ملف أحداث المجمع الكيميائي بقابس: أحكام سجنية وتتبعات لمواطنين    جلسات استماع بخصوص تنقيح المرسوم 54    صفاقس: تكرّر الاعتداءات على المعاهد والأساتذة يحتجّون    سيدي بوزيد .. افتتاح موسم جني الزيتون والصابة قياسية    دعوة الى إيجاد أسواق جديدة    الدوري الاوروبي.. نتائج مباريات الجولة الثالثة    بنزرت الجنوبية .. وفاة شاب تعرّض لحادث شغل    أولا وأخيرا: «مبروك هالحصان»    ترشيح فيلم «قنطرة» لجوائز الأكاديمية الإفريقية للأفلام    فلسفة الإسلام في الإصلاح بين الناس    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    سيف الإسلام القذافي ينشر تعليقا ناريا بخصوص سجن ساركوزي    النادي الصفاقسي يفوز وديا على نادي اولمبي الزاوية الليبي 2-0    يوسف البلايلي يتبرّع ب20 ألف دينار لفائدة هذا النادي التونسي    عاجل/ السوق التونسية تشهد نقصا في اللحوم الحمراء يناهز 65%    قابس: تظاهرات عديدة تؤثث احتفالات المدرسة الوطنية للمهندسين بقابس بالذكرى الخمسين لانبعاثها    الليلة: أمطار متفرقة ورعدية بهذه المناطق..    عاجل/ العثور على إمرأة وطفل مشنوقين في مستودع.. والنيابة تحقّق    بالارقام: إنخفاض في حجم الدين الخارجي لتونس.. #خبر_عاجل    بوتين يحذّر: أي استهداف للأراضي الروسية بصواريخ "توماهوك" سيواجه برد "مدوٍ وقوي"    الأستاذ محمد بن عباس: الجامعة التونسية باتت اليوم مؤهلة لتكون شريكا متكافئا في مشاريع البحث والتكوين مع نظيراتها الفرنسية والدولية    عاجل/ نتنياهو يجمّد مشاريع قوانين "فرض السيادة" على الضفة الغربية    عاجل/ ترامب: مروان البرغوثي في قيادة غزة ما بعد الحرب    بعد 10 سنوات: إنطلاق أشغال مستشفى غار الدماء.. #خبر_عاجل    لاعبة الترجي الرياضي تحقق رقما قياسيا في المسابح الفرنسية    بنزرت الجنوبية: وفاة شاب تعرض لحادث شغل    مشاركة أكثر من 1000 متسابق ماراطون "القلوب الشجاعة"    بطارية تدوم لخمس سنوات وأداء ثابت: ابتكار OPPO الجديد يغيّر المعادلة، قريبًا في تونس    أريانة: إبرام اتفاقية تعاون بين مندوبية الفلاحة والمعهد العالي للبيوتكنولوجيا بسيدي ثابت في مجال الفلاحة البيولوجية    الاتحاد الإفريقي يحدد موعد قرعة دور المجموعات لدوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    بشرى لطلبة الهندسة الاتصالية: شهادة دكتوراه تونسية – يابانية لأول مرة...هذه التفاصيل    شنيا صاير: فيضانات وانقطاع كهرباء واسع في فرنسا؟ ...وهذا هو السبب    خطوة بخطوة: كيفاش تجدد؟ ''CARTE SEJOUR'' في تونس    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    عاجل: القضاء يبرّئ شيرين عبد الوهاب نهائيًا من هذه القضية    أول رد من حماس على قرار محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني..#خبر_عاجل    عاجل/ الموت يفجع حركة النهضة..    عاجل/ اصابة تلاميذ في حادث حافلة نقل مدرسي بهذه الجهة..    العثور على جثة متحللة داخل منزل منذ عام بالقيروان    التونسيتان بيسان وبيلسان كوكة تتوجان ببطولة مسابقة تحدي القراءة العربي في موسمها التاسع    معلمون وأساتذة نواب يعلنون تنفيذ وقفة احتجاجية أمام رئاسة الحكومة للمطالبة بإدراج أسمائهم ضمن الدفعة الثانية للانتداب    تونس تصنف ضمن افضل 25 وجهة سياحية في العالم ينصح باكتشافها سنة 2026    جامعة كرة القدم: الكشف عن مواعيد انتخابات الرابطات    بمناسبة العطلة المدرسية: رحلات ترفيهية على ذمة التونسيين    نابل تحتضن يوم 25 أكتوبر اليوم الوطني البارلمبي: "مناسبة متجددة لنشر ثقافة ممارسة الرياضة لدى ذوي الاعاقة وفرصة لاستكشاف المواهب"    ضغط الدم المرتفع؟ إليك الأعشاب الطبيعية التي قد تساعد على خفضه بأمان    الدورة الخامسة للمعرض الوطني للصناعات التقليدية بولاية بنزرت من 24 أكتوبر الى 02 نوفمبر 2025    المسرح الوطني التونسي وبيت الحكمة ينظمان بتوزر ندوة فكرية حول "أسئلة الهوية والغيرية وتمثلات الذاتية في المسرح التونسي"    الصحة العالمية: إجلاء طبي ل 41 مريضا بحالة حرجة من غزة    نابل : التوصّل إلى حل نهائي لإشكالية فوترة القوارص وتسهيل نشاط صغار التجار ( فيديو )    رابطة أبطال أوروبا: ريال مدريد يواصل التألق وليفربول وبايرن ميونيخ وتشيلسي يحققون انتصارات عريضة    بذور اليقطين أم الشيا.. أيهما أغنى بالألياف والمغنيسيوم والبروتين؟..    وزارة الصحة: إطلاق مشروع التكفّل بحالات التوقف القلبي خارج المستشفى    المنستير ولمطة في عدسة التلفزيون الإيطالي: ترويج جديد للسياحة التونسية    العلم يفكك لغز تأثير القمر على النوم والسلوك    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    عاجل: نحو حفر 10 آبار نفط جديدة في البُرمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الخروقات إلى اللاّشرعيّة
الدستور والسلطة وطنية: بقلم: الطيب بن رجب
نشر في الشعب يوم 05 - 03 - 2011

أريد ان اتناول في هذه الدراسة الواقع السياسي الحالي وملاءمته للدستور من عدمه مستجليا حقيقة الامر في السلطة المؤقتة نيابة الرئيس بصفة مؤقتة وحكومة وفي مهامها وفي ما يجوز لها ولا يجوز ومنبها الى أني لن استعمل غير المصطلحات او بالاحرى العبارات الواردة في الدستور تجنبا لاي خلط ولاي مغالطة تؤسس على تجوُّزٍ في فهمها.
1 »مهام رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة«
❊ خرق أول وقع تداركه
يعرف الخاص والعام ان الفراغ في رأس السلطة حدث بصفة فجئية وعندما عمد الوزير الاول في حكومة الرئيس الهارب الى تسلم »مهام رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة« بحكم الفصل السادس والخمسين (56) الذي ينص في فقرته الأولى على ما يلي:
»لرئيس الجمهورية اذا تعذّر عليه القيام بمهامه بصفة وقتية أن يفوض بأمرٍ سلطاته الى الوزير الاول ما عدا حق حل مجلس النواب« ويضيف في فقرته الثانية ما يلي: »ويعلم رئيس الجمهورية رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين بتفويضه المؤقت لسلطاته«.
ومن الواضح ان هذا النوع من التفويض يلجأ إليه لمانع عادي كالمرض العابر الذي لا يؤدي الى عجز تام ويقع إقراره بأمر رئاسي مع إعلام رئيسي المجلسين بذلك وهو ما لم يتم لكن ما لا مناص من أن يُلاحظ أن الوزير الاول يجهل جهلا تاما دستور بلاده وسبب الجهل انه لم يكن محتاجا إلى معرفته فهو جاء الى السلطة باصطناع الرئيس الهارب له ولم يجئْ إليها بعامل نضال سياسي ففي الديكتاتورية ليس ثمة من مسيرة سياسية اذ يدعي التحضر فجأة الى السلطة دون سابق اعداد ليمارسها بسلطة الطاغية نفسه.
وهذا الخرق الاول سرعان ما وقع تداركه في اليوم التالي لينقل الفصل السابع والخمسون (57) من الدستور ويتسلّم رئيس مجلس النواب »مهام رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة«.
