بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى تختفي تماما شريعة القصاص؟
العقوبة القصوى اليوم: تعريب بتصرّف المنتصر الحملي
نشر في الشعب يوم 10 - 02 - 2007

يبدو أنّ عقوبة الإعدام قد وجدت منذ ظهور عدالة جزائيّة منظّمة، وتشير إلى ذلك الوثائق التّاريخيّة الأكثر قدما. من ذلك، أنّ شريعة حامورابي، ملك بابل (القرن 18 قبل الميلاد)، كانت تنصّ على عقوبة الإعدام بالنّسبة إلى ثلاثين جريمة مختلفة. ورغم المبدأ الأساسيّ المتمثّل في أنّ «الكنيسة تستبشع الدّم»، فإنّ الكنيسة الكاثوليكيّة لم تستنكر أبدا عقوبة الإعدام. على العكس من ذلك، أكّد العديد من رجال الدّين على أنّ عقوبة الإعدام يمكنها أن تكون عقابا ضروريّا، خصوصا في مواجهة الهراطقة من أجل الوقاية من انتشار آرائهم الخطيرة ومن أجل حماية شعب اللّه منهم . ولكن، مع أنّ الكنيسة كانت تلعب دورا مهمّا في ملاحقة الهراطقة، فهي كانت ترفض أن تنفّذ بنفسها العقوبة القصوى، وعندما تعلن عن متّهم ما أنّه مذنب، تقوم بتسليمه إلى الملك أو إلى السّيّد الممثّل للسّلطة المدنيّة المكلّف بالنّطق بحكم الإعدام وبتنفيذه.
في فرنسا، خلال القرون الوسطى، حتّى إن لم يكن يوجد قانون جزائيّ موحّد وحتّى إن كان لكلّ عرف خصوصياته، فعموما كانت التّجاوزات الّتي تستوجب عقوبة الإعدام،علاوة على الجرائم ضدّ الدّين، (كالهرطقة والشّعوذة والكفر الخ) تتمثّل في القتل والاغتصاب والحرق والسّرقة وتزييف العملة وكذلك جريمة التّطاول على الملك lèse-majesté . ومع إقامة الملكيّة المطلقة، ارتفع عدد الجرائم المحكوم فيها بالموت بشكل كبير (115) في أواسط (القرن (18 ، وفي تلك الحقبة، وحدها إنجلترا كان لها نظام أكثر زجرية، ففي حوالي سنة (1800) كان لها أكثر من 200 جريمة كبرى تفضي كلّ سنة في المعدّل إلى (1000 حكم) بالإعدام ( مع أنّ أغلب الأحكام يقع تخفيفها بمقتضى عفو ملكيّ ) ولكنّ حقّ العفو الموروث عن القانون الرّومانيّ والمقصور على الملك كان يسمح في بعض الحالات بالنّجاة من الحكم.
حتّى ( القرن (18 ، لم يكن أحد يفكّر في إعادة النّظر في عقوبة الإعدام باعتبارها عقابا على الجرائم الأكثر خطورة. لكنّ حقوقيّا إيطاليّا يدعى سيزار بكّاريا Cesare Beccaria، كان أوّل من دافع عن أطروحة الإلغاء الكلّيّ لعقوبة الإعدام. وقد لقي بحثه المعنون ب «عن الجرائم وعن العقوبات» Des délits et des peines، الصّادر سنة 1764 ، نجاحا كبيرا في كلّ أوروبّا وتمّت ترجمته إلى لغات كثيرة.
