ذبح الأضاحي وتخزين اللحوم: توصيات هامة من المصالح البيطرية    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مجموعة السّبع تؤيد مقترح بايدن بوقف إطلاق النار في غزة    أخبار النجم الساحلي ..بن ساسي يلعب الهجوم والهيئة تعالج ملف المستحقات    أخبار النادي الصفاقسي: هل ينجح الكوكي في مباغتة النجم؟    فجر القطار يَعقد جلسته الانتخابية    لأداء ركن الحج الأعظم.. ضيوف الرحمن على عرفات    «لارتيستو»: الفنان محمد السياري ل«الشروق»: الممثل في تونس يعاني ماديا... !    رواق الفنون ببن عروس : «تونس الذاكرة»... في معرض الفنان الفوتوغرافي عمر عبادة حرزالله    المبدعة العربية والمواطنة في ملتقى المبدعات العربيات بسوسة    حجاج بيت الله يؤدون ركن الحج الأعظم على صعيد عرفات    حالة الطقس اليوم السبت    بديل أقل ألمًا لمرضى السكري.. قطرات إنسولين فموية بديلا للحقن    رئيس منظمة إرشاد المستهلك ل«الشروق» «لوبي» وراء الترفيع في أسعار لحم الضأن واختفاؤه من «الجزارة» مدبّر    يحذر منها الأطباء: عادات غذائية سيئة في العيد!    رئيس الحكومة يلقي كلمة في الجلسة المخصّصة لموضوع ''افريقيا والمتوسط''    رئيس الحكومة يجري محادثات جانبية مع عدد من الزعماء والقادة    مستودعات للتهريب و تلاعب في الموانئ ...أباطرة «الفريب» يعربدون    مع تأجيل التنفيذ... 6 أشهر سجنا لوزير أملاك الدولة الأسبق حاتم العشي    مع تواصل المجازر الصهيونية .. وتعثر المفاوضات ... غزّة تذبح... في العيد    المواجهة تتوسّع شمالا ومخاوف الصهاينة تتزايد...صواريخ حزب الله قد تحسم الحرب    يوميات المقاومة...قصف صاروخي وتصدي ميداني ...المقاومة الفلسطينية تدكّ مستوطنات غلاف غزّة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (54) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... سفارة تونس بواشنطن واجهة للاتفاقيات المتعدّدة والمتنوّعة    الحشّاني يلتقي تبون خلال أشغال قمّة مجموعة السبع    حصيلة منتدى تونس للاستثمار TIF 2024 ...أكثر من 500 مليون أورو لمشاريع البنية التحتية والتربية والمؤسسات الصغرى والمتوسّطة    الصحة السعودية تدعو الحجاج لاستخدام المظلات للوقاية من ضربات الشمس    غدا: درجات الحرارة في إرتفاع    وزير الفلاحة يدعو إلى نشر التكنولوجيا ونتائج البحث في المجال الفلاحي    فتح 76 مكتب بريد بصفة استثنائية يوم السبت 15 جوان 2024    منوبة: اقبال على نقطة بيع الأضاحي بالميزان    الرابطة 1 : نجم المتلوي ينتزع التعادل من مستقبل سليمان ويضمن بقاءه    الرابطة 1 : التعادل يحسم الدربي الصغير بين الملعب التونسي والنادي الافريقي    الدورة الخامسة من مهرجان عمان السينمائي الدولي : مشاركة أربعة أفلام تونسية منها ثلاثة في المسابقة الرسمية    "عالم العجائب" للفنان التشكيلي حمدة السعيدي : غوص في عالم يمزج بين الواقع والخيال    قفصة : تواصل أشغال تهيئة وتجديد قاعة السينما والعروض بالمركب الثقافي ابن منظور    جامعة تونس المنار ضمن المراتب من 101 الى 200 لأفضل الجامعات في العالم    رئيس الحكومة يسافر الى إيطاليا لتمثيل تونس في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع    يوم عرفة .. فضائله وأعماله    الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه في أريانة    وزارة الخارجية تعلن الغاء تأشيرة الدخول الي تونس لحاملي جوزارات السفر العراقية والايرانية    سوسة: شركة النقل بالساحل تطلق برنامجا استثنائيا لضمان نقل المواطنين خلال فترة عيد الاضحى    جلسة عمل على هامش منتدى الاستثمار تبحث سبل تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في مجال الأدوية    أنس جابر تتأهّل إلى ربع نهائي بطولة برمينغهام    قرارات المكتب الجامعي البنزرتي مدرّبا للمنتخب الوطني وبن يونس مساعدا له    تونس : عقود عمل وهمية للسفر نحو دول أجنبية    المصادقة على الدراسات الأولية لمشروع إعادة تهيئة المسبح الأولمبي بالمنزه    عاجل/ وزيرة العدل تصدر قرارات هامة..    