سنّة حميدة دأبنا عليها كل سنة على امتداد السنوات الأخيرة وهي تخصيص حيز من الإهتمام والمساحة الصحفية للمتوجين في امتحان الباكلوريا الذي يعتبر المحطة الابرز في حياة التلميذ أيا كان مصيره فيما بعد. هذا الامتحان لم يفقد رغم الظروف اشعاعه وقيمته عند الجميع من الولي الى التلميذ الى الاستاذ الى العامة وحتى الخاصة في مختلف المواقع من ذلك مثلا هذا اللهث وراء التعرف على »النجباء« وخاصة منهم المؤهلين الى التكريم الرئاسي ومن بينهم هذه السنة إثنان من جهة المنستير ارتأينا أن نجالسهما واسرتيهما للحديث عن هذا الانجاز المشجع للطالب والمفرح للاستاذ والمسعد للاسرة... وهو ما لاحظناه في بيوت الشاب فهمي بوحوال أصيل المكنين ويدرس بالمعهد النموذجي بالمنستير والمتحصل على الجائزة الرئاسية بمعدل 19.43 شعبة علوم تقنية والشابة سوسن الممّي أصيلةقصر هلال وتدرس بمعهد سعيد أبو بكر المكنين والتي تحصلت على معدّل 17.72 شعبة اقتصاد وتصرف مما أهلها الى التكريم الرئاسي... ❊ تساوي... فور توصلنا بالنتائج وبخبر إنجاز فهمي وسوسن تحولنا إلى المكنين لنصل الى بيت السيد بشير بوحوال (والد فهمي) دون عناء حيث ما من أحد في المكنين لم تبلغه أصداء التفوق.. هناك وجدنا الاسرة والاجوار مغمورين بفرحة لا توصف قد يكون زادها حرارة حضورنا فارتضينا بتحويل الحوار المنفرد مع فهمي الى حديث جماعي ساهم فيه الوالد والام والاخوة وطبعا باقي المهنئين... السيدة سعاد (والدته) وهي ربّة بيت كانت أول المتدخلين قائلة »هذه الليلة الثالثة التي لم يكحّل فيها النوم جفوني حيث كنت متوقعة شيئا ما من »هذه الباكالوريا« وها أني غير مصدقة بأن ابني تحصل على هذا الشرف.. مما أسعدني سعادة اتمناها لكل أم« أما السيد بشير فيقول »هذا انجاز مفخرة ساهمت في جزء يسير منه أما الباقي فالفضل بعد الله يعود الى المربين الاجلاء وولدي نفسه«. عند ذاك تدخل فهمي ليؤكد أنّه مدين الى جانب والديه الى المعلمين والاساتذة في كل من مدرسة النور بالمكنين والمعهدين النموذجيين بسوسة والمنستير والطاهر الحدّاد بالمكنين الى جانب السيد اِمحمد الغضاب المتفقد الجهوي لمادة الفيزياء الذي أغدق عليه نصحا وارشادا... وعن آليات تحقيق هذه النتيجة يقول أن المواظبة والتركيز أثناء الحصص الرّسميّة فقط، لانه لا يرى فائدة تذكر من حصص التدارك والدروس الخصوصية التي يمكن الاستعاضة عنها بمذاكرة رصينة في البيت وبعيدا عن السهر المجحف والمنبهات من قهوة وما شابهها مضيفا أنّ الدروس الخصوصية مضيعة للوقت وانهاك للولي وإساءة للاستاذ اما عن توزيع أوقاته فيقول أنها محدودة ويشْغلها بمساعدة والده (موزّع أعلاف وحبوب) أو تعاطي رياضته المفضلة كرة اليد ورمي الجلة (الميدالية الفضية وطنيّا) وختم فهمي حديثه بالاشارة الى امنياته التي على رأسها قبوله بإحدى المؤسسات الجامعية بأوروبا وهو الامر ذاته الذي ذهبت اليه سوسن الممّي التي استقبلنا والداها (بشير الممّي وحبيبة الطيلوش) في بيت عمّرت فيه الفرحة هو الآخر بحكم هذه النتيجة الباهرة التي تحصلت عليها سوسن والتي حازت على