بعد تغريبة طالت لسنوات بين المنافي الاضطرارية التي فرضتها أجواء القمع والاستبداد ومصادرة الحق في الكلمة الحرة والتعبير عن الرأي عاد أغلب المهجّرين الى تونس للاحتفاء بأجواء الحرية والكرامة التي فرضتها الثورة. ولعلّ أهم الوجوه التي عادت الى أرض الوطن الاستاذ كمال الجندوبي والاستاذ المنصف المرزوقي والشيخ راشد الغنوشي. وقد كانوا جميعهم قد حظوا باستقبال حاشد في مطار تونسقرطاج الدّولي من طرف مناصريهم وحشود غفيرة من المواطنين جاؤوا للاعتراف لهم بما اجترحوه من نضالات في منافيهم لاسقاط الطاغية وانهاء نظامه المستبدّ الفاسد. وأعلن الاستاذ منصف المرزوقي في كلمته بالمطار عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسيّة القادمة ومن ثمّة انطلق في رحلة لتحيّة شباب الثورة وسكان الدواخل مصحوبا بالمناضل الحقوقي السوري هيثم منّاع والمناضل فتحي بالحاج، فتحولوا الى جهة تالة والقصرين ومنها إلى سيدي بوزيد. أمّا الشيخ راشد الغنوشي ورغم اللغط المثار حول عودته من قبل بعض المصابين بالاسلاموفوبيا فقد كانت الحشود بالآلاف في استقباله يوم الاحد الفارط، لم تؤثر فيها محاولات البعض اظهار رفضهم له ولحركته ذات المرجعيّة الإسلاميّة، بل إن هذا الاختلاف بين المستقبلين بين مرحب ورافض أضفى أجواءً عبرت عن بعض ملامح تونس المستقبل، تونس الاختلاف والمغايرة وحريّة التعبير عن الرأي في كنف الاحترام المتبادل. الشيخ راشد عبّر في كلمته المقتضبة للجماهير التي استقبلته عن سعادته بالعودة الى أرض الوطن بعد سنوات المنفى المريرة وأكد عدم نيته الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة ولأي منصب سياسي، موضحا انّ ثورة تونس هي ثورة شعب بكل حساسياته واتجاهاته الفكرية والسياسية فلا إقصاء ولا تهميش والكل شركاء في بناء الوطن، ونبّه الى ان حركة النهضة حريصة على الحفاظ على المكاسب الحداثوية للبلاد في ظلّ احترام هوية شعبها.