عقد المرصد التونسي لاستقلال القضاء صباح اليوم السبت 5 أكتوبر 2013 بأحد النزل بالعاصمة ندوة صحفية تمّ خلالها التطرّق إلى "المال السياسي والانتخابات: آليّات الرقابة وطرق الوقاية" وقد عرفت الندوة حضور العديد من الشخصيات والممثلين للأحزاب السياسية ومن منظمات المجتمع المدني ومن الحقوقيين لإبداء رأيهم في هذا الموضوع. وقد تمحورت مداخلة القاضي ورئيس المرصد التونسي لإستقلال القضاء، أحمد الرحموني حول تأثير المال السياسي غير المشروع على العملية السياسية خاصة في ظل المرحلة الانتقالية التي وصفها بالعسيرة نتيجة تعرّضها لمعوقات عديدة مع تزامنها مع انطلاق الحوار الوطني كما بيّن خطورة تأثير المال السياسي الفاسد على تحويل إرادة الناخبين مقدما عدّة أمثلة من العالم التي يلعب فيها المال السياسي دورا كبيرا، مؤكدا ضرورة تلافي النقائص اللافتة في الانتخابات السابقة لتكون الانتخابات بذلك جوهرا للعمل السياسي والوصول إلى السلطة، حسب قوله. جانب التمويل السياسي وأثارت القاضية بدائرة المحاسبات وأمين مال بمرصد استقلال القضاء، عائشة بلحسن أنّ المبادئ الأساسية للتمويل السياسي في تونس قد تمّ التنصيص عليها وفق المرسوم 87 لسنة 2011 لكن ذلك لم يمنع من وجود بعض النقائص على مستوى المصطلحات الضبابية حول التمويل ومعاييره من ذلك غياب مفهوم واضح للتمويل الخاص (المادي والعينّي) وتحديد سقفه. من جهة أخرى، أوضحت القاضية بلحسن ضرورة ضمان التكافؤ في اسناد منح التمويل العمومي وما لهذا الموضوع من أهمية للحؤول دون الالتجاء إلى التمويل الأجنبي الذي وصفته ب "الفاسد". وقد أوصت على هذا الأساس بضرورة إقرار مبدأ التصريح الوجوبي بمحاسبة مالية وتضمين القانون الانتخابي لمعايير النزاهة والشفافية والأهمّ وضع مدونة سلوك من قبل الأطراف السياسية. دور الرقابة على المال السياسي خلال الحملة الانتخابية وانطلاقا من التجربة الميدانية لدائرة المحاسبات في الانتخابات السابقة أثارت القاضية ورئيسة قسم بدائرة المحاسبات، فضيلة القرقوري ضرورة جعل القضاء المالي كأداة أساسية لإضفاء الشفافية والديمقراطية على الانتخابات القادمة في علاقة وللإستفادة من أخطاء الانتخابات السابقة وقد تناولت كذلك خطورة المال السياسي وتأثيره على التلاعب بارادة الناخبين مقدمة في نفس الاطار كيفية محاربة هذه الظاهرة من خلال سنّ اجراءات وقائية متمثلة في الإفصاح عن مصادر التمويل الخاصة بالاحزاب ومراقبة ذلك فضلا عن إلزام الأحزاب بفتح حساب بنكي وحيد وخاص بكلّ قائمة إنتخابية ومعاقبة كلّ المخالفين وإجراءات علاجية أخرى تستهدف صياغة قانون انتخابي يتضمّن تحديد للتمويل العمومي ولمفاهيمه ومراقبة النفقات وخاصة استرجاع المال العمومي المسند للأحزاب السياسية في صورة عدم الإستغلال. فضيلة القرقوري بيّنت كذلك أنّ عدم ملائمة المنح المسندة لمختلف الأحزاب في اطار التمويل العمومي مع الدوائر الانتخابية ذات الكثافة السكانية العالية لهذه الأحزاب ممّا يتنافى ومبدأ المساواة والتكافؤ في الفرص بين الأطراف السياسية. في هذا السياق، أبرزت القاضية القرقوري الصعوبات التي رافقت العملية الرقابية خلال التجربة الانتخابية السابقة في 23 أكتوبر 2011 والتي لم تحظى خلالها السلطات الرقابة مثل البنك المركزي على المعطيات اللازمة للقيام بدور الرقابة فكانت النتيجة أنّ 77 بالمائة فقط من الحسابات البنكية المصرح بها الخاصة بالأحزاب السياسية فضلا عن فتح أكثر من حساب بنكي للقائمة الواحدة والتغافل عن التمويل العيني للأحزاب ( توفير التجهيزات وتقديم الخدمات وغيرها من أطراف أخرى) وكذلك وجود التمويل الأجنبي. توصيات هامة لتجاوز النقائص ومن أهمّ التوصيات التي خرجت بها هذه الندوة ومن خلال المداخلات التي أتاها المشاركون كانت ضرورة إعداد قانون إنتخابي ونشره في آجال تضمن حسن تطبيقه من قبل الأحزاب والناخبين وتوحيد النصوص القانونية المنظمة لمختلف جوانب العملية الانتخابية فضلا عن تحديد معايير إسناد التمويل العمومي للأحزاب السياسي ثمّ تحديد تعريف واضح واضحة لبعض المعايير وعلى رأسها التمويل الأجنبي والتمويل الأجنبي والتمويل الذاتي، بالإضافة غلى ذلك تأتي ضرورة التأكيد على مخاطر تمويل الجمعيات للأحزاب السياسية وقد أمكن لدائرة المحاسبات رصد، حسب القاضية فضيلة القرقوري، حصول 3 جمعيات على قرابة 15 مليون دينار مؤخرا من جهات أجنبية. من التوصيات التي تمّ التنصيص عليها كذلك خلال هذه الندوة ضرورة ملائمة العقوبات مع الجرائم الانتخابية المقترفة من قبل الفاعلين السياسيين وأحزابهم من ذلك إقتراح إرجاع كلّ المبالغ المتحصل عليها بعنوان المساعدة العمومية، تعليق عضوية المترشح الفائز إلى حين المحاسبة والتثبت وكذلك الحرمان من حق الترشح للانتخابات القادمة في صورة المخالفة. وقدّ تمّ في هذا الشأن، خلال ندوة المرصد، تكوين لجنة لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات ودراستها من كلّ الجوانب.