كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة: اعداد خطة عمل بكافة الولايات لتفادي توسع انتشار الحشرة القرمزية ( فيديو )    انس جابر تغادر بطولة مدريد من الربع النهائي    اسقاط قائمتي التلمساني وتقية    عين دراهم: إصابات متفاوتة الخطورة في اصطدام سيارتين    الحكومة تبحث تقديم طلب عروض لانتاج 1700 ميغاواط من الطاقة النظيفة    تأخير النظر في قضية ما يعرف بملف رجل الأعمال فتحي دمّق ورفض الإفراج عنه    كمال دقّيش يُدشن مركز إقامة رياضيي النخبة في حلّته الجديدة    باقي رزنامة الموسم الرياضي للموسم الرياضي 2023-2024    القصرين: ايقافات وحجز بضاعة ومخدرات في عمل أمني موجه    تراجع عدد الحوادث المسجلة ولايات الجمهورية خلال الثلاثي الأول لسنة 2024 بنسبة 32 %    طلبة معهد الصحافة في اعتصام مفتوح    بمناسبة عيد الشغل: الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية مجانا    هذه تأثيرات السجائر الإلكترونية على صحة المراهقين    على متنها 411 سائحا : باخرة سياحية أمريكية بميناء سوسة    نجلاء العبروقي: 'مجلس الهيئة سيعلن عن رزنامة الانتخابات الرئاسية إثر اجتماع يعقده قريبا'    القبض على شخص يتحوّز بمنزله على بندقية صيد بدون رخصة وظروف لسلاح ناري وأسلحة بيضاء    الليلة: أمطار غزيرة ورعدية بهذه المناطق    صفاقس: اضطراب وانقطاع في توزيع الماء بهذه المناطق    قفصة: تواصل فعاليات الاحتفال بشهر التراث بالسند    تحذير رسمي من الترجي التونسي لجمهوره...مالقصة ؟    الترجي الرياضي: نسق ماراطوني للمباريات في شهر ماي    تحذير من برمجية ''خبيثة'' في الحسابات البنكية ...مالقصة ؟    بنزرت: حجز أكثر من طنين من اللحوم    وزيرة النقل في زيارة لميناء حلق الوادي وتسدي هذه التعليمات..    سوسة: حجز كمية من مخدر القنب الهندي والإحتفاظ بنفرين..    أسعار لحم ''العلوش'' نار: وزارة التجارة تتدخّل    عاجل/ "أسترازينيكا" تعترف..وفيات وأمراض خطيرة بعد لقاح كورونا..وتعويضات قد تصل للملايين..!    مختص في الأمراض الجلدية: تونس تقدّمت جدّا في علاج مرض ''أطفال القمر''    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    خبراء من الصحة العالمية يزورون تونس لتقييم الفرص المتاحة لضمان إنتاج محلي مستدام للقاحات فيها    اتصالات تونس تفوز بجائزة "Brands" للإشهار الرمضاني الأكثر التزاما..    عاجل/ تلميذ يعتدي على أستاذته بكرسي واصابتها بليغة..    إحداث مخبر المترولوجيا لوزارة الدفاع الوطني    الحماية المدنية: 18 حالة وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    فرنسا تشدد الإجراءات الأمنية قرب الكنائس بسبب "خطر إرهابي"..#خبر_عاجل    زيادة ب 14,9 بالمائة في قيمة الاستثمارات المصرح بها الثلاثي الأول من سنة 2024    تونس: تفاصيل الزيادة في أسعار 300 دواء    هام/ هذا موعد اعادة فتح معبر رأس جدير..    تفاقم عدد الأفارقة في تونس ليصل أكثر من 100 ألف ..التفاصيل    بطولة إيطاليا: جنوى يفوز على كلياري ويضمن بقاءه في الدرجة الأولى    عاجل : الأساتذة النواب سيتوجّهون إلى رئاسة الجمهورية    هدنة غزة.. "عدة عوامل" تجعل إدارة بايدن متفائلة    مفاوضات الهدنة بين اسرائيل وحماس..هذه آخر المستجدات..#خبر_عاجل    توزر...الملتقى الجهوي للمسرح بالمدارس الاعدادية والمعاهد    صدر حديثا للأستاذ فخري الصميطي ...ليبيا التيارات السياسية والفكرية    في «الباك سبور» بمعهد أوتيك: أجواء احتفالية بحضور وجوه تربوية وإعلامية    الخليدية .. أيام ثقافية بالمدارس الريفية    محاكمة ممثل فرنسي مشهور بتهمة الاعتداء الجنسي خلال تصوير فيلم    الاحتفاظ بالمهاجرة غير النظامية كلارا فووي    درة زروق تهيمن بأناقتها على فندق ''ديزني لاند باريس''    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على المساواة السياسية أن توازيها المساواة اللغوية
الجنسويّة عبر الكلمات : نص: أنياس كاليمار(ّ*) تعريب : سامية عمامي
نشر في الشعب يوم 06 - 03 - 2010


الجنسويّة فوق سطح الكلمات.
