إقبال متزايد للحرفاء بالمنطقة السياحية طبرقة عين دراهم ... والسياحة الداخلية تتصدر عدد الوافدين والليالي المقضاة    جنوب إسبانيا: أمطار غزيرة تتسبّب بفيضانات في محيط مالقة    الجزائر تحجز بطاقة العبور إلى دور ال16 بعد فوزها على بوركينا فاسو    جريمة قتل تهزّ المنزه 7 ... ماذا حدث؟    تونس تدين اعتراف الكيان بأرض الصومال    نابل .. حجز أكثر من 11 طنا من المواد الغذائية الفاسدة    «أصداء» تفتح ملفات التنمية والحوكمة في عدد استثنائي    توقّعات مناخية للثلاثية الأولى    وراءها عصابات دولية .. مخابئ سرية في أجساد الأفارقة لتهريب المخدّرات!    ما بقي من مهرجان «خليفة سطنبولي للمسرح» بالمنستير...ذكاء اصطناعي وإبداعي، مسرح مختلف وتفاعلي    بعد فضيحة الفيديوهات.. هيفاء وهبي تعود إلى مصر    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    والي قفصة يقيل المكلف بتسيير بلدية المتلوي    المنزه السابع: إيقاف مشتبه به في جريمة قتل فتاة خنقًا    بني مطير: وفاة طفلة ال11 سنة في حادثة انزلاق حافلة واصطدامها بعدد من السيارات    "كان" المغرب 2025.. السودان تنتصر على غينيا الاستوائية    تونس تعلن رفضها القاطع لاعتراف "الكيان الص.هيوني بإقليم "أرض الصومال"    طقس مغيم جزئيا وظهور ضباب محلي خلال الليل    السجل الوطني للمؤسسات يطالب بإيداع أصول العقود والمحاضر فوراً    اعتقالات جماعية قرب برج إيفل علاش؟    عاجل/ "حنظلة" تخترق هاتف "كاتم أسرار" نتنياهو وتعد بنشر محتواه قريبا..    البنك الوطني للجينات يقوم بتركيز ثلاث مدارس حقلية بولايات سوسة وصفاقس وبنزرت    التوقيع على 5 وثائق بين اتفاقيات ومذكرات تفاهم خلال اللجنة المشتركة التونسية السعودية    مدنين: انطلاق المخيم البيئي الثالث للكشافة التونسية بجزيرة جربة    "كان" المغرب 2025.. موزمبيق تحقق فوزا تاريخيا    مدرب منتخب مصر: "سنلعب للفوز على أنغولا رغم التأهل لدور الستة عشر    مصر.. تحرك أمني عاجل بعد فيديو الهروب الجماعي المروع    الWeek-end : فرصة لإنقاذ قلبك من الجلطات    ''مقرونة باللحمة'' تُدخل 17 عاملاً مصرياً المستشفى    سوسة: ايقاف صاحب مطعم بعد حجز كميات من الأسماك الفاسدة    النيابة تأذن بإيقاف صاحب مطعم بسوسة يخزّن أسماكا غير صالحة للاستهلاك    توزر: إشكاليات تراث جهة الجريد وسبل تثمينه في ندوة فكرية بعنوان "تراث الجريد بين ضرورة المحافظة ورهانات التثمين المستدام"    فيلم "فلسطين 36" في القاعات التونسية بداية من الأربعاء 7 جانفي 2026    الركراكي: وعد التتويج ما زال قائمًا وتصدّر المجموعة يمنح الأفضلية للمنتخب المغربي    نابل: "العلوم الإنسانية والاجتماعية بين تحديات التحول الرقمي وفرص تحقيق التنمية المستدامة "محور أعمال منتدى تونس الثاني للعلوم الإنسانية والاجتماعية    علاج للسرطان.. من أمعاء الضفادع...شنيا الحكاية؟    عاجل-فرجاني ساسي: ''نسكروا صفحة نيجيريا والتركيز على مواجهة تنزانيا''    وفاة الممثلة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر يناهز 91 عاما    المهدية :انطلاق عملية التصويت على سحب الوكالة من أحد أعضاء المجلس المحلي بشربان عن عمادة الشرف    احذر.. إشعاع غير مرئي في غرفة النوم!    تونس تودّع سنة 2025 بمؤشّرات تعافٍ ملموسة وتستشرف 2026 برهان النمو الهيكلي    اختتام البطولة الوطنية للرياضات الإلكترونية لمؤسسات التكوين المهني    هام/كميات الأمطار المسجلة خلال 24 ساعة الماضية..