على إمتداد يومي 6 و7 جويلية الجاري، نظّم قسم التشريع والنزاعات والدراسات والتوثيق بالتنسيق مع الجامعة العامة للمعادن والإلكترونيك بأحد النزل بالحمامات، ندوة قطاعية تناولت ما يعانيه الشغل من تحديات ومشاكل على مستوى إستقرار مواطن العمل والعلاقات الشغلية الهشة الى جانب النظر في تقييم المفاوضات الجماعية الأخيرة والاعداد للجولة القادمة. الندوة افتتحها الأخ الطاهر البرباري الكاتب العام للجامعة العامة للمعادن والإلكترونيك الذي وضع أشغالها في إطارها العام وقدّم جدول أعمالها على مدى اليومين والمتكوّن من مداخلة قانونية حول الطرد الفني أمّنها الاستاذ رشاد مبروك ومداخلة حول المفاوضات واستحقاقات المرحلة القادمة قدّمها الأخ بلقاسم العيّاري الامين العام المساعد المسؤول عن قسم القطاع الخاص، أما في اليوم الثاني، فقدم الأستاذ محمد الزمني مداخلة حول عقود الشغل ثم انتهى الاخ حسين العباسي بمداخلة حول »المناولة«. ❊ الطرد لأسباب إقتصادية ضمن مداخلته، خلال الجلسة الأولى التي ترأسها الأخ حسين العباسي، قدّم الأستاذ رشاد المبروك عرضا قانونيا حول الطرد لأسباب اقتصادية أو فنية من خلال الفصل 21 وما بعده من مجلة الشغل، فعرّف الطرد على أساس أنّه تصرّف قانوني يمارسه المؤجّر وإيقاف عن العمل إما مؤقت أو دائم للعلاقات الشغلية، ومن جهة تعريف الاسباب الاقتصادية أو الفنية للطرد لاحظ الاستاذ أن هناك فراغ قانوني في هذا السياق عكس مجلة الشغل الفرنسية التي عرّفتها بشكل واضح (فصل 3 333)، كما أن المشرّع استعمل هذا المصطلح في مناسبتين، خلال تعرّضه لقانون نظام جرايات الشيخوخة والعجز وكذلك في مجلة الشغل. ومن خلال فقه القضاء، تكون الاسباب الإقتصادية للطرد خارجة عن نطاق العامل ومؤهلاته وقدراته إذ تكون لها علاقة مباشرة بالمؤسسة، وهنا يأتي الفرق بين الصعوبات الاقتصادية، والاسباب الفنية، فالأولى مرتبطة بما هو مالي بالمؤسسة والثانية مرتبطة بحذف مواطن الشغل القارة. الاستاذ المبروك حلّل النظام القانوني للطرد لاسباب إقتصادية وفنيّة وهو يتميز بالمراقبة الإدارية الذي تقوم بها تفقدية الشغل ولجنة مراقبة الطرد الى جانب الولاّة والمعتمدين وقدّم عديد الثغرات في عمل هذه الهياكل وخاصة الغموض في بعض المفاهيم مثل مسألة مكافأة نهاية الخدمة وضرورة توضيحها وأهمية إدراجها في الاتفاقيات الاطارية. ❊ المفاوضات: تقييم وإعداد للمرحلة القادمة خلال مداخلته حول المفاوضات الجماعية واستحقاقات المرحلة القادمة، استعرض الأخ بلقاسم العياري أهم النقائص التي حفّت بالجولة الاخيرة من المفاوضات ولخّصها في قلّة الدعم القاعدي الذي أثرت على موازين القوى بين الاطراف الاجتماعية الى جانب ان التنسيق بين الهياكل لم يكن على الوجه المطلوب فضلا عن تشتت لجان التفاوض وصعوبة الاتصال فيما بينها وعدم توحيد المطالب والنضال من أجل المطالب المشتركة بين القطاعات. في المقابل، فإن هذه الثغرات أو الصعوبات لم تحجب وجود إيجابيات، حيث أن الجولة الفارطة تعتبر محترمة وتضمّنت جملة من التشريعات الجديدة والواردة في اتفاق 7 جوان. ❊ الاخ العياري أبرز أهمية الصبر والتروّي خلال الاعداد للمفاوضات القادمة خاصة وأن الاعراف يتجاهلون أي معنى جدّي للتفاوض واختلاقهم للازمات وهذا أمر يجب أن يوحّد عمال القطاع الخاص في دفاعهم عن الحق النقابي ودعم الانتساب والعمل الميداني في مقاومة المناولة وتوحيد المطالب النقابية ومزيد هيكلة المؤسسات متعددة الجنسيات الى جانب الاهتمام بالمرأة العاملة وتأطير الشباب العامل وهذه التوصيات بإمكانها ان تنتعش في ظل إرادة لدعم القرارات النضالية وتفعيل الديمقراطية. ❊ نقاش ساخن الإطارات النقابية بقطاع المعادن والإلكترونيك تطرقوا الى أهم الصعوبات التي تعرّضت لها مفاوضاتهم وخاصة الوقت الضيّق الذي حاصر جامعة المعادن في تحضير الوفود والاعداد للمشاريع التفاوضية والنقائص التي مسّت عملية التفاوض فيما بعد بخصوص عدم التنسيق مع الهياكل النقابية. ونبّهت عديد المداخلات الى التلاعب بالفصل 6 4 ومشاكل التصنيف المهني في