أبو مازن الكرونيكار كلمة دخيلة ترمز لتلك الوجوه الصحافية التي تطل في كل برنامج تلفزي أو اذاعي فتبين الواقع و تحلله وفق هواها و هوى ميولاتها دون أن تعكس الرأي العام السائد في المجتمع. الكرونيكار هذه الأيام لا يكاد يرتاح وهو المتنقل من أمام المصدح الى أمام الكاميرا لا يناله نصب ولا كبد. لقد جادت علينا الثورة بما جادت من صحفيين سئمنا كغيرنا من التونسيين للديماغوجيا التي يمارسونها مع مستمعيهم و مشاهديهم صباحا مساء. اليوم نشاهد على الحوار التونسي مثلا سفيان و بوغلاب و لعماري وغيرهم يناقشون كل المسائل ويبدون رأيهم بعلم وبدون علم. يطرقون جميع الملفات التي تدين من يخالفهم الرأي و الفكر و يحاولون بكل جهودهم تثبيت الاشاعات والادعاءات وأنصاف الخبر في ذهن الناس. هي مهنة ذكية تدرّ بأموال طائلة بعد أن طالت راحتهم أيام المخلوع وقد كانوا يرتادون نوادي التلفزة وهم يبحثون عن تعليق صغير في ركن من أركان الأخبار أو الصحف فيطردون شر طردة ولكنهم لم ييأسوا يوما من نيل مرادهم خصوصا وهم المستعدون لكل السيناريوات: مدح، تمجيد، تكريم، تأليه، سب، شتم، كذب وافتراء، نشر غسيل،... لمدّة ليست بالبعيدة ساهم هؤلاء في صنع رأي عام يجمع في ذهن المواطن مرادفات للثورة كالارهاب والفوضى و العصيان والاضراب والاعتصام والرش المؤقت وغيرها. كل الأحداث التي مرت بها تونس الى اليوم شبه عادية في ثورة شعبية رغم ما رافقها من دماء وشهداء، تقبلهم الله و أسكنهم فراديس جنانه، فالتونسي بطبعه مسالم متعلم لا يرغب في الثأر ولا الانتقام و جيشنا لا يعلم للانقلابات معنى ولا يشتغل بالسياسة وهمّه الوحيد حفظ كينونة الدولة وأمننا الذي ارتبك أول الأمر ساهم بقسط كبير في بناء تونس الثورة فسار حذو مطالب الشعب و دعا لتأسيس منظومة أمنية جمهورية. فكان الحلّ بيد الاعلام لتنظيم عودة المنظومة القديمة وفسادها. الكرونيكار ‘‘حوكي وحراري‘‘ تجده في حفلات و مؤتمرات الأحزاب المنتسبة للتجمع االمنحل و نجم بارز في اعتصام الرحيل، وكذلك تجده حمل وديع وذئب بدون أنياب أمام وجوه الماضي. أما ان صادف أن استدعي أمام وزير للترويكا أو لمحاورة نائب من التأسيسي فتجده حانقا غاضبا كاذبا و مقاطعا لمحاوره كلما أقتنع المتفرج بوجهة نظر المسؤول وتفهم الوضع الراهن. هذا الكرونيكار الذي يبكي غلاء الأسعار والبطالة قد فاقت شهريته الملايين وهو البائع للوهم والخديعة و الذي يشتغل عديد المهن فيحرم عددا هاما من الصحفيين الجدد من الظهور. لا يتسع المجال للتذكير بما صنعته أيادي الكرونيكار في واقع الثورة التي تهاوى صيتها وخفت خوارها ولكن اشاعة أنونيموس الأخيرة المفبركة كانت فضيحة أخرى تضاف الى ملفات الكرونيكار الذي حاول الى أقصى الحدود اقناع المواطن بكمية الحوت و بسعر الليلة الواحدة في نزل بنيويورك و لكنه لم يفلح لمجرد قلة حنكة في فبركة الكذب و الاشاعة فتلاشى تأثيرها على المواطن بعد ساعات و استدعي الكرونيكار للمشاركة في كذبة أخرى قد تجود بها مجاري الاعلام في قابل الأيام. أما المثل الثاني الذي بقي أيضا في ذهن المواطن البسيط هو تلك اللغطات الاعلامية التي يطلقها أعلامهم على الهواء فيتداركونها سريعا بأنها تصريحات أخرجت من سياقها و قد اعتذر عنها في تصريحات لاحقة. ذلك حال اعلامنا المتهاوي المتمرد الذي يراود الناس عن ثورتهم و يبين لهم عيوبها فيندمون ويطالبون بعودة الماضي على حد قولهم.