما اجتمع عريقات وعبد ربه بليفني فتدارسوا وضع فلسطين من أسفل الى أعلى و عززوا اللقاء بالكأس فكانت عنوانا للغبطة والفرحة التي تجمع الطرفان فتمضى التنازلات و يزداد حال المقدسي سوءا. لقد انبهر المقدسي بشدة المقاومة الغزية فسعى لاحداث نقلة نوعية فطور حجره الى دواسة بنزين يهيج بها في الشوارع المكتضة ويحدث الهلع والخوف ومن ثم الفرار الى حيث يجدون الأمن والأمان. لقد كان مقتل الطفل أبو خضير عملا جبانا و مهانا أثر في نفوس المقدسيين فجعلهم طلاب عزة و كرامة فأوغلوا الجراح في قطعان المستوطنين وانتصروا لمدينة طمستها آلة الحرب الصهيونية فغيرت معالمها العربية والمسيحية وجعلتها مزارا عالميا للبكاء والعويل. اعلم أن بيننا أناس يستنكرون الدهس والطعن ولا يستنكرون هدم البيوت على أهلها وتحريقها بمن فيها، بيننا قوم يدافعون عن البراميل المتفجرة التي تهوي على الأطفال فتحصد أعمارهم ولكنهم آية في الانتصار لحقوق الانسان كلما دهس فدائي اسرائيلي مجموعة من الجنود الصهاينة. بيننا أناس مازالوا يزورون كيان الغاصبين ويسعون للاعتراف به فهي حسب زعمهم دولة مشرقية متقدمة وديمقراطية قد نتعلم منها عديد خصال المدنية. حقا هم لا يتفردون بهذا الهيام للكيان الصهيوني وقد سبقهم خلان لهم من أرض مصر على مراد الله فحاربوا بالنيابة عنهم وقطعوا أوصال غزة ودمروا مواردها ثم ألقوا بهم في التيه دون مأوى ولا مشرب ولا ملبس. مصر أم العرب و قاطرة الشرق الأوسط هي الآن يد بطش بيد المحتل الصهيوني تنتصر له على غزة بعد أن عجز عن ذلك بذاته فاطمئن وأوكل لها أمر القطاع و تفرغ للضفة المحتجزة بجدار العزل. ستبقى المقاومة في فلسطين شجرة مورقة و وافرة الظل لا تكاد تسقط بعض ورقاتها حتى تظهر أخرى فتحفظ الأقصى و كنيسة القيامة وكل مزارات العرب المسلمين والمسحيين على حد السواء.