بدعوة من الصديق « الحزين»عدنان الهلالي مدير مهرجان ربيع سبيطلة الدولي تحولنا إلى هناك لنكون من ضمن الشّهود على أن في بني قومي رماح... متى توفّرت الإرادة وتوفّر قوام الأعمال... ومتى توفّر الفكر النيّر الوضاء الذي يطبق »القصاص« على الفاسد والطالح سواء في باب الفنون أو غيره من الأبواب التي استحالت إلى نوافذ ينط منها البعض فتطيح العدّة في «البير». هذا المهرجان تعدّدت فقراته كانت أولاها افتتاحية بين »أطلال جرجير« فاقترنت روعة المكان بجمالية المعروض الذي هو عبارة عن هيام تونسي بماكياج هندي بلمسات وليد الغربي الذي اختصر عرضه المبدع في عنوان نصفه سلام ونصفه الآخر تاريخ »حمائم سفيطلة«. الرقم المهمّ هو بلا منازع تلك الندوة غير المسبوقة صراحة والتي كانت تحت عنوان »السينما العربية الجديدة والراهن العربي، علاقة تماس... محاكاة أو لا مبالاة« هذه الندوة أثّثها جمع من أهل السّينما وهم رضا الباهي من تونس وغسّان شميط وممدوح الأطرش من سوريا ومنير الطباع من لبنان وزياد حمزة مخرج أمريكي من أصول عربية.. هؤلاء وإلى جانب بعض الحضور أتوا على الموضوع بكثير من الحرفية والإلمام.. فالكل تقريبا حمل على كلّ ما آلت إليه أحوال السينما التي تكاثرت مهرجاناتها وتناسلت مناسباتها وصخبت حفلاتها وفاقت جوائزها سكّان الصين!! وغابت فقط السينما!! فإذا هي ملايين تسفك وطاقات تهدر من أجل فكر تافه وتصوّر رخيص... الأمر الذي دفع المخرج السوري إلى القول بأنّ حالنا اليوم كذاك الذي أبرم صفقات سلاح بحرية وهو لا يتوفر على مجرّد وادي!! وهو ما ذهب له المخرج التونسي رضا الباهي الذي أكّد أنّ الأمر لا يتعلّق بأزمة سينما وإنّما أزمة مجتمعات وما الهروب إلى الماضي في أغلب سيناريوهات العصر الاّ هروبا من الواقع وضريبة من ضرائب فقدان الحريّة، كما لمّح الباهي إلى أنّ التمويل المشروط يمثّل إحدى أوراق الإنتكاسة السينمائية الراهنة... أمّا ممدوح الأطرش وزياد حمزة فربطا نجاح السينما بتحرّر الفكر.. فالقضايا عديدة والمبدعون كُثر، يقول الأطرش مؤكدا ثراء الساحة بالمواضيع على غرار أزمة سوق دبي، والضجر السّكاني والكرة وتداعياتها، أنظمة الحكم، حالات الإكتئاب والإنتحار في أوساط الشباب، كما تساءل عن غياب أنماط سينمائية أخرى على غرار أفلام الخيال العلمي. أمّا الأستاذ منير الطباع والأستاذ غسّان شميط فتطرّقا إلى الواقع مؤكدين أنه الأداء الفنّي مبدع ولكن المواضيع تجرّ إلى الخلف »وفي باب الحارة« أكبر برهان. هذه الندوة غاب عنها الفنّان المصري سعيد صالح الذي صرّح لنا بأنّه »لايحسن اللّعب إلاّ أمام داره« وهو غير مؤهل للدخول في مطبّات هذا المحور والتي قد تحسب عليه، والحديث مع سعيد صالح امتدّ طويلا ليأخذ شكل حوار نقتطف منه ما يلي: ❊ لم نرك في الندوة... برّر غيابك؟ كان عليك أن تكمل السؤال... ❊ ذاك هو سؤالي!؟ ناقص »تكملو بمخصوملك يومين!؟ ❊ طيب.. أجبني وإلاّ مخصّوملك شهر وتذكرة الطائرة التي وهبك إيّاها وزير الثقافة؟ يا أخي لم أحضر الندوة لأنّي لا أريد دفع فاتورة لم أستهلكها وأنت تعرف والكلّ يعرف أنّ النجاح اذا حصل يحسب للممثّل ونفس الأمر بالنسبة للفشل.. وهذا أمر مغلوط ومرفوض فأنا وزملائي لا نختار المواضيع ولا آليات الإخراج ولا مواقع التصوير ولا مكوّنات الديكور... ومهمّتنا الوحيدة هي تنفيذ الدور وبالحرف.. أمّا الباقي ومنه موضوع الندوة فلا أقدر على الإضافة فيه... إذن أحضر ليه!! ❊ لاحظت أنّك ساهمت في هذا المهرجان ببعض الخصومات مع الصحافيين؟ لا هي ليست خصومات بل تصادم لأنّهم حشروني في مواضيع الكرة فحدث ما حدث... ولكن لا علاقة لهذه الخصومة بالتخلّف عن الندوة! ❊ ولكن لها علاقة بهروبك من المؤتمر الصحفي الذي برمج لك؟ قد يكون ذلك صحيحا... ولكنّي لم أمتنع عن التصريحات وها أنا أتكلّم معك وإنشاء اللّه للصبح.. طالما فيه احترام للمسافة القانونية. ❊ أنا أشبهك بالواقع الغريب عندما تدفعني الى الضحك والحالة لا تدعو إلى ذلك؟ لنكن جادين يا ولدي!! فالحال العربي وبعض المواقف والأحداث لا تجعلك »تْعَيّطْ« بل تدعو إلى »اللّطم« على الخدود... ولكن »نعمل إيه« فذاك قدر من لا يعتبر ومن لا يحلّل ومن لا يُصلحْ. ❊ إذن هل مازال للضحكة نصيب؟ نعم وأقولها واثقا.. أنّه ومثل ما خيّمت علينا الغيوم والأحزان والهمّ، وطالما الدنيا لم تنته وهناك حياة، فإنّ الأمل قائم على الزّمان الجميل الذي تاه وضاع سوف يعود... ❊ كيف؟ بالتعصّب!! ❊ اعقل يا رجل.. فهل نحن ناقصون؟ نعم وألحّ على هذا اللفظ.. فالمطلوب التعصّب لعروبتنا وديننا وقوميتنا، ولغتنا ولثقافتنا بشتّى ألوانها.. عندها سيحترمنا الآخر ويخشانا ويخافنا،، أمّا أن نترك كلّ هذا لنقارع مشرب الراح »وِنتْسَحّرْ هامبرغر«.. فحينها السلام عليهم!!