كيفاش يعرف أعوان المرور إنك خلصت ال Vignetteو Autocollantما هوش لاصق ؟    رئيس غرفة تجار المصوغ: أسعار الذهب مرشّحة للارتفاع إلى 500 دينار للغرام في 2026    هيئة السوق المالية تدعو الشركات المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي للإفصاح عن آثار آلية تعديل الكربون على الحدود    من الهريسة العائلية إلى رفوف العالم : الملحمة الاستثنائية لسام لميري    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    عاجل/ مع اقتراب عاصفة جوية: الغاء مئات الرحلات بهذه المطارات..    الصحة العالمية: 100 ألف طفل في غزة مهددون بسوء تغذية حاد    هام/ كأس أمم افريقيا: موعد مباراة تونس ونيجيريا..    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم من الجولة الثانية    مصر ضد جنوب إفريقيا اليوم: وقتاش و القنوات الناقلة    عاجل : لاعب لريال مدريد يسافر إلى المغرب لدعم منتخب عربي في كأس الأمم الإفريقية    مدرب منتخب مالي: "ليس لنا الحق في ارتكاب الأخطاء أمام منتخب المغرب"    أمطار غزيرة متوقعة آخر النهار في هذه المناطق    استدرجها ثم اغتصبها وانهى حياتها/ جريمة مقتل طالبة برواد: القضاء يصدر حكمه..#خبر_عاجل    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    أبرز ما جاء لقاء سعيد برئيسي البرلمان ومجلس الجهات..#خبر_عاجل    عاجل/ حادثة وفاة ممرضة حرقا بمستشفى الرديف: عائلة الفقيدة تكشف وتطالب..    عاجل/ قتلى وجرحى في اطلاق نار بهذه المنطقة..    رونالدو يخبي سر كبير على كريستيانو جونيور ومايحبش الجمهور يعرفو : تفاصيل    عاجل/ في تصعيد جديد: غارات وقصف ونسف متواصل يستهدف مناطق واسعة من غزة..    منتدى الحقوق يطالب بتحقيق مستقل اثر وفاة ممرضة بالرديف..#خبر_عاجل    عاجل: هكا باش يكون طقس ''فاس المغربية'' في ماتش تونس ونيجريا غدوة    عاجل: الكشف عن هوية اللاعب الشاب الذي عُثر عليه غارقًا في بحر بنزرت    قرارات عاجلة لفائدة زيت الزيتون التونسي: أولوية قصوى في إسناد منح التصدير    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    تحذير علمي من عادة شائعة تعرضك للإصابة بمرض ألزهايمر    حاجة بسيطة تشفيك من ال grippe في نهارين    عاجل: أمطار غزيرة منتظرة اليوم في هذه الجهات... التفاصيل    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز... التفاصيل    ترامب يعلن شن ضربة عسكرية على "داعش" في نيجيريا    اخبار كرة اليد .. الرابطة تقرر فوز الافريقي بإثارته ضد الترجي    انطلاق إيداع ملفات الترشح لمناظرة انتداب أساتذة مساعدين بالجامعات    البنك المركزي.. العائدات السياحية تناهز 7،9 مليار دينار إلى حدود اليوم الخميس    تظاهرة «طفل فاعل طفل سليم»    رواية " مواسم الريح " للأمين السعيدي صراع الأيديولوجيات والبحث عن قيم الانسانية    شارع القناص .. فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي انفصام فنّي على القياس ..حسين عامر للصوفيات وحسين العفريت للأعراس    فيليب موريس إنترناشونال تطلق جهاز IQOS ILUMA i في تونس دعماً للانتقال نحو مستقبل خالٍ من الدخان    الشركة الوطنيّة للسكك الحديديّة التّونسيّة:عدم تسجيل أية أضرار على إثر جنوح قطار المسافرين تونس - غار الدماء    ابدأ رجب بالدعاء...اليك ما تقول    خبير يوّضح: العفو الجبائي على العقارات المبنية مهم للمواطن وللبلديات..