وههنا لا مناص من الوقوف بشيء من الافاضة على هذا الفصل فهو الذي يحكم الوضع الانتقالي الحالي تقول الفقرة الاولى منه ما يلي: »عند شغور منصب رئيس الجمهورية لوفاة أو لاستقالة او لعجز تام يجتمع المجلس الدستوري فورا ويقرر الشغور النهائي بالاغلبية المطلقة لاعضائه ويبلغ تصريحا في ذلك الى رئيس مجلس المستشارين ورئيس مجلس النواب الذي يتولى فورا مهام رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة لاجل ادناه خمسة واربعون يوما وأقصاه ستون يوما واذا تزامن الشغور النهائي مع حلّ مجلس النواب يتولى رئيس مجلس المستشارين مهام رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة«.
❊ الخرق الثاني
لا لبس في أن الاسباب الداعية للشعور ثلاثة لا غير وهي الوفاة والاستقالة والعجز التام ولم يذكر الفصل سابق الذكر الداعي المباشر للفراغ الذي حدث في رئاسة الجمهورية في واقع الحال وهو الفرار علما ان في فرار رئيس هو في ذات القائد العام للقوات المسلحة ارتكب بالجريمة الخيانة العظمى وهي الجريمة التي لا يحضن منها رئيس الجمهورية.
وهكذا سنلفي أنفسنا في وضع دستوري شاذ ومأزق سياسي سيجعلنا أمام اختيارات ثلاثة:
أ ان يتسلم رئيس مجلس النواب كما جرى إلى حد الان »مهامّ رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة« وذلك بالتغاضي عن أمرين عن كون البرلمان التونسي مطعون في شرعيته لانه برلمان منتخب بشكل صوري وقد طالبت بعد ثورة الشعب بحلّ مجلسه عن كون تسلم سلطة رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة مطعون في شرعيتها بحكم ما أسلفنا من أن الوضعية شاذة ولم ترد في الدستور.
ب تسلم الجيش السلطة باعتبار الفراغ الدستوري وباعتباره القوة القادرة على ملء الفراغ السياسي بحكم انه الجهة الضامنة لتطبيق الدستور والمؤهلة للدفاع عن حرمة الوطن وأمنه واستقلاله.
ج تسلم الشعب السلطة وهو ما لم يحدث لعفوية الثورة ولضعف القوى الوطنية المنظمة.
ولكن لا يعني ان الامور قد انتهت عند هذا الحد فالسلطة المؤقتة آخذة بعد في فقد اي نوع من الشرعية والجيش قد يخرج عن حياده السلبي والشعب قد يصر على مطالبه المشروعة في التغيير السياسي العميق وما اعتصام الشباب في القصبة وتأسيس لجان حماية الثورة الا دليلٌ على ذلك وقد تلجأ الاحزاب السياسية الى توحيد كلي وتجتمع في جبهة وطنية واسعة وما جبهة الرابع عشرة من جانفي سوى مقدمة لها.
❊ الخرق الثالث
ومن المعلوم ان تولي رئيس مجلس النواب »مهام رئيس الجمهورية« يكون مؤقتا بأجل وهذا الاجل يتراوح بين خمسة وأربعين يوما وستين يوما. ما الاجل الا خمسة واربعون يوما في الواقع وما الخمسة عشر يوما الباقية الا مهلة اضافية ففي ما بين التاريخين لابد ضرورة من انتخاب رئيس جديد للجمهورية تقول الفقرة السادسة من الفصل نفسه ما يلي:
»وخلال المدة الرئاسية الوقتية يتم انتخاب رئيس جمهورية جديد لمدة خمس سنوات فلا مجال اذا من انتخابه خارجها بل انه من الممكن انتخابه بكل اجل الخمسة واربعين يوما ولسائل ان يسأل هل يجوز التمديد في المدة الرئاسية الوقتية مثلما يحدث مع النّظم الرئاسيّة.
والجواب ان الدستور لم ينص على اي امكانية لهذا النوع من التمديد كانت ما كانت الظروف والدّواعي اما ان يمدد له بالفصل التاسع والثلاثين الذي بموجبه يمكن التمديد لرئيس الجمهورية فذلك ما ليس ممكنا البتة يقول هذا الفصل في فقرته الثالثة »وإذا تعذر اجراء الانتخابات في الموعد المقرر تسبب حالة حرب أو خطر داهم فإن المدة الرئاسية تمدد بقانون يصادق عليه مجلس النواب وذلك الى أن يتسنى اجراء الانتخابات«.
