سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الشغالون يحيون الذكرى الأولى لثورة الحريّة والكرامة في تجمّع عمّالي
الأخ حسين العباسي: نحيي الذكرى الأولى للثورة وكلّنا توق إلى الحياة... وكلّنا شغف بالحرية
أحيا الشغالون والنقابيون يوم السبت 14 جانفي 2012 الذكرى الأولى لثورة الحرية والكرامة، ثورة القطع مع الماضي المقيت ماضٍ تميّز بالاستبداد والقمع وضرب الحريّات ولجْم الأفواه واتباع سياسة الحزب الواحد ومحاولة بسط النفوذ على كل نفس حرّ يصبُو إلى الحرية وممارسة الحق في القبول والرّفض. إنّ ثورة 14 جانفي 2011 جاءت لتقطع مع الدكتاتورية التي سلّطت على الشعب التونسي على مدى 23 سنة من حكم مستبد كرّس عقلية الاثراء لأقليّة على حساب باقي فئات الشعب، أقليّة انحصرت في عائلة المخلوع واصهاره والمقرّبين منه لتتحوّل إلى أخطبوط بسط نفوذه واستولى على عدد من مؤسسات الدولة وجعلها طيعة في يديه تخدم مصالحه وترعى مكاسبه مع استعمال كلّ الطرق للدفاع عن هذه المصالح ودعمها لقد كرّس نظام المخلوع عقلية الاستحواذ والتسلّط على الأملاك العامة بل وحتى الأملاك الخاصة... لقد جاءت ثورة الحرية والكرامة، ثورة شباب تونس تضع حدًّا لعمل دكتاتور تواصل على مدى 23 سنة ذاق فيها الشعب أشكالا من الحرمان والكبت وضرب الحريات والاعتداء على الممتلكات. لقد كان الهدف الاثراء الفاحش ونهب خيرات تونس بل وتحويل التمويلات الخارجية من قروض ومساعدات إلى الحسابات الخاصة للمخلوع الذي تمكّن من مغالطة شعبه والتمويه عليه لكن هذا الشعب كشف ألاعيب الطاغية والدكتاتور المستبد وثار في وجهه وجعله يفرّ... لقد دفع الشعب ثمنا لخلع المخلوع وقال له ارحل... لقد دفع الشعب دم أبنائه الشهداء الذين سقطوا بالرصاص الحي وبرصاص القنّاصة كما سقط عدد كبير من الجرحى لكن دم هؤلاء لم يذهب ادراج الريح لأنّ تونس أصبحت بفضلهم حرّة وديمقراطية وبعد أن تخلّصت من الطاغية ودكتاتور العصر. الرئيس المخلوع الفار... الاتحاد العام التونسي للشغل وبكل فخر واعتزاز أحيا الذكرى الأولى لثورة الحرية والكرامة من خلال تجمّع عمّالي حاشد انتظم صبيحة السبت 14 جانفي 2012 بساحة محمد علي بالعاصمة حضره الآلاف من النقابيين والشغالين بالفكر والساعد وكذلك عدد من نشطاء حقوق الانسان والمجتمع المدني ووقعت خلاله عدّة شعارات عبّرت عن الاعتزاز بإحياء هذه الذكرى الأولى ذكرى القطع مع الدكتاتورية والانتقال إلى تونس الحرّة الديمقراطية تونس لكل أبنائها بعيدًا عن الاقصاء والتهميش، بشعارات ترحّمت على شهداء الثورة والتزمت بحماية ثورتهم من الالتفاف عليها والمحافظة على أهدافها النبيلة والعمل على تنفيذ هذه الأهداف السامية والنبيلة. شعارات أبرزت المساهمة الفعّالة للاتحاد العام التونسي للشغل في هذه الثورة المجيدة ودعمها العمل على المحافظة على أهدافها... التجمّع العمّالي حضره أيضا الاخوة أعضاء المكتب التنفيذي الوطني وأعضاء الهيئة الادارية الوطنية وألقى خلالها الأخ حسين العباسي الأمين العام للاتحاد كلمة تفاعل معها الحاضرون بالهتاف والتصفيق ورفع الشعارات... وقد جاء في كلمة الأخ الأمين العام التي نوردها كاملة: نحيي اليوم مع عموم الشعب التونسي الذكرى الأولى لثورة 14 جانفي المجيدة وكلّنا توق إلى الحياة... وكلّنا شغف بالحرية... فلنغنِّ جميعا مع شاعرنا الخالد أبو القاسم الشابي: «إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بُدّ أن يستجيب القدر». نحيي اليوم مع عموم الشعب التونسي الذكرى الأولى لثورة الحرية والكرامة وصورة محمد البوعزيزي لا تفارقنا وهو يحترق بنار الغضب والرفض.. وصورة الشهداء والجرحى من أبناء وبنات شعبنا وهم يسقطون الواحد تلو الآخر برصاص القناصة الغادر في شوارع وأنهج مدننا وقرانا الثائرة، فلنقف إجلالاً وترحّما على أرواحهم التي عبدت لشعبنا طريق الخلاص من قبضة الاستبداد والطغيان ولنهتف عاليا مع ناظم حكمت العظيم: «إذا لم تحترق... إذا لم أحترق... فمن سيضيء هذا الظلام الدامس». نحتفل اليوم بالذكرى لثورة 14 جانفي المجيدة وكلّنا فخر واعتزاز ونخوة بريادية شعبنا في خلع وزر الخوف الذي كان جاثمًا على صدره، فانحنت له جميع شعوب العالم احترامًا وتقديرًا. كيف لا وهو الذي حوّل بصرخة مدوية في وجه الطغاة «ارحل... ارحل» التي اجتاحت الجغرافيا العربية فنقلتها من خريفها الكالح الطويل إلى ربيع مزهر واعد بكل بشائر الخير. فلنقف إجلالاً وإكرامًا لهذا الشعب الأبيّ ولنردّد باعتزاز وشموخ مع تلك القناة المصرية المنتشية بنسائم الحريّة «شكرًا يا شعب تونس... لا خوف بعد اليوم... لا خوف بعد اليوم». يا أحرار الاتحاد العام التونسي للشغل... إنّ ما حصل في تونس، والذي وصلت هزّاته الارتدادية إلى عديد البلدان العربية، هو أكبر تكذيب لأولئك الذين يعتقدون بأنّ «تاريخ العالم هو سيرة الرجال العظماء» فما من زعيم فينا يمكنه أن ينسب إلى نفسه هذه الانتفاضة الاجتماعية المزلزلة، وما من تجمّع أو حركة أو حزب سياسي يمكنه أن يزعم بقيادة هذه الثورة بمفرده وما من عقيدة أو إيديولوجيا لها أحقيّة احتكار هذا الحدث العظيم. فثورة تونس هي ثورة الشباب من نشطاء الشبكات الاجتماعية العاملة عبر الأنترنيت المرابطين خلف ملامس حواسيبهم يدكّون جدار الصّمت المضروب على حريّة الرأي والإعلام. وهي أيضا ثورة شباب ومتساكني الجهات والأحياء المحرومة، عمّالا وعاطلين وفلاحين ومهمشين، الذين وجدوا في حادثة انتحار البوعزيزي دلالات شدّت الوجدان وكشفت عن موطن الداء فلم يتمالكوا عن الانخراط في موجة الاحتجاج الحارقة رغم بطش الرصاص وحملات التضليل المسعورة. وهي أيضا، وبكل فخر، ثورة العمّال والنقابيين الذين هبّوا منذ اللحظات الأولى إلى احتضانها، وفتحوا أبواب الاتحاد لتكون مقرّاته ملاذا للثائرين المطاردين، ولتنطلق منها المسيرات والمظاهرات العارمة الرافعة لشعارات الثورة واستحقاقاتها... ولنتذكّر أنّ جلّ اضرابات المساندة ومبادرات الدّعم إنّما صدرت عن هياكل الاتحاد وقادها نقابيون ونقابيات من مختلف الجهات والقطاعات. فهنيئا لنا معشر النقابيين بهذا الشرف العظيم.. شرف المساهمة في إسقاط دكتاتورية الفساد والاستبداد... وفي رفع اللثام عن حقائق.. مفادها أنّ بلادنا وأموالنا مستباحة وأنّ حريتنا مصادرة وأنّ مستقبلنا ارتهنه حكامٌ جشعون مرضى بالعظمة والأنانية، وأنّ كلّ ما عرفته البلاد طوال العقود الأخيرة لم يكن إلاّ سلسلة من الانقلابات والدسائس والمؤامرات أشاعت ثقافة الخوف والاستبداد، وتاجرت بالأوهام وغدّت الجهوية والعشائرية لتستبدّ بالرأي والقرار، وصادرت الديمقراطية وأحبطت كلّ مبادرات التنمية والتغيير. في خضمّ ما تشهده بلادنا من مجريات، علينا أن نستحضر بكل اعتزاز الدور الذي لعبه اتحادنا العظيم... الاتحاد العام التونسي للشغل، إلى جانب بقيّة القوى الشعبية ومكوّنات المجتمع