في نهاية) القرن (18 ، قادت الحركة الّتي انطلقت مع بكّاريا إلى إلغاء عقوبة الإعدام في بعض الدّول، ونخصّ بالذّكر النّمسا، غير أنّها سرعان ما أعيدت في البلدان القليلة الّتي ألغتها. وفي فرنسا، ثبّتت مجالس النّوّاب المتعاقبة منذ 1789 حتّى 1799 مبدأ عقوبة الإعدام، وذلك رغم عزمها القويّ على القطع مع النّظام السّابق، مع الحدّ من عدد الجرائم الّتي كانت تستوجبها. بل إنّ العدد الأكبر من أحكام الموت قد تمّ التّصريح به وتنفيذه أثناء الفترة الثّوريّة 19000 شخصا أثناء فترة الرّعب من 1793 حتّى 1794 ورغم أنّ الجمعيّة التّأسيسيّة صوّتت لإلغاء عقوبة الإعدام سنة 1795 ، إلاّ أنّ القانون كان يوضّح أنّ هذا الإجراء لن يدخل حيّز التّنفيذ إلاّ بداية من يوم نشر السّلام الشّامل، وتمّ إبطال الإلغاء قبل توقيع السّلام.
2 طرق تنفيذ عقوبة الإعدام :
على مدى القرون، نفّذت عقوبة الإعدام بطرق مختلفة: منها على سبيل المثال الصّلب crucifixionوالغمس في الزّيت المغلي والتّمزيق écartèlementوالخوزقة empalement ,والمحرقة lebûcher والسّحنle broiement والتّقطيع والرّجم lapidationوالإغراقnoyade
و في فرنسا، في ظلّ النّظام القديم، كان العقاب المتّخذ يتقرّر وفق قيمة المجرم وطبيعة الجريمة معا : بطريقة تخطيطيّة، كان النّبيل يضرب عنقه بالفأس، وقاطع الطّريق يعذّب بالدّولاب في السّاحة العموميّة، ومزيّف العملة يصلى حيّا، والهرطقيّ يحرق حيّا، وسارق سيّده يشنق، الخ. وفي سنة 1791، صوّت المشرّع الثّوريّ لقانون ظلّ ساري المفعول حتّى إلغاء عقوبة الإعدام ويقضي بأنّ «كلّ مدان يقطع رأسه». وتمّ تبنّي قرار العقوبة بواسطة المقصلة سنة 1792. كان المشرّع يريد الحصول على طريقة تنفيذ موحّدة حتّى تكون هي نفسها للجميع وحتّى تختصر الآلام. وفي بعض البلدان الإسلاميّة السّلفيّة التّقليديّة، مازال الرّجم يستعمل في بعض الحالات، خصوصا ضدّ النّسوة الزّانيات.
3 المنازعات حول عقوبة الإعدام :
في حين يشدّد مناصرو الإبقاء على عقوبة الإعدام على أنّها أفضل وسيلة للرّدع، باعتبار أنّها تمثّل عقابا أقسى وأكثر إرعابا من السّجن أو من أيّ عقوبة أخرى، يردّ المعارضون بالقول إنّ المجرم، وهو يتصرّف في أغلب الأحيان تحت تأثير الانفعال، لا يستحضر في ذهنه عواقب سلوكه حتّى على نفسه، وأنّ المجرمين فضلا عن ذلك يأملون في الإفلات من الملاحقات بالفعل، لم تثبت دراسة واحدة أنّ عقوبة الإعدام تؤدّي إلى التّخفيض في عدد الجرائم، ولا أنّ إلغاءها يفضي إلى ازدياد الجريمة. من ذلك أنّه، في الولايات المتّحدة، لم يلاحظوا أبدا فروقا ذات مغزى في النّسبة المئويّة للقتل بين الولايات الّتي ألغت عقوبة الإعدام وتلك الّتي أبقت عليها أو عادت إليها من جديد.
وبينما يعتبر المدافعون عن العقوبة القصوى أنّها الوسيلة النّاجعة الوحيدة الّتي يمتلكها المجتمع في مواجهة بعض المجرمين غير القابلين للإصلاح، يجيب الدّاعون إلى الإلغاء بأنّ هؤلاء المجرمين، المصابين عموما باضطرابات في الشّخصيّة، ليسوا كثيرين، وبأنّ التّعرّف عليهم ليس يسيرا دائما، وأخيرا بأنّ حبسهم يكفي لحماية المجتمع، إذا وضع حيّز التّنفيذ عقوبات بديلة ملائمة.
ويرى المطالبون بالإلغاء أنّه باعتبار أنّ العدالة الصّادرة عن البشر ليست غير معصومة، فإنّ الخطأ القضائيّ ممكن الحدوث دائما، وبالتّالي لابدّ من استبعاد عقوبة لا يمكن تداركها لاحقا. وهم في الولايات المتّحدة يشدّدون كذلك على أنّ عقوبة الإعدام لطالما طبّقت بكيفيّة غير عادلة، لأنّها تضرب السّود أكثر من البيض، والفقراء أكثر من الأغنياء، وأخيرا الرّجال أكثر من النّساء.
4 إلغاء عقوبة الإعدام في فرنسا وفي العالم :
كان المسار المفضي إلى إلغاء عقوبة الإعدام في فرنسا أطول ممّا كان عليه في أغلب الدّيمقراطيات الغربيّة.
فقد ألغيت عقوبة الإعدام بالنّسبة إلى الجرائم السّياسيّة سنة 1848 وفي سنة 1936، منعت الإعدامات العلنيّة، ومنذئذ صارت تجري داخل السّجن. وبداية من 1951، لم يعد يسمح للصّحافة بالتّعليق على الإعدامات ولم يعد بإمكانها سوى إعادة نشر المحضر الّذي حرّرته الإدارة. وانطلاقا من سنة 1949، تمتّعت بالعفو جميع النّساء المحكوم عليهنّ بالإعدام. وبين 1958 و1977، تمّ إعدام 19 مدانا. ومن سنة 1968 حتّى 1977، على 9231 شخصا مثلوا أمام المحكمة بتهمة ارتكاب جريمة تستوجب عقوبة الإعدام، تمّ التّصريح ب 38 حكما بالإعدام، 23 (منها صارت نهائيّة) بعد رفض طلب النّقض، ولكنّ سبعة منهم فقط نفّذ فيهم الحكم. وجرى آخر إعدام في 10 سبتمبر سنة 1977.
صرّح المرشّح للرّئاسة فريدريك ميتران أنّه لو يقع انتخابه فسوف يطلب من البرلمان إلغاء عقوبة الإعدام. وتبعا لمشروع قانون عرضته أوّل حكومة اشتراكيّة تمّ التّصويت على القانون رقم 908-81 ل 9 أكتوبر سنة 1981 الّذي يقضي بأنّ «عقوبة الإعدام قد تمّ إلغاؤها». وقد صوّت 369 نائبا لفائدة الإلغاء، و113 ضدّه، وامتنع 5 عن التّصويت. ولأنّ الأحزاب لم تعط أيّة تعليمات للتّصويت، استطاع كلّ برلمانيّ أن يقرّر وفقا لآرائه الشّخصيّة الّتي لا تعكس دوما التّعارض يمين / يسار. ومع ذلك، كانت استطلاعات الرّأي تشير إلى أنّ أغلب الفرنسيين كانوا مع الإبقاء على عقوبة الإعدام للجرائم الأكثر خطورة. سنة 1985، صدّقت فرنسا على البروتوكول رقم 6 من الاتفاقية الأوروبّيّة لحماية حقوق الإنسان والحرّيات الأساسيّة، الّتي ينصّ البند الأوّل فيها على أنّ عقوبة الإعدام قد ألغيت. وعلى هذا الأساس، إذا قرّر المشرّع الفرنسيّ إعادة عقوبة الإعدام، فلا يصبح هذا الإجراء ساري المفعول إلاّ بعد آ انقضاء ستّة أشهر فرضتها المادّة 65 من الاتّفاقيّة المذكورة.