تسليم مفاتيح 178 مسكنا اجتماعيا بهذه الجهة    ميلوني في قمة السّبع: "إفريقيا قارة أسيء فهمها وتم استغلالها طويلا"    وزيرة التربية…هذا ما ينتظر المتلبسين بالغش في امتحان الباكلوريا    الحجاج يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    عيد الاضحى : هؤلاء ممنوعون من أكل اللحوم    وكالة النهوض بالصناعة : تطور ب31،8 بالمئة في الإستثمارات الأجنبية المباشرة    استثمارات ب 1.6 مليار دينار.. الطريق تفتح أمام مشروع طاقي تاريخي    يوم التروية.. حجاج بيت الله يتوافدون على مشعر منى    الجزائر: مُسنّة تسعينية تجتاز البكالوريا    تعيين ربيعة بالفقيرة مكلّفة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    مفتي الجمهورية: "هكذا تنقسم الاضحية في العيد"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصناديق الاجتماعية ترهّلت... ... فيما البنوك تغوّلت!!
بقلم: مازري مرتضى الزغيدي
نشر في الشعب يوم 15 - 01 - 2011

تابعت بدقة ويقظة... مضامين الاستجواب الشامل الذي أنجزته صحيفة الشعب، مع الأخ رضا بوزريبة عضو المكتب التنفيذي الوطني المسؤول عن قسم التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية، حول حالة الانحلال المالي والاداري والهيكلي التي تردت فيها الصناديق الاجتماعية، وتئنّ من أوجاعها الشديدة طيلة العشرين سنة الماضية والى حدّ اليوم (انظر صحيفة الشعب ليوم 27 نوفمبر 2010 في الصفحتين العاشرة والحادية عشرة).
... فلقد برع الاخ الامين العام المساعد في إجادة تسليط الاضواء الكاشفة على جميع جوانب معضلة الصناديق الاجتماعية... وأنار بمهارة فائقة سبيل العمال والأجراء والنقابيين وفصائل الرأي العام الوطني... وصدع بصوت عالٍ على لسان الاتحاد العام التونسي للشغل بمختلف قواعده العمالية وهياكله النقابية وقياداته الميدانية... بما يفيد أن المأزق العميق الذي تتخبط فيه الصناديق الاجتماعية طيلة العشريتين الأخيرتين تحديدا... يمثّل على أقل تقدير مظلمة مالية واجتماعية ونفسية ضخمة في حق العمال والأجراء والشغالين... وفي ذات الآن، اعتداءً معنويا مباشرا على منظمتهم النقابية الصامدة: الاتحاد العام التونسي للشغل...
فالحيثيات المفصلة والمعطيات الدقيقة المذهلة والخفايا والاحصائيات الثابتة التي وردت ضمن الاستجواب المذكور تشكّل على أقلّ تقدير صيحة فزع أليمة صادقة تجاه أعلى درجات التردي المالي الذي كبّل الصناديق الاجتماعية وأغرقها في أعماق بحر من الديون الضخمة غير القابلة للتشطيب... ودفع بها مع مرور السنوات الأخيرة الى مستوى مخيف من الترهّل المخيف... كما أن تلك المظلمة الزرقاء الصارخة على الصناديق الاجتماعية، تشرّع بجميع المقاييس وبصورة إطلاقية مبدئية وفي كل الظروف استماتة الاتحاد العام التونسي للشغل، وإصرار العمال والأجراء وحزمهم الشديد على تحصين حقوق الشغالين وكرامتهم، والنضال النقابي النوعي في سبيل صيانة صناديقهم الاجتماعية من الحيف والزيغ والنهب الناعم وجميع مظاهر سوء التصرف المالي والاداري الذي تفاقم أكثر من اي زمن مضى...