هاو علاش    يتميّز بسرعة الانتشار والعدوى/ رياض دغفوس يحذر من المتحور "k" ويدعو..    عاجل: تهنئة المسيحيين بالكريسماس حلال ام حرام؟...الافتاء المصرية تحسُم    تعرّف على عدد ساعات صيام رمضان 2026    11 مليون عمرة في شهر واحد... أرقام قياسية من الحرمين    التمديد في المعرض الفني المقام بالمعلم التاريخي "دار الباي" بسوسة الى غاية منتصف جانفي 2026    بداية من اليوم..دخول فترة الليالي البيض..    عاجل/ نقابة الفلاحين: 15 دينار لزيت الزيتون..!!    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز    أنشطة متنوعة خلال الدورة الأولى من تظاهرة "مهرجان الحكاية" بالمركب الثقافي بسيدي علي بن عون    مع Moulin d'Or : قصّ ولصّق وشارك...1000 كادو يستناك!    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة العاشرة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    قيس سعيد: التوانسة وجهوا رسالة نهار 17 ديسمبر فيها صفعة تاريخية لهؤلاء    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    صحفي قناة الحوار التونسي يوضح للمغاربة حقيقة تصريحاته السابقة    تركيا ترسل الصندوق الأسود لطائرة الحداد إلى دولة محايدة    كوريا الشمالية تندد بدخول غواصة نووية أمريكية إلى كوريا الجنوبية    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطوار محاولة التهديد بالإغتيال (الحلقة الثالثة عشر)
من تاريخ الاتحاد العام التونسي للشغل أزمة سنة 1978: بقلم: الأستاذ منصور الشفي
نشر في الشعب يوم 20 - 03 - 2010

اعتبرت أحداث قصر هلال من طرف محكمة أمن الدولة عنصرا من عناصر إدانة الحبيب عاشور وباقي القيادة النقابية من أجل التآمر على أمن الدولة.
وبنى المتشدّدون منطقهم على فرضيات لا أساس لها فقيل أنّ الإتحاد العام كان وراء هاته الأحداث وذلك للتدرّب على سيناريوهات الردّ بإعتبارها تجربة لما سيكون عليه الأمر يوم 26 جانفي وكيف يتطوّر الإضراب إلى تمرّد يشمل المدينة بأكملها للدفع إلى جوّ إنقلابي على الحكومة، وهذا ما جاء بالفعل في قرار ختم البحث لقاضي محكمة أمن الدولة ولم تمرّ إلاّ بضعة أيّام على خفوت صدى أحداث قصر هلال حتى فوجئنا بقضية أخرى لا تقلّ خطورة عنها وهي قضية التهديد بإغتيال الأمين العام الحبيب عاشور من طرف عبد اللّه الورداني.
وتمثّلت صورة الموضوع أنّ عبد الله الورادني الذي كان في سهرة بنزل في سوسة حتى أخرج لفافة من الجرائد بها مسدّس وقال لمرافقه في السهرة سعد البلّومي: (هذا المسدّس الذي قتل به صالح بن يوسف سيقتل به الحبيب عاشور). وكان جادّا في قوله وأثناء السهرة أنسلّ سعد إلى غرفة الهاتف وخاطب الحبيب عاشور بمنزله في تونس ليعلمه بفحوى التهديد وكانت سرعة الإبلاغ أنّ سعد خشي أن يمرّ عبد اللّّه الورداني إلى التنفيذ فينتقل إلى تنفيذ التهديد بالتوجه إلى تونس العاصمة مباشرة إثر السهرة.
وإستعدّ الحبيب عاشور واحتاط للأمر فطلب من إبنيه حبيّب وثامر أن يقدما للمنزل كما طلب من سعد بأن يقدّم في الحين إلى تونس ومن الغد استدعاني الحبيب عاشور للحضور بنزل أميلكار للغذاء فوجدته صحبة إبنيه وسعد البلّومي وقد كان صديقا حميما للحبيب عاشور وتعود صداقتهما إلى أيّام تأسيس الإتحاد فقد كان سعد مناضلا نقابيا صميما وشارك في عمل المقاومة وكان من أبطال النفيضة صحبة صديقه الصادق قديسة والمقاوم الهادي جمعة أصيل الوردانين وقد أصبحوا من أصدقائي أيضا منذ سنة 65 وقد كان ثلاثتهم من أصدقاء فرحات حشاد.