#خبر_عاجل    غزة: خيام غارقة في الأمطار وعائلات كاملة في العراء    ماسك: «الاستبدال العظيم» حدث في بروكسل    مرض الأبطن في تونس: كلفة الحمية الغذائية تثقل كاهل المرضى والعائلات محدودة الدخل    زيلينسكي يصل إلى الولايات المتحدة استعدادا لمحادثات مع ترامب    علي الزيتوني: بالعناصر الحالية .. المنتخب الوطني قادر على الذهاب بعيدا في الكان    تونس تُشارك في الصالون الدولي للفلاحة بباريس    سفيان الداهش للتونسيين: تُشاهدون ''صاحبك راجل 2" في رمضان    الميناء التجاري برادس محل متابعة من قبل سلطة الإشراف    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    عاجل/ بشرى سارة لمستعملي وسائل النقل..    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسليم البغدادي: دولة القانون لا تلزم الترويكا
نشر في وكالة بناء للأنباء يوم 03 - 09 - 2012


أمضت تونس على الاتفاقية الدولية لمكافحة التعذيب في 26 أوت 1987 وصادقت عليها في 23 ديسمبر 1988 وتنص المادة الثالثة من هذه الاتفاقية على التزام الدولة العضو بعدم إبعاد أو تسليم أي شخص نحو دولة يخشى فيها لأسباب وجيهة على حياته أو حرمته الجسدية بما يمس من مضمون الاتفاقية وتأخذ السلطات المعنية في قرار الإبعاد أو عدمه بكل الوقائع والمعطيات المهمة وخاصة وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في البلد المطالب بالتسليم. وبحسب اتفاقية حماية اللاجئين المعروفة باتفاقية جنيف لسنة 1954 والممضاة من طرف تونس في 24 أكتوبر 1957 ثم المصادقة عليها في 16 أكتوبر 1968 فإنه يمنع منعا باتا إبعاد أو تسليم لاجئ إذا كان من شأن ذلك تعريض حياته أو حريته للخطر لأسباب تتعلق بعرقه أو بدينه أو جنسيته أو انتمائه الاجتماعي أو نشاطه السياسي. وبحسب المبادئ العامة للقانون الدستوري والفصل 308 مجلة الإجراءات الجزائية التونسية، تعلو هذه الاتفاقات الدولية على أي قانون تونسي حتى ولو كان ذو صبغة دستورية، إذ أن الاتفاقات تصنف بأعلى هرم القواعد القانونية، وخرقها خرق للقانون ونفاذ لمسؤولية الدولة وتعريضها للمساءلة. للعلم والإيضاح فإن السياسة الخارجية بحسب التوزيع للسلطات ترجع إلى مؤسسة الرئاسة وأن التنفيذ يرجع لوزارة الخارجية، وقد ذكّرت الرئاسة وزارة الخارجية بذلك رسميا عبر الأستاذ أنور الغربي أمس الثلاثاء26 جوان 2012 الذي أوضح الأمر للسيد سهيل الشابي في غياب السيد رفيق عبد السلام وزير الخارجية. ومع هذه العزمة على تفعيل صلاحيات الرئاسة بعد هذه الأزمة التي يحرص الجميع على تطويقها ينبغي السؤال عن كيفية استعمال محاضر الجلسات التي كتبتها لجنة 30و31 ماي2012 للتحقيق في توفر أو عدم توفر شروط تسليم البغدادي . فكل أعضاء اللجنة، سواء السيد سمير بن عمر ممثل الرئاسة فيها أو أنور الغربي والهاشمي جغام، عن مؤسسات المجتمع المدني، مجمعين على أنهم لم يصدروا تقريرا ولم يضعوا توصيات وأن كل ما هنالك محاضر جلسات متداولة بينهم، بل منهم من يصف المكتوب برؤوس أقلام. أما التقرير الذي صاغه عبد الرزاق الكيلاني فقد أدخل فيه من التنميق الشيء الكثير بغرض التسويغ المسبق للتسليم، فقد وصف المقاهي المفتوحة بطرابلس بإسهاب مركّزا على توافر الأمن المستقر بليبيا بشكل ينم عن الرغبة في التخلص السريع من البغدادي، فلا يرقى إلى وصفه بالتقرير ولا سيما أنه لم يتضمن ما اجتمعت عليه أطراف لجنة 30و31 ماي 2012 بقبول التسليم بضمانتين رئيسيتين: الأولى: أن لا تسليم للبغدادي إلا بعد الانتخابات الليبية. والثانية: أن يسلم بإشراف ومتابعة لجنة مشتركة تجمع ممثلين