1 مداخيل الصناديق:
... عرق العمال وأنفاس الأجراء
إن ما حصل حوله إجماع متطابق، ان المصدر الاساسي الحالي للميزانيات العامة للصناديق الاجتماعية ومداخيلها ومدّخراتها المالية (بل وحتى الاحتياطي المالي لديها) ينحصر في المساهمات المباشرة للعمال والأجراء والشغالين بصفتهم المموّل الأول للصناديق، في القطاع العام والدولي والخاص على السواء.
وهو ما يبرهن على ان الشغالين في جميع قطاعاتهم ومواقعهم هم الذين يموّلون بمفردهم الصناديق الاجتماعية التي سوف تضمن لهم من مالهم الخاص في نهاية التحليل آليات الرعاية الصحية والمداواة والرقاية والسلامة المهنية والقروض والتقاعد القانوني المريح الذي يستحقونه عن جدارة بعد سنوات طويلة مضنية من العمل والعطاء السخي والاجتهاد والانتاج والمساهمة الاساسية الفعّالة في خلق الثروات وتفجيرها...
... ولكن الرصد النقابي العام للواقع الراهن أماط اللثام تماما عن حالة الترهّل المالي العميق والانحلال الاداري العام وسوء التصرف الهيكلي المستفحل... وهي الحالة التي تم الزجّ فيها بالصناديق الاجتماعية بمختلف أنظمتها القائمة حاليا... وأدت طيلة العشرين سنة الاخيرة بوجه أخصّ، الى درجة مخيفة كارثية من الانخرام في التوازنات المالية للصناديق... وفي المقام الاول أنظمة التقاعد... الأمر الذي تولّد عنه عجز دوري ضخم تتفاقم أرقامه كل سنة...
... وممّا ضاعف انخرام التوازنات المالية للصناديق واستفحال ظاهرة العجز المالي... على سبيل الذكر لا الحصر:
1 الغياب التام لدعم الدولة... وكأنها تقول بأنها ليست دولة العمال والأجراء الشغالين... وإن هؤلاء الذين يمثلون ما يناهز 90٪ من السكان ليسوا ابناء وبنات الوطن... في حين يعلم الجميع الحجم الهائل من الدعم المالي الضخم الذي توفره الدوائر الرسمية بسخاء غير محدود ومن أموال دافعي الجباية والضرائب، لبعض الانتاج الادبي والغنائي الهابط، والمسرحي الملوّث والسينمائي الخشبي المتغرب، ولصحافة الطاعة الصفراء ولبعض الجمعيات الرياضية التي تزرع بذور الشوفينية الجهوية والتفرقة والتشرذم واالحقد وتحثّ على التباغض المدمر في صفوف الشعب الواحد...
2 تراكم الديون الضخمة المتخلدة بذمة الدولة وامبراطورية الاعراف لفائدة صندوق الضمان الاجتماعي... وهي الديون التي استفحلت بصورة خطيرة على العمال والأجراء والشغالين في قطاعات الرأسمالية الخاصة في المقام الاول.
3 توخي الدولة منذ أواسط الثمانينات لسياسات الايديولوجية الليبرالية (وهي مرآة للرأسمالية البربرية) التي أدت الى هيمنة شبه مطلقة للرأسمال الخاص الجشع على المؤسسات العمومية من بنات القطاع العام، وإحالة عشرات الآلاف من عمالها وأجرائها على التقاعد المبكّر... بل وحتى التفويت المدمّر في منشآت ومؤسسات اقتصادية وتجارية وصناعية وخدماتية ومصرفية تونسية الولادة والجغرافيا والهوية لفائدة كتائب الرأسمال الخاص الأجنبي الذي لا يتقن سوى مفردات النهب والأرقام والأرباح الطائلة وسرقة العرق واغتصاب الأنفاس...
4 التعمّد في إثقال كاهل الصناديق الاجتماعية بمشمولات مالية لا تندرج إطلاقا ضمن مهامها القانونية... بل هي من الواجبات الطبيعية للدولة دون سواها (مثل: بدعة موائد الافطار... صندوق الأرامل والمطلقات...).
كما تجدر الاشارة في سياق متصل الى أن الدولة فتقت قريحتها الثرية، حيث بدت عطوفةً مشفقةً وسخيةً وكريمةً بلا حدود تجاه فئة اجتماعية ضيّقة تشكو الحرمان والغبن والجوع والعطش وقلة ذات اليد وزمهرير الشتاء ورطوبته!!! حينما تكفلت منذ سنة 2002 بتغطية كل عجز مالي تسجله الأنظمة الخاصة للتقاعد والحيطة الاجتماعية المتعلقة فقط بالوزراء وكتاب الدولة والولاة واعضاء مجلس النواب واعضاء مجلس المتشارين فقط دون سواهم (مثلما ورد ضمن الحديث المطوّل مع الاخ رضا بوزريبة المشار اليه أعلاه)...
