بعد أزمة الكلاسيكو.. هل سيتم جلب "عين الصقر" إلى الدوري الاسباني؟    آخر ملوك مصر يعود لقصره في الإسكندرية!    قرار جديد من القضاء بشأن بيكيه حول صفقة سعودية لاستضافة السوبر الإسباني    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد يستقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    جهّزوا مفاجآت للاحتلال: الفلسطينيون باقون في رفح    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    تعزيز الشراكة مع النرويج    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الخروقات إلى اللاّشرعيّة
الدستور والسلطة وطنية: بقلم: الطيب بن رجب
نشر في الشعب يوم 05 - 03 - 2011

أريد ان اتناول في هذه الدراسة الواقع السياسي الحالي وملاءمته للدستور من عدمه مستجليا حقيقة الامر في السلطة المؤقتة نيابة الرئيس بصفة مؤقتة وحكومة وفي مهامها وفي ما يجوز لها ولا يجوز ومنبها الى أني لن استعمل غير المصطلحات او بالاحرى العبارات الواردة في الدستور تجنبا لاي خلط ولاي مغالطة تؤسس على تجوُّزٍ في فهمها.
1 »مهام رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة«
❊ خرق أول وقع تداركه
يعرف الخاص والعام ان الفراغ في رأس السلطة حدث بصفة فجئية وعندما عمد الوزير الاول في حكومة الرئيس الهارب الى تسلم »مهام رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة« بحكم الفصل السادس والخمسين (56) الذي ينص في فقرته الأولى على ما يلي:
»لرئيس الجمهورية اذا تعذّر عليه القيام بمهامه بصفة وقتية أن يفوض بأمرٍ سلطاته الى الوزير الاول ما عدا حق حل مجلس النواب« ويضيف في فقرته الثانية ما يلي: »ويعلم رئيس الجمهورية رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين بتفويضه المؤقت لسلطاته«.
ومن الواضح ان هذا النوع من التفويض يلجأ إليه لمانع عادي كالمرض العابر الذي لا يؤدي الى عجز تام ويقع إقراره بأمر رئاسي مع إعلام رئيسي المجلسين بذلك وهو ما لم يتم لكن ما لا مناص من أن يُلاحظ أن الوزير الاول يجهل جهلا تاما دستور بلاده وسبب الجهل انه لم يكن محتاجا إلى معرفته فهو جاء الى السلطة باصطناع الرئيس الهارب له ولم يجئْ إليها بعامل نضال سياسي ففي الديكتاتورية ليس ثمة من مسيرة سياسية اذ يدعي التحضر فجأة الى السلطة دون سابق اعداد ليمارسها بسلطة الطاغية نفسه.
وهذا الخرق الاول سرعان ما وقع تداركه في اليوم التالي لينقل الفصل السابع والخمسون (57) من الدستور ويتسلّم رئيس مجلس النواب »مهام رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة«.
وههنا لا مناص من الوقوف بشيء من الافاضة على هذا الفصل فهو الذي يحكم الوضع الانتقالي الحالي تقول الفقرة الاولى منه ما يلي: »عند شغور منصب رئيس الجمهورية لوفاة أو لاستقالة او لعجز تام يجتمع المجلس الدستوري فورا ويقرر الشغور النهائي بالاغلبية المطلقة لاعضائه ويبلغ تصريحا في ذلك الى رئيس مجلس المستشارين ورئيس مجلس النواب الذي يتولى فورا مهام رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة لاجل ادناه خمسة واربعون يوما وأقصاه ستون يوما واذا تزامن الشغور النهائي مع حلّ مجلس النواب يتولى رئيس مجلس المستشارين مهام رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة«.
❊ الخرق الثاني
لا لبس في أن الاسباب الداعية للشعور ثلاثة لا غير وهي الوفاة والاستقالة والعجز التام ولم يذكر الفصل سابق الذكر الداعي المباشر للفراغ الذي حدث في رئاسة الجمهورية في واقع الحال وهو الفرار علما ان في فرار رئيس هو في ذات القائد العام للقوات المسلحة ارتكب بالجريمة الخيانة العظمى وهي الجريمة التي لا يحضن منها رئيس الجمهورية.
