جاء إلى مدينة سوسة محملا بخبرة سنوات طوال اطلع خلالها عن كثب على أدق تفاصيل عديد الملفات الحيوية في البلاد ومنها ملف التربية والتعليم الذي مازالت الغالبية العظمى في تونس تعتبره أولى الإشكاليات الملحة التي تبحث لها عن حلول عاجلة، باعتبار ان التعليم لم يكن في يوم من الايام ملف جهة أو حزب أو منظمة بقدر ما هو ملف شعب يتناسل ويتكاثر ويحلم بنظام تربوي تعليمي لفلذات أكبادنا يقطع مع الديماغوجيا والسلبيات والنقائص. في هذا الإطار تحدث الاخ علي رمضان الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المسؤول عن النظام الداخلي وهو يفتتح أشغال الندوة الوطنية لقطاع التعليم الأساسي التي انعقدت بسوسة . وفي مستهل حديثه بادر بتوجيه تحية شكر نضالية إلى إطارات التعليم الأساسي كما خص الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة وأعضاء مكتبه التنفيذي يتقدمهم الاخ احمد المزروعي الكاتب العام للاتحاد بتحية مماثلة وذلك على دعمهم المستمر والمتواصل لكل الأنشطة النقابية المبرمجة في الجهة. كما توقف بالشكر أيضا عند الاخ حفيظ حفيظ وأعضاء النقابة العامة للتعليم الأساسي على مبادرتهم التي قال أنها جاءت في وقتها لتدارس وبحث ملف كان على الدوام من اوكد اهتمامات الاتحاد العام التونسي للشغل وهو ملف التعليم: واقعه، وسبل تجاوز نقائصه، والى أين نريد ان نمضي به؟ هذه المفصليات الثلاثة جعل منها الاخ علي رمضان مفاتيحا اخترق من خلالها المسكوت عنه في أزمة المدرسة والتربية والتعليم وانطلق وفق منهجية متماسكة في تفكيك بنية الأزمة التعليمية التي نعيشها اليوم وذلك بتذكير الإطارات النقابية الحاضرة في الندوة بان الاتحاد وهياكله المختلفة كان في كل المناسبات يطرح بجدية ملف التربية والتعليم بصفته محورا وطنيا مجتمعيا يتجاوز الخاص إلى العام. وأشار مستنكرا إلى انه حدث منذ 10 سنوات مضت ان تم بعث مدرسة الغد ولم يتم تشريك الاتحاد وهياكله في دراسة هذا المشروع المدرسي ومتابعة مراحل إنشائه وبعثه، واعترف الاخ علي رمضان بان قطاع التعليم الأساسي وان تحرك وناضل في عديد الملفات الكبرى كما يجب ،إلا ان الأمر لم يكن كذلك في ملف التربية والتعليم الذي همش وضرب في الصميم رغم انه يمثل مستقبل البلاد. وأكد أيضا ان نجاح الاتحاد العام التونسي للشغل في التعاطي بنجاح وبروح من الوطنية والمسؤولية مع عديد الملفات الوطنية الحيوية والأساسية مثل المرض والصناديق الاجتماعية وغيرها يجب ان يكون حافزا لنا جميعا حتى نمسك كما يجب بتفاصيل ملف التعليم باعتباره أول الملفات وأكثرها حساسية وذلك بسب تأثيره المباشر على توجهاتنا المستقبلية. وفي نقطة تتعلق بمدى القدرة على التحرك والتصدي لمخططات وزارة الإشراف قال الاخ علي رمضان ان تحقيق ذلك يظل رهبن توفر معارضة نشيطة تلتزم بالإلمام بالملفات ومناقشتها وعرضها على الهياكل لمناقشتها وتدارسها ومن ثم اتخاذ قرارات بشأنها، وأكد ان غياب هذه المعارضة النشيطة من والرصينة والمسؤولة لن يفضي إلا إلى مزيد تمرير مشاريع وسياسات لا نريدها