والمقصود هنا بالمدة الرئاسية العهدة الرئاسية ذات الخمس سنوات ان الدستور يميّز بين »المدّة الرئاسية« و»المدة الرئاسية المؤقتة« وذلك لاعادة شاهد من الدستور ذكرته آنفا:
»وخلال المدة الرئاسية الوقتية يتم انتخاب رئيس جمهورية جديد لمدة خمس سنوات فلا مجال اذا للخلط بين المدّتين ولكن يمكن طرح السؤال التالي لو اننا كنا في حالة أو خطر داهم كما ينص على ذلك الفصل التاسع والثلاثون هل يجوز التمديد »للقائم مقام« والجواب واضح هو ان نص الدستور لا يتيح اي فرصة للتمديد »للقائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة وقتية والواقع ان في هذه الحالة ستعلن حالة الطوارئ والحكم العرفي ولن يكون الامر من شأن هؤلاء الذين نرى اليوم من وصوليين وانتهازيين ومدعين وفصائل وخلائق بل للجيش وللجان الشعبية المقاومة التي ستحرس البلاد وتقاوم وتمنع أي نوع من الاختراق او اي نوع من الانزال البري أو البحري.
أما اذا عدنا الى واقع الحال فلسنا في حالة حرب ولا في خطر داهم علما ان لا فرق بين الحرب والخطر الداهم في نص الدستور اذ هو يستعملهما معا في نفس المعنى على أسلوب اللغة العربية التي تأبى الوقوف عند كلمة واحدة في بعض الاحيان وقد يستعمل الدستور عبارة واحدة منهما يقول مثلا الفصل السادس والاربعون ما يلي:
»لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الجمهورية وامن البلاد واستقلالها بحيث يتعذّر السير العادي لدواليب الدولة اتخاذ ما تحتمه الظروف من تدابير استثنائية بعد استشارة الوزير الاول ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين«.
وليس الخطر الداهم ههنا غير الحرب نفسها فهذه هي التي تهدد كيان الجمهورية وأمن البلاد واستقلالها، ولمعترض ان يعترض بان ثمة مخاطر أخرى تهدد بما تهدد به الحرب مثل الكوارث الطبيعية والحرب الاهلية والاضطرابات الداخلية اما الحرب الاهلية فلا مجال للحديث عنها في بلدنا فهو متجانس دينيا وعرقيا ولغويا ولا عداوة بين جهات ومناطق ولا بين قبائل ومدن أو قرى وأما الاضطرابات الداخلية فشعبنا مسالم مثله مثل الشعب المصري ولكنه حرّ ولذلك قد يصبر ويسالم لوقت معين الا انه ما يلبث ان يطالب بحقوقه ومظاهراته سلمية غير ان السلطة الفاسدة تحاول افسادها بفصائلها وخلائقها أو بما يدعوه الاشقاء في مصر بالبلطجية، وذلك ما هو واقع الان في القصبة وما وقع طوال المدة الاخيرة وليس ذلك بخَافٍ على أحد وأما الكوارث الطبيعية فهي قد تتسبّب في تأخير الاقتراع في جهة أو مدينة أو قد تؤخر الفرز فيه لبعض الايام او لاسبوع على أقصى تقدير وهذا ما لا يعد تمديدا إذ هو تأجيل عادي مؤقت جدّا لا يتطلب إجراء استثنائيا اما أن تكون »المدة الرئاسية الوقتية« من شهرين على أقصى تقدير فيمدد لها بأربعة اشهر فذلك يما يخرج عن منطق الامور ويعني اننا قد نمدد في المدة الرئاسية التي هي من خمس سنوات بضعفها فيكون التمديد بعشر سنوات، وحاصل القول ان »المدة الرئاسية الوقتية« ليست قابلة للتمديد بأي شكل من الاشكال وليس لها الا ان تنجز الغاية التي جعلت من أجلها الا وهي انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتسيير العمل لا غير.