هذا الشرف (الجائزة الرئاسية) بعد تضحية وتميز طيلة ثلاثة عشر سنة دراسة لم تغادر فيها دكّة المرتبة الأولى (إبتدائي وثانوي). وعن اختيارها لهذه الشعبة (اقتصاد وتصرف) أنها كانت برغبة جامحة رغم تحفظ بعض اساتذتي وكذلك والدي باعتبار تصورهم أن مؤهلاتي تسمح بمنْحى آخر كالطب مثلا، وتضيف أن ولعها واتقانها للغة الصينية والانقليزية (20 للاولى و18.5 للثانية في الامتحان) شجعاها على هذا الاختيار في ظل استحقاقات عالم اليوم الامر الذي يجعلها تحلم بالحصول على موقع في احدى الجامعات الاوروبية. وعن هذه النتيجة تقول أنها توقعت الحصول على معدل مشرف أما الحصول على »الرئاسية« فكانت مفاجأة جميلة وعن آلية تحقيقها أفادت أن الصبر والتركيز في الفصل هما العنوان وليس بالساعات الاضافية والدروس الخصوصية التي هي مضيعة للوقت وهتك للمال وحشْو لا طائل من ورائه... اللهم في حالات قصوى (تدارك غياب مثلا) سوسن ختمت حديثها بالاماني بالتوفيق لمن لم يحالفهم الحظّ في الدورة الأولى وبالشكر لشقيقتيها نسرين ونرجس وشقيقها سفيان الذين ساهموا كل بطريقته في تحقيق ما تحقق. ❊ وللنقابة نصيب ثالث المتوجين جهويا والذي حرمته بعض الاجزاء من المائة من الحصول على الترشيح الرئاسي هو الشاب فادي السويح والذي تحصل على معدّل مشرف جدا (19.22) باكالوريا رياضيات... هذا الشاب زرنا عائلته فكانت الزيارة خاصة جدا باعتبار ان والده من المناضلين النقابيين الذين لم يحلْ نشاطهم النقابي دون الاحاطة بالابناء الامر الذي اثمر هذا التألق الذي يشرف كل النقابيين وخاصة قطاع الصحة الذي ينتمي له الاخ منذر السويح (أبو فادي) نقابة الصحة بمستشفى المكنين. والذي أكد لنا ان المسؤولية النقابية هي رافد من روافد المسؤولية العائلية مما انعكس على فاد واخوته ودعاهم الى الايمان بأن »لا نضال بلا سلاح والسلاح الانجع هو العلم والمعرفة« واذا كان هذا كلام »الليث« فإن الشبل (فادي) سار في حديثه الينا في نفس الاتجاه مع اختلاف بسيط يتمثل في كون المسؤولية النقابية لوالده أثقلت بعض الشيء كاهل والدته ولكن كلاهما صاحب فضل شأنهما شأن الاساتذة الاجلاء والذين يهديهم فادي هذا النجاح الباهر.. فادي وعلى امتداد مسيرته الدراسية كان صاحب المرتبة الاولى الى غاية هذه السنة بمعدل سداسي 18.55 ويتمنى ان يلتحق »ببوليتكنيك ألمانية« لانها الافضل عالميا حسب معلوماته !! ويضيف أنّه غير مهتم بالوظائف والتشغيل وكل ما يصبو اليه المزيد المزيد من التحصيل العلمي خاصة في حقل الاعلامية وختم الشاب فادي لقاءه معنا بالتهاني لزملائه الناجحين وكل الاماني بالتدارك للمؤجلين وحظا أوفر لمن لم يسعفهم الحظ مع نصيحة لكل مقبل على امتحان بعدم اهمال أي مادة بما فيها الثانوية.. ❊ تتويج جهوي: الى جانب هذا الثلاثي سجلت ثلاث نتائج باهرة هي الاخرى حيث أحتل أصحابها المرتبة الأولى جهويا وهم ضياء الدين الميلي من معهد جمال شعبة علوم اعلامية بمعدل 18.08 وسناء الصيادي من نموذجي المنستير شعبة علوم تجريبية بمعدل 19.2 وسارة الزحاف من معهد منزل الحياة شعبة آداب بمعدّل 15.82...