في العاصمة تونس خرجت يوما ما بعد الثورة مسيرة سلمية رقيقة في رقة نسائنا وأمهاتنا ورفيقاتنا للمناداة بالمساواة في الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء ورفعت شعارات تقدمية حداثية، ولكن هذه المسيرة السلمية وقع قمعها وكان البوليس السياسي بريئا هذه المرّة.. فالمعتدون مواطنون مثل المتظاهرين والمتظاهرات..يجمعهم وطن واحد وعلم واحد وأعطتهم فرصة الكلام ثورة واحدة..لكن رغم ذلك تمّ الاعتداء على المسيرة بالعنف اللفظي والجسدي ووقع تشتيت النساء ورفع في وجههن شعار الله أكبر إلى جانب الكلام البذيء والسب والشتم وعبارات ما تحت الحزام..ومرت الحكاية في صمت مريب يخفي ما يخفي من تكتيك البورجوازية الصغيرة قليلة الحياء... أسبوع يتيم بعد ذلك المشهد الشرقي تجددت الحادثة على شاطئ بوجعفر في سوسة جوهرة الوطن أين وقع الاعتداء مرة أخرى على تظاهرة نقابية سياسية شارك فيها عشرات المواطنين والمواطنات رفعوا مطالبهم للسلطة القائمة وللسلطة القادمة غير أن مجموعات من الأفراد اعترضوا المسيرة وحاصروها وكان السبّ والشتم والكلام البذيء وشعار الله اكبر في الموعد ثانية.. وكعادتها صمتت البورجوازية الصغيرة وأحزابها مساهمة بالفعل في ضرب حرية التعبير والتظاهر الذي طالما تغنّت بالمطالبة به تحت حكم ليلى الطرابلسي ونظام العمالة القذر... وتجدّد المشهد نفسه بعد أسبوع في عاصمة الجنوب حيث مارست نفس4 الأطراف نفس العنف على تظاهرة من نفس النوع...وبنفس الطريقة وبنفس العبارات تقريبا تفرق المتظاهرون من اجل دولة ديمقراطية علمانية ومن اجل دستور حداثي ومن اجل المساواة...فهل كان هذا التزامن في الاعتداء والعنف والتكفير والكلام باسم المقدس العمومي؟ وهل كان صدفة أم أن هناك ترتيب منظم تفرضه أطراف سياسية على اتباعها وتترك أهم التصرف في التفاصيل فوق الميدان؟ وبعد هذا وقبله، اين الاحزاب الديمقراطية واين النقابيون وأين تيّارات اليسار... هل ننتظر موقفا أم أنّ زواج المتعة ولذّة الجماع مازالت متواصلة؟