الإلكترونيك وضرب الحق النقابي. وقد وضّح الأخ الطاهر البرباري الكاتب العام للجامعة ظروف المفاوضات السابقة والغموض الذي يحوم خاصة حول مسألة التصنيف والتأكيد على تشريك الجهات في تعيين الوفود التفاوضية خلال الجولة القادمة التي تتطلب مزيدا من اللحمة والتعاون. من ناحيته، بيّن الاخ بلقاسم العياري عناصر تدهور المقدرة الشرائية وعدم المساواة في الحياة الاجتماعية ومعاناة الشغيلة خاصة في ضوء جباية غير عادلة وهي المسألة التي يركّز عليها الاتحاد حاليا... ولاحظ أن المفاوضات الجماعية ليست الوحيدة لتحقيق زيادات إذ أن النقابات لها دور هام في اتيان الزيادات خلال مفاوضاتها على مستوى المؤسسة وهذا ما يؤمّنه العمل النضالي اليومي، وأكد أن الجولة القادمة عليها أن تتضمن الحسّ النضالي والجدّية والسلوك التفاوضي النزيه الذي يقوم على المبدإ والذكاء حتى نتمكّن من التقليل من حدة تدهور المقدرة الشرائية والتقليص من بعض الهواجس التي يعاني منها القطاع ومنها المناولة. من جهته، نبّه الأخ حسين العباسي إلى ضرورة تغيير آليات التفاوض وتطويرها في ظل المتغيرات العالمية الأخيرة والتراجعات على مستوى قوانين الحماية الاجتماعية للعمال والدخول بورقات قطاعية مشيرا إلى أن الفترة الفاصلة لإنطلاق المفاوضات سيقع التركيز على التكوين لتأطير المفاوض وتوجيهه في المحاور التي تهم العقود القطاعيّة. ❊ عقود الشغل ضمن فعاليات اليوم الثاني للندوة التي ترأسها الأخ علي بن رمضان الامين العام المساعد المسؤول عن النظام الداخلي، كانت للأستاذ محمد الزمني مداخلة حول عقود الشغل. وعرّف الاستاذ الزمني عقد الشغل والخاصيات التي تميّزه عن العقود الاخرى من خلال مجلة الشغل التي بيّنت أنه اجراء بين المؤجّر والاجير على أساس التبعية القانونية لهذا الأخير تجاه الأوّل ويقتضي على العامل أن يتصرّف طبق أوامر المؤجّر. واستعرض الاستاذ أنواع العقود التي تضمّنها الفصل 6 1 وهي العقود لمدة غير محددة وفيها يكون العامل قارّا والعقود محدّدة المدّة وهي العقود التي يرغبها المؤجرون بإعتبار أن وضعية العامل فيها وقتية وبأمكانهم أن يقوموا خلالها بالطرد التعسفي بحثا عن الربح، كما توفّر هذه العقود أرضية خصبة للتحايل واستقرار الشغل. النقاش، تركّز على ضرورة تجاوز قانون 6 4 2 بالتفاوض النضالي وإيجاد آليات قانونية لدفع العرف نحو الترسيم إلى جانب ما يثيره المنشور عدد 13 الذي يضرب استقرار الشغل، من تناقض بينه وبين القانون. ❊ المناولة: سرطان كيف نقاومه؟ استهل الأخ حسين العباسي مداخلته بالاشارة إلى أن الاعراف يبحثون بشكل حثيث عن هشاشة أكثر للتشغيل باعتبار ذلك يوفّر الربح، وتأتي المناولة لترسي هذا الهدف بشكل سافر، ولاحظ أن عديد الفصول مهدّدة بالمراجعة السلبية وضرب استقرار الشغل مثلما جاء في الفصلين 94 و96 من مجلة الشغل والفصل 46. ولدى تعريفه للمناولة، أبرز الأخ العباسي أنها يد عاملة ثانوية يستفيد منها العرف للتهرّب من الترسيم ويكرّس بها هشاشة التشغيل باعتبارها تكرّس علاقات شغلية غير واضحة، واستعرض كيف أن هذه الظاهرة أضحت سرطانا ينخر العلاقات الشغلية في بلادنا، وتساءل ماذا فعلنا لنقاوم هذه الظاهرة وما المطروح مستقبلا في هذا الاتجاه مبيّنا أن هذا الملف يجب أن يتم تضمينه بشكل صريح في المفاوضات الجماعية القادمة والدخول في منهج عملي وميداني لمقاومته باعتماد خطة عمل علمية تقوم على التدرج وتدعيم موازين القوى في اتجاه الشغيلة للقضاء نهائيا على هذا السرطان. خلال النقاش، استعرضت الإطارات النقابية الحاضرة ما يعانونه من هذه الظاهرة داخل المؤسسات والتجارب التي خاضوها في مقاومتها والقضاء عليها عبر النقابات الاساسية التي فعّلت الاضرابات ودعّمت انتساب عمال المناولة الى الإتحاد والضغط على الإطارات لإدماجهم ثم ترسيمهم في مرحلة ثانية. الندوة، مثلت فرصة التقى فيها نقابيو ونقابيات قطاع الالكترونيك والمعادن لرسم الملامح الكبرى للاعداد للمفاوضات القادمة، كما مثلت مناسبة استفادت منها الاطارات النقابية الشابة من المداخلات القانونية بالخصوص.