... ولقد كان من المتوقع منذ سنوات عديدة (وقد نبّه الاتحاد العام التونسي للشغل في الإبّان الى مخاطر الازمة الحالية حتى قبل حصولها) أن كل تلك العوامل متجمّعة... مع عوامل فرعية موازية، سوف تعجّل بالزجّ بالصناديق الاجتماعية بجميع أنظمتها في نفق أزمة مالية وادارية عميقة خانقة، الى الحدّ الذي لا ينفع مع التعاطي معها عبر الحلول الترقيعية البائدة او الاجراءات الشكلية التي تذرّ الرماد في العيون... أو تحميل العمال والاجراء والشغالين ومن ورائهم الاتحاد العام التونسي للشغل، ثمنا باهظا لأزمة متأصلة نسجت خيوطها طيلة عشرين سنة أطراف رسمية غير عمالية وغير نقابية على الاطلاق...
2 صناديقنا بديناراتها... وبنوكهم بملياراتها:
لقد أنار الاخ رضا بوزريبة ضمن حديثه الصحفي المفصّل المشار اليه آنفا، سبيلا ظل الغموض يكتنفها طيلة العقدين الاخيرين... حيث أبرز أن الانحلال المالي العميق ودرجة العجز الذي تئن الصناديق الاجتماعية من أوجاعه الأليمة، ليْسَا إطلاقا وَلِيدَيْ الأمس القريب او اليوم (كما يروّج البعض ذلك الادعاء) بل يندرجان تحديدا ضمن ازمة مالية وهيكلية عميقة وقديمة تعود الى سنة 1993... ومن البديهي ان اية ازمة (في اي ميدان) قد بلغ عمرها سبعة عشرة سنة كاملة متواصلة... لا يمكن أبدا اعتبارها »ظرفية« أو »عابرة« أو »شكلية« أو »مفتعلة« أو ما شابه ذلك... بل هي نموذج صارخ لأزمة صارخة خانقة من الجذور:
فالصناديق الاجتماعية بكل أنظمتها تعيش من المساهمات المباشرة وغير المباشرة للعمال والاجراء والمؤجرين... تمثل في زاوية ما، نوعا من انواع البنوك الاجتماعية الخصوصية المحضة، غير القابلة للرسملة وغير التجارية بأية صورة من الصور... وهي التي بصفتها تلك تحديدا لا تتحمل اي انحلال مالي واي سوء تصرف واي انخرام في توازناتها المالية ومدخراته وعائداتها واحتياطها المالي...
... الا ان الرصد الموضوعي الجريء للحالة المالية المترهّلة لصناديقنا الاجتماعية ينطق صارخا بالحقائق المفزعة التالية:
1 أن مستوى العجز المالي الذي فتك بالنظام العام للتقاعد في القطاع العمومي قد بلغ بعد 2،58 مليون دينار خلال سنة 2007 وحدها... وهو رقم ضخم مخيف يدعو على أقل تقدير الى الاستياء العام الشديد... بل ان هَوْلَ العجز المالي بسبب العبث بأموال الغير وسرقتها واغتصاب عرق العمال وأنفاس الأجراء... يُشَرّعُ تماما الالتجاءَ الى النيابة العامة والقضاء الاداري والجزائي لفتح تحقيقات عدلية في الغرض وإقرار ملاحقة قضائية عادلة لكل من تثبت الابحاث إدانته أمرا وتنفيذا وتسترا...
2 أن نفس درجة العجز الذي كبّلَ نظام التقاعد للأجراء غير الفلاحيين في القطاع الخاص واستفحل الى حدّ الكارثة، قد وصل بَعْدُ الى نفق 6،112 مليوم دينار (أي 112 مليارا و 600 مليون من المليمات) خلال سنة 2007 نفسها... وهو ما يمثل بأكثر من مقياس كارثة مالية صارخة حقيقية... وبتعبيرات المصاريف والبنوك الرأسمالية نوعا من أنواع »تسونامي« مالي مدمّر...
