بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرار دائرة الإتهام يحرّف الوقائع الحقيقية ويختلق أخرى
من تاريخ الاتحاد العام التونسي للشغل أزمة سنة 1978 (الحلقة الخامسة والثلاثون): بقلم: الأستاذ منصور الشفي
نشر في الشعب يوم 04 - 12 - 2010

إتماما لما جاء بقرار ختم الأبحاث الصادر عن قاضي التحقيق بسوسة أورد هاته الفقرات التالية: (وقد حصلت بعض الإصابات للبعض من أعوان الأمن إذ أُصيبوا بجروح خفيفة وهشم جانب من بلور الواجهات من ضمنها المونوبري ومقهى أولامبيك وشركة التأمين الستار وغيرها وأخيرا تمّ إلقاء القبض على من كان متظاهرا بالطريق والساحات العمومية وبعد إتمام الإجراءات القانونية في شأنهم أُحيلوا على محكمة البداية بسوسة بمقتضى قرار الختم المؤرخ في 11 فيفري 1978 في نفس هذه القضية التحقيقية عدد 4868 وكان المحالون فيها وعددهم 56 تمّت محاكمتهم لديها في القضية عدد 34966 وبقي ذيلها المتعلّق بالمرابطين بمركز الإتحاد والمسؤولين الجهويين به الواقع ضرب الحصار عنهم ومنعهم من جميع التحركات إلى قرابة منتصف الليلة الفاصلة بين يومي 26 و27 جانفي 1978 لمّا انذرتهم الشرطة وطالبتهم بالإستسلام وألاّ يكونوا عرضة لما لا يُحمد عقباه وسرعان ما امتثلوا وإستسلموا إليها التي تولّت بحثهم في الموضوع)، وأكتفي بهذا القدر من قرار ختم الأبحاث.
أمّا قرار دائرة الإتهام فقد كان محتويا على تفاصيل أكثر وأورد منه هذه المقتطفات: (أفادت الأبحاث الواقعة في القضية أنّه في خلال الثلاثة أشهر الأخيرة للسنة المنصرمة 1977 تولّدت بعض أحقاد وأغراض بين عناصر من الموالين للحكومة وبصفة أحرى الموالين للحزب الإشتراكي الدستوري التونسي وبعض العناصر الموالية للإتحاد العام التونسي للشغل ومن ذلك أنّه في الليلة الفاصلة بين يومي 26 و27 أكتوبر 1977 إلتأمت سهرة خمريّة بأحد النزل بسوسة جمعت خمسة أشخاص منهم المدعو عبد اللّه بن الحبيب مبروك شهر عبد اللّه الورداني الذي كان متحمّسا للحزب وسعد بن ابراهيم البلومي الذي كان متحمّسا للإتحاد وبمجرّد قدوم هذا الأخير أخذ يستفزه / الأمر الذي أغضب هذا وتولّى تهديده بواسطة مسدّس مقلّد لعبة وقد اغتنم سعد المذكور تلك الفرصة وبعد أيّام أعلم الكاتب العام للإتحاد بأنّ أعمالا جارية في الخفاء ترمي لإغتياله ووقع اخبار وكالة الجمهورية بسوسة بذلك فأذنت بفتح بحث ضدّ عبد اللّه المبروك من أجل التهديد بسلاح وأُحيل على محكمة ناحية سوسة التي قضت بسجنه لمدّة أربعة أشهر وخمسة عشر يوما بتاريخ 18 مارس 1978 تحت عدد 21917 ورغم ذلك عبّرت الطبقة الشغيلة عن إستيائها وقرّر المكتب الجهوي للإتحاد العام التونسي للشغل بسوسة اضرابا لمدّة يوم كامل إحتجاجا على ما استهدف إليه الأمين العام السابق لتلك المنظمة وتنفيذا لذلك وفي صبيحة يوم 9 نوفمبر 1977 شمل الإضراب بعض المؤسسات وخاصة الصناعية منها وخرج المضربون في جموع محتشدة بإغراء من الكاتب العام للإتحاد الجهوي بسوسة مخلوف ويدعى الحبيب بن خميس بن عاشور وأعضاء المكتب التنفيذي للإتحاد واتجهوا جميعا إلى مقرّ الإتحاد أين استمعوا إلى بعض الخطب الحماسية التي ألقيت من طرف أعضاء المنظمة. ولم يقف الأمر عند ذلك الحدّ بل تجاوزه إلى التجمع بالطريق العام والسير في مظاهرة كبيرة تعدّ نحو الخمسة آلاف شخص وتحمل الشعارات وتنادي بحياة الإتحاد وكاتبه العام الحبيب عاشور الذي عبّر عن نفيه لتلك الواقعة وأعلن بأنّه لم يستهدف شخصيا لأيّة محاولة اغتيال حقيقية (ملاحظة: يلاحظ وأنّ قرار دائرة الإتهام قد غيّر الأحداث