... هناك وعلى »ضفاف« سبخة سيدي الهاني وعلى أطراف الملح الكالح والحرّ المكين يقفز الجناح الغربي لولاية المهدية على أتعابه وأيامه المثقلة ببعض التعب والضّنى ليضع واقعا خاصا به يقارع به الصعاب ويجابه به كل العوامل بما فيها الطبيعة التي ان جادت عليها ب »شرقي« فمحمّل بلفح الملح والسباخ وان ب »غربي« فنسائم »السباسب« ترزق الناس هناك بلفح الهاجرة. هذا الجناح الغربي للفاطميين أو ما يسميه البعض اقليم السواسي الكبرى وعلى صعوبة الحال فيه للفرح نصيب وللسّلوى مكان... من خلال تظاهرات الصيف التي يحضنها مهرجان سيدي الناصر للعادات والتقاليد ومحمد الصغير ساسي للشعر الشعبي بالسواسي ومهرجان الشموخ باولاد الشامخ الى هناك ذهبنا وهناك فقهنا معنى الاثر الشعبي والزخم التاريخي.. وقوافي »الرجال« المتراوحة بين ملحميات الشجعان وغزل الوله والجنون... هنالك في السواسي يقف محمد الصغير ساسي كقمقم أبدي وسلطان ينش بقوافيه الخالدة على البعوض الرديء الذي »يقرص« الأثر الشعبي ويتطاول على المخزون ويقرض الرصيد الابداعي الشعبي بتلطيخ مقرف.. وبجشع مدقع.. وبسطحية آية في السخف... في السواسي مازال للقافية نصيب وللملحون مكان...هناك مازال الناس يحفظون للشاعر الراحل قصائده التي ما تركت مجالا إلاّ ودلفته ومن ثمّ استحق ان يكون المهرجان وعلى امتداد أكثر من ثلاثين سنة لاهجا باسمه محييا لذكراه... مستلهما من ابداعه بفعل هيئات متعاقبة عملت جميعها ان تكون السواسي للفرح عنوانا، ذاك ما أكده لنا الاخوان العجمي جعوان مدير المهرجان وعدنان بن عامر مدير دار الثقافة اللذان وبلا عقد رحبا وعبر المصدح بجريدة »الشعب« شاكرين دعمها الجاد للفعل الثقافي الثابت... السيد جعوان أطلعنا بعد كرم الوفادة على اهم فقرات المهرجان التي ضمت حفل افتتاح ينضح طرافة وبهاء من خلال تشكيل لوحات اختزلت الماضي الجميل وابرزته في أفضل صورة من خلال الحجفة التى تهادى جملها »وطارت« فرسانها ودارت في عرض »مداوري« بديع... افتتاح جميل أعقبته فقرات أجمل على غرار سهرة الشعر الشعبي التي أمنها البشير بن عبد العظيم، أحمد العباسي، المولدي هضب، عمر الجبالي، عمر هلال ومحمد الملوح.. الى جانب سهرات أخرى مثل مسرحية »من غير مزاودية« وسهرة الفنانة فائزة المحرصي والفنان الصعيدي »حمادة« وعرض »الغناية« للفنان جابر المطيري وكذا سهرتان لكل من الفنانة سندس طاقة والفنان الشعبي عبد الكريم البنزرتي. ❊ شموخ غير عبيد عن السواسي (30 كلم) دارت ملحمة أخرى جميلة (رغم كمّ الصعوبات) وتتعلق بمهرجان الشموخ باولاد الشامخ.. هنالك أيضا كان التكريم لجريدة الشعب الذي أوحى لنا بهذا التواصل الجميل والامتداد المحمود لعمل رجال أحبوا بلدتهم فاخلصوا وعشقوا الوطن فتباهوا به من ذلك مثلا وفي باب التواصل كان التعاون وثيقا بين هيئة متخلية وأخرى صاعدة بلا عقد وبلا »مخطاف« في العجلة حيث عمل المدير السابق محمد حفيظ ويعمل على مساعدة خلفه بشير بن مصباح بكل ما لديه من إمكان مادي ومعنوي لتكون النتيجة جيدة والخراج سمينا... مما تجلى في رصيد الدورة (13) من العروض والنتاج.. رغم الصعوبات الجمّة المادية منها بالخصوص هذه الصعوبات التي يشهد الجميع هناك في أولاد الشامخ انها تحدّ من الطموح في ظل غلاء العروض وضعف الموارد... وهنا لابد من إبلاغ الامانة والمتمثلة في مناشدة صديقنا العزيز هشام بن أحمد الوالي الجديد للمهدية لمزيد الاحاطة بهذا المهرجان الذي يتهدده التعب الذي قد يولّد الاندثار... وعن هذه الدورة التي واكبنا عرضها الافتتاحي أفادنا الاخ بشير مصباح أنه وكما تقدّم ورغم الصعوبات فإن التنويع كان شعار البرمجة ضم فيصل ولمياء الرياحي الى فنون شعبية من القصرين الى جانب الادب الشعبي وسائر الالوان الشعبية من فروسية وألعاب نارية وغيرها من الاشكال ذات التعبير الصادق عن الواقع الثقافي والتاريخي في رحلة تواصل عبر الأفق. ❊ حمدة الزبادي