تقرير خطير يكشف بالأسماء والأرقام وحتى العناوين: معلومات مذهلة علن حجم التغلغل الإسرائيلي في العراق الفجرنيوز باريس برس حتى وقت قريب، لم نكن على معرفة دقيقة بحجم التغلغل الإسرائيلي داخل العراق، وإلى أين وصل، وكيف نُثبت ذلك بالأسماء والأرقام، مع أن جانباً من هذا التغلغل كان ملموساً وظاهراً لعيان البعض، كما أن معلومات متفرقة قد جرى تداولها حول فتح مكاتب مختلفة الأغراض في بغداد وعدد من المحافظات، بدعم من قوات الاحتلال والسلطة المعيّنة من قبله، وبالتنسيق مع بعض الميليشيات كجماعة عبد العزيز الحكيم وقادة الحزبين الكرديين الطالباني والبرزاني. لقد كان من الضروري والممكن معاً - بالنسبة للمطلعين على الخفايا – كشف جوانب عديدة من هذا التغلغل قبل الآن، خصوصاً وأنه وصل إلى مرحلة "متقدّمة" لم يعد فيها بحاجة إلى دعم أو حماية، بل على العكس أصبحت بعض مهامه حماية الآخرين، مثله في ذلك مثل شركات الأمن الأميركية الخاصة التي تتمتّع بالحصانة مهما ارتكبت من جرائم. غير أن تسارع الأحداث الرهيبة يومياً كان يستحوذ على أولوية الملاحقة والاهتمام، إلى أن فاجأتنا الولاياتالمتحدة منتصف الشهر الماضي بخبر ملفت للإنتباه، عندما اتّهمت اسرائيل علانية بالإتّجار سراً مع ايران، وقيامها بإجراء تحويلات مالية بالعملة الصعبة إليها عبر الطرق الرسمية تسديداً لبضائع استوردتها. وجاء في تفاصيل الإتهام أن هذا التصرّف الإسرائيلي يُمثّل خرقاً للقانون الذي يمنع إقامة علاقات تجارية مع الدول التي تخضع للعقوبات المفروضة عليها من قبل الشرعية الدولية.
كشف اتهام للتغطية على اتهامات! بعد صدور الإتهام على شكل خبر عابر، قام السفير الأميركي لدى اسرائيل ريتشارد جونس بتوجيه رسالة حول هذا الاتهام، إلى المسؤولين الاسرائيليين تتعلّق بعملية شراء اسرائيل كمية من الفُستق الإيراني على اعتبار أنه تركي المصدر، وهذا ما أكّدته صحيفة "يديعوت أحرونوت" في الوقت نفسه. الشيء الغريب في هذا الموقف الأميركي الإتهامي والعلني للحليفة الاستراتيجية الأولى أنه جاء منحصراً في موضوع هامشي صغير، ومع ذلك أخذ منحى بدا فيه كما لو كان استيراد كميّة الفستق بحجم قضية "إيران غيث"، رغم وجود أكثر من "إيران غيث" حقيقية وآنيّة في سجل العلاقات الأميركية – الاسرائيلية – الإيرانية، من خلال اشتراك الأطراف الثلاثة بتقاسم المهام والمصالح في شتى مناحي الحياة في العراق. أي أن قضية الفُستق التي لم تتجاوز قيمته العشرين مليون دولار تأتي نقطة في بحر النشاط الاسرائيلي التجاري، والتواجد الاستخباري، والأمني،... الخ الذي أصبح مستشرياً من جنوب البصرة إلى شمال كردستان، تحت علم وأنظار الإيرانيين والحكومة التي توازن بين موالاتها للأميركان ولهم. لذلك، لم تردّ إسرائيل بتركيز على هذا الإتهام الذي قُصد من ورائه الإيحاء لكل من يسمع عدم وجود أي تعاون آخر أو علاقة بين الطرفين أو من يمثلهما على الأرض، ولكن الحقيقة الموثّقة تقول غير ذلك تماماً، بل تؤكد أنه إذا كان النفوذ الأميركي المسيطر ناتجاً عن قوة الاحتلال العسكرية في العراق، فإن النفوذ الاسرائيلي يجري مثل الثعبان تحت التبن، في الأرض التي تسيطر عليها جماعة إيران والأميركان معاً! تقول المعلومات المسرّبة من مصادر رسمية عراقية والتي أعدّتها في تقرير مفصّل "دار بابل" للأبحاث، معزّزة بالأسماء والأرقام والعناوين أيضاً، أن التغلغل الاسرائيلي في هذا البلد قد طال الجوانب السياسية والتجارية والأمنية، وهو مدعوم مباشرة من رجالات مسؤولين من أمثال مسعود البرزاني، جلال الطالباني، كوسرت رسول مدير مخابرات السليمانية، مثال الألوسي/نائب ورجل أعمال، كنعان مكيّه/مدير وثائق الدولة العراقية، فؤاد عجمي/بروفيسور، و.. أحمد الجلبي. هؤلاء يديرون الوزارات