منذ مدة بدأ الاستعداد والاعداد للمهرجانات الصيفية في كامل أرجاء الوطن وأصبح المال سيد الاعمال في هذا المجال وقفزت اسعار العروض في تسلق غير معهود شأنها في ذلك شأن ارتفاع اسعار براميل النفط وأضحى الفنانون يترقبون فصل الصيف للغنم وتكديس الثروات والانتقال من مهرجان الى آخر حتى صار نجوم الفن ونجوم الكرة في مقدمة الاثرياء وزادتهم العولمة البائسة جشعا ونهما وشراهة والسلطة الثقافية لا تحرك ساكنا وكأن الأمور قد تجاوزتها والحقيقة انه لابد لها ان تكون رادعة ومعدلة لهذه الاسعار وملزمة لجميع الفرق ان تقدم عروضا مجانية لمناطق الظل والمناطق الداخلية وأن ترسل متفقدين لمتابعة محتويات برامج السهرات واحترام التعهدات والتوقيت وغير ذلك من بنود الاتفاقيات وان تتابع المندوبيات الجهوية هذه الاعمال كلها من خلال تقارير علمية تقويمية وشبكات تقييمية ترسل الى اللجنة الثقافية الوطنية كما كان ذلك في السابق اضافة الى ان تقوم المندوبيات بدور تحفيزي للمعتمديات الداخلية لان ما نراه اليوم اذ اصبحت الجهة تستأثر بالدعم أي مركز الولاية على حساب المعتمديات الاخرى وقد نفخت صورة المهرجانات الجهوية وفيها ما اصبح دوليا وحول له الدعم من المصالح الجهوية الثقافية وغيرها حيث تضخمت ميزانيات هذه المهرجانات من خلال ما كان يعطى للمهرجانات داخل الولاية وقرب هذه المهرجانات من قرب مراكز القرار الجهوي جعل منها تأخذ نصيب الاسد على حساب المهرجانات وفيها من سبق المهرجان الجهوي نفسه وهذا في غياب ترتيب تفاضلي للمهرجانات داخل الجهة اعتمادا على اقدمية المهرجان وجمهوره العددي والاهداف التي انبنى عليها والفلسفة التي انعقد عليها وهذا الغياب لهذه الاعتبارات تكرس لدى المندوبيات في اعتمادها على آراء مديري دور الثقافة في عدم المعارضة لاعرافهم والسقوط في المجاملات والارتكاز على جملة من العلاقات والمصالح وتبادل الادوار وانا من مؤسسي مهرجان المناجم بالمتلوي الذي انطلق سنة 1981 وعرف دورات متألقة في اول مسيرته تم تارجح بين الصعود والهبوط نتيجة عديد السياسات وقد تعافى أخيرا واحجام الجهة عن دعم هذا المهرجان ناتج عن ان شركة فسفاط قفصة تدعمه وقد استقر دعم المندوبية الثقافية له في عتبة المليون ونصف المليون وهي منحة هزيلة لا تتناسب وعمر هذا المهرجان واهدافه ومتطلبات جمهوره المستهدف وغائيات ثقافة التغيير باعتبارها جوهر التغيير والعجلة الدافعة له وكان يمكن لسيادة المندوب الثقافي ان ينتقل بنفسه ويتواصل مع هيئات المهرجانات ويقف على انتظاراتهم حتى لا تكون الدورات رتيبة متشابهة لا طرافة فيها ولا تجدد وان تكون هيئات المهرجانات تضم خيرة رجال الابداع اولا والمثقفين الذين يشهد لهم بالانتاج والاطلاع الواسع على اغراض الثقافة ومتطلباتها ويكون لديهم وعي ثقافي وتربوي واجتماعي عميق ومواكبة للمتغيرات واستشراف لثقافة التغيير ومضامينها ومرتكزاتها حيث اصبحت الهيئات تضم لفيفا غير متجانس من عناصر سلبية تدفع وفق تمثيلية لا تدخل في الثقافة وتكون حجر النشاز في هذا البناء الثقافي وتوجد بعض العناصر في اكثر من هيئة ثقافية اخذة مكانا يقصي الفاعلين ويرسخ القاعدين والذين يريدون الوجود للوجود والاجدر بهؤلاء ان يجدوا لهم مكانا في اطر اخرى كمجلس التصرف او التشكيلات الشبابية والتعبوية اذا كانت في حاجة اليهم ويمكن ان يضيفوا فيها