2 ما يجوز لها ولا يجوز
إنّ »المدة الرئاسية الوقتية« بطبيعتها وبقصرها لا تعطي حقوقا ولذلك تمنع عنها المهمات الرئيسية التي لا تكون الا من صلاحيات الرئيس المنتخب مباشرة من قبل الشعب يقول الفصل السابع والخمسون في فقرته الرابعة ما يلي:
»ويمارس القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة وقتية المهام الرئاسية على أنه لا يحق له ان يلجأ إلى الاستفتاء أو أن ينهي مهام الحكومة أو ان يحلّ مجلس النواب أو ان يتخذ التدابير الاستثنائية المنصوص عليها بالفصل 46«.
وتضيف الفقرة الخامسة ما يلي:
ولا يجوز خلال المدّة الرئاسية الوقتية تنقيح الدستور أو تقديم لائحة لوم ضد الحكومة«.
ومعنى ذلك ان تبقى الامور على حالها حتى انتخاب رئيس الجمهورية دائم في الآجال المحدّدة.
❊ الخرق الرابع
أما بخصوص الحكومة التي ينص الدستور على إبقائها على حالها فقد وفق الاحتفاظ بالوزير الاول فحسب اما باقي اعضائها فقد ذهبوا بحكم الضغط الشعبي وهنا نكون قد دخلنا جزئيا في شرعية أخرى هي شرعية الشعب او الثورة فالشعب هو الذي فرض التغيير الاول والثاني في الحكومة وهو الذي سيفرض التغيير الثالث اما من جهة الحكومة المؤقتة فتكون قد ارتكبت خرقا جديدا اما القيادة العامة للجيش فهي من صلاحيات القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة وقتية غير أنّه سيفقدها ما ان يفقد شرعيته بصفة كاملة بعد ان تنتهي به »المدّة الرئاسية المؤقتة« في الرابع عشر من مارس الجاري.
3 القائم بمهام رئيس الجمهورية ؟
هل من حق القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة ان يحصل على تعويض من قبل مجلس النواب بإصدار مراسيم؟ والجواب البديهي ما الداعي إلى ذلك؟ إذ ان التعويض يعمل في حالة استثنائية كالحرب مثلا ثم ان المجلس الذي تخلّى عن سلطاته الاشتراعية بكاملها لن يتورّع عن التصويت بالإيجاب عن كلّ مشروع قانون تتقدّم به السلطة التنفيذية المؤقتة لها وقد حدث بعد هذا التفويض الذي لا داعي له ظاهريا فلابد ان ثمة طبيخا يطبخ على نار هادئة والواقع ان رائحته بدأت تشمّ ولكن ما الحقيقة في التفويض وما موقف الدستور مه وهل يصح ان يفوض مجلس النواب صلاحياته التشريعية للقائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة« يقول الدستور في الفصل الثامن والعشرين (28) في فقرته الخامسة ما يلي: »ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين أن يفوضا لمدة محدودة ولغرض معيّن الى رئيس الجمهورية اتخاذ مراسيم يعرضها حسب الحالة على مصادقة مجلس النواب او المجلسين معا وذلك عند انقضاء المدة المذكورة«.
❊ خرق خامس
اولا: من الواضح من النص ان التفويض لا يكون الا للرئيس وليس »للقائم بمهامه بصفة وقتية« وهذا ما يمثل خرقا صارخا للدستور.
❊ خرق سادس
ثانيا ان التفويض لا يكون الا لمدة محدودة ومدة القائم بمهام الرئيس قصيرة فلا تسمح بأي مدة أخرى بدليل واضح ان على الرئيس المفوض له ان يعود بعد انقضاء المدّة المحددة الى مجلس النواب او الى المجلسين معا ليحصل على مصادقتهما على نفس المراسيم التي اصدرها بحكم ذلك التفويض نفسه.
اما القائم بمهامه فحين يعود الى البرلمان للحصول على مصادقته؟ ذلك ما يمثل خرقًا آخر.
❊ خرق سابع:
ثالثا لا يكون التفويض الا لغرض معين وليس لاكثر من غرض اما تفويض الحال فيكاد يشمل الميدان الاشتراعي سائره وذلك ما يمثل خرقا جديدا ويشمل التفويض موضوع الحال الاغراض التالية:
العفو التشريعي العام وحقوق الانسان والحريات.
الصحافة.
تنظيم الاحزاب السياسية.
