* تصنيف أنصار الشريعة قبل صدور الأحكام الباتة إجراء غير قانونيّ ولم يحترم قاعدة البراءة * تصنيف السلطة تنفيذية للناس هي بدعة تونس ما بعد الثورة * باحث البداية تعدى على صلاحيات القضاء وهو ما أوقع الداخلية في الخطأ * لا نريد أن يصبح كل سلفي متهم حتى تثبت براءته * قاضي التحقيق سيصدر قريبا ختم الأبحاث في قضية بلعيد * تسجيلات اعترافات بعض المتهمين من قبل باحث البداية تثير عديد نقاط الاستفهام * اتهامي بتسريب وثائق من حاسوب الأمن والقضاء أمر مضحك وتافه
أثارت تصريحات رئيس الحكومة علي لعريض التي صنف فيها أنصار الشريعة تنظيما إرهابيا انتقادات عدّة سياسيين وحقوقيين، فيما شكك البعض الآخر في صحة المعلومات التي قدمتها وزارة الداخلية لتبرير هذا التصنيف. وللتعرف على مدى قانونية تصنيف الحكومة لأنصار الشريعة وصحة ما قالته الداخلية عن تورط منتسبيها في قضايا الإرهاب أجرت وكالة "بناء نيوز" حوارا مع رئيس لجنة الدفاع عن القضايا العادلة المحامي الأستاذ أنور أولاد علي ، وفيه أكّد أنّ الحكومة باعتبارها سلطة تنفيذية غير مختصة في تصنيف الناس أو الجماعات. وبيّن أولاد علي أنّ السلطة القضائية هي الجهة المخول لها التصنيف بعد إجراء الأبحاث والاستقراءات والمحاكمات وعند صدور حكم بات وقتها يمكن الحديث عن شخص ما مورط في الإرهاب. اتجاه تصعيديّ ورأى أولاد علي أنّ التوجه الذي اتخذته الحكومة كان في اتجاه تصعيدي فيه اتهام لتنظيم كامل بأنه إرهابي دون تفصيل ودون شخصنة، مشيرا إلى أنّ المبدأ في القانون السماوي والوضعي هو أنّ الجريمة والعقاب مسألة شخصية. ولم يحترم هذا التصنيف كذلك، حسب المحامي، قاعدة البراءة "فكل شخص بريء حتى تثبت إدانته"، مشدّدا على أنه لا يمكن لسلطة تنفيذية تصنيف الناس وهي بدعة في تونس بعد الثورة. وأشار أولاد علي أنّه في ظل نظام الرئيس الفار لم نشهد مثل هذا لتصنيف قائلا إنّ "بن علي مع تعاسة نظامه لم يتجرأ على تصنيف حركة النهضة تنظيما إرهابيا رغم تعامله معها على أنها مجموعة إرهابية فهو لم يعلن ذلك". واعتبر أنور أولاد علي أنّه بعد تصنيف الحكومة لأنصار الشريعة بدأ الرأي العام يستحضر حقبة التسعينات التي حوكم فيها الإسلاميين وأساسا من هم في السلطة الآن خاصة حركة النهضة والاتجاه الاسلامي. تبعات التصنيف وقال أولاد علي إنّ "كل ما نخشاه الآن هو أن تمارس حركة النهضة الظلم الذي مورس عليها، ونخشى أن يكون تصريح لعريض مقدمة لحملة أمنية كبيرة تشمل الجميع بالجملة ولا تعامل حالة بحالة، وهو ما حدث في زمن بن علي الذي اعتقل ما بين 20 و30 ألف من أنصار النهضة و4 و5 آلاف من السلفيين". وأفاد المحامي أولاد علي أنّ تصنيف أنصار الشريعة على أنه ارهابي له تبعات على كل من ينخرط فيه ويكفي أن يكون شخص ينتمي لأنصار الشريعة لمحاكمته طبق قانون الإرهاب (القانون عدد 75 لسنة 2003). وبيّن المحامي أنّ قانون الإرهاب جاء في 2003 ليطبق أساسا على أبناء التيار السلفي ولم يحاكم غير الإسلاميين بهذا القانون الذي اعتبره المحامي "صنع خصيصا على مقاس الإسلاميين". وتتمثل التبعات الأخرى لتصنيف أنصار الشريعة تنظيما ارهابيا، حسب ما ذكر الأستاذ أنور أولاد علي لوكالة "بناء نيوز"، في حشر هذا التنظيم في الزاوية ومنع التعامل معه، حيث يمنع الإعلام من الاتصال بهذا التنظيم