في شهر آذار »مارس« قالت الأرض كلمتها. وكانت كلمة خالدة جعلها المناضلون في عموم الوطن العربي عنوانا للتمسّك بالأرض، وبابا لفضح المشروع الصهيوني »الكولونيالي« لقد دأب المناضلون من اجل الحريّة، والمساندون لحق الشعب الفلسطيني في التحررّ والخلاص على التذكير كل يوم 30 مارس بوحشيّة الصهيونيّة وبحقّ الفلسطيني في أرضه وحرّيته. وبهذه المناسبة التأم بمقرّ الاتحاد الجهوي للشغل بمنوبة يوم الجمعة 1 أفريل 2011 بإشراف الأخ محمد بلخير الكاتب العام المساعد المسؤول عن قسم المرأة والشباب العامل والإعلام رفقة الأخ ماهر السالمي عضو المكتب التنفيذي الجهوي المسؤول عن قسم الوظيفة العمومية يوم نضالي حافل لجعل هذه الذكرى قريبة من الوجدان حيّة في العقول.كانت محاضرة الأستاذ عميرة علية الصغيّر، الأستاذ بالمعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنيّة بمنوبة، المدخل الرئيسي لهذه التظاهرة البارزة. عنوان المحاضرة كان »التونسيون والقضيّة الفلسطينيّة« 1948/1920 وكشف من خلالها ورقات منسيّة أو مهملة من علاقة الشعب التونسي في بدايات القرن العشرين مع قضيّة العرب المركزيّة. ولقد تتبع الأستاذ من خلال بحث دقيق، وتعامل منهجي مع وثائق بعضها لا يزال غير منشور أو التهمته أتربة وغبار المكتبات هذه العلاقة. فإذا التونسيون منخرطون منذ البداية افتضاح المشروع الصهيوني، وإنكشاف التواطؤ الإنجليزي في النضال من اجل كشف ذلك. وتعبئة الرأي العام ضدّه. بل أن التونسيين من اجل كشف ذلك، وتعبئة الرأي العام ضدّه انخرطوا في النضال الميداني، عبر جمع التبرعات والمساعدات وهو ما تكشفه الحملة الأهليّة المستجيبة لاستغاثة المقدّسيين عند أحداث البراق سنة 1930 وشارك الشيخ الثعالبي في مؤتمر القدس سنة 1931 نائبا عن عموم أهل شمال إفريقيا. وحتى سنة 1947 برهن التونسيون، في كلّ المناسبات عن هذا الانشغال والانخراط النضالي رغم الحاجة وضيق اليد والاستعمار الفرنسي، وتدلّ التحركات الشعبيّة ضد التغلغل الصهيوني في تونس على ذلك. غير أن أوج هذا الإنخراط النضالي تجلّي في المدّ التطوّعي الكبير للانخراط العملي في حرب التحرير إثر إعلان »دولة إسرائيل« فعلى الطريق إلى طرابلس كان المئات التونسيين المتطوّعيين في حالة ماديّة يرثى لها ومنها إلى بنغازي فمصر، وقلوبهم تهفوا إلى نصرة القدس وتحرير فلسطين، ولقد شارك عدد غير قليل منهم في القتال وإستشهد منهم كثيرون، مثل الشهيد علي بن صالح التونسي الذي أستشهد بيافا يوم 28 أفريل 1948، وعبد الحميد الحاج سعيد وبلقاسم عبد القادر ومحمد التونسي، الذين أستشهدوا بالقدس في ماي 1948... وغيرهم كثير. ومن أشهر المتطوّعين في حرب التحرير، عزالدين عزوز الذي كانت له خصومة كبيرة مع بورقيبة وخاصة البنبلي والازهر الشرايطي الذين أعدمهما بورقيبة سنة1962 . وقد شفعت المحاضرة بنقاشات مهمّة جدّا، أثراها النقابيون وممثلو أحزاب جبهة 14 جانفي واللجان القطاعية للمرأة العاملة واللجنة الجهوية للشباب العامل تناولوا من خلالها لطور هذه العلاقة في تونس ما بعد 1956. وركّز أغلبهم على ضرورة التمييز بين المواقف الرسميّة المتحفّظة بل المتواطئة، والمواقف الشعبيّة الداعمة للقضيّة المركزيّة للتحرر العربي. وفي الختام، أسهمت فرقة أجراس التي يقودها في العادة الفنان المتميّز عادل بوعلاق في تأثيث الجو، بأغاني هادفة وموسيقى راقية لأن الفن والثقافة من صميم النضال ومن جوهر الفعل الثوري،كما كانت قصائد درويش حاضرة، ومنها أطلّ الجميع على أرض فلسطين الحبيبة في يوم أرضها.