المدني كعمادة المحامين، وجمعية القضاة التونسيين، والرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الانسان، والجمعيات النسائية الديمقراطية، في وضع الأسس الرئيسية للاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. علينا أن نستحضر أيضا وبكل فخر الانجازات العظيمة التي حققتها منظمتنا في سياق المسار الثوري كإجراء حلّ شركات المناولة في القطاع العمومي والوظيفة العمومية، وتسوية وضعية العاملين بالمناولة وعمّال الحظائر، والمبادرة بإعداد مشروع لدستور البلاد يرسم ملامح تونس الغدّ ويحدّد استحقاقات الاصلاح وفق الثوابت والقيم النقابية الأصيلة. علينا أن ندرك بأنّ خارطة الطريق أصبحت شبه واضحة... فصل الحزب الحاكم عن الدولة، حلّ مجلس النواب... والانتهاء من العمل بالدستور القديم... سنّ مجلة انتخابية جديدة... وانتخاب مجلس دستوري هو بصدد الاعداد لدستور جديد.. دستور الجمهورية الثانية.. جمهورية الحرية والكرامة والديمقراطية... تلك هي خارطة الطريق كما نراها نحن النقابيون والتي عملنا وسنعمل من أجل تحقيقها. فنحن لم ولن ننسى أنّ من أبرز شعارات ثورتنا كان ولا يزال «التشغيل استحقاق... يا عصابة السرّاق». اليوم وقد استجاب القدر لإرادة شعبنا، علينا نحن الشغالون أبناء الاتحاد العام التونسي لشلغل أن نبقى متحفزين لحماية ثورتنا من الردّة ومن اللصوص وصيّادي الفرص ورجال الظلام وقوى الهيمنة التي تسعى إلى بسط نفوذها وتأمين مصالحها على حساب شعوب المنطقة... إنّها أمانة في أعناقنا علينا أن نحفظها ونرعاها. لقد نزعنا وإلى الأبد حكم العائلات المؤبّد، وحكم الحزب الواحد الموحّد.. وحرّرنا الدولة من سجن الدكتاتور المستبدّ... ونحن بصدد كسب الرهان الديمقراطي وإقامة القطيعة مع كل منظومات الاستبداد... فلا نحبطها ولا نترك من يحبطها بحسابات صغيرة ضيقة... واعتبارات أنانية مفلسة. نحيي اليوم الذكرى الأولى لثورة 14 جانفي المجيدة ولم يمض على انعقاد مؤتمرنا إلاّ أيّام معدودات. وما أريد التأكيد عليه في هذه المناسبة أنّنا نجحنا في كسب التحدّي الأوّل الذي راهنت عليه أطراف مُعادية للعمل النقابي رأت في الاتحاد العام التونسي للشغل خصما عنيدًا يحول دون مساعيها للالتفاف على أهداف الثورة. لقد وُفِّقْنَا وبنجاح كبير، في المحافظة على الاتحاد موحدا ومتضامنا.. وهو ما يحمّلنا مسؤولية العمل من أجل ترسيخ هذه اللحمة الداخلية... وما أريد التأكيد عليه أيضا أنّ القيادة الجديدة المنبثقة عن مؤتمر الاتحاد الأخير تدرك كلّ الادراك أبعاد ومعاني الواقع الجديد الذي يفترض القطع مع بعض أساليب الماضي في التسيير والتصرّف والتعامل مع الملفات وإدارة الخلافات. وهي تدرك كلّ الاداراك المهام المنوطة بعهدتها والملفات الحارقة التي تنتظرها، كإنهاء ملف المناولة والمفاوضات الاجتماعية وصندوق البطالة وإعادة الهيكلة وموضوع التداول على المسؤولية وحق التمثيل النقابي لبعض الأصناف المهنية والشرائح العمّالية المغيبة في هياكل القرار المركزية والجهوية والقطاعية. وإنّي على يقين من أنّها على أتمّ الاستعداد للاضطلاع بتلك المهام وأنّها على جاهزية عالية للتعهّد بتلك الملفات بكثير من الجدارة والنجاعة. فلنقف صفّا واحدًا خدمة لأهداف الثورة وذودًا عن مصالح شعبنا ضدّ كلّ أشكال الهيمنة والوصاية. عاش الاتحاد العام التونسي للشغل، حرّا ديمقراطيا، مناضلا، من أجل العدالة والمساواة.