الجنسويّة على شفى الكلمات
بقدر أهمية التوازن بين الجنسين في السياسة، يجب أن تصبح المساواة اللّغويّة هدفا.
و بما أن اللّغة تصاحب التطوّرات الاجتماعية و تعطيها طابعا، فإنه لا داعي من مواصلة اعتبار «المذكّر»، ذلك الجنس اللّغوي التي طالما اعتبرناها جنسا حياديّة، يحسب حسابا للمرأة كما للرّجل. لأنها وحدها المسميّات موجودة.
ماذا يوجد داخل الكلمة؟
تاريخ و اكتشاف و تحوّل و كذلك هويّة، صراع و نصر وهزيمة. يمكن للكلمة أن تعبّر على خطابة السياسي، إبداع الفنّان أو صيحة إنذار يطلقها حركي.
هنالك كلمات تدعو للعنف و أخرى للسّلم، كلمات تعبّر عن القدرة على الإقصاء و أخرى على الرّغبة في الاحتواء.
ثم ماذا يوجد داخل عبارة حقوق الرّجلDroit de l'homme؟
ثورة 1789، تحوّلات بطيئة و الكثير من النضال في فرنسا كما في باقي أنحاء العالم. كلّ ذلك من أجل أن يحقق الإنسان لنفسه حقوقه المدنيّة و السياسيّة والاقتصادية والاجتماعية و الثقافيّة. لكن هذه المعادلة تعكس أشياء أخرى أوّلها : حكاية ثوريي 1987 الذين رفضوا منح المرأة تلك الحقوق التي منحوها للرجال. كما يعكس الاعتداد بنبل المذكّر لغة حتى يومنا هذا و عمق القناعات التمييزيّة تجاه المرأة.
يوجد في صياغة كلمة رجل و إعطائها بعدا كونيّا، عدم اعتبار للمتغيّرات السياسيّة و الاجتماعية و الثقافيّة التي عرفتها مجتمعات القرن العشرين والتزامات الحكومات و الأمم المتحدة تجاه مبدأ المساواة بين الرّجل و المرأة.
26 أوت 1789، و بعد مداولات و نقاشات حادّة دارت بين نوّاب الجمعيّة العامة، تم اعتماد إعلان حقوق الرّجل و المواطن و ذلك بالاتفاق على عدد من الحقوق والمبادئ، شكلت فيما بعد اللّبنة الأساس للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. تمت أشغال الكتابة في فترة كان فيها الإعلان لا يطبّق إلاّ على الرّجال. وقد كان من الجلّي أن كلمة رجل كانت تشمل جنسا واحدا. كان اختيار اللّفظ أبعد ما يكون عن الحياد و لم يتم طرحه البتة في بعده الكوني.
وقد طرح موضوع المساواة بين الرّجل و المرأة للنقاش ضمن الجمعيّة العامة، لكن أغلبيّة النوّاب قاموا بدرء المبدأ معلّلين موقفهم بمقولة المرأة ناقصة عقلا و أنّه لا يمكن منح حقوق عامّة لأقليّة من النساء المتميّزات.
حصل ذلك رغم المشاركة الفعالة للنساء في الثورة الفرنسيّة، بالتحديد في أحداثla Bastille «لاباستيل»14 جويلية 1789, إذ قامت النساء حين ذاك بالتظاهر في شوارع باريس تطالبن بالخبز، كما قامت بتكوين جمعيات نسائية ثوريّة و إحداث نوادي نسائية أخرى، كما أخذت الكلمة في الساحات العامة وفي الحلقات السياسيّة.
