من كلّ مكان جئن: من فضاء الحلّم جئن ومن مكان الشغل جئن.. ومن سماء الإبداع جئن. إنّهنّ النساء اللواتي توافدن إلى دار الاتحاد العام التونسي للشغل بجهة بن عروس بدعوة من اللجنة الجهوية للمرأة العاملة.. دعوة جاءت احتفالا ونضالا وتكريما وترفيها.. لتختتم نشاطات المقهى الثقافي لهذه الفترة بأمسية ابداعيّة ثقافية موسيقية رائقة حملت لها عنوانا عامًا هو «المرأة والإبداع». شمس نهاية الأسبوع كانت مشرقة رغم بعض التراب المتطاير هنا وهناك تراب خفيف لم يمنع دار الإتحاد ببن عروس من أن تظلّ مشرعة الأبواب والنوافذ لكل الرّواد والمناضلات والمناضلين الذين كانت الاخوات عضوات اللجنة الجهوية بمعيّة الأخت وسيلة العياشي عضوة الاتحاد الجهوي المكلّفة بالمرأة والشباب العامل والجمعيات.. يستقبلهنّ مرحبّات... الأمسيّة انطلقت مزهرة وبألوان القرنفل وورد الإحمرار عطور وزهرات وزّعت على الحضور والحاضرات مصحوبة بالإبتسامة والحبّ... وزّعت على الكبار والصغار على الأطفال والطفلات اللّواتي واللذين نشطوا الجلسة بحركيتهم ولعبهم واستئناسهم بهذا المكان الذي سيكون حضنهم في المستقبل. لبنى نعمان: صوتها الموسيقى دائما يُدهشني صوتها وكأنّها المرّة الأولى التي أسمعه فيها.. إنّه صوت الفنّانة لبنى نعمان التي افتتحت أمسية المقهى الثقافي النسائي بأدائها لبعض أغنيات سيد درويش وأميمة الخليل، تؤدي تقريبا دون مصاحبة موسيقية تذكر إلاّ دندنات عود هاوِ... ليختزل صوتها كلّ الموسيقى ويوزّع النغمات التي ترفرف في الفضاء منسابة كالأحلام فتتوزّع الذكرى بالقسطاس على الجميع، لتحضر مع صوت لبنى الساحة الحمراء في كلية العلوم الانسانية في ذهن هذه الطالبة السابقة وعاملة اليوم.. وتحضر بطحاء محمد علي في ذهن أخرى، وتتسابق لحظات الحبّ الأوّل ووقع اقتراب الثورة عند أخريات... تغنّي لبنى نعمان سيد درويش ويؤذن الديك صباحه وتصفّق الحاضرات وينتشي الجميع حتى صغار المتابعين لهذا النشاط، لعلّهم كانوا يؤسسون الذاكرة التي ستدغدغها لديهم فنّانة أو فنّان قادم... بعد الفن والموسيقى والذكريات والأحلام انطلقت فقرات المقهى التنشيطية مع ترحاب الأخت شيراز المنسقة الجهوية والأخت وسيلة بكل الحضور وتكريم عضوات المكتب الوطني للمرأة العاملة المنتخب حديثا هذا المكتب الذي يحمل الجميع حوله الكثير من آمال النساء العاملات بالفكر والساعد في بلوغ صورة مغايرة للمرأة داخل منظمتنا العريقة، صورة غير مشوّهة تعكس حقيقة نضالات النساء السابقات والموجودات والقادمات لتخلق جسور تواصل حقيقي بين الأجيال والأفكار وتنسجم مع ماهو مطروح على الساحة الدولية وتقدم للجناح الثاني لطائر العمّال التونسيين (النساء) فرصة فعليّة للقيام بمهامه الحتميّة في التحليق ونقاش القضايا الحقيقيّة للنساء بعيدًا عن المنطق الأخلاقوي في المصادرات الفكرية أو المنطق السّخيف في المزايدات النضالية أو ما شابهه من افتراض نظريات التآمر التمثيلي أو الحسابات الضيّقة فقد آن الاوان لنجد الصورة الحقيقيّة لحفيدات عليسة والكاهنة وعزيزة عثمانة والطاهر الحدّاد... مبدعات بألوان الطيف على هشهشة الحلويات والعصائر قدّمت الأخت حبيبة العيّاري بسطة تاريخية عن ابداعات النساء أطّرت خلالها زمنيّا فكرة الخلق لدى المرأة قبل أن تتوالى إلى المصدح حكايا نساء مبدعات من مختلف الأطياف... نساء تحدّثن عن أنفسهنّ ومساراتهنّ الإبداعيّة في شكل شهادات قصيرة ومعبّرة كانت تدعوهنّ لها الأخت المبدعة منشطة هذا المقهى الثقافي فضيلة المليتي (مناضلة ولها ابداعات في هذا الرسم على الحرير) فتوالت في فقرة أولى شهادات كلّ من المبدعات لمياء جونيز (رسم) وجميلة بن عيسى (رسامة مختصّة في التزويق الداخلي) ونبيلة الدهماني (صنع الحلويات) ويسرى فراوس (شعر) وليلى اللطيف (رسم على الحرير) وغيرهنّ من المبدعات في مجالات مختلفة قدمنّ شهادات بعد فقرة موسيقية وفنيّة ثانية للفنّانة لبنى نعمان فتحدّثت سعاد الكعبي، ليلى الكسراوي، أحلام الخليفي، سامية قلاّل، صلوحة الرزقي، سلوى الحاج الشادلي وكاتبة المقال فشكرا لهنّ... المنظمات والمبدعات جميعا ... وشكرًا لهذا المقهى المتميّز الذي مازال يجمع إليه كلّ الناس للإلتقاء حول أفكار خيّرة من نضال وصمود وابداع وآمال...