وإتفقنا على أن يقع الكشف عن هذا التّهديد حالا وأن نقدّم قضية ضدّ ذلك الشخص. وقد أظهر حبيّب وثامر كشأنهما في تلك السنوات شجاعة كبيرة وقد كانا طيلة حياتهما منذ اندلاع أزمة سنة 65 نقابيين وقد تعرّضا للمضايقات الأمنيّة وأحيانا حتى الدخول إلى السجن. وللحقيقة فإنّ عائلة عاشور كلّها من الزوجة إلى الأبناء كانت على أتمّ الاستعداد للوقوف بجانب الوالد وشمل ذلك حتى الأصهار الذين وصل الأمر بالبعض منهم إلى السجن.
ولابدّ لي هنا من تقديم تحيّة لإبني عاشور ثامر وحبيّب ولزوجته وكلّ عائلته الذين تحمّلوا المآسي بشجاعة وصبر طيلة سنوات عديدة. ونفس هاته الشجاعة والصبر رأيناها من كلّ عائلات النقابيين الذين حوكموا إثر أحداث 78 كما سأعرض لذلك فيما بعد.
واتصل الحبيب عاشور بالطاهر بلخوجة وزير الداخلية ليعمله بالأمر. كما أعلمه بعزمه على تقديم قضيّة. ويقول الطاهر بلخوجة في مذكراته أنّ الأبحاث التي أجراها أدّت إلى التوصّل إلى معرفة أنّ التهديد قد وقع بالفعل وأن المسدّس الذي أظهره عبد اللّه الورداني هو مسدّس حقيقي لا كما قال الهادي نويرة فيما بعد في تصريح له في الصحافة أنّه مسدّس لعبة.
وبعد يومين من ذلك توجّهت صحبة زميلي الأستاذ عبد الرحمان هيلة إلى سوسة لتقديم الشكاية واتصلنا مباشرة بوكيل الجمهورية الذي قبل الشكاية وكتب فوقها قر ار الإحالة فورا على التحقيق ثمّ رافقنا إلى مكتب حاكم التحقيق الذي استقبلنا بكلّ حفاوة وتحادثنا مطوّلا عن المتهم وما اشتهر به في الساحل من عنف وعجرفة. وقد تظلّم منه العديد من المواطنين.
وظهر لنا أنّ القاضيين كانا على علم مسبّق بقدومنا وبالموضوع الذي أتينا من أجله.
وقد علمنا فيما بعد أن وزير الداخلية الطاهر بلخوجة قد أمر الشرطة بإجراء بحث مع المتهّم وقد أعلم بصحّة التّهديد.
وقام وزير الداخلية بإعلام الهادي نويرة الوزير الأوّل بصحّة التهديد بالإغتيال وأن هذا التّهديد صادر عن الشخص المعروف لديهم والذي ساهم في اغتيال صالح بن يوسف.
وهو ما أضفى على التهديد كثيرا من الجدّية.
وتمّ القبض على المتهم وأودع لدى مقر الشرطة بسوسة ولم يحوّل آنذاك إلى السجن المدني. وأعتقد وأنّه نظرا للصدى الواسع لعمليّة التّهديد بالإغتيال وما نشأ عن ذلك من إضرابات دورية لكافة القطاعات في كامل البلاد، قام المسؤولون بوضع المتهم في السجن حماية له من غضب العمّال لأنّ العديد من النقابيين طالبوا بالإنتقام منه.
وفي يوم 5 نوفمبر استدعى الرئيس بورڤيبة الحبيب عاشور واستقبله بحفاوة بالغة وعبّر له عن أسفه لما حدث ولكن قال له: (سامحه من أجلي).
ورفض الحبيب عاشور التنازل عن شكواه. وقد أوردت الصحافة وخاصة جريدة »الصباح« التي كانت في ذلك الحين مؤيده له: أنّ الرئيس استقبل الحبيب عاشور الذي صرّح قائلا: (تحادثت مع رئيس الدولة حول عدّة مواضيع سياسية ونقابية عامّة ودارت هذه المحادثة في جوّ من الصداقة والنزاهة).