وحرّفها في عديد المواقع) وإلى المقاومة والعصيان والإعتداء وتوجهت إلى عدّة أماكن من المدينة يمكن أن يقال بأنّها معيّنة لهم من قبل وهاجموا أعوان القوّة العامة الذين اعترضوا سبيلهم لمنعهم من مواصلة زحفهم وتعاصوا عليهم وأصابوا البعض منهم ومن المواطنين بالحجارة التي قذفوها عليهم وأضرّوا بعض المحلاّت وأتلفوا بعض الأملاك ونهبوا البعض وأحرقوا البعض الآخر كما تمكّنوا من مهاجمة بعض الأماكن العمومية والإعتداء عليها واستعملوا في ذلك الحجارة والعصي والمناضد والكراسي وغيرها واستمرّوا على ذلك وتحدّوا أوامر القوّة العامة ورفضوا أوامرها ولم يعد الهدوء إلى المدينة الاّ ليلا وقد أذنت وكالة الجمهورية بسوسة بفتح تحقيق ضدّ من أُلقي القبض عليه منهم ومن توصّل البحث إلى ثبوت مشاركته في الأعمال التخريبية المذكورة وأُحيلوا على الدائرة الجناحية بمحكمة الإستئناف بسوسة التي قضت فيها تحت عدد 3025 بعقوبات مختلفة على البعض وتبرئة ساحة البعض الآخر بتاريخ 21 جوان .1978
(ملاحظة على العكس ما جاء بقرار دائرة الإتهام فإنّه لم يكن أي واحد من المتهمين في القضية المذكورة منتميا إلى الاتحاد العام التونسي للشغل).
ثمّ يتابع قرار دائرة الإتهام سرده للوقائع حسبما رآه فقال: (ونظرا لفشل الإتحاد في مقرّراته وخيبة الأمل التي مُني بها فقد انعقد يوم 20 جانفي 1978 بمقره الجهوي بسوسة اجتماع بمناسبة ذكرى تأسيسه تحت اشراف خيرالدين الصالحي عضو المكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل افتتحه المتهم الحبيب بن عاشور بكلمة حماسية تعرّض فيها بالخصوص إلى الحوادث السابقة ناسبا وقوع مهاجمة الإتحاد من بعض العناصر الموالية للحزب وكان قصده من ذلك إثارة حماس العناصر النقابية للقيام بأعمال تخريبية لبثّ الفوضى والإضطراب في نفس المواطنين وتلاه خيرالدين الصالحي في الخطابة متعرّضا هو الآخر إلى أقوال سلفه ملحّا على تسخير كلّ القوى الحيّة للوقوف أمام ما يرمي إليه الحزب من أعمال قد تضرّ بمصلحة الطبقة الشغيلة مطمئنا في الوقت نفسه الحاضرين بأنّ جميع المنظمات شرقيّها وغربيّها ستكون إلى جانب الإتحاد وشدّ أزره وأنّ الهيئة الإدارية للإتحاد ستنعقد بتونس لإتخاذ التدابير الكفيلة لإنقاذ الموقف كما تدخل العديد من ممثّلي النقابات الجهوية أثناء الإجتماع من بينهم علي بن صالح الكاتب العام للنقابات الجهوية للتعليم الإبتدائي بسوسة فندّد بكل أشكال الاضطهاد والتعسّف والقمع المسلّط على النقابيين ودعا إلى الدفاع بكل حزم عن حرمة الاتحاد إلى أقصى حدّ وفي مساء يوم الغد تحوّل المتهّم مخلوف ويدعى الحبيب بن عاشور الى العاصمة للمشاركة في اجتماع الهيئة الادارية للاتحاد المذكور وعاد يوم 23 جانفي إلى سوسة وأعلن بأنّ الهيئة الادارية العليا للاتحاد قرّرت الاضراب العام وعهدت إلى المكتب التنفيذي بتعيين التاريخ وجلب بعض النسخ من لائحة الهيئة الادارية وكثف اتصالاته بالاطارات النقابية استعدادا ليوم الاضراب المنتظر ودعاهم إلى المرابطة بمقر الاتحاد الجهوي وفي مساء يوم 25 جانفي المذكور انعقد اجتماع بمقر الاتحاد تحت اشراف خيرالدين الصالحي وبن قدور حضره الكاتب العام الجهوي الحبيب بن عاشور وزملاؤه المسؤولون بالمكتب الجهوي وهم حافظ قمعون والمنصف قمر والصادق قديسة ومحمد بوراوي وغيرهم وأعلن فيه خيرالدين الصالحي بأنّ الاضراب تقرّر ليوم الخميس 26 جانفي 1978 وفي الوقت نفسه كلّف الكاتب العام الجهوي مخلوف ويدعى الحبيب بن عاشور المتهّم علي المحضي بتحرير بيان بمعيّة المتهّم علي بن