الجمعيات والمنظمات غير الحكومية .
مكافحة الارهاب ومنع غسل الاموال.
تنمية الاقتصاد.
النهوض الاجتماعي.
المالية والجباية.
التربية والثقافة.
مجابهة الكوارث والأخطار.
الاتفاقية الدولية المتعلقة بالتعهدات المالية للدولة.
المعاهدات الدولية التجارية والجبائية والاقتصادية والاستثمارية.
المعاهدات الدولية المتعلقة بالعمل وبالمجال الاجتماعي.
المعاهدات ذات الصلة بحقوق الانسان والحريات الاساسية.
هذا ما لا يحصل عليه رئيس منتخب بصفة شرعية! وهو ما يمثل سعيا غير مشروع وغير ممكن في حال يكون مجلس نواب منتخب فعلا وتشقّه الاتجاهات السياسة والكتل البرلمانية.
اما اذا كان ان ألغت السلطة التنفيذية الوقتية مجلسا ليس في الاصل وقتيا فلماذا لا تحله؟ والجواب انها لم تفعل لانها ربّما ابقت عليه مؤملة ان يمرّ على الناس امر التمديد فيمدّد لها وذلك كما أكدنا ما ليس ممكنا دستوريا.
❊ خرق ثامن
رابعا: ان بعضا من هذه الاغراض لا معنى لتفويضها من الاعراب القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة فما معنى ان تفوض التنمية الاقتصادية والنهوض الاجتماعي والمالية والجباية والتربية والثقافة وغيرها لسلطة مؤقتة بل مؤقتة جدا؟ أتكون تنوي التمديد في مدّتها وتقوم هكذا بالاصلاحات الضرورية نيابة عن كل رئيس منتخب وهذا ما يمثل خرقا آخر.
❊ خرق تاسع
خامسا: ثم ان المعاهدات والاتفاقيات الدولية لا تفوض أصلا للرئيس فما بالك بالقائم بمهام وقتية...
»ولا تجوز المصادقة على المعاهدات المتعلقة بحدود الدولة والمعاهدَات التجارية والمعاهدات الخاصة بالتنظيم الدولي وتلك المتعلقة بالتعهدات المالية للدولة والمعاهدات المتضمنة لاحكام ذات صبغة تشريعية او المتعلقة بحالة الاشخاص الا بعد الموافقة عيها من قبل مجلس النواب«، فمن المعلوم ان هذا النوع من المعاهدات ستلزم ضرورة مصادقة مجلس النواب عليها فمن المفروض ان السلطة التنفيذية تبرمها ثم تعرضها على مجلس النواب الذي يصادق عليها لاقرارها نهائيا وما لم يصادق عليها تعتبر لاغيَة تماما وهذا خرق آخر.
❊ خرق عاشر
سادسا: اما العفو التشريعي العام فطبيعته التشريعية ليس من صلاحيات الرئيس بل ماهو من صلاحياته هو العفو الخاص وهو ما ينص عليه الدستور في فصله الثامن والاربعين في فقرته الثالثة: »لرئيس الجمهورية حق العفو الخاص« فكيف يُعطى حق العفو التشريعي العام لقائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة وقتية اذا كان ليس من حق الرئيس المنتخب الدائم نفسه؟ وهذا ما يمثل خرقا آخر.
4 الخاتمة
❊ اللاّدستورية هي اللاّشرعية
وهكذا نصل الى خاتمة الامر ومفادها ان السلطة التنفيذية الوقتية الحالية لا تُعير أهمّية للدستور ولا تحترمه وهي ماضية في خرقة المرة تلو الاخرى ولقد مررنا بعد على جملة من الخروقات ستقود حتما الى ان تصبح غير شرعية تماما لا سيما اذا أقرت التمديد وهو ما أعلنت عنه بعد بصفة غير مباشرة حين قررت ان الانتخابات الرئاسية القادمة لا يجب ان تتجاوز منتصف جويلية القادم اما وقد أقرّ فستكون هذه السلطة غير شرعية بعد الرابع عشر من مارس الجاري وذلك ما سيعرّضها لرفض من قبل النخب والقوى السياسية والوطنية والمنظمات والهيئات الوطنية ولمتاعب دولية جمة وان غدا لناظره قريب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.