وهكذا سنلفي أنفسنا في وضع دستوري شاذ ومأزق سياسي سيجعلنا أمام اختيارات ثلاثة:
أ ان يتسلم رئيس مجلس النواب كما جرى إلى حد الان »مهامّ رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة« وذلك بالتغاضي عن أمرين عن كون البرلمان التونسي مطعون في شرعيته لانه برلمان منتخب بشكل صوري وقد طالبت بعد ثورة الشعب بحلّ مجلسه عن كون تسلم سلطة رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة مطعون في شرعيتها بحكم ما أسلفنا من أن الوضعية شاذة ولم ترد في الدستور.
ب تسلم الجيش السلطة باعتبار الفراغ الدستوري وباعتباره القوة القادرة على ملء الفراغ السياسي بحكم انه الجهة الضامنة لتطبيق الدستور والمؤهلة للدفاع عن حرمة الوطن وأمنه واستقلاله.
ج تسلم الشعب السلطة وهو ما لم يحدث لعفوية الثورة ولضعف القوى الوطنية المنظمة.
ولكن لا يعني ان الامور قد انتهت عند هذا الحد فالسلطة المؤقتة آخذة بعد في فقد اي نوع من الشرعية والجيش قد يخرج عن حياده السلبي والشعب قد يصر على مطالبه المشروعة في التغيير السياسي العميق وما اعتصام الشباب في القصبة وتأسيس لجان حماية الثورة الا دليلٌ على ذلك وقد تلجأ الاحزاب السياسية الى توحيد كلي وتجتمع في جبهة وطنية واسعة وما جبهة الرابع عشرة من جانفي سوى مقدمة لها.
❊ الخرق الثالث
ومن المعلوم ان تولي رئيس مجلس النواب »مهام رئيس الجمهورية« يكون مؤقتا بأجل وهذا الاجل يتراوح بين خمسة وأربعين يوما وستين يوما. ما الاجل الا خمسة واربعون يوما في الواقع وما الخمسة عشر يوما الباقية الا مهلة اضافية ففي ما بين التاريخين لابد ضرورة من انتخاب رئيس جديد للجمهورية تقول الفقرة السادسة من الفصل نفسه ما يلي:
»وخلال المدة الرئاسية الوقتية يتم انتخاب رئيس جمهورية جديد لمدة خمس سنوات فلا مجال اذا من انتخابه خارجها بل انه من الممكن انتخابه بكل اجل الخمسة واربعين يوما ولسائل ان يسأل هل يجوز التمديد في المدة الرئاسية الوقتية مثلما يحدث مع النّظم الرئاسيّة.
والجواب ان الدستور لم ينص على اي امكانية لهذا النوع من التمديد كانت ما كانت الظروف والدّواعي اما ان يمدد له بالفصل التاسع والثلاثين الذي بموجبه يمكن التمديد لرئيس الجمهورية فذلك ما ليس ممكنا البتة يقول هذا الفصل في فقرته الثالثة »وإذا تعذر اجراء الانتخابات في الموعد المقرر تسبب حالة حرب أو خطر داهم فإن المدة الرئاسية تمدد بقانون يصادق عليه مجلس النواب وذلك الى أن يتسنى اجراء الانتخابات«.