صالح والمنصف قمر ومحمد بوراوي يدعو الى الاضراب العام على ضوء ما جاء بلائحة الهيئة الادارية للاتحاد نتيجة لتدهور الوضع المادي والاجتماعي للشغالين وردا على عناصر الحزب فاستجابوا لطلبه وحرّروا بيانا شديد اللهجة يتضمّن نعوتا وأوصافا موجهة إلى المسؤولين في الدولة وأجهزة الاعلام التابعة لها وفي الآن نفسه اتفق المتهمّون على التظاهر بالطريق العام والتوجّه إلى المؤسسات العمّالية وغيرها لدعوة العمّال الى الاضراب والتظاهر وفي اليوم الموعود باشر الناس أعمالهم كالعادة ولم يقع أي تعطّل بالمؤسسات والمصانع فاثر ذلك في نفوس المسؤولين النقابيين الجهويين وقرّروا التجمع بالطريق العام وقد عمد المتهّم الحبيب بن عاشور حوالي الساعة التاسعة صباحا إلى ارسال بعض العناصر إلى أماكن معيّنة من المدينة للتحريض على الاضراب ووقع التفطّن إليهم من طرف أعوان الأمن وألقوا القبض على البعض منهم عندها التجأ المعني بالأمر بمعيّة ما لا يقلّ عن مائة وخمسين نفرا من بينهم عدد من النسوة الى استعمال مضخم الصوت لغاية التحريض على بعث الشغب وبثّ البلبلة في نفوس المواطنين وعمد البعض من المرابطين بمقر الاتحاد الى رمي أعوان القوّة العامة بقوارير من ماء الفرق والبنزين والآجر من النوافذ وعندها تجمعت عناصر من المشاغبين وشرعوا في قذف القوّة العامة والمحلاّت التجارية بالحجارة التي جلبوها معهم ونتج عن ذلك اضرار بدنية وأخرى مادية ووقع التصدّي لذلك من طرف السيارات التي قام بها بعض الشبّان ووقع تشتيتهم وتفريقهم. وحوالي الساعة الحادية عشرة ونصف وخشية من تجميد كافة قوّة الأمن بالأماكن المرابطة بها والقريبة من المقر الجهوي للاتحاد بادر الجيش بتركيز البعض من وحداته بالمناطق الحساسة المذكورة بالاضافة إلى محطتي الارتال وحافلات النقل الشيء الذي سمح للقوّة العامة بتطهير المدينة من المشاغبين وارجاع الأمن إلى نصابه والسيطرة النهائية على حالة الأمن بالمدينة ولم يبق الاّ الأشخاص المرابطون بمقر الاتحاد والذين بقوا بحالة حصار مستمرّ وحوالي الحادية عشر ومنتصف الليلة الفاصلة يومي 26 و27 جانفي المذكور طُلب منهم الإستسلام وتجنّب التصادم مع أعوان الأمن فاستجابوا للنداء وكان عددهم مائة وثلاثة وعشرون شخصا من بينهم مخلوف ويدعى الحبيب بن عاشور وعلي المحضي والمتهمون المسؤولون معه بالمكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي للشغل بسوسة).
وأُنهي هاته المقتطفات من قرار دائرة الإتهام وقد حرّر زملائي المحامون سواء منهم المنتصبون بسوسة أو الذين قدموا معي من تونس عندما تمّت المحاكمة في شهر أوت 78 ببيان تحامل قرار دائرة الإتهام وتناقضاته وتغييره وتحريفه للوقائع وإختلاق أشياء لم تقع وبيّنوا خاصة أنّ المتظاهرين الذين قاموا بالتظاهر طيلة تلك الأيام لم يكن منهم نقابي واحد خاصة وانّ النقابيين كانوا محاصرين داخل دار الاتحاد.
وقد واكب التحقيق والدفاع على المتهمين لدى هذا الطور زملائي وأصدقائي الأجلاء بسوسة وقد تميّزوا بحركيتهم وتجندهم للدفاع وهم الأخوة حامد بن رمضان وهو ابن خال شهيد الحركة النقابية المرحوم فرحات حشاد وعبد الجليل بوراوي الذي أصبح في السنوات الأخيرة عميدا للمحامين بعد أن ترأس فرع سوسة للمحامين عدّة سنوات وعبد الرؤوف بوكر الذي أظهر كفاءة عالية وقد أصبح بعد سنوات من ذلك نائبا بمجلس النواب.
وسأروي تفاصيل مرافعاتهم ودفاعهم عند المحاكمة التي إلتأمت بعد أشهر من ذلك وقد كانت وقفتهم وشجاعتهم طيلة الشهر الذي استمرّت فيه المحاكمة هي ملحمة الدفاع التونسي.