1791 قامت «أولمب دي غوج» Olympe De Gouge بتحرير إعلان حقوق المرأة والمواطنة، وهو عبارة على نسخة لإعلان حقوق الرّجل تمّت مراجعتها لتطبّق على المرأة, أدرجت فيه محررته نقدا للمنطلقات التي صدرت عنها المبادئ والحقوق المدرجة في إعلان حقوق الإنسان.» تولد المرأة حرّة و تبقى متساوية مع الرّجل في الحقوق» هكذا كتبت، و أضافت معتبرة أن «لا من حدود لممارسة المرأة لحقوقها الطبيعيّة سوى استبداد الرّجل الدّائم تجاهها، إذا وجب إعادة رسم هذه الحدود بما يقتضيه القانون الطبيعي و العقل».
و بالرغم من المشاركة الدّائمة للفرنسيات ضمن الصفوف الأولى، لم يقع الاعتراف بهن كمواطنات. إذ تعرضت olympe de gouge للتشهير، فاتهموها بالهستيريا، و ذهاب العقل و الابتعاد عن الواقع. يوم 3 نوفمبر 1793 تم تنفيذ حكم الإعدام فيها وقطع رأسها.
قبل شهر من هذا التاريخ، قام «الجاكوبيون» بإصدار قرار بمنع النوادي و كلّ الجمعيّات النسائية باعتبارها غير شرعيّة، قام أحد ممثلي لجنة السّلامة العامة بالتصريح بأن النسّاء غير مهيئات للأفكار السامية. بعد أسبوعان، منعت النسّاء من الحضور جلسات بلديّة باريس.
في الخطاب الذي كان أقنع المجلس البلدي لباريس، صرّح أحد الخطباء الثوريين بمعارضته لكلّ القوانين التي من طبيعتها أن تقلب المرأة إلى رجل. ثم جاءت مجلّة «نابوليون» 1804، لتدعيم المكاسب الثوريّة للرّجال و ضرب المرأة بمبدأ ألاّ أهليّة القانونيّة.
تكرّرت هذه الظاهرة مع ثورة 1848 لما قامت الحكومة الثوريّة برفض حق الاقتراع للمرأة. مطلع شهر جوان، قامت الشرطة بغلق النّادي النسائي. جويلية، أصدرت الجمهوريّة الثانية قرارا بمنع النساء من الانخراط بالنوادي و بالعمل في إطارها و جاءت هزيمة الحكومة الجمهوريّة لتعزيز هذا الإقصاء.
بعد سنة 1851، جاء قانون ليمنع النّساء من المشاركة في النشاط السيّاسي والحضور في اجتماعات تتطرّق إلى مسائل سياسيّة. ووجب على الفرنسيّات أن ينتظرن مدّة قرن تقريبا، حتى تحصلن أخيرا سنة 1944 على حق الاقتراع وحق الترشّح لمهام سياسيّة.
أصبح الأمر جليّا، عبارة «حقوق الرّجل» لم تشمل نساء 1789. سؤال يطرح نفسه، هل يمكن لنا اعتبار لفظ «رجل» كما يتم استعماله حاليا، متعلقا بالرّجال و النسّاء باعتبارهم كائنات متساوية.
من المفروض و في اللّغة المتداولة أن تشمل عبارة «رجل» كلّ أفراد الجنس البشري. مع ذلك يبقى المعنى غامضا. فكما ورد عن المجلس الأوروبي:»إن استعمال الجنس المذكّر للإشارة إلى الجنسين، و في إطار المجتمعات المعاصرة من شأنه أن ينتج لبسا عند الرّجال و النسّاء المعنيين بالأمر» احد أسباب هذا الغموض هو أن الاستعمال الحصري للفظ «رجل» وذلك للإشارة للرّجال والنّساء من شانه أن يخلق تمييزا طبقيّا بين الجنسين. تعود هذه الطبقيّة إلى القرن السابع عشر، لما صرّح النّحوي الشهير فوغلاس vauglas سنة 1647 ، بأن تفوّق المذكّر على المؤنث، سببه أن الأوّل أكثر نبلا.
من هنا فصاعدا يجب أن نكتب «إن الخضر و الزهور طازج «خلافا لاستعمالات تلك الفترة التي ربطت النعت بالمؤنث، كلّ ذلك من أجل أن يتماشى النعت مع المذكّر»... (حذف جزء من النصّ/ أنظر أسفل النصّ).
«... حصل أيضا في العصور الوسطى، أنه لم يتم الاقتصار على صفة المذكّر للتوجّه للنّساء و الرّجال، في الخطابات التي كانت تقام في الساحات العامّة. فقد نسمع «iceux et icelles» أي هؤلاء و اللاّتي، كذلك «tuit et toutes» أي كلّهم وكلّهن. كما كان في القرن الثالث عشر من الممكن قول «mairesse» العمدة. القائدة و المخترعة و النقيبة أو الجرّاحة سنة 1759إلخ...