أغلب الدّيمقراطيات الغربيّة قد ألغت عقوبة الإعدام. لكنّ الولايات المتّحدة تمثّل الاستثناء: فلئن توقّف الحكم بالإعدام عمليّا في السّبعينات وألغي أحيانا في بعض الولايات، إلاّ أنّه أعيد من جديد منذ الثّمانينات في العديد من الولايات وتمّ تنفيذه فعليّا. وحاليّا، نحصي 80 بلدا لم تلغ الإعدام، منها الولايات المتّحدة وروسيا والصّين. ويعتبر هذا الأخير البلد الأكثر حكما وتنفيذا لعقوبة الإعدام ب 1000 إعدام على الأقلّ من بين 1457 إعداما أحصيت في العالم خلال سنة 2000. على أنّ البلدان السّائرة نحو إلغاء عقوبة الإعدام تتوالى. كما هو حال تركيا الّتي ألغت العقوبة القصوى سنة 2002 في إطار مجموعة من الإصلاحات الرّامية إلى تيسير اندماج تركيا في الإتّحاد الأوروبّيّ.
------------------------------------------------------------------------
المصادر

5 البلدان الّتي لم تلغ بعد عقوبة الإعدام:
أفغانستان- الجزائر- أنتيغا وبربودا- العربيّة السّعوديّة- أرمينيا- البهاماس- البحرين- بنغلادش- البرباد- باليز- البينين- بيلاروسيا- برمانيا- بتسوانا- بوروندي- الكامرون- الصّين- جزر القمور- كوريا الشّماليّة- كوريا الجنوبيّة- كوبا- الدّومينيك- مصر- الإمارات- اريتريا- الولايات المتّحدة- أثيوبيا- الغابون- غانا- غواتيمالا- غينيا- غينيا الاستوائية- غويان- الهند- اندونيسيا- العراق- إيران- جاماييك- اليابان- الأردن- كازاخستان- الكويت- لاوس- ليزوتو- لبنان- ليبيريا- ليبيا- ماليزيا- مالاوي- المغرب- موريتانيا- منغوليا- نيجيريا- عمان- أوغندا- أوزبكستان- باكستان- الفلبّين- قطر- الكونغو الدّيمقراطيّة- روسيا- رواندا- سان كريستوف ونييفاز- سانت ليسي- سان فانسون وغرينادا- سيرّاليوني- الصّومال- السّودان- سوازيلاند- سوريا- طاجاكستان- تنزانيا- تشاد- تيلندا- ترينيتي وتوباغو- تونس- فيتنام- اليمن- زمبيا- زمبابوي-
-
Cabrillac Rémy, Libertés et droits fondamentaux, Paris, Dalloz, 1999
-Charvin Robert et Sueur Jean-Jacques, Droits de l'homme et libertés de la personne, Paris, Litec, 2e édition, 1997

خطاب بادنتير Badinter في الجمعيّة الوطنيّة
من أجل إلغاء عقوبة الإعدام (مقتطفات)
( حتّى الثّمانينات، كان النّقاش حول عقوبة الإعدام يثار بصفة دوريّة في فرنسا، آخر بلد أوروبّيّ يحافظ عليها. وباعتبار أنّ إلغاءه كان جزءا من برنامج اليسار، تمّ عرض مشروع قانون بهذا الخصوص على الجمعيّة الوطنيّة فور انتخاب فرانسوا ميتران رئيسا للجمهوريّة. وأثناء الجلسة البرلمانيّة ليوم 17 سبتمبر 1981، قام روبار بادنتير، المحامي ووزير العدل، بمرافعة حامية لصالح إلغاء عقوبة الإعدام. إنّ هذا القانون، الّذي صوّت له 363 صوتا وعارضه 117 صوتا، والّذي نشر في 18 سبتمبر، «أخرج فرنسا من تلك الفترة الّتي كانت خلالها بمنأى عن الأمم المتحضّرة الكبيرة»، وفق عبارات ريمون فورني Raymond Forni، مقرّر مشروع القانون حول الإلغاء)
سيّدي الرّئيس، سيّداتي وسادتي النّوّاب، يشرّفني، باسم حكومة الجمهوريّة، أن أطلب من الجمعيّة الوطنيّة إلغاء عقوبة الإعدام في فرنسا.
