صدر بجريدة الشعب عدد 1088 ص 17 مقال رشيق للصديق النفطي حولة تحت عنوان »كم هي جميلة تونسنا الحبيبة ...ولكن « أقول كان المقال رشيقا خاصة فيما يتعلق بوصف الجمال الطبيعي الذي تتميز به مناطق بني مطير وعين دراهم وطبرقة ولكن رغم ذلك فقد استوقفتني خاتمة المقال التي بدت لي متفائلة أكثر من اللزوم رغم أنني لا أشك في أن ذلك التفاؤل جاء عن حسن نية من صديقي النفطي. فالدعوة الى استثمار الطبيعة المغرية في مشاريع متعددة وخاصة سياحية ترجع بالفائدة على الأهالي (المواطنين) تبدو حاليا قفزا على الواقع الذي يتميز بتفاقم ظاهرة التفويت في الأرض والمنازل الفخمة وحتى الشواطئ الى الأثرياء وخاصة الأجانب وقد شملت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة العديد من الأراضي الزراعية من شمال البلاد الى جنوبها. كما نلحظها بوضوح في تفاقم ظاهرة الإستحواذ على بعض المنازل العتيقة بالجريد وبولاية نابل وربما بمناطق أخرى، صديقي النفطي إن ما جاء به الجلاء الزراعي في 12 ماي 1964 قد نسف من أساسه بحكم منطق العولمة، ولتعلم أن قانون منع الأجانب من تملك الأرض ببلادنا قد أصبح منذ سنتين مرفوقا بالجملة التالية : »إلا إذا تم الحصول على موافقة الوالي !!! « ولك أن تتخيل في ظل تفاقم البطالة والتضخّم المالي الذي أدّى الى إنهيار المقدرة الشرائية. صديقي العزيز إذا زرتنا في قفصة في الأيام القادمة فسأعرض عليك مرافقتي الى منطقة قفصة الشمالية والى معتمدية سيدي عيش لترى بنفسك تغلغل شركات أجنبية في أريافنا، إنها بحق ظاهرة تحول في الملكية العقارية (Mutation des structures foncières )أدت ببعض المجموعات القروية والعشائرية الى بيع أراضي الأجداد والعمل لدى هذه الشركات المشبوهة تغلغل عادات مجتمع الاستهلاك لدى هؤلاء الريفيين جعلهم يفرطون في أراضيهم بسهولة مذهلة عكس ما كان عليه أسلافهم الذين هبّوا لمقاومة المستعمر منذ دخوله عام 1881 ، أنظر ( françois Broche: l'expédition de tunisie ) إنها حقا ظاهرة جديرة باهتمام كل من له حسّ وطني قبل الحديث عن المشاريع الاقتصادية الممكنة، ولكنها لم تجد الإهتمام المطلوب حتى من بعض الصحف الجادة ببلادنا كما تميز موقف الأحزاب المعارضة أو المحسوبة على المعارضة بصمت مشبوه حول هذه المسألة، فيما عدى ما كتبته الطريق الجديد حول ما حدث بالرقاب (أنظر العدد 189 في 17 جويلية 2010 ). أيها الصديق العزيز إنني مع انشاء المشاريع الجادة التي تخدم الشعب لكنني في نفس الوقت متشائم من المشاريع المشبوهة والتي ستحول جزءا هاما من مزارعينا الفقراء بطبيعتهم الى أجراء تستغلهم الشركات الإحتكارية.