لم يكن اختيار صفة المذكّر الذي دعا إليه «فرغاس» Vergasحياديا ، و لم يتم قطّ الإعلان بهذا الخيار لحياده. و يبدو أن هذه القاعدة الطبقيّة لا تزال متواصلة إلى الآن في فرنسا و في بلدان فرنكوفونيّة أخرى. فإنّه إذا جاز في الأكاديمية الفرنسيّة في سنة 1984 و ذلك دون الاكتراث إلى عدم جديّة المقالة، أن يُكتب:»عندما نقوم بصياغة سيئة و غير سويّة لأسماء مهنة مؤنثة، لأننّا تخيّلنا أن مثل تلك الأسماء تنقصنا، فيسارع ضعف المردود باستهلاكها. Chefesse (ريّسة) doctoresse (طبيبة) poétesse (شاعرة). فإنّه من المتوقّع أن تلقى مثل تلك الإبداعات المفتعلة نفس المصير و أن تكون النتائج المنتظرة معاكسة تماما للأهداف المرسومة ( مقتطع من إعلان صادر عن الأكاديمية الفرنسيّة في جلسة 14 جوان 1984، ردّا على تكوين لجنة اصطلاحية مكلّفة بالبحث في تأنيث الألقاب و الوظائف و القاموس المتعلّق بالنشاطات النسائية بصفة عامة).
و كما لاحظت بنوات غرولت Benoite Groult ، فإن هذة الصبغة من التدني القيمي لا تخصّ كلّ المهن بل إنّها تخصّ الرفيعة منها فقط. وليست المواقف العنيفة التي صدرت حديثا حول تنصيب «السيّدة الوزيرة» إلاّ شاهدا على ذلك. بالرغم و فضلا على أصوله الطبقيّة، فإن إستعمال عبارة «السيّدة الوزير»، لا يستجيب إلى أي تقليد من تقاليد اللّغة الفرنسيّة المتعلقة بجندرة الأسماء. وقد ندّد اللّغوي «فرديناد برونو» Ferdinand Bruno بهذه الوضعيّة سنة 1922، و كتب مستنكرا :» لفظ السيّدة الوزير الكريه الذي يفسد الكثير من نصوصنا».
أما النّحوي المرموق «ألبرت دوزات»Albert Dauzat فإنه لم يتردد سنة 1971في كتابة:» إن المرأة التي تفضل صفة المذكّر لاسم مهنتها، إنّما هي تثبت بذلك مركبا للنقص يتناقض مع مطالبها المشروعة. قول السيّدة الطبيب، ليس إلاّ اعترافا بتفوّق الجنس الذكوري، باعتبار صفة المذكّر تعبيرا لغويا عنه».
كثيرة هي الحكومات التي عملت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على استعمال لغة غير جنسويّة، مع ذلك و في الكثير من البلدان و أهمّها فرنسا كان التطبيق جزئيا. يهدف التأنيث إلى تطويع اللّغة مع الواقع الاجتماعي و الثقافي. و لكنه يندرج أيضا في إطار سياسي و هو الاعتراف بالمساواة بين الرّجل و المرأة، ومؤخرا في فرنسا، ضرورة التكافؤ بين الجنسين. من بين هذه المبادرات، نذكر مبادرة الكندا التي كانت في طليعة هذا التطوّر منذ 1978. كما نذكر سويسرا التي قامت سنة 1989 بتأنيث كامل قاموس الحرف و المهن. كما قامت سنة 1991 بنشر دليل التحرير غير التمييزي الذي يوصي باستعمال عبارة «حقوق إنسانيّة».
في فرنسا، عندما أراد القادة السياسيون إدماج النساء في بوتقة السياسية، غلب استخدام عبارة «رجال و نساء». كما تم تأنيث المهن، لكن بصعوبة و بطريقة غير مكتملة...
كذلك ركّز منشور 1986 قواعد صياغة المؤنث بالنسبة للمهن و التسميات التي كانت حتى ذلك الوقت تكتب في جنس المذكر.
في تاريخ ليس بعيد، أي سنة 1997 و بمناسبة مناقشة اللّجنة التشريعيّة بمجلس الشيوخ و المتعلقة بمشروع تحوير محكمة الجنايات، قام النوّاب بالتصويت لصالح تبنّي التعديل الذي يستبدل كلمة «رجل» بكلمة «شخص» personne في أسفل نصّ القسم الخاص بالمحلفين بمحكمة الجنايات.