في هذه اللّحظة، الّتي يقدّر كلّ واحد منكم الأهمّية الّتي تكنسيها بالنّسبة إلى عدالتنا وإلينا، أريد أوّلا أن أشكر جميع الّذين، على اختلاف انتماءاتهم السّياسيّة، عملوا خلال السّنوات المنقضية، وبالخصوص في صلب لجان القوانين السّابقة، من أجل إقرار الإلغاء، حتّى قبل أن يحدث التّغيير السّياسيّ الأعظم الّذي نشهده جميعا.
إنّ هذا التّوحّد الذّهنيّ، هذا الالتقاء الفكريّ ما بين الانقسامات السّياسيّة، يبرهن جيّدا على أنّ المناقشة المفتوحة اليوم أمامكم إنّما هي قبل كلّ شيء مناقشة ضمير، وأنّ الاختيار الّذي سيقوم به كلّ منكم إنّما يلزمه شخصيّا.
ما حدث، هو أنّ فرنسا ستكون، رغم المجهودات الجبّارة الّتي بذلت، واحدة من البلدان الأخيرة، بل تقريبا البلد الأخير- وهنا أخفّض من صوتي حين ألفظ بهذه الكلمة- في أوروبّا الغربيّة الّذي يلغي عقوبة الإعدام والحال أنّها كانت في أغلب الأحيان مركزها وقطبها. لماذا هذا التّأخير؟ هذا هو السّؤال الأوّل المطروح علينا...
من ناحيتي، أرى أنّ تفسير ذلك هو ذو صبغة سياسيّة.
الإلغاء، كما ذكرت سابقا، جمّع منذ قرنين نساء ورجالا من جميع الطّبقات السّياسيّة وأبعد من ذلك من جميع فئات الأمّة.
غير أنّنا لو أخذنا تاريخ بلادنا بعين الاعتبار، للاحظنا أنّ الإلغاء، في حدّ ذاته، كان دوما قضيّة من أكبر قضايا اليسار الفرنسيّ. وحين أقول اليسار،افهموني، فإنّي أعني قوى التّغيير، قوى التّقدّم، وأحيانا قوى الثّورة الّتي تقوم في جميع الأحوال بدفع التّاريخ...
لقد تمّ طرح المسألة على الرّأي العامّ مباشرة، وأؤكّد على هذا الوصف، في مناسبتين.
فقد أعلم رئيس الجمهوريّة الجميع، لا فقط بشعوره الشّخصيّ واشمئزازه من عقوبة الإعدام، ولكن أيضا وبوضوح كبير بعزمه على أن يطلب من الحكومة رفع طلب بالإلغاء إلى البرلمان في صورة انتخابه. وأجابته البلاد : نعم.
بعد ذلك، جرت الانتخابات التّشريعيّة. وأثناء الحملة الانتخابيّة، ما من حزب يساريّ لم يذكر علنا في برنامجه إلغاء عقوبة الإعدام. والآن وقد انتخبت البلاد أغلبيّة يساريّة وهي واعية بذلك، فهي كانت تعلم أنّها تدعم برنامجا تشريعيّا دوّن إلغاء عقوبة الإعدام في المقام الأوّل من التزاماته الأخلاقيّة...
