انعقدت يوم الخميس الماضي مائدة مستديرة تحت عنوان "التنشيط الاذاعي: خصوصياته وآليات تطويره" بالمركز الافريقي لتدريب الصحافيين والاتصالين ببادرة من الاذاعة التونسية بالاشتراك مع المركز. وقد ثمن الدكتور منصور مهني الرئيس المدير العام للاذاعة التونسية في كلمته التعاون الوثيق بين الاذاعة والمركز الافريقي لتدريب الصحافيين والاتصاليين بما يساهم في تطوير الاداء الاعلامي، محيّيا الحاضرين من الاذاعيين من المركز والجهات ومن مختلف الاجيال وهو ما يدل على وعي جماعي بأهمية الرهانات من ضمنها مراجعة أساليب العمل وتطويرها لتحسين الاداء والمردود المالي أيضا باعتبار الصبغة الجديدة للاذاعة كمؤسسة غير إدارية ذات صبغة صناعية وتجارية، دون ان نتخلى عن ثوابت العمل وأسسه بحرفية واقتدار وشفافية. أما المداخلة الاولى فكانت للسيد محمد شلبي المدير العام للمركز الافريقي لتدريب الصحافيين والاتصاليين بعنوان "التنشيط: مهارات او موهبة" انطلق فيها من سؤال لئن عدّه بسيطا- فهو جوهر هذه المائدة المستديرة وهو "هل يحتاج المنشط الى تدريب؟" وإجابة عن السؤال، حدد الدكتور شلبي التنشيط الاذاعي باعتباره ابداعا وفنا يحيي المعاني القائمة في صدور الناس بعبارة الجاحظ- بالذكر والاخبار والاستعمال. فالتنشيط اذن تواصل اداته الرئيسية الصوت، والصوت يحتاج تدريبا، وملابسات الاداء الصوتي من حركات الجسم وطرق الجلوس والتنفس مهارات تكتسب. هكذا اذن فان التنشيط استعداد وموهبة ان شئتم ومهارات تصقل وتطور وتهذب، يستخدم من الاشكال الصحافية الاذاعية ما يستخدم الصحافي من ريبورتاجات واستجوابات وتقنيات ادارة الحوارات والقدرة على الاقناع وغيرها. فلماذا اذن يحضر صحفيو الاخبار في الدروات التدريبية ويغيب المنشطون؟ في محاولته الاجابة عن هذا السؤال، يعيد المحاضر الامر الى عدة اسباب نجملها فيما يلي: 1- الشرعية التاريخية للمطبوع 2- الاهمال البحثي للاذاعة بغياب دراسات عن قيس الاستماع في تونس والاطمئنان الى ما استقر في الاذهان من احكام عامة وانطباعية مفادها تراجع الاذاعة وكساد بضاعتها لحساب التلفزيون، متغاضين عن التطور التكنولوجي المذهل الذي غير وسائل الاستماع الى الاذاعة وظروفه. 3- غياب التواصل بين مراكز التدريب والمنشطين لتقديرات خاطئة من الطرفين او اتفاق ضمني مفاده ان الامر والعبارة للمحاضر يتصل بعالمين مختلفين لاصلة لاحدهما بالاخر. ويخلص الدكتور محمد شلبي الى ان عمل المنشط في جوهره اعلامي فهو فن اتصالي يجمع بين المهارات الصحافية والتكنولوجية، فن في حاجة اليوم الى عملية تجديد. المحاضرة الثانية كانت قراءة في واقع التنشيط الاذاعي مركزيا وجهويا اعتبر فيها الدكتور نورالدين الحاج محمود مدير اذاعة الكاف ان هذه المائدة المستديرة تندرج في اطار السعي الى رفع كفاءة الاذاعة التونسية بعد الفصل بين الاذاعة والتلفزة بفضل قرار سيادة الرئيس زين العابدين بن علي. وشدد المحاضر على اهمية الدور الموكول الى الاذاعة التونسية باعتبار تغطيتها لكامل تراب الجمهورية وابلاغ صوت تونس في الخارج وهو ما يعسر على قنوات اتصالية اخرى. وخلص الى انه يمكن الحديث عن " مدرسة تونسية في التنشيط الاذاعي" وهو ما يدعو الى مزيد الاجتهاد بحثا عن اشكال جديدة في التواصل مع المستمع ليكون المنشط بالفعل محفزا وحاثا على الفعل ومحركا له ومشاركا فيه.وقد اقر المحاضر بصعوبة التحديد المفهومي للتنشيط باعتبار تفرعه حسب المدارس والاتجاهات ومع ذلك فانه من الثابت ان يكون " لدى المذيع الموهبة اولا ثم الخلفية التعليمية والثقافية، ثم الانخراط في عمليات تدريب مكثفة تكسبه مهارات الاتصال " والكلام للدكتور الحاج محمود. وفي قراءة المشهد السمعي، لاحظ المحاضر ان المنشطين من مختلف الاجيال مع غلبة الحضور الشبابي من حملة الشهادات العليا في اختصاصات متنوعة. كما لاحظ المحاضر ان نسبة الاناث تتجاوز عموما الخمسين بالمائة في مختلف المؤسسات الاذاعية التي تحتل فيها البرامج والمنوعات التنشطية مكانة مركزية، وهو ما يدعو المنشطين والقائمين على الاذاعات الى مزيد الاستعداد لمواجهة التحديات التي فرضتها المنافسة وتطور الوسائط الاتصالية باكتساب مهارات جديدة واسغلال التقنيات وتجنب التعقيدات الادارية المفرطة بعبارة المحاض ر حتى تكون الاذاعة قائمة اساسا على مفهوم التفاعل الايجابي بينها وبين مستمعيها، وهي ميزة اذاعة المستقبل. اما مداخلة الاستاذ عبدالرزاق الحمامي وعنوانها "مواصفات المنشط الاذاعي الناجح»، فانبنت على ملاحظات مفهومية مقترحا مراجعة "مواصفات" و"المنشط" و"الناجح".وبناء على هذا اختار وصف (المذيع) بدلا عن (المنشط) مخيّرا الحديث عن شروط النجاعة لا مواصفات النجاح وهي: الزاد المعرفي للمذيع لغة المذيع: تطويع المكتوب للمنطوق، أي الكتابة الاذاعية التي تستند الى خطة واضحة، التبسيط دون اسفاف تقنيات الاداء الصوتي من ايقاع وطبقة ونبرة حسب السياق وهي تقنيات تقتضي تدريبا. ثقافة الانصات ومهارة التحدث واختار المحاضر نموذج البرنامج الحواري لبيان انجع السبل في ادارة الحوار. اما مداخلة استاذ الاعلام بالمعهد العالي للتنشيط الشبابي والثقافي ببئر الباي المنجي المبروكي، فعنوانها "التنشيط الاذاعي: مفهومه واصنافه" واكد في مستهلها ضرورة ربط (التنشيط) بسياقه حتى لا يفقد معناه ودلالته مبرزا ان التنشيط لغة يحيل على بعث الحيوية وتحريك السواكن في حياة الفرد والمجموعة وهي مقاصد التنشيط الاذاعي.