والمقصود هنا بالمدة الرئاسية العهدة الرئاسية ذات الخمس سنوات ان الدستور يميّز بين »المدّة الرئاسية« و»المدة الرئاسية المؤقتة« وذلك لاعادة شاهد من الدستور ذكرته آنفا:
»وخلال المدة الرئاسية الوقتية يتم انتخاب رئيس جمهورية جديد لمدة خمس سنوات فلا مجال اذا للخلط بين المدّتين ولكن يمكن طرح السؤال التالي لو اننا كنا في حالة أو خطر داهم كما ينص على ذلك الفصل التاسع والثلاثون هل يجوز التمديد »للقائم مقام« والجواب واضح هو ان نص الدستور لا يتيح اي فرصة للتمديد »للقائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة وقتية والواقع ان في هذه الحالة ستعلن حالة الطوارئ والحكم العرفي ولن يكون الامر من شأن هؤلاء الذين نرى اليوم من وصوليين وانتهازيين ومدعين وفصائل وخلائق بل للجيش وللجان الشعبية المقاومة التي ستحرس البلاد وتقاوم وتمنع أي نوع من الاختراق او اي نوع من الانزال البري أو البحري.
أما اذا عدنا الى واقع الحال فلسنا في حالة حرب ولا في خطر داهم علما ان لا فرق بين الحرب والخطر الداهم في نص الدستور اذ هو يستعملهما معا في نفس المعنى على أسلوب اللغة العربية التي تأبى الوقوف عند كلمة واحدة في بعض الاحيان وقد يستعمل الدستور عبارة واحدة منهما يقول مثلا الفصل السادس والاربعون ما يلي:
»لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الجمهورية وامن البلاد واستقلالها بحيث يتعذّر السير العادي لدواليب الدولة اتخاذ ما تحتمه الظروف من تدابير استثنائية بعد استشارة الوزير الاول ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين«.
وليس الخطر الداهم ههنا غير الحرب نفسها فهذه هي التي تهدد كيان الجمهورية وأمن البلاد واستقلالها، ولمعترض ان يعترض بان ثمة مخاطر أخرى تهدد بما تهدد به الحرب مثل الكوارث الطبيعية والحرب الاهلية والاضطرابات الداخلية اما الحرب الاهلية فلا مجال للحديث عنها في بلدنا فهو متجانس دينيا وعرقيا ولغويا ولا عداوة بين جهات ومناطق ولا بين قبائل ومدن أو قرى وأما الاضطرابات الداخلية فشعبنا مسالم مثله مثل الشعب المصري ولكنه حرّ ولذلك قد يصبر ويسالم لوقت معين الا انه ما يلبث ان يطالب بحقوقه ومظاهراته سلمية غير ان السلطة الفاسدة تحاول افسادها بفصائلها وخلائقها أو بما يدعوه الاشقاء في مصر بالبلطجية، وذلك ما هو واقع الان في القصبة وما وقع طوال المدة الاخيرة وليس ذلك بخَافٍ على أحد وأما الكوارث الطبيعية فهي قد تتسبّب في تأخير الاقتراع في جهة أو مدينة أو قد تؤخر الفرز فيه لبعض الايام او لاسبوع على أقصى تقدير وهذا ما لا يعد تمديدا إذ هو تأجيل عادي مؤقت جدّا لا يتطلب إجراء استثنائيا اما أن تكون »المدة الرئاسية الوقتية« من شهرين على أقصى تقدير فيمدد لها بأربعة اشهر فذلك يما يخرج عن منطق الامور ويعني اننا قد نمدد في المدة الرئاسية التي هي من خمس سنوات بضعفها فيكون التمديد بعشر سنوات، وحاصل القول ان »المدة الرئاسية الوقتية« ليست قابلة للتمديد بأي شكل من الاشكال وليس لها الا ان تنجز الغاية التي جعلت من أجلها الا وهي انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتسيير العمل لا غير.
2 ما يجوز لها ولا يجوز
إنّ »المدة الرئاسية الوقتية« بطبيعتها وبقصرها لا تعطي حقوقا ولذلك تمنع عنها المهمات الرئيسية التي لا تكون الا من صلاحيات الرئيس المنتخب مباشرة من قبل الشعب يقول الفصل السابع والخمسون في فقرته الرابعة ما يلي:
»ويمارس القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة وقتية المهام الرئاسية على أنه لا يحق له ان يلجأ إلى الاستفتاء أو أن ينهي مهام الحكومة أو ان يحلّ مجلس النواب أو ان يتخذ التدابير الاستثنائية المنصوص عليها بالفصل 46«.