لا شيء تمّ طوال السّنوات المنقضية لإنارة هذا الرّأي العامّ. بل بالعكس، رفضوا تجربة البلدان الملغية، ولم يتساءلوا عن حدث أساسيّ هو أنّ الدّيمقراطيات الغربيّة الكبرى، قريباتنا، شقيقاتنا، جاراتنا، استطاعت العيش دون عقوبة الإعدام. لقد أهملوا الدّراسات الّتي أنجزتها المنظّمات الدّوليّة الكبيرة، مثل المجلس الأوروبّيّ والبرلمان الأوروبّيّ والأمم المتّحدة نفسها في إطار لجنة الدّراسات ضدّ الجريمة. وغضّوا الطّرف عن استنتاجاتها الأكيدة. وعوضا عن أن يبرزوا تلك البديهيات ويلفتوا الانتباه إليها، غذّوا الرّعب وأثاروا الخوف وأشاعوا اللّبس. لقد ثبّتوا الضّوء على التّنامي الأكيد والأليم والّذي تجب مواجهته، ولكن المرتبط بظروف اقتصاديّة واجتماعيّة، لجنوح العنف الصّغير والمتوسّط، وهو على كلّ حال لم يتعلّق أبدا بعقوبة الإعدام.
يكفي، مهما حدث، أن تسألوا أنفسكم واقعيّا وأن تقدّروا ماذا كان سيعني بالضّبط الإلغاء لو تمّ التّصويت له في فرنسا سنة 1974، عندما كان رئيس الجمهوريّة السّابق يقرّ بطيبة خاطر، ولكن في جلساته الخاصّة عموما، بمقته شخصيّا لعقوبة الإعدام.
ماذا كان يعني الإلغاء المصوّت عليه سنة 1974 للسّباعيّة المنتهية سنة 1981 ، بالنّسبة إلى أمن الفرنسيين وسلامتهم؟ ببساطة ما يلي: ثلاثة محكوم عليهم بالإعدام...
من هم؟ سأذكّركم بهم. كريستيان رانيسّي Christian Ranucci : لن أتحفّظ على التّأكيد على أنّ الكثير من علامات الاستفهام تقوم بشأن قضيّته، وهذه العلامات لوحدها كفيلة بأن تجعل كلّ ضمير مأخوذ بالعدالة يدين عقوبة الإعدام. جيروم كارّان Jérôme Carrein : متخلّف عقليّا، سكّير، ارتكب جريمة نكراء، ولكنّه أمسك البنيّة من يدها وأخذها أمام جميع أهالي القرية وقتلها بعد لحظات، وهذا يدلّ على أنّه كان يجهل القوّة الّتي كانت تدفعه. وأخيرا، الجندوبي، الّذي كان ذا رجل واحدة ومهما كانت فظاعة جرائمه- والكلمة هنا ضعيفة- فكان يحمل كلّ العلامات الدّالّة على انعدام التّوازن، ورغم ذلك، أخذ إلى منصّة الإعدام بعد أن انتزعوا منه رمامته Prothèse ..
هل بإمكاننا أن نزعم أنّه لو أبقي على هؤلاء الرّجال الثّلاثة أحياء في السّجون الفرنسيّة، فإنّ سلامة مواطنينا كانت ستتعرّض إلى الخطر بأيّ شكل من الأشكال؟
إليكم هذه الحقيقة البديهيّة الأولى: في بلدان الحرّيّة يكاد يكون الإلغاء هو القاعدة، أمّا في البلدان الّتي تهيمن عليها الدّيكتاتوريّةّ فإنّ عقوبة الإعدام تطبّق في كلّ مكان.
أعلم اليوم، وها هنا المشكل الأكبر، أنّ البعض يرى في عقوبة الإعدام ضربا من الملاذ الأخير، من الدّفاع الأقصى عن الدّيمقراطيّة ضدّ التّهديد الّذي يمثّله الإرهاب...
إنّ هذه الحجّة تنشأ عن جهل تامّ بالواقع. بالفعل، فالتّاريخ يبرهن أنّه إن وجد نوع من الجريمة الّذي لم يتراجع مطلقا أمام التّهديد بالموت، فهي الجريمة السّياسيّة...