وفي هاته المقابلة اشتكى الحبيب عاشور من تحيّز الهادي نويرة أكثر فأكثر لأرباب العمل. ولمّا قال له أنّ علي السلامي مسؤول اتحاد الصناعة والتجارة بصفاقس قد اشتكى لبورڤيبة من الحبيب عاشور وكيف أنّه أمام العموم توجّه له بالقول بحدّة وغضب جارحين. أجاب عاشور بورڤيبة: واللّه ياسيدي الرئيس إنّما غضبت لتصرّفه مع الهادي نويرة. ولو أنّ هذا الأخير صديق لعلي السلامي إلاّ أنّ ذلك لا يعني وأنه يمكن له أن يخاطبه أمام العموم ب: يا هادي (هكذا) وذلك لاشعار الحاضرين بمدى الصداقة بينهما التي أدّت لإزالة الكلفة بينهما. فانبرى له الحبيب عاشور بالقول عندما تتوجّه للسيد الوزير الأوّل بالخطاب فعليك أن تخاطبه (بسي الهادي) أو: (بالسيد الوزير الأوّل) لا بالهادي هكذا.
وأقنع الحبيب عاشور بورڤيبة أنّ ما صدر عنه كان من باب الدفاع عن الوزير الأوّل الذي يجب أن يبقى موضوع احترام من طرف الجميع.
فلم يردّ بورڤيبة بشيء. ولكن لاح للحبيب عاشور أنّه راض عن موقفه. فأضاف الحبيب عاشور. لقد ذهب الهادي نويرة في زيارة رسمية إلى مدينة صفاقس. وعوض أن يتناول العشاء لدى الوالي اختار أن يتعشى لدى صديقه علي السلامي الذي أصبح من الغد يفاخر بذلك.
وأعود لموضوع التهديد بالإغتيال لأقول أنّ الصحافة أعلنت عن إيقاف عبد اللّه الورداني وذكرته بالإسم إثر الشكاية المقدّمة لوكالة الجمهورية بسوسة. وقصّت قصّة العشاء الذي حضره النقابي القديم (ولم تذكر الصحافة سعد البلّومي) بالإسم بل قالت أنّ عبد اللّه الورداني قال لمن حوله بصوت أراده أن يكون مسموعا سأصفّي حساب الحبيب عاشور بهذا المسدس.
وقالت الصحافة: أنّ الكشف عن اسم الشخص الذي هدّد الحبيب عاشور بالقتل قد أدخل الهلع والرعب في قلوب الناس وأنّ عبد الله الورداني كان قد اعترف بأنّه شارك في قتل صالح بن يوسف سنة 1961 بفرانكفورت بألمانيا. وأنّه تمّ توسيمه من أجل ذلك بعد ثلاثة عشر عاما (مجلّة جون أفريك بتاريخ 18 نوفمبر 1977).
وأوردت جريدة »الصباح« بتاريخ 10 نوفمبر 1977 (بدأت الإضرابات الدورية المحدودة المنظمة من طرف النقابات والإتحادات الجهوية للشغل منذ يوم الاثنين الماضي في بعض المؤسسات إلاّ أنّها انتشرت أمس بصورة سريعة في أربع ولايات وذلك استجابة لدعوة من الإتحادات الجهوية للشغل.
وتأتي هذه الموجة من الإضرابات المحدودة للاحتجاج على التهديد باغتيال السيد الحبيب عاشور.
وبينما يتوقّع أن يقع تقسيم الإضراب المحدود في العاصمة تونس على يومين أو ثلاثة، خصّص يوم أمس لإضرابات جهات صفاقس وسوسة ومدنين.
ففي العاصمة سجّلت اضرابات في عدّة قطاعات مثل الفنادق والمقاهي والبناء والحديد والصلب والكيمياويات وغيرها. وقد وقع اتباع دعوة الإضراب إلى حدّ كبير حسبما شاهدنا في هذه القطاعات.
كما استفدنا أنّ الإضرابات التي نظّمت بصفاقس وسوسة قد تمّ اتباعها بصفة هامة من العمّال في مختلف قطاعات النشاط. ولم تصلنا أنباء من مدنين التي كان مقرّرا أن يحصل بها اضراب أمس أيضا.
وقد سجّلت سوسة حوادث مؤسفة يمكن تلخيصها في ما يلي: حرق تجهيزات الملاهي (ألعاب التسلية) التي هي على ملك المتهم بالتهديد باغتيال الحبيب عاشور. وقد أتت عليها النيران بأكملها.