إلى جانب هؤلاء، تؤكد المعلومات وجود 185 شخصية اسرائيلية، أو يهودية أميركية تعمل على توجيه مقدرات الحياة في العراق المحتل، وبعضهم يشرف على تسيير الوزارات، كلٌ حسب اختصاصه، ومن موقعه داخل السفارة الاميركية في المنطقة الخضراء، وهم التالية أسماؤهم: - نوح فيلدمان – كاتب الدستور العراقي. - روبير رافائيل /يشرف على وزارة الزراعة. - الجنرال كاستيل /يشرف على وزارة الداخلية. - دور أريدمان /وزارة التعليم العالي، وهو رئيس شركة أمن خاصة أيضاً. - فيليب كارول /وزارة النفط. - بولا دوبريانسكي /شؤون المرأة وحقوق الانسان. - ديفيد تومي /وزارة المالية. إلى أبعد من ذلك تكشف المعلومات المعزّزة بالأسماء والعناوين – كما أسلفنا – عن وجود كمّ كبير من الشركات الإسرائيلية الخالصة أو الشركات المتعدّدة الجنسية العاملة في العراق، وهي أكثر من الهمّ على القلب، وتمارس نشاطها إما مباشرة، أو عن طريق مكاتب ومؤسسات عربية في هذه العاصمة أو تلك. ويأتي في مقدمتها كلها شركات الأمن الخاصة التي تتميّز بالحصانة مثل الأميركان، وهي التي يتردّد أنها متخصصة – أيضاً – في ملاحقة العلماء والباحثين وأساتذة الجامعات والطيّارين والعمل على تصفيتهم. أما قائمتها فتتضمن الكثير، من أبرزها الشركات التالية التي تعمل تحت عنوان "الخدمات الأمنية والحراسات الخاصة": · شركة فالكون (الصقر)/ بغداد، الكرخ، مجمع الصالحية السكني، محلة 220، زقاق 10/رقم 1722/1 · شركة نمرود الرافدين/ بغداد، حي المنصور/ محلة 609، زقاق 7 رقم 9. · شركة ساندي/ بغداد، الرصافة، شارع السعدون/ محلة 102، زقاق 9، بناية 955. · شركة العرجون/ بغداد، ساحة الفردوس/ فندق عشتار شيراتون، طابق 2 وطابق 4 قيد التجديد. · شركة قرة جوغ/ كركوك، طريق بغداد، عمارة الجادرجي، الطابق الأرضي. · شركة الصفد/ بغداد، الرصافة، كراده خارج، محلة 905، زقاق 15، رقم 13/1. · شركة سيكيوريتي غلوبل/ بغداد، الكرخ، المنطقة الخضراء (داخل مبنى السفارة الأميركية) لها فروع في القاهرة، عمان، الدوحة، المنامة، وصنعاء. · شركة بيروت /كركوك، منطقة رحيم آوه، قرب جامع الإخوان، رقم 159/18. · شركة الصفّار/ بغداد، الرصافة/ حي الوحدة/ قرب كنيسة القلب الأقدس. · مجموعة الشاهر/ البصرة، منطقة البراضعيّة، محلة 669، زقاق 44، رقم 53/4. · شركة شجرة طوبى/ بغداد، المنطقة الخضراء، بناية الزقوره شارع 2000 (مجمع بلاك هوك). · شركة أرض الأمان/ بغداد، ساحة عقبه بن نافع، محلة 903، زقاق 99، رقم 1185. أما خارج إطار الأمن والحراسات الخاصة وما شابه، فإن لائحة الشركات والمؤسسات الأخرى تُغطّي الأصعدة التجارية/ الغذائية والاستهلاكية، والخدماتية المختلفة، ولا يمكن حصرها، لكن هذه بعض الأمثلة عليها في أكثر من مجال: · شركة سيليكيوم/ للهواتف المحمولة، وتعمل تحت اسم "شبكة عراقنا"، يديرها رجل من أصل مصري يُدعى نجيب ساويرز، وأحد المساهمين العراقيين فيها ابراهيم الجعفري. مدير عام الشركة يُدعى يعقوب بيري/ رئيس أسبق للشاباك. · شركة شيريونيت حوسيم/ لتصفيح السيارات والأبواب. · شركة عيتس كرميئل/ للأبواب الفولاذية واحتياجات الحواجز ونقاط الحدود وما شابه. · شركة توليدور/ المنتجة للأسلاك الكهربائية. · شركة دان/ لتصدير حافلات نقل الركّاب المستخدمة. · شركة لاغروب/ للعقارات. · شركة نعان – دان /معدات السقي والري الزراعي. · شركة سكال/ للمنتوجات الألكترونية. · شركة سونول/ في مجال الوقود. · شركة شطيحيي كرميل /للسجّاد الفاخر. · شركة نختال العالمية /للبنى التحتية. · شركة بونيت/ حصلت على عطاء في مجال الإعمار. · شركة برينتكس بيسان/ للدروع الواقية من الرصاص. · شركة ترانسكال/ مواد الكترونية. · شركة أغييش/ للمواد الإستهلاكية بالاشتراك مع شركة "شاي سوريك".