أو التسويق له أو تغطية الندوات التي يعقدها. هؤلاء اتهموا زورا رأى الأستاذ أولاد علي أنّ ما حصل في ندوة الداخلية ليوم الأربعاء 28 أوت 2013 اعتداء صارخ على الحريات الشخصية وعلى الحرمة الذاتية والعائلية والاجتماعية من خلال تسمية أناس هم في حالة سراح، مشيرا إلى أنه على الأقل خمسة أشخاص سموا على أنهم ارهابيين وذكرت لهم صفات وأدوار في حين أنهم في منازلهم. واستغرب أولاد علي قائلا "كيف يكمن تصنيف أشخاص على أنهم ارهابيين في حين أنّ القضاء لم يوقفهم أصلا؟"، مبيّنا أنّ الأشخاص الخمس تركوا في حالة سراح على ذمة القضية. وذكر أولاد علي أنّ الأسماء الخمس هي خليفة القراوي من سيدي بوزيد في حالة سراح منذ خمس أشهر وعادل الكافي من سوسة أوقف قبيل العيد وترك في حالة سراح والثلاثة اشخاص الآخرين مثلوا أمام قاضي التحقيق أثناء انعقاد ندوة وزارة الداخلية وتقرر تركهم بحال سراح وهم عبد الله بن عزيزة وأحمد بن رحومة وماهر العكاري. ورأى المحامي أنور أولاد علي أنّ باحث البداية تعدى على صلاحيات القضاء وهو ما أوقعه في هذا الخطأ، قائلا "إن نقد جهاز الأمن ليست لغاية استهدافه وإنها النقد يسلط على الممارسات التي نريد أنّ تتطور لاحترام حقوق الإنسان". وأوضح أولاد علي أنه ضد أن يقع تسمية الناس في الإعلام ما لم تصدر فيهم أحكام باتة لأنّ من تتعلق به قضية هو بريء حتى تثبت إدانته، قائلا "كل متهم بريء حتى تثبت إدانته ولا نريد قلب الآية فيصبح كل ملتحى أو سلفي متهم حتى تثبت براءته". واعتبر أولاد علي أنه من غير المقبول التشهير بالناس حتى وإن كانوا متهمين في قضايا كبيرة وخطيرة، فإنّ لهم عائلات وأطفال، موجها رسالة إلى الإعلام للتحري كثيرا وعدم نشر صور المتهمين ما لم تصدر أحكام في حقهم. قضيتا الاغتيال السياسي صرّح المحامي أنور أولاد علي أنّ القضاء لم يتخذ بعد قرار ختم الأبحاث في قضية اغتيال بلعيد، قائلا "أعتقد أنّ المسألة لن تطول ليصدر قاضي التحقيق المتعهد بالقضية قراره بختم البحث فيبرئ من هو بريء ويتهم ويعتقد من هو متهم". وفي ما يتعلق بقضية اغتيال محمد البراهمي أوضح المحامي أنه مازال لم يوقف فيها أحد إلى حد الآن ولم توجه التهمة إلى أحد موقوف في هذه القضية، مشيرا إلى أنه بتأكيد هناك بطاقات جلب وهناك من أدرجوا ضمن التفتيش. وأفاد محدثنا أنّ التسجيلات لاعترافات بعض المورطين في القضيتين من قبل باحث البداية في طور التحقيق الأولى تثير عديد نقاط الاستفهام لأنّ التجربة علمتنا أنّ بعض الأشخاص لا تصدر عنهم اعترافات عن إرادة حرة. تسريبات...واتهامات وبشأن اتهامه بتسريب ملف قضية اغتيال بلعيد، قال الأستاذ أولاد علي إن الأمر مضحك وتافه ويتمثل في أنّ صاحب موقع الكتروني نشر مقال اتهمه فيه بالوقوف وراء تسريب قرص وجد عند مداهمة جماعة بالوردية، مشيرا إلى أنّ الداخلية أكّدت أنه تم العثور على حامل الكتروني وليس قرص. وتساءل أولاد علي: كيف يمكن لمحام أن تكون له أبحاث موجودة على حاسوب الأمن أو القضاء؟، مؤكدا أنه رفع رفقة عدد من المحامين شكاية جزائية ضد صاحب الموقع. وقال المحامي أنور أولاد علي "نحن اليوم مهزومون بحفنة من بني صهيون يصولون ويجولون لأننا لسنا عادلين فيما بيننا ونظلم بعضنا في حين أنّهم منصفون فيما بينهم ويأخذون حق الضعيف من القوي مهما كان منصبه".