تحطيم زجاج وتهشم بعض أبواب نزل القصر حيث جرت الجلسة التي وقع فيها التهديد بالإغتيال إلاّ أنّ النزل قد سلم من الحرق.
تحطيم مقهى قيل أنّه لأحد أصدقاء المتهم.
تحطيم مطعم قيل أنّ لصاحبه علاقة تجارية مع المتهم.
وانتهى كلام جريدة »الصباح« الصادرة يوم 10 نوفمبر 1977.
وقيل بعد ذلك أنّ المتهم عبد اللّه الورداني قد صدر ضدّه حكم بالسجن لكن لم نعلم مطلقا أنّه حضر بجلسة قضائية. وإنّما لم يظهر أمام العموم إلاّ بعد أشهر. وقد تغيّر الشخص ولم يعد يشعر بالزهو والغرور الذي كان له قبل عمليّة التهديد ويقول الذين يعرفونه أنّ الشخص لم يعد يقبل أن يحدثه أحد في الموضوع أو يسأله عن علاقته مع بورڤيبة.
وهذا ما لاحظته أنا شخصيا على »علي ورق« سنة 1971 الذي تعلّقت به قضية في التحقيق ولم يجد أيّ سند ممّن كان يعتبرهم أصدقاءه. بعد أشهر من ذلك وعند محاكمة أمن الدولة فقد اعتبر الحكم أنّ الإتحاد أو بالأحرى أنّ الحبيب عاشور لم يكتف بمحاكمة عبد اللّه الورداني بل بقي يردّد وأنّه كان موضوع تهديد بالإغتيال وصعّد من لهجته مع الحكومة.
وأمّا الهادي نويرة فقد كان ردّ فعله مغايرا فبالرغم من أنه أعلم بوقوع التهديد بالإغتيال فعلا وأنّ المسدّس الذي استظهر به هو مسدّس حقيقي، إلاّ أنّه في تصريحه لجريدة (ماروك سوار)، قال أنّ تجربتي كمحام سابق باشر المحاماة لمدّة طويلة تمكنني أن أقول بكلّ حزم أنّ من يريد أن يقتل لا يهدّد. ولا يمكن إذا حصل إلاّ يكون مخمورًا أو مجنونًا.
وأضاف ساخرًا أنّ هاته الحكاية تذكره بحكاية جحا الذي غسل قميصه ونشره على حبل فوق السطح فهبّت ريح طيّرته. فذهب جحا من الغد إلى السوق ووزّع المشروبات على الناس ولمّا سئل عن السبب أجاب: لقد كتب لي عمر جديد تصوّروا لو أنهي كنت لابسا للقميص لكنت طرت معه وسقطت من فوق السطح. وأضاف نويرة: أنّ الحبيب عاشور كان موجودًا بالمنزه على بعد مائة وأربعين كليمترا من النزل الذي تمّت فيه السهرة.
واجتمعت الهيئة الإدارية للإتحاد يومي 15 و16 نوفمبر 1977 وأصدرت لائحة جاء فيها أنّ أعضاء الهيئة الادارية للإتحاد العام التونسي للشغل بعد تحليلهم للوضع الراهن بالبلاد واستعراضهم لنتائج قرار القواعد النقابية بالتوقف المؤقت عن العمل كتعبير أدنى في الظرف الراهن عن غضب الشغالين واحتجاجهم الصارم على التهديد الصارخ باغتيال الأخ الأمين العام يندّدون بكل شدّة بالنوايا الخبيثة الرامية إلى نشر الإرهاب والإستعداد للتصفيات الجسدية واقحام البلاد في متاهات الإغتيال السياسي الذي لا يمكن أن يزرع إلاّ الأحقاد والضغائن.
وفي عددها المؤرخ في : 24 نوفمبر كتبت جريدة »الشعب«: (لقد عرفت العلاقات الإجتماعية والحياة السياسية في الأشهر الأخيرة في بلادنا فترات صعبة بلغت درجة كبيرة من الحدّة في ثلاث مناسبات كانت على التوالي أزمة ارتفاع الأسعار في سبتمبر وأزمة أحداث قصر هلال في أكتوبر وأزمة التهديد بالإغتيال في نوفمبر وقد نتج عنها جميعا نيل خطير من الثقة بين الإتحاد العام التونسي للشغل والسلطة السياسية في البلاد).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.