وتضيف الفقرة الخامسة ما يلي:
ولا يجوز خلال المدّة الرئاسية الوقتية تنقيح الدستور أو تقديم لائحة لوم ضد الحكومة«.
ومعنى ذلك ان تبقى الامور على حالها حتى انتخاب رئيس الجمهورية دائم في الآجال المحدّدة.
❊ الخرق الرابع
أما بخصوص الحكومة التي ينص الدستور على إبقائها على حالها فقد وفق الاحتفاظ بالوزير الاول فحسب اما باقي اعضائها فقد ذهبوا بحكم الضغط الشعبي وهنا نكون قد دخلنا جزئيا في شرعية أخرى هي شرعية الشعب او الثورة فالشعب هو الذي فرض التغيير الاول والثاني في الحكومة وهو الذي سيفرض التغيير الثالث اما من جهة الحكومة المؤقتة فتكون قد ارتكبت خرقا جديدا اما القيادة العامة للجيش فهي من صلاحيات القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة وقتية غير أنّه سيفقدها ما ان يفقد شرعيته بصفة كاملة بعد ان تنتهي به »المدّة الرئاسية المؤقتة« في الرابع عشر من مارس الجاري.
3 القائم بمهام رئيس الجمهورية ؟
هل من حق القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة ان يحصل على تعويض من قبل مجلس النواب بإصدار مراسيم؟ والجواب البديهي ما الداعي إلى ذلك؟ إذ ان التعويض يعمل في حالة استثنائية كالحرب مثلا ثم ان المجلس الذي تخلّى عن سلطاته الاشتراعية بكاملها لن يتورّع عن التصويت بالإيجاب عن كلّ مشروع قانون تتقدّم به السلطة التنفيذية المؤقتة لها وقد حدث بعد هذا التفويض الذي لا داعي له ظاهريا فلابد ان ثمة طبيخا يطبخ على نار هادئة والواقع ان رائحته بدأت تشمّ ولكن ما الحقيقة في التفويض وما موقف الدستور مه وهل يصح ان يفوض مجلس النواب صلاحياته التشريعية للقائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة« يقول الدستور في الفصل الثامن والعشرين (28) في فقرته الخامسة ما يلي: »ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين أن يفوضا لمدة محدودة ولغرض معيّن الى رئيس الجمهورية اتخاذ مراسيم يعرضها حسب الحالة على مصادقة مجلس النواب او المجلسين معا وذلك عند انقضاء المدة المذكورة«.
❊ خرق خامس
اولا: من الواضح من النص ان التفويض لا يكون الا للرئيس وليس »للقائم بمهامه بصفة وقتية« وهذا ما يمثل خرقا صارخا للدستور.
❊ خرق سادس
ثانيا ان التفويض لا يكون الا لمدة محدودة ومدة القائم بمهام الرئيس قصيرة فلا تسمح بأي مدة أخرى بدليل واضح ان على الرئيس المفوض له ان يعود بعد انقضاء المدّة المحددة الى مجلس النواب او الى المجلسين معا ليحصل على مصادقتهما على نفس المراسيم التي اصدرها بحكم ذلك التفويض نفسه.
اما القائم بمهامه فحين يعود الى البرلمان للحصول على مصادقته؟ ذلك ما يمثل خرقًا آخر.
❊ خرق سابع:
ثالثا لا يكون التفويض الا لغرض معين وليس لاكثر من غرض اما تفويض الحال فيكاد يشمل الميدان الاشتراعي سائره وذلك ما يمثل خرقا جديدا ويشمل التفويض موضوع الحال الاغراض التالية:
العفو التشريعي العام وحقوق الانسان والحريات.
الصحافة.
تنظيم الاحزاب السياسية.
الجمعيات والمنظمات غير الحكومية .
مكافحة الارهاب ومنع غسل الاموال.
تنمية الاقتصاد.
النهوض الاجتماعي.
المالية والجباية.
التربية والثقافة.
مجابهة الكوارث والأخطار.