اذا كان الاختصاص يسمح لهم بذلك بعد الاستئناس بالعمل الجمعياتي والمنظماتي انطلاقا من تصنيفه وأهدافه وضوابطه وهذا القصور البشري والمعرفي والثقافي تضاف اليه ندرة الامكانيات ممّا جعل عديد المهرجانات تولد كبيرة ويتراجع فيها الاداء والمطلوب حقن دوافع جديدة واعطاء فرص اكبر لهذه المناطق الداخلية وضخّ دماء جديدة اعتمادا على مقاييس موضوعية سكانية وبشرية ونفسيه واجتماعية وجغرافية وخصوصيات خاصة كجهة المناجم والمتلوي فيها واسطة العقد لينظر اليها على انها منطقة عريقة لها عشرة مع الرياضة والثقافة والتفتح وقد كانت بها مرافق رائدة كالسينما والمسرح والحفلات والرياضة والكهرباء والمذياع كلها عناصر تآلفت وعرفها السكان منذ اوائل القرن الماضي وفي بداياته ولا تظن ان هذه المرافق التي لم تكن في معتمديات وبلديات خلقت مع الاستقلال وبعده ان تناظر هذا الحوض ولا تقاس بهذا الحوض الاصلي في مدنه الاربع بتجمعات نشأت حديثا وصارت تضارعه او تتفوق عليه وهذه المرافق كلما اضافة الى عناصر الاكل واللباس والسكن خلقت عقلية رائدة وتشوقا كبيرا وسبقا للزمن وهذا يجب ان لا يغيب عن كل مسؤول ثقافي لان الثقافة مجموع هذه القيم متناغمة أثرت في الانسان وأثر فيها اذ لا يغفل ان يقاس فيه متساكنو المدن هذه بقصابة وبراقصين ولاعبين وفنانين شعبيين هم أقرب الى التهريج والتهميش منهم الي الفن الراقي والاصيل ولم لا تستورد فرق شقيقة من الجزائر والمغرب وليبيا وكان هذا الحوض سباقا في التعايش والتوحد قبل قيام وحدة المغرب العربي على يد الزعماء المغاربيين في طنجة سنة 1958 اما عن العروض المدعومة للمهرجانات فهي ترضية للفنانين الذين لم يسعفهم الحظ ولا التدخل للفوز بالمهرجانات الكبيرة وهي توزع على فرق ضعيفة وفنانين نكرات ليس لهم انتاج ولا قدم راسخة في الحركة الموسيقية واغلبها من العروض المسرحية التي ليس لها جمهور ولا يقبل عليها الرواد في دور الثقافة ان وجدوا فما بالك في فصل الصيف، فصل الشواطئ والسهرات والمقاهي التي تفتح ابوابها ولا تغلق الا قبيل الفجر بقليل ولا بد للآية ان تنقلب فتكون العروض المدعومة من خيرة العروض التي تدعم المهرجانات وتسهم في جلب الجمهور العريض اليها وان تكون عامل مصالحة بين الجمهور والمهرجانات خاصة وان المندوبيات الجهوية للثقافة لها ميزانيات ضخمة للدعم فلا تدعم المهرجانات مباشرة او عن طريق هذه العروض ليظل الدعم هزيلا وعاملا من عوامل افشال هذه المهرجانات الداخلية وليست منها وليس لها الا مهرجان مركز الولاية والمطلوب اعادة خلية المهرجانات الى اللجنة الثقافية الوطنية واحداث هيئة داخل الجهات تسند الى كفاءات ثقافية يشهد لها بالكفاءة الثقافية والنزاهة والحياد تتولى شؤون المتابعة والنظر في البرمجة والاستشراف وبهذا يمكن ان نرتقي بمضمون هذه المهرجانات وتحييد عديد المندوبيات عن الدخول في هذه السوق والتصرف في هذه الدعم بصفة ذاتية وانطباعية وعلائقية وترضيات على حساب الجماهير المتعطشة للعروض الجيدة باعتبار ان المهرجانات انعقدت على فلسفة ثقافية تقوم على انها متنفس وفضاءات للامتاع والمؤانسة تجمع بين الفرجة والغنم الثقافي وصقل الاذواق وتهذيب الانفس وشحذ الهمم وكم من برامج ثقافية جيدة اسهمت بصفة غير مباشرة في دفع الانتاج وتجديد الطاقات وزرع سلوكات ايجابية وخلق عادات ثقافية واجتماعية رائدة.