لا حدود للتغلغل يبقى من الضروري الإشارة إلى عدم التأكد فيما اذا كانت هذه الشركات تحمل نفس الأسماء في اسرائيل والخارج، أم أنها تحمل أسماء أخرى للتغطية. هذا أولاً، أما ثانياً، فإن منتوجات هذه الشركات المعروفة لدى الدوائر الرسمية والقوى المسيطرة على الأرض تدخل البلاد على اعتبار أنها مصنّعة من قبل شركات مصرية، أردنية، تركية، قبرصية، تونسية... الخ، وقد بدأ نشاط بعضها بتوقيع عقود مع القوات الأميركية بعد وقوع الاحتلال لتزويدها بما تحتاجه من مواد وخدمات، كشركة حوسيم وشركة أخرى تُدعى "مولتيبلي لوك". ثم وُقّعت عقود أخرى مع حكومة علاوي. ولا يغيب عن الذهن الإشارة إلى أن بعض العقود قد وُقّعت مع شركات مصرية وأردنية تتعامل مع المؤسسات الإسرائيلية، كما أن إحالة الكثير من عقود الأعمال إلى الشركات الاسرائيلية تتم عن طريق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "USAID"، المسؤولة عن عقود إعمار العراق. أما اختيار الشركات فيتم عن طريق مؤسسة دان آند بردستريت اسرائيل (D& B). وتقوم شركة سوليل بونيه التابعة لمجموعة نيكون فبينوى الإسرائيلية بمساهمات كبيرة في مجال البنى التحتية، وكذلك شركة أرونسون التي تعمل تحت غطاء شركات كويتية وأردنية، عدا عن شركات أخرى مثل كاردان للمياه، اشتروم للبناء، أفريقيا – اسرائيل للطرق السريعة، و"اسرائيل" المتخصصة بتقطير المياه. حتى الهواتف النقّالة استطاعت اسرائيل الإستحواذ على عقود إنشاء شبكات الهاتف المحمول عن طريق ثلاث شركات، إحداها مصرية، وهي أوراسكوم تيليكوم، والإثنتان الأُخريان كويتيتان وهما الوطنية للإتصالات المستقلة، وشركة الإتصالات الشريكة مع مجموعة فودافون العالمية. ... وأخيراً، ماذا عن النفط، باعتباره السبب الأول والأساس لاقدام الولاياتالمتحدة على حربها واحتلالها لهذا البلد العربي النفطي؟ المعلومات المتوفّرة عديدة ومتشعبة، لكن أبرزها يقول أن عملية تشغيل المصافي تشرف عليه شركة بزان التي يترأسها يشار بن مردخاي، وقد تم التوقيع على عقد تشتري بمقتضاه نفطاً من حقول كركوك واقليم كردستان إلى اسرائيل عبر تركيا والأردن. أما باقي المعلومات حول هذا الجانب فتحتاج وحدها إلى مقال خاص. ... وماذا يبقى بعد؟ من أغرب ما ورد على هامش تقرير التغلغل الاسرائيلي في العراق، ان مركز اسرائيل للدراسات الشرق أوسطية كان يتخذ من السفارة الفرنسية في بغداد/ الكائنة بشارع أبو نواس مقرّاً له، ثم انتقل إلى المنطقة الخضراء بجانب السفارة الأميركية وتحت حمايتها، وهذا المركز يتبع مؤسسة اسرائيلية تُدعى "ميموري" (مركز دراسات الصحافة العربية)، مقرّها واشنطن ولها مكاتب في لندن وبرلين والقدس الغربية... وطبعاً بغداد التي يتقاسم السيطرة عليها الأميركان والايرانيون... والتغلغل الإسرائيلي الخفي والمكشوف! هل ثمّة تغلغل في الدنيا أبشع وأوسع مدى من هذا؟