الاتفاقية الدولية المتعلقة بالتعهدات المالية للدولة.
المعاهدات الدولية التجارية والجبائية والاقتصادية والاستثمارية.
المعاهدات الدولية المتعلقة بالعمل وبالمجال الاجتماعي.
المعاهدات ذات الصلة بحقوق الانسان والحريات الاساسية.
هذا ما لا يحصل عليه رئيس منتخب بصفة شرعية! وهو ما يمثل سعيا غير مشروع وغير ممكن في حال يكون مجلس نواب منتخب فعلا وتشقّه الاتجاهات السياسة والكتل البرلمانية.
اما اذا كان ان ألغت السلطة التنفيذية الوقتية مجلسا ليس في الاصل وقتيا فلماذا لا تحله؟ والجواب انها لم تفعل لانها ربّما ابقت عليه مؤملة ان يمرّ على الناس امر التمديد فيمدّد لها وذلك كما أكدنا ما ليس ممكنا دستوريا.
❊ خرق ثامن
رابعا: ان بعضا من هذه الاغراض لا معنى لتفويضها من الاعراب القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة فما معنى ان تفوض التنمية الاقتصادية والنهوض الاجتماعي والمالية والجباية والتربية والثقافة وغيرها لسلطة مؤقتة بل مؤقتة جدا؟ أتكون تنوي التمديد في مدّتها وتقوم هكذا بالاصلاحات الضرورية نيابة عن كل رئيس منتخب وهذا ما يمثل خرقا آخر.
❊ خرق تاسع
خامسا: ثم ان المعاهدات والاتفاقيات الدولية لا تفوض أصلا للرئيس فما بالك بالقائم بمهام وقتية...
»ولا تجوز المصادقة على المعاهدات المتعلقة بحدود الدولة والمعاهدَات التجارية والمعاهدات الخاصة بالتنظيم الدولي وتلك المتعلقة بالتعهدات المالية للدولة والمعاهدات المتضمنة لاحكام ذات صبغة تشريعية او المتعلقة بحالة الاشخاص الا بعد الموافقة عيها من قبل مجلس النواب«، فمن المعلوم ان هذا النوع من المعاهدات ستلزم ضرورة مصادقة مجلس النواب عليها فمن المفروض ان السلطة التنفيذية تبرمها ثم تعرضها على مجلس النواب الذي يصادق عليها لاقرارها نهائيا وما لم يصادق عليها تعتبر لاغيَة تماما وهذا خرق آخر.
❊ خرق عاشر
سادسا: اما العفو التشريعي العام فطبيعته التشريعية ليس من صلاحيات الرئيس بل ماهو من صلاحياته هو العفو الخاص وهو ما ينص عليه الدستور في فصله الثامن والاربعين في فقرته الثالثة: »لرئيس الجمهورية حق العفو الخاص« فكيف يُعطى حق العفو التشريعي العام لقائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة وقتية اذا كان ليس من حق الرئيس المنتخب الدائم نفسه؟ وهذا ما يمثل خرقا آخر.
4 الخاتمة
❊ اللاّدستورية هي اللاّشرعية
وهكذا نصل الى خاتمة الامر ومفادها ان السلطة التنفيذية الوقتية الحالية لا تُعير أهمّية للدستور ولا تحترمه وهي ماضية في خرقة المرة تلو الاخرى ولقد مررنا بعد على جملة من الخروقات ستقود حتما الى ان تصبح غير شرعية تماما لا سيما اذا أقرت التمديد وهو ما أعلنت عنه بعد بصفة غير مباشرة حين قررت ان الانتخابات الرئاسية القادمة لا يجب ان تتجاوز منتصف جويلية القادم اما وقد أقرّ فستكون هذه السلطة غير شرعية بعد الرابع عشر من مارس الجاري وذلك ما سيعرّضها لرفض من قبل النخب والقوى السياسية والوطنية والمنظمات والهيئات الوطنية ولمتاعب دولية جمة وان غدا لناظره قريب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.