سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الشعب التونسي يعرف جيدا من خان ومن باع ومن طغى واحد من مئات النقابيين الذين استهدفتهم آلة القمع البوليسية: فتحي بن علي (الدبك) للشعب:
مجلة قوس الكرامة ستعود إلى النور مع إحداث محطة إذاعية بنفس الإسم
ربما يعتبر النقابي فتحي بن علي شهرة »الدبك« من أبرز الوجوه الأكثر صدامية في مواجهة آلة القمع البوليسية بكل أصنافها التي ترابط صباحا مساء في مداخل بطحاء محمد علي بالعاصمة، وهو الذي وصلته رسائل التهديد في شخصه قبل يوم 14 جانفي 2011 وأغلب النقابيين يتذكرون سنة 2002 عندما اختطف البوليس السياسي فتحي الدبك من أمام منزل الكاتب جلول عزونة وتم إلقاؤه في غابة البلفيدير وهو في حالة غيبوبة مطبقة بعد ان انهالت عليه هراواتهم وأحذيتهم بالضرب، وقد قضى قرابة الاسبوع في مستشفى شارل نيكول بين الموت والحياة. وهذا السيناريو تكرّر يوم 11 جانفي 2011، فبعد تهديد كل من فتحي الدبك وزهير النصري وبشير الحامدي وحفيظ حفيظ ونزار بن حسن على خلفيّة رفعهم لشعار »يسقط حزب الدستور يسقط جلاد الشعب« والذي بثته قناة الجزيرة، تم الاعتداء على فتحي الدبك بشكل وحشي عندما داهمت جحافل »البوب« بطحاء محمد علي يوم 11 جانفي، مما استوجب نقله الى مستشفى القصاب بولاية منوبة، كما تم نقل كل من زهير النصري والأسعد اليعقوبي الى مستشفى شارل نيكول. في هذا الحوار يوضح لنا الاخ فتحي الدبك ما حصل له وللإخوة النقابيّين. ❊ الاعتداء عليك وعلى الكثير من النقابيين داخل الجمهورية قبل يوم 14 جانفي 2011 يكذّب الإشاعة التي حاول الحزب الحاكم سابقا ترويجها والتي مفادها أن الاتحاد التحق بثورة الشعب التونسي بعد فرار الرئيس المخلوع؟ كل العالم يعرف ان ساحة محمد علي بالعاصمة وكل الاتحادات الجهوية والمحلية كانت تندد برحيل الدكتاتور قبل خطابه الأول، بل قبل ذلك، وانت كنت تتحدث عما جرى سنة 2002، فالنقابيون آنذاك توحدوا حول شعار رحيل بن علي، وقد كان العديد من النقابيين داخل المستشفيات ليلة خرجت ميليشيات الحزب الحاكم سابقا في محاولة يائسة وغبية لاستبلاه الشعب بعد الخطاب الثالث للرئيس المخلوع، اذن الشعب التونسي يعرف جيدا من باع ومن خان ومن سرق ومن طغى ومن كان حبيب الدكتاتور ووراءه لآخر لحظة قبل فراره. ❊ ولكن اليوم صار أغلب الشعب التونسي ضد الدكتاتور المخلوع واختلطت وجوه المناشدين بدماء المناضلين؟ أقول للمتزلفين والمناشدين قبل يوم 14 جانفي 2011 والمتورطين الى هذه اللحظة في نهب المال العام باحثين عن تبييض الأموال الوسخة، أقول لهم إن المظلومين والمفقّرين والمعدَمين يعرفونهم وجها وجها واسما اسما، ومع ذلك فنحن لسنا مع الانتقام أو التشفي ولكن ندعوهم الى القليل من الحياء ليكفوا عن التزلف ويرحلوا أين شاؤوا ويتركونا لنبني هذا البلد ويتركون الحفاة والفقراء ليبنوا بلدهم الجديد. ❊ تُشن اليوم حملات منظمة ضد الاتحاد العام التونسي للشغل باعتباره ورقة الضغط الأقوى على المستوى الجماهيري والفكري، كيف ترى أفق هذه الحملة؟ ألم أقل لك إنهم يفتقدون الحياء وقد داهموا الاتحادات الجهوية بميليشياتهم وبسجناء الحق العام ليكممّوا أفواه النقابيين ولكن افتُضحَ أمرهم، ومن لا يعرف ان الاتحادات الجهوية هي التي انطلقت منها المظاهرات المطالبة برحيل الدكتاتور قبل ان يرحل والكل يعرف ان الاضراب العام خاصة في صفاقس والقيروان وجندوبة والقصرين وفي عديد الجهات قد سارع بإسقاط الطاغية وخلط كل أوراقه الممكنة لمواصلة مسرحيته. ان الاتحاد العام التونسي للشغل مرّ بأزمات منذ انبعاثه (47، 62، 1978، 85...) وكان يخرج منتصرا، بل إنه يلتصق اكثر بهموم الشعب التونسي رغم الخلافات التي تشقه بين منخرطيه وهذا أمر طبيعي باعتبار المنظمة ديمقراطية في عمقها، ولذلك فإن أفق هذه الحملة المنظمة مسدود. ❊ لنعد إلى سنة 2002 وتحديدا إلى مجلة قوس الكرامة وصدور عددها الأول الذي كان يحمل في صفحته الأولى شعار »بن علي 14 سنة يكفي«؟ أولا أعلمك ان حركة كفاية المصرية انطلقت من تلك الفترة وتحديدا من شعار »بن علي 14 سنة يكفي« فمن كلمة يكفي تأسست حركة كفاية في مصر، اذ كانت تنشر معنا مؤسسة الحركة الدكتورة عايدة سيف الدولة ابنة عصمت سيف الدولة، وقد أثارت مجلة قوس الكرامة ضجة عالمية على المستوى السياسي من خلال طرحها المباشر لقضايا الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة العربية، ونحن نعمل الآن بجدية لاعادة هذه المجلة الى النور بعد ان قمعتها آلة بن علي الديكتاتورية وأدخلت مديرها جلال بن بريك الى السجن بعد ان نكّل النظام البوليسي بعائلته وقد كنا نعلم منذ سنة 2002 ان معركة الكرامة والحرية آتية لا محالة، وها هي قد أتت فتحيّة لشابّات وشباب تونس الذين اسقطوا الطاغية من عليائه... ❊ الطاغية سقط وفرّ، ولكن الوضع اليوم في تونس ينذر بكثير من المخاوف والعودة الى الوراء؟ الشبيبة التي قامت بثورة 14 جانفي أعتقد أنه لا يمكن لأي مستبد اليوم ان يعود من جديد لممارسة نفس اساليب الطغاة، خاصة أن العد التنازلي لطغاة العالم بدأ وآن أوان رحيلهم، وتونس ستكون أجمل وأرقى ببناتها وأبنائها، ولا أحد يستطيع التجَرُؤَ على مساواة الرجل والمرأة وعلى حق الشعب في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية الحقيقية، وبعيدا عن الاشاعات التي تروجها ميليشيات الحزب الحاكم سابقا حول رجوع التيار الاسلامي وامكانية الرجوع الى الاستبداد أقول ان هذا التيار أولا له الحق في التنظُمِ والوجود مكوّنًا سياسيًا في البلاد وبالمقابل عليه ان يحترم اختلاف الرأي والمساهمة في الحفاظ على المكتسبات المدنية التي تحققت وعلى رأسها مجلة الاحوال الشخصية، وكما ذكرت لك إن ثورة الحرية والكرامة قام بها شباب تونس المتحرر من كل دوغمائية قد تعيده الى زمن الردة. ❊ ملاحظة: هذا الحوار كنت سأنجزه مع فتحي الدبك يوم 15 جانفي 2011 عندما كان يرقد في مستشفى القصاب، وبعد ان تنقلت الى المستشفى على الساعة الثانية بعد الظهر لم أستيع مقابلة الدبك لأن حضور اكثر من قناة تلفزية واذاعية في المستشفى لملاقاة فتحي جعل الجيس التونسي بمنع كل الصحافيين من مقابلته، الا ان الجيش خصني لوحدي بمقابلة محاوري رغم حالة التوتر الشديدة التي سادت المستشفى انذاك عندما اقتحم أروقته واحد من الأمن الرئاسي ليبث الرعب في الطاقم الصحي والمرضى.