وبالمناسبة فإنّ المحامين الذين دافعوا عن النقابيين كانوا متطوّعين بالدفاع سواء منهم زملائي بتونس العاصمة أو زملائي بسوسة أو بصفاقس، وبالنسبة لي فقد كانت هذه المحاكمات مناسبة لتدعيم صداقات دائمة مستمرّة لحدّ الآن بالعديد منهم ولا أكون مبالغا إن قلت بل بجميعهم صداقات وسأبقى معتزّا بها طيلة حياتي، وليسمح لي القرّاء ان استبقت الأحداث وسردت عليهم ماجاء بالرسالة التي وجهها الحبيب عاشور من سجنه الى جريدة «العمل» وكان ذلك بتاريخ 1 ماي ,1978 لكن جريدة «العمل» لسان الحزب الاشتراكي الدستوري لم تنشرها فقامت جريدة «الرأي» بنشرها بعد ذلك بثلاثة أشهر أي بتاريخ 3 أوت .1978
ونظرا لأهمية هاته الرسالة ولأنّها ستساعدنا على فهم أكثر للأحداث التي نحن بصدد الحديث عنها فإنّي أوردها من الآن لفائدة القرّاء الكرام.
يقول الحبيب عاشور في رسالته (سيدي مدير جريدة العمل لقد طالعت بكل اهتمام النسخ الثلاثة من جريدة العمل الصادر أيّام 25 و27 و28 أفريل 1978 وقرأت منها خاصة المقتطفات التي أخذت من الكتاب الذي لجأ إلى نسج الأكاذيب ولذلك أطلب منكم أن تمكنوني من حق الردّ بنشر هذا التوضيح في جريدتكم. من الأشياء الغريبة هو أنّ الكتاب يقول آنّي دخلت في سنة 1956 في خلاف مع أحمد بن صالح وبأنّني كنت زعيم الإنشقاق.
هذه حكاية يعرفها كل المناضلين جيّدا، فالمكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل الذي كانت أغلبيته في سنة 1956 من أصدقاء بن صالح هو الذي عيّن التليلي على رأس الاتحاد وكان ذلك قانونيا اذ أنّ القوانين الأساسية تنصّ عليه، وأمّا فيما يتعلّق بالخلاف مع بن صالح فالمسألة تتعلّق بأسلوب العمل وبالسلوك.
وفيما يتعلّق بتأسيس منظمة نقابية أخرى وهي «إتحاد العمّال التونسيين» (UTT) فقد تحصلنا على رخصة والرئيس بورڤيبة نفسه أعطانا المحل القديم لل (س ج ت) الكائن بنهج اليونان وقد سلّم لنا المفتاح على اثر اجتماع رسمي وافتتاحي إلتأم بالمحل نفسه وما الغرابة في ذلك فأنا مازلت أناصر تعدّد النقابات والأحزاب وهو ما ينصّ عليه دستورنا.
ومنذ سنة تقريبا تأسست منظمة نقابية تسمّى «القوى العاملة» يتولّى أمانتها العامة محمد بن سعد وهو موظف تابع لوزارة الفلاحة وقد تنقل أعضاؤها هنا وهناك في أنحاء البلاد وخاصة بين المؤسسات التابعة لوزارتي التربية والفلاحة حيث عقدوا اجتماعات تمتّعت بالحماية بطلب من الحزب حسب ما قاله لي حسان بلخوجة تليفونيا بينما كان يوجد إلى جانب الكاتب العام للجنة التنسيق الحزبي...).
وانهي هذه الحلقة وسأتولّى في الحلقة القادمة اتمام سرد بقية ما جاء في رسالة المرحوم الحبيب عاشور إلى جريدة «العمل».
«يتبع»
تصويب واعتذار
خلال حديثنا في إحدى الحلقات الماضية عن أطوار النضال النقابي في جهة صفاقس، ولدى تعرّضنا لقائمة من الاخوة المناضلين، ذكرنا غلطا أنّ المناضل الأخ الهاشمي الحاج ساسي هو في عداد المتوفين، وذلك بناء على معلومة استقيناها من أحد الاخوان.
وكم كانت فرحتنا كبيرة لمّا علمنا من ابنته أنّ الأخ الهاشمي الحاج ساسي المولود في 15 جانفي ,1934 أطال اللّه عمره، مازال حيّا يُرزق يعيش بين أفراد عائلته وأحفاده وأهله وذويه في هناء وطمأنينة.
وعليه، نتوجّه، نحن منصور الشفي، كاتب المذكرات، ومحمد العروسي بن صالح، الناشر بالتحيّة والتبجيل إلى الأخ الكريم الهاشمي الحاج ساسي راجين له دوام الصحة والعافية وطول العمر، ونغتنم الفرصة لنعتذر له وللعائلة عن هذا الخطأ غير المقصود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.