أشرف اليوم الخميس 27 جوان كل من رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة علي لعريض على افتتاح الحوار الوطني حول الطاقة الذي تنظمه وزارة الصناعة بالتعاون مع الشركة التونسية للكهرباء والغاز والوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة وعدد من المؤسسات الأخرى المختصة في مجال الطاقة. وسيكون الملتقى منطلقا لفتح باب الحوار من أجل رسم الملامح المستقبلية لأحد أهم القطاعات الاقتصادية والتنموية بالبلاد، وهو الطاقة وذلك وفق مسار تشاركي يضمن مساهمة كل الأطراف في بلورة التطلعات الوطنية في هذا المجال. وكان الملتقى بحضور وزير الصناعة مهدي جمعة وكاتب الدولة المكلف بالطاقة والمناجم نضال الورفلي وعدد من الوزراء في الحكومة والسفراء والخبراء في مجال الطاقة من تونس ومن الخارج. وقال وزير الصناعة مهدي جمعة ''نحن أمام خيارات صعبة في قطاع الطاقة أمام الإمكانيات الطاقية الصعبة التي تشهدها تونس في ظل تراجع الإنتاج وتفاقم الاستهلاك، وارتفاع أسعار النفط والغاز في العالم، إلى جانب تفاقم دعم الدولة لهذا القطاع الذي تضاعف خمس مرات بين 2010 و 2013 ، مما ساهم في ثقل ميزانية الدولة''. وأكد الوزير أن تونس اليوم أمام تحديات تفرض ضرورة تحديد رؤية وتوجهات جديدة تنظر في كل التغيرات وتستجيب لكل المتطلبات الطاقية للدولة، كما ينبغي تحديد توجهات مستقبلية في إطار التشارك والشفافية والمسؤولية والانسجام مع الاستراتيجيات في القطاعات الأخرى. من جهته أشار رئيس الحكومة علي لعريض إلى ضرورة رسم استراتيجية في مجال التحكم في الطاقة والطاقات المتجددة، يندرج ضمن الخيارات الأساسية للدولة بالنظر إلى محدودية مواردنا الطاقية، وما تزخر به تونس من مصادر الطاقة غير التقليدية. وكشف رئيس الحكومة أن العمل يجري حاليا لإنجاز المشاريع المبرمجة في مجال ترشيد استهلاك الطاقة، على غرار مشروع النجاعة الطاقية في القطاع الصناعي والعناية بمشاريع التقنين الحراري للبناءات الجديدة، والتثبيت التصنيفي للتجهيزات الكهرومنزلية، إلى جانب السعي إلى الاستغلال الناجع للطاقة الشمسية وطاقة الريح، وذلك عبر إنجاز المحطات الهوائية لإنتاج الكهرباء من قبل الخواص وتركيز اللاقطات الشمسية لتسخين المياه. وذكر علي لعريض بالارتفاع غير المسبوق الذي شهده حجم الدعم المخصص لقطاع الطاقة ليمرّ من 550 مليون دينار سنة 2010 إلى 1536 مليون دينار سنة 2011 ولتبلغ قيمة الدعم بعد ذلك 2700 مليون دينار خلال عام 2012 بما يعادل 10.7 بالمائة من ميزانية الدولة و 4 بالمائة من الناتج المحلي الخام، فضلا عن أنه من المتوقع أن يصل حجم الدعم إلى مستوى 2990 مليون دينار خلال سنة 2013، حيث فسر رئيس الحكومة تطور نسب دعم منظومة المحروقات بالارتفاع المتواصل لأسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية جراء مجموعة من الاعتبارات الأمنية والمناخية والجيوسياسية. وأعلن لعريض أنه لمجابهة مثل هذه الوضعيات تعمل الحكومة وفق عدة مسارات من ذلك تدعيم المجهود الوطني في مجال الاستكشاف والتنقيب عن المحروقات بما يحافظ على الاحتياطي الوطني من المحرقات، ويسهم في تعزيز البنية الأساسية الطاقية سيما في مجال انتاج الغاز ونقله وتوزيعه وتطوير العمل في مجال التكرير، بما يؤمن تزويد جزء مقبول من احتياجات السوق الداخلية. وأكد رئيس الحكومة أن تشريك كافة القوى الوطنية لتحديد رؤية استشرافية واضحة في قطاع الطاقة، خيار ينبع من عمق الوعي بتحديات المرحلة ويترجم القناعة بضرورة المحافظة على مقدّرات الأجيال القادمة ومستقبلها. من جانبه شدد رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي على أهمية الحوار الوطني في مختلف القطاعات على غرار الطاقة، الذي لم يتوقف منذ الثورة ولن يتوقف يوما، وأضاف قائلا ''نحن بحاجة إلى التوافق لرفع تحديات قطاع الطاقة وهو تحدي مصيري باعتبار تفاقم المشاكل التي خلفتها الديكتاتورية، مشيرا إلى تونس بإمكانياتها وفرصها ستتمكن من التخفيف على الأقل من مشاكل قطاع الطاقة. وللإشارة فقد تمّ إحداث فريق عمل وطني لإدارة الحوار الوطني حول الطاقة وتأطيره على الصعيدين الوطني والجهوي، حيث يتكون الفريق من كفاءات وخبرات وطنيّة تمثّل مختلف المتدخّلين في القطاع والمجتمع المدني والجامعيين والخبراء المستقلين لبلورة رؤية استراتيجية واضحة المعالم في مجال الطاقة تعتمد كوثيقة رسمية يتم انتهاجها.