وصل المهرجان الصيفي للمناجم بالمتلوي مرحلة النضج إذ له تسع وعشرون سنة وقد مرّ بفترات تتأرجح بين الجودة والنزول وقد انعقدت الأهداف فيه على أن يكون متنفسا لأبناء هذه المدينة في فصل يتسم بالقساوة وهو مقصد لكل الشرائح والفئات وأغلبيتهم من العملة والمتقاعدين الذين يعطون وأعطوا لمدينتهم المتلوي وللوطن عموما في المعارك التحريرية وبناء الدولة وتكونت لهم ذائقة خاصة نتيجة عشرتهم مع الجاليات الشقيقة والصديقة ويبقى المهرجان الصيفي هذا محطة تتفوق على عديد المحطات الثقافية الباهتة بها. وقد رعت شركة الفسفاط هذا المهرجان في عنوان دعمه رغم ما يعقله الجميع عليه جيل المؤسسين والهيئات المتعاقبة على إدارته ومحبي الثقافة وهم كثر في هذ المدينة ولكنهم لا يرحبون الا بالفعاليات الناجحة والأبقى ويمحون ما تلمع صورة الاشخاص وتوظف لخدمتهم أدبيا وماديا إذ لا نظن أن شركة الفسفاط تتراجع عن دورها في حين أن المؤمل هو إرتفاع الدعم صعودا الى جانب تكرمها بعرضين على الأقل واحد فني وآخر مسرحي من المسرحيات الناجحة على الساحة الوطنية وما نظن ذلك بعزيز على هذه الشركة الوطنية التي لها قدم سبق في دعم النشاط الثقافي بمدن المناجم الأربع قبل تكرمها على الغير وممن أرادوا أن يضفهم طابور الحوض المنجمي (فلا تصح الصدقة حتى يتززى أهل الدار) كما يقولون وهذا الاستثمار في الثقافة له مبرراته الاجتماعية والنفسية والادبية وهو جزاء على الجهد والمعاناة التي يعيشها اهالي هذه المدن واعتراف لهم بالجميل ورد التحية بأحسن منها وبعد هذا وبعد قيام شركة الفسفاط بدورها الاجتماعي والثقافي لما في ذلك من إرساء لمقومات التوازن النفسي والادبي والوطني باعتبار المبررات التاريخية والبشرية والتنموية والوطنية فإنّ الاطراف الاخرى لا يجب ان تتخفى وراء دعم الشركة فوزارة الثقافة عبر مندوبيتها ومن خلالها هي لابد أن يكون دعمها ماديا وعينيا في مستوى عروض كبيرة ولائقة وذات سمعة وأثر، لا أن تكون في شكل مسرحية من الدرجات السفلى وفنون شعبية لا يقبل عليها جمهور كجمهور مدينة المتلوي وكذا ولاية قفصة التي اختفى دعمها بتعلة أن للمهرجان شركة الفسفاط تذكيرا بأن المتلويالمدينة الثانية في الولاية ولا يمكن ان تقاس بما تقاس به بعض المعتمديات التي برزت بعد ميلاد المهرجان ونتمنى أن تكون هذه الأفكار داعية الى مراجعة بعض المواقف التي استأنس بها واصبحت تجري مجرى العادة اضافة الى تطبيق فكرة ليس في الإمكان أفضل مما كان فلنجسم هذه الوصايا حتى ننهض بحق بمضمون هذه المهرجانات ونجعلها فعلا خادمة لاهداف ثقافة التغيير في هذه الألفية الجديدة باعتبار أن مردود الثقافة هو الأبقى.