أما بالنسبة للمنظمات الحكومية و الغير حكومية فقد قاموا باتخاذ قرارات تهدف إلى التشجيع على استعمال لغة غير جنسويّة. وقد تمّ خلال الملتقى العام لليونسكو الذي نظّم تحت لواء الأمم المتحدّة 1991 و في 1993، رسم مبادئ توجيهيّة تطالب باستعمال تراكيب تشير صراحة إلى الجنسين مثل «حق الشخص» و ذلك قدر المستطاع.
كما تم بمناسبة المؤتمر العالميّ لحقوق الإنسان المنظّم في «فيانا» سنة 1993 تحت رعاية الأمم المتحدة و ذلك ضمن منتدى المنظمات الغير حكومية الذي كان يضم أكثر من ألف منظمة، اعتماد توصيات تدعو إلى إزالة أي تحيّز تجاه جنس أو آخر و استعاضة عبارة «حق الرّجل» بعبارة حق أو حق الإنسان droit humainsالشخص البشري (Droit de la personne humaine)
أكثر النّاس يعتقدون أن نقاء اللّغة ثابت و محفوظ إلى ما لا نهاية داخل المعجمات و قواعد النحو. غير أن اللغة ليست قارة، فهي في تطوّر دائم من أجل أن تعكس لنا الحقائق الجديدة و المتغيّرات الاجتماعية و السياسيّة. ألم يقع رسميّا إدراج حرف w للأبجديّة الفرنسيّة كحرف مستقل سنة 1964؟
إن اللّغة هي في الآن نفسه المرآة العاكسة و محرّك المجتمعات. يضيف معجمان Petit Hachette Larousse كلّ سنة كلمة جديدة تعكس تطوّرا اجتماعيا أو تقنيا أو طبيّا أو تحوّرا في العادات. و قد قامت الحكومة الفرنسيّة منذ عشرات السنين بوضع لجنات المصطلحات هدفها ملائمة اللّغة الحديثة بالحقائق العلمية و الطبيّة و التجارية الجديدة. و قد أقرّت اليوم كلمات متداولة مثل (Informatique) إعلاميّة. حاسوب (Ordinateur) (Stimulateur cardiaque) إلخ ..
لا يهدف خلق المصطلحات تعويض الكلمات التي سقطت في التقادم فقط ، بل يهدف كذلك إلى عكس المتغيّرات التي تطرأ على تصوّرنا لأنفسنا و لهويتنا الاجتماعية أو العرقيّة. فحديثا و في الولايات المتحدة أصبح استعمال لفظ «إفريقي أمريكي» متداولا و هو يهدف إلى تعريف فئة بأصلها القارّي لا بأصلها العرقي. عندما يقرّر الأمريكيون(ات) لتمثل أنفسهم و تعريفها بلفظ «أمريكيون (ات)-إفريقيون (ات)»، فإنهم و إنهن يضعون و تضعن تاريخهم و تاريخهن و نضالهم و نضالهن و تطلعاتهم و تطلعاتهن.
رمزيّة علاقات السلطة
تبني و تعكس الكلمات ثقافة و معيش كلّ الشعوب. فإذا قارنّا بين نصّ الإعلان العالمي لحقوق «الرّجل» لسنة1948 و نصّ إعلان حقوق «الرّجل» و المواطن لسنة 1789، نستنتج أنه في هذا الأخير تم استعمال كلمة «رجل» بمفردها بينما كان استعمال كلمة شخص في الأوّل غالبا على النصّ بما يدّل على أنّ محرّريه قد قصدوا التسطير على عدم التمييز الجنسي بالابتعاد قدر المستطاع على كلمة «رجل».
لم يفلت اختلاط المصطلحات الذي ميّز هذا الجهد على أستاذ القانون إيف مادو Yves Madot لما لاحظ أنّ :»إن التركيبة الثنائية لعنوان الإعلان و العبارات المستعملة في البند الأوّل منه ، ماهو إلاّ دليل على حرج اصطلاحي كان من الممكن تجنبه باستعمال مفهوم حقوق الشخص البشري».