ويجد الاتحاد العام التونسي للشغل بعد ذلك نفسه مضطرا لمواجهتها. وذكر في هذا الإطار ببرنامج أمد وكيف ان تمريره استلزم ضرب نقابة التعليم العالي التي كانت أفحمت الوزارة المسؤولة بما قدمته من دراسات. وأضاف لأجل كل هذا وغيره فهم لا يريدون ان يكون للاتحاد بصمة في الارتقاء بملف التربية والتعليم وطالب بضرورة التصدي لكل المحاولات الهادفة إلى تحييد الاتحاد وجعل كرسيه شاغرا كلما تعلق الأمر بمسائل حيوية تهم البلاد والعباد. الاخ علي رمضان ناشد في كلمته قطاع التعليم الثانوي بالسير على خطى التعليم الأساسي وعقد مثل هذه الندوات المهمة وقال إننا قمنا لهذا الغرض بالاتصال بالإخوة في التعليم الثانوي والتنسيق معهم لتوحيد الصفوف والمواقف من اجل الخروج بنتائج مهمة على علاقة بقضايانا التربوية والتعليمية المصيرية التي وصفها الاخ علي رمضان بالشائكة والمعقدة مبديا استغرابه الشديد في هذا الإطار من الوضع الذي وصلت إليه العملية التربوية والمدرسية في أيامنا هذه وتكرر الاعتداءات على المعلمين والأساتذة متسائلا عمن يحميهم في مثل هذه الحالة ويحمي كرامتهم؟ وانتقل بعد ذلك في باب إبرازه لمقاربة مهمة بين مدرسة الماضي التي أنجبت واهدت تونس ابرز المفكرين والإطارات وبين مدرسة اليوم التي نراها تحتفل بتخرج تلاميذ وطلبة لا يفرقون بين الفاعل والمفعول واعاد أسباب ذلك النظام التربوي والتعليمي ككل وجملة توجهاته وخياراته الفاشلة وأهمها نظام تعليم الكفايات الذي قال عنه الاخ علي رمضان انه يتعارض مع ما نطمح له جميعا وهو مساهمة التعليم في تنمية الإنسان وبناء شخصيته وفق نظام تعليمي متفق عليه من قبل كافة الأسرة التربوية وليس جهة معينة تختزل كل الأدوار وتتعمد دمغجة المتعلمين من خلال برامج تعليمية موجهة تقتل روح المبادرة والقدرة على التفكير ولا تشجع سوى على التلقين!! كما لاحظ في نفس الإطار ان تدني العملية التربوية والتعليم من شانه ان يدفع بالبعض إلى البحث عن صمام الأمان لأبنائهم في المؤسسات التعليمية الخاصة وبهذا يكون نظام تعليم الكفايات قد أسهم من موقعه في الوصول إلى الغايات التي يريدها وهي التشجيع من جهة على خصخصة القطاع ومن جهة ثانية إحداث انقسام بين التلاميذ أغنياء تشملهم جودة التعليم في المؤسسات الخاصة، وفقراء يثقل كاهلهم الاكتظاظ وضعف العملية التعليمية وقال ان هذه مسالة خطيرة يجب ان نتنبه لها ونواجهها حفاظا على ما ننادي به دوما وباستمرار وهو مجانية التعليم وحق الجميع في التمدرس الملائم والمفيد. الاخ علي رمضان ترحم في نهاية كلمته على زمن مدرسي كان فيه المعلم يبدأ الدرس بفصول من بطولات فرحات حشاد وطنيا ونقابيا على عكس معلم اليوم الذي خنقته التوصيات والمناشير ولم يعد مسموحا له حتى بالاجتهاد .وأنهى بالتأكيد من جديد على تمنياته بتحقيق الندوة لكل أهدافها وخصوصا الخروج بتوصيات تتضمن تشخيصا حقيقيا لمشاكل وأزمة القطاع وذلك من اجل إيجاد البديل العلمي والعملي القادر على مساعدتنا في إعادة الإشعاع لمدرستنا وتجنيبها مزيد السقوط في هوة التراجع والرداءة.