يعود الحديث هذه الأيام عن مهام الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي يترأسها الأستاذ النوري اللجمي، يأتي هذا خاصة بعد البيانات التي تكفلت بإصدارها الهيئة "لتضع حدا" لما اعتبرته تجاوزات وقعت فيها بعض البرامج التلفزية التي اتخذت من مشاهد العنف سمتها البارزة، فضلا عن الاشكال الذي لازال محل نزاع قضائي بين رجل الأعمال سليم الرياحي وقناة التونسية والتراشق بالاتهامات بين الطرفين، دون أن تتخذ الهيئة سبيلا سوى إصدار بيانات اما للتنديد أو للإعلان عن قرارها التدخل وطلب الاستماع إلى أطراف النزاع. وكذلك دعت الهيئة في بلاغ لها المؤسسات التي لم تحصل على التراخيص إلى تسوية وضعياتها بتقديم جملة من البيانات الخاصة بها. وإنّ هذه الإشكاليات وغيرها التي وقعت وقد تقع فيها وسائل الإعلام سواء منها السمعية أو البصرية، طرحت تساؤلا محوريا ألا وهو: لماذا لا تعلن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري كراس شروط واضحة يمتثل إلى قواعدها الجميع تجنبا لل"الفوضى"؟ وفي بحر الاسبوع الفارط استدعت الهيئة ممثلي القناتين المذكورتين، بعد أن دعتهما في رسالة "لفت نظر" إلى تأجیلبث برنامجي "الرهينة " و"البراكاج" إلىما بعد العاشرة لیلا، باعتبار مظاهر العنف التي اكتسها كلا البرنامجين وما يعود بالضرر على المشاهدين خاصة الأطفال، وفق تقدير الهيئة. وفي هذا الصدد تصريح لوكالة "بناء نيوز" أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصالالسمعي البصريالنوري اللجمي، أنّ إدارة القناتين أبدتا، خلال الجلستين المنفصلتين اللتان انعقدتا صباح يوم الاثنين 22 جويلية بمقر الهيئة، تفهما واضحا وأبدتا استعدادهما لتطبيق "وصايا" الهيئة في أقرب الأوقات. وبيّن اللجمي أنّ "الالتزام المبدئي" للقناتين يدلّ على رغبة صادقة في تحسين صورة الإعلام في تونس وعلى احترام حقوق مختلف الفئات والشرائح العمرية للشعب. وقال إنّ أعضاء الهيئة مسرورون بالقبول الايجابي لمقترحاتها، حسب تعبيره. وفي ما يخصّ غياب كراس شروط منظم للمهنة وتجاوز مرحلة البلاغات والبيانات، أوضح رئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أنّ "أشغال كتابة هذا الكراس جارية بنسق حثيث"، وأنّ تأخر الإعلان أو إتمام الكتابة راجع إلى رغبة الهيئة في اشراك العديد من الأطراف المعنية والمتداخلة في القطاع السمعي البصري لكنه بشّر في المقابل بقرب صدور الكراس في وقت قريب "بعد أسابيع معدودة". وعن تداخل المشهد الإعلامي وغياب هيئة خاصة بالإعلام المكتوب إلى حدّ الآن أقرّ النوري اللجمي بأنّ فصل القطاع السمعي البصري عن الصحافة المكتوبة كان باقتراح الهيئة "نظرا إلى خصوصية كلّ قطاع"، مبينا أنّ ما يلزم الإعلام المكتوب هو "هيئة تعديلية" خاصة بكلّ صحيفة ورقية أو الكترونية أي أن تسهر كلّ صحيفة وكلّ صحفي على الرقابة الذاتية التي تحدّدها أخلاقيات المهنة الصحفية. وهو ما من شأنه أن يغلق الباب أمام عودة رقابة السلطة على الاعلام و هذا يتطلب وعيا من الصحفي كما المدير المسؤول عن الوسيلة. وأما في صورة وجود خرق للقانون أو بتواصله فالالتجاء إلى المحاكم سيكون هو الفيصل وهذه الهيئة التعديلية هي استنساخ للهياكل المنظمة للإعلام في الدول الأوروبية التي تشهد تطورا في هذا القطاع اليوم.