وفقت جمعية القانون الاجتماعي التي يرأسها الاستاذ محمد الناصر في جمع نخبة من أهل الشأن خلال سهرة رمضانية لافته احتضنها احد فنادق العاصمة ليلة الاربعاء للتحاور في ملف أنظمة التقاعد. وتعتبر مبادرة الجمعية متميزة في هذا الاطار بالنظر الى السبق الذي حققته في جمع الاطراف المعنية بالملف على طاولة واحدة في وقت قياسي منذ طرح الملف للتفاوض. نذكر أن أولى جلسات التفاوض في الملف بين وزارة الشؤون الاجتماعية والاتحاد العام التونسي للشغل انعقدت قبل اسبوعين أو اقل، وبالكاد توفرت بين ايدي المعنيين الدراسة المؤسسة للانطلاق في المفاوضة. فقد حضر الى السهرة التي سبقتها مأدبة عشاء لفيف كبير من اطارات الوزارة يتقدمهم الوزير السيد الناصر الغربي الى جانب رؤساء الصناديق الاجتماعية الثلاثة ومدير عام مركز البحوث حول الضمان الاجتماعي وعدد غير قليل من اعضاء الجمعية صاحبة المبادرة. حضر ايضا من جانب الاتحاد الاخوة رضا بوزريبة ومحمد شندول وعبيد البريكي وحسين العباسي ومحمد السحيمي، اعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد. كما حضر السيد سامي السليني ممثلا عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة ورؤوف القرقني ممثلا عن الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري. حضر ايضا عدد كبير من الاساتذة الجامعيين المختصين في الموضوع والباحثين ورؤساء واعضاء جمعيات وعدد من رجال الاعلام ونسائه. شهدت السهرة عدة مداخلات كانت ثرية بالاراء والافكار وبالارقام المؤيدة، وقد أخذت جيزا زمنيا مطوّلا، يضطرنا. نظرا لضيق المجال ومثول الجريدة للطبع، الى التوقف عند ابرز المحطات فيها. فقد افتتح الاستاذ محمد الناصر السهرة الندوة بوضعها في اطارها الذي حدده برنامج الجمعية في التطرق الى ملف أنظمة التقاعد بالنظر الى أهميته لدى الحكومة والاطراف الاجتماعية والرأي العام بصفة شاملة. واستعرض الاستاذ الناصر بعض الجوانب التاريخية من مسار أنظمة التقاعد في تونس باعتبار دوره الشخصي في ارسائها لما كان وزيرا مسؤولا عن الملف في السبعينات. تلاه في الحديث السيد ناصر الغربي وزير الشؤون الاجتماعية الذي أكد ان الملف يستحق تعميق الحوار والنقاش في كل الاطر مبرزا العمل على تعزيز الانجازات الاجتماعية وفي هذا الشأن بالذات من خلال اقرار المبدإ التوزيعي التضامني والعدالة بين الفئات والاجيال. وقال في هذا الصدد ان مقترح الحكومة المعروض في شأن هذا الملف هو في مرحلة أولى الترفيع في سن التقاعد الى 62 سنة والزيادة في المساهمات المحمولة على الاجراء والمؤجرين وقال أن من شأن هذين الاجرائين ان يحققا مجتمعين التوازن المنشود في الصناديق بين المداخيل والمصاريف الى غاية 2016. وطمأن الوزير المتقاعدين الحاليين ان الاجراءات المقترحة لن تمس باي شكل من الاشكال جراياتهم ومنافعهم وانه لا خوف على المنظومة الموجودة لأنها تتماشى مع الاختيارات العميقة للاصلاح. استمع الحاضرون بعد ذلك الى محاضرة قدمها الاستاذ حافظ العموري وأورد فيها عددا كبيرا من المعطيات. وبفتح الباب للنقاش تداول على أخذ الكلمة عدد هام من الحاضرين كان في مقدمتهم تباعا الاخوة رضا بوزريبة وعبيد البريكي ومحمد السحيمي وحسين العباسي ومحمد شندول ومن ابرز ما جاء في مداخلاتهم. كان الاتحاد سباقا الى المطالبة بالاصلاح منذ مطلع التسعينات. ضرورة الاتفاق حول من يتحمل كلفة الاصلاح. لابد من التفكير في خيارات أكثر مردودية. الإشكال يكمن في التشغيل وانماط التشغيل الجديدة. الاعتماد على التشغيل أوّلا وأخيرًا. هناك تهرب كبير من دفع معاليم الانخراط في الصناديق. ضرورة تدخل الدولة، والسخاء غير موجود في الانظمة الحالية. يجب الحفاظ على الحقوق المكتسبة لكل الاطراف وتكريس هذا المبدأ. الترفيع في سن التقاعد والزيادة في نسبة المعاليم اضرار بالحقوق المكتسبة وبالقدرة الشرائية. الحل في مراجعة طبيعة العلاقات الشغلية. المقارنة مع أوروبا في كل شيء لا تستقيم. صندوق التأمين على البطالة يمكن ان يساعد الصناديق الاجتماعية على تجاوز صعوباتها. لا يمكن فصل محاور الاصلاح عن بعضها البعض، خاصة وان أساس الموضوع اقتصادي. الحلّ هو في مقاومة كل ما هو غير منظم وليس في تنظيمه. التشغيل هو البوابة السليمة لمعالجة أوضاع الصنادق. القضية أعمق وأشمل من ان تعالج فنيا فقط. لا للتسرع، بل لابد من كثير من التفاهم. لابد من خطة اعلامية واسعة لبلورة هذه الاصلاحات وابلاغها للناس. تحدث ايضا عدد من الخبراء نذكر منهم الاساتذة حسين الديماسي والمنجي طرشونة والنوري مزيد وعائشة السافي وخير الدين بن سلطان، كما شارك في الحوار السيد الاسعد زروق رئيس مدير عام الصندوق الوطني للتأمين على المرض والزميل الاعلامي الكبير توفيق الحبيب وآخرون، وأدلوا بدلوهم مقدمين أفكارا وآراء كثيرة سوف يقع تضمينها في مجلة خاصة من اصدار الجمعية.