عن المجتمع المدني والحكومتين تشرف ليس فقط على التسليم بل على المحاكمة. مع كل هذه التفاصيل والحيثيات يبقى الغائب الأكبر القانون والخاسر الأكبر هي دولة القانون ولدعم موقفنا هذا نقول ما يلي: ليس سرا أن ليبيا لا تزال في وضع أمني صعب ولا تزال الفرق المسلحة الثورية تسيطر على بعض مرافق الدولة وتدير المعتقلات والسجون التي سيطرت عليها منذ حقبة القذافي، كما هو الحال مثلا بسجن النساء بالزاوية، وقد حذرت أغلب المؤسسات والمنظمات الدولية المعتبرة كمنظمة العفو الدولية (وهيومن رايتس ووتش) وغيرها من مغبة تسليم البغدادي إلى ليبيا والحال أنه مهدد بالتعذيب وخطر الموت والحكم بالإعدام. إن حصر الجدل القائم إذا في الاختصاص بين الرئاسة والحكومة لا يستقيم قانونا إذ أن تونس الدولة ملزمة بتطبيق الاتفاقيتين سالفتي الذكر, الخاصتين بمناهضة التعذيب وحق اللجوء ولا يحق لا للسيد المرزوقي ولا للسيد الجبالي إمضاء إذن التسليم. وحين تحصر الرئاسة المساءلة في توقيت التسليم وظروفه، تكون قد سلمت بمبدأ التفويت في الفصل الثالث من اتفاقية التعذيب والفصل 33 من اتفاقية حماية اللاجئين. إذ ثبت أن المحمودي قدم اللجوء بتونس كما أكد ذلك محامييه المحليين وتلقى ردا سلبيا يمكنه الاعتراض عليه بالاستئناف فيأ اقصاه 30 جوان, ومن المعلوم أن أي إجراء إداري للترحيل لا يكون قانونيا مادام قرار الرفض للجوء ليس نهائيا ونافذا، ولا يكون ذلك إلا بداية من شهر جويلية وبعد التثبت من عدم ورود طعون في الأجل القانوني المذكور أعلاه.. وعليه تكون الحكومة التونسية قد ضحت بتطبيق القانون من أجل مصالح مادية ودبلوماسية وثورية، قد تكون مهمة، ولكنها أقل شأنا من مبدأ الحفاظ على دولة القانون التي ثار الشعب من أجلها. فالمسوغات لخرق القانون موجودة دائما، وتكتسي أحيانا أهمية اقتصادية قصوى، غير أن ذلك من قبل الغثاء الزائل وأخذه بالاعتبار مع التضحية بالقانون من قبيل الانحراف التنفيذي الذي يجرئ على القانون ويكسر الأسس الثابتة في التعامل بين الحاكم والمحكوم. وليتضح الحال بالمثال، كان الرئيس المخلوع بن علي يبرر قمعه للمعارضة ولا سيما الإسلامية، بالحاجة إلى الأمن، وضحى بالحريات، كما يدعي، لأجل توفير حاجيات أساسية أخرى، جاعلا من القانون أداة لا غاية فقتل بذلك دولة القانون واستهتر الجميع بالإجراءات. فالعبرة إذا ليست في شخص السيد البغدادي ولا في التهم الموجهة إليه، ولا حتى في الشرعية الثورية التي يجب أن تحترم القانون إن كانت لمصلحة الشعوب، بل العبرة في المبدأ الذي وقع ضربه، وفي الخوف من أن تتعود الحكومة الى استسهال مسألة التجاوز للقانون، والاتفاقات الدولية على رأس القائمة، وتصبح حينها الغاية، وإن كانت نبيلة، تبرر الوسيلة، وإن كانت مشينة، وتعود حينها حليمة لعادتها القديمة، وتدخل تونس من جديد في نفق الاستبداد والظلم، هذه المرة بيد الترويكا الثورية، وعلى رأسها حركة النهضة. فلا الرئاسة إذا كانت واضحة في التعامل القانوني مع ملف البغدادي، ولا الحكومة، واقتصر خلاف المؤسستين على حيثيات التسليم. ومن أقصر الفهم لتحديد الاختصاص بينهما على مقتضيات مجلة الإجراءات الجزائية وفصلها رقم 318 والقانون المنظم للسلط العمومية الصادر عن المجلس التأسيسي، فانه لم يرد بذلك الحقيقة، بل مارس السياسة في مفهومها السلبي والدعاية الحزبية التي لا تتناسب مع مصلحة الشعب العليا في صون مبدأ الحفاظ على دولة القانون في مفهومها الشامل. محامي تونسي مقيم بسويسرا

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.