تلعب اللّغة دورا أساسيا في تكوين الهويّة الاجتماعية للأفراد. و قد كان موضوع التفاعل الموجود بين اللّغة و التصرفات الاجتماعية موضوعا لأبحاث عديدة فلا جدوى من التدليل عليه. هكذا حللّ الفيلسوف ميشال فوكو الذي سطّر على العلاقة بين السلطة و الخطاب. كما تحدّث بيار بورديو Pierre Bourdieu في كتابه(مامعنى أن نتكلّم)ce que parler veut dire عن وجود رصيد لغوي أستخرج منه مفهوم السلطة الرمزيّة المستبطنة و مقبولة: اللّغة هي تصوّر أو شكل رمزي لعلاقات السلطة و هي التي تكسبها شرعيتها.
كان المجلس الوزاري الأوروبي في 21 فيفري 1990 في انسجام مع التطورات الاجتماعية لأواخر القرن العشرين عندما صرّح بقناعته بأن الجنسويّة التي صبغت اللّغة المستعملة في أغلب الدّول الأعضاء في المجلس الأوروبي (و التي تفضّل صفة المذكّر على المؤنث)، يشكّل عائقا أمام المساواة بين النسّاء والرّجال.
من جهتها قرّرت منظمة العفو الدوليّة سنة 1997 تبني خطابا حقوقيا متماشيا مع إدارتها و أهدافها و رؤاها.
و قد تم تحديد ثلاث عبارات من شأنها أن تعوّض عبارة حقوق الرّجل عدى تلك الموجودة في الوثائق التاريخيّة. و هي حق الشخص البشري Droits de personnes humaines الحق الإنساني Droits humains حق الذات الإنسانيّة Droits de lêtre humains
إن تسطير التغييرات المحدودة في الزمن لا يمكن أن تمحي من الذاكرة الجماعية حدثا مثل الثورة الفرنسيّة في1789 و لا يمكنها أن تشكك في المكاسب و النتائج التي منحتها الثورة للإنسانيّة. أبسط من ذلك يجب الاعتراف بتطوّر حقوق الإنسان منذ 1789 و أن المساواة بين الرّجل و المرأة هي جزء لا يتجزأ من هذا التطوّر.
لا يمكن للغة الحق الشخص البشري، أن تفضّل جنسا واحدا كونها فئة كونيّة، كما لا يمكنها أن تسوق أحكاما مسبقة. المرأة تماما مثل الرّجل، لها حقوق. لا يتم هذا الاعتراف إلاّ عبر استعمال عبارات تعترف بوجودهن.
ملاحظة: قمت بحذف هذه الفقرة لصعوبة خضوعها إلى ترجمة دون اللّجوء إلى اللّغة فرنسيّة لللاستدلال، الشئ الذي رأيت أنّه سيمسّ بوحدة النصّ. و قد تراءى لي أن هذا الجزء من النصّ و علاوة على اللّبس الذي سينتجه في صيغته المترجمة فإنه غير ذي جدوى كبيرة. في كلّ الأحوال أنا لا اعرف إن كان مثل هذا الحذف جائز ، لذلك أدرجت النصّ المحذوف و المترجم أسفلا و أترك لكم القرار الأخير.
«و بالفعل ففي القرون الوسطى، و مثل ما فعل «راسين» Racine في القرن السابع عشر كان يصح أن نكتب:»ces trois jours et ces trois nuits entières» ( هذة الايّام الثلاث و اللّيالي الثلاث الكاملة ) نعت entières محمول على nuits(ليالي) مثل ما هو محمول على jours ( أيّام)».
أنياس كاليمار : كاتبة و أخصائية في القضايا الإنسانية وحقوق الإنسان ، وعضو مؤسس لشراكة المنظمات غير الحكومية للمساءلة الإنسانية.و قد توصلت الكاتبة في هذا النصّ للقيام بجرد تاريخي و منه توصّلت إلى رسم تطوّرات أشكال الصّراع السياسي و الحقوقي بين الرّجل و المرأة منذ الثورة الفرنسيّة حتى الآن، عبر الكلمات.
و قد قامت الكاتبة بتحليل بعض الكلمات الواردة في وثيقة إعلان حقوق الإنسان 1789 و وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة1941 باعتبار جنسها و معتمدة المعنى الحرفي لتلك الكلمات قصد الكشف عن حقيقة المنطلقات التي أنتجتها. من أجل ذلك فقد رأينا أنّه من المجدي أن نحدو حدوها و أن نقوم بترجمة بعض الكلمات ترجمة حرفيّة قصد توضيح المقاربة الدلاليّة المعتمدة في النصّ الفرنسي و تقريبها إلى القارئ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.