قلتها لمشغّلي الايطالي بعد أن قررت العودة الى تونس اليوم وعندما سألني من قالها ومتى ولماذا!؟ أجبته: سأذكر لك كل شيء وسأجيبك عن هذه الأسئلة وغيرها عندما أعود الى ايطاليا... (وقلت في نفسي: ليتني لا أعود). هاجرت الى ايطاليا منذ 19 عاما وكنت أحرص على العودة الى مسقط رأسي تونس بمناسبة عيدي الفطر والاضحى عكس الآخرين الذين يعودون في فصل الصيف للاستمتاع بالشمس والبحر... فأنا من جهة لا أتحمل حرارة الصيف ولا أحب البحر ومن جهة أخرى تعودت على قضاء الايام الأخيرة من شهر رمضان والأيام الأولى للعيد صحبة عائلتي وأقاربي وأصدقائي وجيراني وأحب التجول صحبة ابنائي في »البطاحي« لشراء كبش العيد ذاك هو استجمامي المفضّل، مرضت والدتي وأقامت في المستشفى ولم أتمكن من العودة الى تونس لزيارتها حتى لا يطردني مشغلي من العمل، وكنت اكتفي بالاتصال بها هاتفيا للاطمئنان على صحتها لتقول لي في كل مرة: »ارجع لي يا وليدي باش نشوفك قبل ما نموت...« وشفيت والدتي والحمد لله واطمأن قلبي لكن... وبعد بضعة أشهر توفي والدي وعبثا حاولت العودة لتوديعه الوداع الاخير وحضور جنازته وبسبب تساقط الثلوج وغلق كل المطارات وكلكم تذكرون ذلك واكتفيت بارسال حوالة بريدية مالية لعائلتي، وجاء اليوم الموعود الذي كنت انتظره بفارغ صبر، هلّ هلال يوم الجمعة 14 جانفي 2011 الذي كان ينتظره التونسيون بالخارج... التونسيون المظلومون الذين تعتني بهم كل الهياكل المعنية بتونس! والتي من بينها ديوان التونسيين بالخارج الذي كان يعتني بكل شيء! الا بالتونسيين بالخارج، فلا نسمع سوى كلمة احاطة ولكن الحقيقة هي اطاحة... لا علينا قلت لمشغلي سأعود اليوم الى تونس، قال: كيف ولماذا؟ هل توفي أحد أقاربك؟ قلت: يا ريت... لقد تغير كل شيء في بلادي... انها ثورة شعبية أدهشت العالم... لقد هرب رئيس الدولة »بجلده« أنا أريد أن أشارك شعبي فرحته العارمة انها ثورة شعب... انها ثورة شباب... انها الثورة التي كنا ننتظرها بفارغ الصبر... فتح مشغلي فاه، واستغرب لحماسي وصياحي وفرحتي وتأثري وقال: لكن الذي أعرفه عنكم انكم تحبون رئيسكم فما الذي وقع؟ قلت: ان جواز سفري معي وسأعود في أول طائرة تقلع من مطار »مالبانزا« حتى ان أدى بك الامر الى طردي من عملي... قال ولأول مرة يقولها: على الرحب والسعة وابق في بلدك كما شئت وعد متى شئت، لكنك قلت لي في البداية: ، قلت: قالها زعيم نقابة كبير اسمه فرحات حشاد قبل ان أولد وهو الذي ساهم بقدر كبير في استقلال بلادنا واستشهد من طرف الاستعمار الفرنسي وعندما أعود سأحدثك عنه بأكثر تفاصيل قال لي مشغلي: اBuon Viaggio... Buona Fortuna... Auguriب ... بالسلامة.