3 أن ما هو أبلغ تهديدا وأشدّ خطورة مما سبق ذكره... هو أن وتيرة العجز المالي الذي ينخر نظامي التقاعد المذكورين، ظلت على غرار وتيرة الأسعار،. في تصاعد صاروخي يبعث الرعب والفزع في نفوس الضحايا الأبرياء... بما ان تلك الوتيرة في الارتفاع الدوري للعجز، قد تفاقمت منذ سنة 2004 بما يقارب خمس مرات خلال أربع سنوات فقط (8،4 مرات على وجه الدقة!!!).
4 أن نظام التقاعد للأجراء غير الفلاحيين العاملين في كتائب الرأسمالية الخاصة، قد عانى نكبة مالية مدمرة لوحده كادت تؤدي به الى الانهيار... حيث كان »يتمتّع« سنة 2000 بفائض مالي مهم للغاية بلغ 55،1 مليون دينار (أي ما يفوق 55 مليارا من المليمات)...
وهو مكسب مالي في منتهى الاهمية... ولكن ذلك الفائض المالي تلاشى فجأة واختفى تماما بأيادٍ خفيّة غير خافية... بل والأنكى انه تحول بفعل فاعل الى عجز مالي بلغ 4،23 مليون دينار سنة 2004... ثم استفحل ذلك العجز المستراب بنفس فعل الفاعل (أو بفعل فاعل آخر) ليبلغ سنة 2007 مستوى 6،112 مليون دينارا... يعني في نهاية التحليل... أن الحالة المالية تحوّلت من فائض مهمّ جدا سنة 2000 نحو هاوية عجز مالي ضخم للغاية سنة 2007... اي ان فعل الفاعل (او فاعل الفعل) ظل طيلة تلك الثمانية أعوام يصُولُ ويجُولُ كيفما شاء، بلا رقيب ولا متابعة!!
إن السؤال الضخم في هذا السياق الذي يتبادر الى ذهن المنخرطين في الصناديق الاجتماعية في المقام الاول... وايضا الى ذهن النقابيين والقيادات بمختلف مستوياتها، يظل سؤالا طبيعيا وشرعيا بجميع المقاييس... وهو: لماذا غضت الدوائر الحكومية المختصة الطرف الى هذا الحدّ المستراب عن المتسببين المباشرين الحقيقيين في حصول الازمة واستفحالها؟ ولماذا تسامحت مع العبث الموصوف بأموال الغير ونهب مدخرات مؤسسات الضمان الاجتماعي؟ في حين ان ذلك يمثل في نهاية الامر نوعا من انواع الاستيلاء على أموال »المجموعة الوطنية« (مثلما تقول التلفزة!!)،، وتدقيقا على أموال الكادحين ليلا نهارا من ابناء وبنات الشعب والوطن...
... فوالله... لو تعلق موضوع سوء التصرف والنهب والاستيلاء بأحد البنوك الخاصة أو بأحد المصارف الاستثمارية او المنشآت المالية ذات الرأسمال الواحد او المشترك و الشركات التجارية الضخمة التابعة مباشرة او بصفة غير مباشرة لإمبراطورية الاعراف... لأقامت الدوائر الرسمية الارض والسماء بما فيها وبمن فيها... وشكّلت للغرض منذ اليوم الاول لجان أبحاث ادارية ومالية ومجلس تحقيق عدلية وقضائية، وعرضت محاضر أبحاثها استعجاليا على النيابة العامة وأمرت القضاء الجزائي بأداء مهامه القانونية في الغرض، رغم ان المقارنة بين أوضاع الصناديق الاجتماعية المترهّلة من جهة، وأوضاع المصارف والبنوك المزدهرة من جهة ثانية، تعتبر مقارنة جائرة وغير جائزة بالمرة... بما ان صناديقنا تستيقظ وتنام على الأنغام الكئيبة للديون والعجز المالي وسوء التصرف،، فتحسب مدخراتها بالدينارات.
في حين ان إمبراطورية البنوك التي تغوّلت الى أقصى الحدود والتهمت الارض والشجر والناس والحجر... تنام وتستيقظ على ايقاعات أرقام المعاملات والرأسمال المتحرّك والأرباح الطائلة خرافية المداخيل الهائلة الأسطورية والثروات الواسعة الفردية... فهي تحسب مدخراتها بآلاف المليارات...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.