موت الضّحايا وألمهم، هذه المصيبة الرّهيبة، تقتضي كمقابل ضروريّ، إلزاميّ، موتا آخر وألما آخر. وإلاّ، كما كان يصرّح بذلك وزير عدل سابق، فإنّ الرّعب والانفعال الّذين تسبّبهما الجريمة للمجتمع لن يهدآ. إنّ هذا يدعى على ما أعتقد قربانا كفّارا .sacrifice expiatoire والعدالة، في رأي مناصريّ عقوبة الإعدام، لا تتحقّق إذا لم يتمّ إعدام الجاني كجواب على موت الضّحيّة...
لنكن واضحين. إنّ ذلك يعني ببساطة أنّ شريعة القصاص ستستمرّ على امتداد الألفيات القانون الضّروريّ والوحيد لتحقيق العدالة الإنسانيّة...
كنت دائما، وأكثر من أيّ شخص آخر منهم، أقدّر مدى مصاب الضّحايا وألمهم. فأن تكون الجريمة نقطة الالتقاء، الفضاء الهندسيّ، للمصيبة الإنسانيّة، هذا ما أعرفه أفضل من أيّ كان. مصيبة الضّحيّة نفسها، ومن ثمّ مصيبة أهلها وأقاربها. مصيبة أهل الجاني أيضا. وأخيرا مصيبة القاتل في كثير من الأحيان. نعم، الجريمة مصيبة، ولا يوجد رجل ولا امرأة صاحب قلب وعقل ومسؤولية لا يرغب أوّلا في مكافحتها.
ولكنّ هذا الشّعور العميق بمصاب الضّحايا وألمهم، ولكنّ النّضال بكلّ السّبل في سبيل أن يتراجع العنف والجريمة عن مجتمعنا، لا يجب أن يفضيا إلى حتميّة إماتة الجاني.
الحقيقة هي أنّنا نجد في أبعد أعماق دوافع التّمسّك بعقوبة الإعدام رغبة، غير معلنة في أكثر الأحيان، في الإقصاء.
عدالة الإقصاء هذه، عدالة الرّعب والموت هذه، المقرّرة بما فيها من هامش صدفة، نرفضها. نرفضها لأنّها بالنّسبة إلينا مضادّة للعدالة، لأنّها الهوى والخوف المنتصران على العقل والإنسانيّة.
بنفس الوضوح، لا يقترح المشروع أيّ إجراء مرتبط بعقاب بديل معيّن. لأسباب أخلاقيّة أوّلا: فعقوبة الإعدام هي تعذيب، ولا نعوّض تعذيبا بآخر.
وثانيا لأسباب تتعلّق بالسّياسة وبالوضوح التّشريعيّ: فالمقصود الجماعيّ من العقاب البديل هي فترة من التّأكّد، أي مهلة مسجّلة في القانون يكون المدان خلالها غير مؤهّل للتّمتّع بإجراء السّراح الشّرطيّ أو بأيّ تعليق لعقوبته. فمثل هذا العقاب موجود بعد في قانوننا ويمكن أن تبلغ مدّتها 18 سنة.
غدا، بفضلكم، ستكفّ العدالة الفرنسيّة عن أن تكون عدالة تقتل. غدا، بفضلكم، لن يكون هناك ما يسبّب لنا الخزي الجماعيّ من إعدامات خفيّة، فجرا، تحت القبّة السّوداء، في السّجون الفرنسيّة. غدا، تطوى الصّفحات الدّمويّة لعدالتنا.
في هذه اللّحظة وأكثر من أيّ وقت مضى، لديّ شعور بتحمّل وزارتي، بالمعنى القديم للكلمة، بالمعنى النّبيل، بأنبل معنى ممكن، أي بأنّي في صلب «الخدمة». غدا، تصوّتون على إلغاء عقوبة الإعدام. فيا أيّها المشرّع الفرنسيّ، أشكرك من كلّ قلبي.
المصدر: الرّائد الرّسميّ، المداولات البرلمانيّة، الجمعيّة الوطنيّة، 18 سبتمبر 1981.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.