أكد رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي ثقته في نجاح المسار الانتقالي في تونس رغم العراقيل والصعوبات التي تعترضه، معتبرا التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية أهم ثلاثة تحديات تواجهها البلاد في هذا الظرف الدقيق من تاريخها. وأبرز في محاضرة ألقاها مساء أمس الثلاثاء 24 سبتمبر 2013، أمام عدد من الجامعيين وطلبة القانون وحقوقيون بمعهد القانون بجامعة نيويورك على هامش مشاركته في أشغال الدورة 68 للجمعية العمومية للأمم المتحدة، بعنوان "ماضي وحاضر ومستقبل الربيع العربي" وجود اختلافات جوهرية بين المسارين الانتقاليين في تونس ومصر، مستبعدا تسجيل تونس نفس الأحداث التي جدت في مصر مؤخرا نظرا لما تحتكم عليه طبقتها السياسية من مسؤولية وحنكة وما يتمتع به مجتمعها المدني من كفاءة وعزم على المشاركة الفعالة في مسيرة البناء الجديدة إلى جانب وجود جيش محايد وامن جمهوري وهي كلها عوامل تعزز ثقته في نجاح المسار الانتقالي في البلاد رغم الصعوبات التي تعترضه في الفترة الأخيرة. كما شدد المرزوقي على تلازم الديمقراطية بحقوق الانسان إذ لا معنى لواحد دون الآخر، مبرزا حرص مختلف الفرقاء السياسيين في تونس بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم على ضرورة أن يكون الدستور الجديد للبلاد خير ضامن لمبادئ حقوق الانسان وللديمقراطية وللتعددية وأفضل دعامة لتحقيق الرقي والتطور المنشودين في شتى الميادين والمجالات وسط اجماع تام من قبل الجميع على ضرورة انهاء الفترة الانتقالية في أقرب الآجال والمرور إلى تركيز هيئات ومؤسسات دائمة. وأوضح في السياق ذاته أن أي مسار لإرساء ديمقراطية حقيقية في العالم يواجه نفس المشاكل والتحديات وهو ليس حكرا على منطقة الربيع العربي الذي تختلف التقييمات لثوراته ولما تحقق منها منذ ثورة الحرية والكرامة، مؤكدا أنه لا خيار لتونس إلا النجاح في مسارها الانتقالي لما أصبحت تمثله من مؤشر ومقياس لبقية المسارات الانتقالية الأخرى في البلدان العربية التي ثارت ضد الديكتاتورية رغم سقف المطالب المرتفع الذي ترفعه فئات من مجتمعها. وأشار رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي إلى وجود اختلافات في طبيعة مسارات الانتقال الديمقراطي في بلدان الربيع العربي نظرا لخصوصية كل مجتمع منها ولنوعية المسار الذي اختاره كل شعب لتأسيس الديمقراطية التي ينشدها مبينا أن هذه العوامل تقلل من امكانيات تسجيل نفس الأحداث في جميع بلدان الربيع العربي وبين في الاتجاه ذاته أنه ليس مهما القيام بثورات في الوطن العربي بل الأهم من ذلك يبقى ارساء ديمقراطية حقيقية ووضع دساتير تعلي حقوق المواطنين وتحظى بالاحترام والقبول من قبل الجميع، مشددا على تفاؤله بخصوص مستقبل مسارات الانتقال الديمقراطي في الوطن العربي رغم الاختلافات الموجودة بينها. وتطرق رئيس الجمهورية في جانب آخر من محاضرته إلى مبادرته بدعوة المجتمع الدولي بإحداث محكمة دستورية دولية مبينا منطلقات مبادرته وأبعادها وغاياتها. كما أشار إلى ما تجده هذه المبادرة من دعم من قبل الاتحاد الإفريقي وعدد هام من بلدن أمريكا الجنوبية وأوروبا والوطن العربي. وأوضح في الإطار نفسه أنه على قناعة تامة بأن هذا المطلب سيتحقق إن لم يكن الآن فإنه سيكون خلال سنوات قليلة لقناعته بأن المجموعة الدولية في حاجة إلى مثل هذه الأجهزة مشيرا إلى أن التحسيس بإحداث هذا الهيكل لم يقتصر على كبار المسؤولين وزعماء العالم والساسة والحقوقيين فحسب بل تعداهم ليمس مكونات المجتمع المدني وعامة المواطنين في عدد كبير من البلدان.
وتجاذب رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي أطراف الحديث حول الربيع العربي ومسار الانتقال الديمقراطي في تونس وثورات الربيع العربي وحظوظها في النجاح من عدمها مع عدد من طلبة وأساتذة معهد القانون بجامعة نيويورك مجيبا عن أسئلتهم واستفساراتهم بخصوص الموضوعين وبخصوص مبادرته الداعية إلى إحداث محكمة دستورية دولية.