موكبان رسميان رمزيان نظما صباح أمس في المطار الرئاسي بقرطاج ومقبرة الجلاز لشيخ المناضلين الزعيم الوطني حسين التريكي الذي حوكم بالإعدام مرتين الأولى في عهد الاستعمار والثانية في مرحلة الصراع بين الزعيم الحبيب بورقيبة والأمين العام للحزب المنشق عليه صالح بن يوسف.. الموكبان أثثتهما فرق من الجيش الوطني وقوات الأمن وحضرهما أفراد من عائلة الفقيد تتقدمهم أرملته الأرجنتينية ونجله الأستاذ عمر التريكي وثلة من أقربائه وأصدقائه أصيلي جهة المنستير .. كما حضرهما عدد من رموز التيارين القومي العربي والاشتراكي مثل السادة احمد البراهمي وخالد الكريشي و احمد الكحلاوي وأعضاء المجلس التأسيسي ورئيس الجمهورية الدكتور المنصف المرزوقي والمجلس الوطني التأسيسي الدكتور مصطفى بن جعفر وزعيم حزب النهضة السيد راشد الغنوشي وعدد من أعضاء الحكومة ولطفي زيتون الوزير المستشار السياسي لدى رئيس الحكومة نيابة عن السيد حمادي الجبالي .. فضلا عن السيد زين الدين الغربي نيابة عن سفير الجزائربتونس تعبيرا عن تقدير الدور التاريخي الذي لعبه الفقيد دعما لقضية تحرير الجزائر وفي مكتب المغرب العربي بالقاهرة خاصة بعد بروز الخلافات بين الزعيمين بورقيبة وبن يوسف .. عودة ثم ترحيل وكان في طليعة مؤبني الفقيد في المطار ثم في الجلاز مفتي الجمهورية الشيخ عثمان بطيخ والأستاذ عبد الفتاح مورو الصديق الشخصي للفقيد والذي كان «عم حسين « يقيم معه ببيته في المرسى قبل عودته إلى الأرجنتين ..وكان قد دفع إلى «المنفى الاختياري « بسبب إصراره على التواصل معه و» التمتع بجلساته المرحة « قبل 20عاما .. وكان التريكي عاد من منفاه في الأرجنتين إلى تونس عام 1988 بعد مغادرة بورقيبة للحكم ضمن مجموعات الزعامات « اليوسفية «و» القومية « التي سمح لها بالعودة والبروز السياسي والإعلامي بعد عقود من المنفى والإقصاء مثل الزعماء الطاهر طوبال وأرملة الشهيد صالح بن يوسف وأبنائه والمناضلين الطاهر عميرة وعلي بن سالم ..الخ.. وقد اتجهت النية إلى تعيين التريكي سفيرا في الأرجنتين وأمريكا اللاتينية بحكم شبكة العلاقات الدولية التي أقامها فيها لكن وقع العدول عن ذلك بسبب « وشايات» تحدث عنها لاحقا من أبرزها علاقاته الشخصية بالأستاذ مورو .. حادث مرور قاتل المجاهد الكبير احتفل قبل أشهر قليلة بعيد ميلاده ال97 في تونس التي عاد اليها مجددا بعد الثورة وواكب انتخابات 23 أكتوبر وتشكيل الحكومة الجديدة والتقى قيادتها والرئيسين المرزوقي وبن جعفر مرارا..ثم عاد إلى الأرجنتين وكان يستعد للعودة الى تونس نهائيا مع زوجته ..لكن حادث مرور قاتل اختطفه وهو يغادر الجامع بعد صلاة الجمعة منذ حوالي أسبوعين.. وقد تكفلت الدولة التونسية بتكاليف إعادة جثمان الفقيد من الأرجنتين إلى تونس ومصاريف دفنه.. وكان المشهد رمزيا ورائعا ان كان بين من رفعوا جثمان المناضل الكبير رئيس الجمهورية وزعامات سياسية وحزبية من مختلف التيارات إلى جانب مواطنين وممثلين للمؤسسة العسكرية .. توقيت الدفن وقد وصل جثمان المرحوم حسين التريكي إلى تونس في ساعة متأخرة من مساء الأحد ..واستقبله جمع من المناضلين والمواطنين في أجواء من الخشوع والإجلال .. لكن دفنه في ساعة مبكرة من صباح أمس الاثنين حرم آلافا من أصدقائه ورفاقه وأحبائه من حضور موكب الدفن..الذي كان سيكون شعبيا ورسميا وجماهيريا لو اجل إلى ما بعد صلاة العصر وأعلن عن موعده في وسائل الإعلام ..