سفارة تونس في الدوحة مفلسة ولا يمكنها ترجيل التونسيين ديما أونلاين حينما يصل الأمر بشبابنا المهاجر بطرق قانونية في ظاهرها إلى وضع أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه مأساويّ، فإننا سنطلق صيحة فزع ونبحث عمّن يصرخ معنا. منذ عام تقريبا مدني الصديق أيمن الريحاني وهو شاب تونسي مقيم منذ فترة في الخليج العربي ويعمل في مجال الفندقة بفيديو يصور إحدى الحالات المزرية التي يعيشها شباب تونسيّون كل ذنبهم أنهم صدقوا وعود بعض المتخيّلين من أبناء بلدهم ومن بلدان الاسضافة ليدفعوا أموالا كثيرة فيسبيل الحصول على عقد عمل في إحدى الدول الخليجية والتي أصبحت حلما لا يراود التونسيين فحسب بل إنّ الأوربيين والأمريكان أيضا يحلمون بفرص عمل في "جنة العالم". يدفع الواحد منهم بين 4000 إلى 5000 آلاف دينار تونسي للفوز بعقد عمل يظهر فيما بعد أنه وهميّ، ويتأكد منذ أول قدم يضعها في مطار إحدى عواصم الخليج العربي أنه "مضحوك عليه" وبشكل مبالغ فيه ايضا، فبعضهم يصل المطار على أساس أن ثمة من سينتظره هناك ليرافقه إلى حيث الخطوة الأولى للجنة لكنه يجد نفسه وحيدا أما مطار الدوحة أو دبي أو الكويت أو غيرها من العاوصم. حدثني حينها أيمن عن حالات كثيرة رفض أصحابها فكرة التصوير أو التصريح المسجل خشية انكشاف أمرهم وطرده نهائيا فهم يعيشون على أمل ان تتغيّر الأوضاع ولكن لا جديد في الأفق. ومنذ فترة ليست بالبعيدة عاد الصديق الشاعر أمجد الإلهي إلى عمله في الدوحة عاصمة قطر بعد أن قضى أعواما في تونس أكمل فيها دراسته ومنّى النفس أن يباشر في تحقيق أحلامه لكن هيهات فما كل ما يتمنّى المرء يدركه... يعود أمجد إلى الدوحة وهناك يجد همّا عظيما في انتظاره هو الشاعر الطي تحكمه مشاعره قبل كل شيء. وجد أمجد نفسه أمام حالات إنسانية مؤلمة تدمي القلوب، شباب تونسيّ في عمر الزهور جلهم من أصحاب الشهادات العليا وبعضهم قضّى أكثر من ثلثي عمره على مقاعد التعلّمن يجدهم يعيشون الخصاصة والجوع والقهر، دخلوا دولة قطر بشكل قانوني، عقود عمل رسمية لا غبار عليها دفع كل واحد منهم مبلغا وقدره حتى يتمكن من أخذ الفيزا وحجز تذكرة نحو الجنة الموعودة والعمل والكسب والنجاح... اليوم يجد هؤلاء الضحايا أنفسهم يعيشون حياة أشبه بحياة المساجين، يقول أمجد أن بعضهم يسكنون في غرف صغيرة جدا لا تتوفر فيها أدنى ضروريات الحياة (حمّام ومطبخ مشترك) ويمكن أن نجد في الغرفة الواحدة 6 شبان وربما 7 أي أن المنزل يمكن ان يأوي بين 20 و25 شخصا، يبيتون على أسرة مزدوجة مثل أسرّة السجون بالضبط وسعر الغرفة يصل إلى 2500 ريال قطري. هذا علاوة على الفقر والجوع والأوضاع الصحية المقلقة لبعضهم. زيارة المرزوقي والأمل الضائع بقول أمجد أنهم يبحثون عن العمل صباحا ويجتمعون مساء في مقاهي معروفة باسم "قهاوي التوانسة" وللعلم فإن أكثر التونسيين موجودون في منطفة السد. وعند زيارة رئيس الجمهورية المؤقت محمد المنصف المرزوقي الأخيرة إلى الدوحة، طرح أمجد الإلهي مشكلة الشبان التونسيين العاطلين عن العمل، ويقول أمجد "تأسف المرزوقي وقبله وزير الخارجية رفيق عبد السلام بوشلاكة" ولكن يبدو أنّ المر توقف عند الأسف فقط دون البحث عن حلول ولو أنّ المرزوقي أشار على مستشاريه بمتابعة الموضوع. ويتذكر أمجد أنه قبل أسبوعين طلب منه شابات مرافقته للسفارة قصد الحصول على تذاكر سفر للعودة إلى تونس، ويواصل "ذهبت معهم وقال لنا السفير أن من حقهم الحصول على التذاكر وطلب مني أن أكتب من أجلهم مطلبا ترحيل باسم الخارجية عن طريق السفارة". ويواصل الإلهي "بعد اللقاء الذي أجريته مع إذاعة المنستير يوم السبت الماضي اتصل بي السفير وقال يريد رؤيتي وفعلا التقينا في النزل في اجتماع الجالية مع الرئيس المؤقت، وأخبرني وقتها أن السفارة مفلسة ولا يمكنها أن توفر التذاكر" المهمّ أن صديقي الشاعر أمج الإلهي اتصل بالشباب وأبلغهم عجزه عن مساعدتهم فقرر اثنان منهم وهما أيمن الخصخوصي تقني سامي في التنقيب على البترول وأصيل مدينة المكناسي وجسّان السديري تقني في الفندقة من مدينة غار الدماء، قرر الاثنان التوجه إلى سفارة تونس في الدوحة ليعتصما هناك مطالبين بترحيلهما ولكن لم يظهر السفير ولم يتصل بهما أي مسؤول من السفارة، وفي الأثناء مر رجل أعمال جزائري قرب السفارة ولمّا نزل وتحدث إليهما وعلم الوضع الذي وصلا إليه تكفّل هو باقتطاع تذكرتي العودة إلى تونس، وقال أحد الشابين أن رجل الأعمال الجزائري بقي "يلعن الوقت الّي خلّى التوانسة في الحالة هذي". وعملت ديما أونلاين أنّ الشابين قررا التوجه مباشرة إلى رابطة حقوق الإنسان حال وصولهما إلى تونس يوم الأحد المقبل. هذه بعض الحكايات عن المآسي التي يعيشها الشباب التونسي في بعض العواصم الخليجية جراء ما تقوم به شركات "المتاجرة في البشر" وإن كنّا نجد العذر لأبنائنا الذين من حقهم البحث عن مستقبل أفضل خارج حدود الوطن، فإننا حتما لن نجد أي عذر لسفارتنا في الدوحة من خلالها وزارة الخارجية التي لم تفتح هذا الملف الهام ولم تكلف نفسها حتى عناء البحث فيه ومساعدة من ينتظر المساعدة الفورية. صالح سويسي