تعيش المهدية منذ الثورة المجيدة مجالا كبيرا للحريات العامة وطفرة سياسية افرزتها إرادة الشعب الحرة للعيش في ظلّ حكم جمهوري ديمقراطي مدني يقطع مع الحكم الديكتاتوري الاستبدادي الذي جمّد الحياة السياسية لعقود ونفر التونسيين عن الشأن العام. فشكل المواطنون لجانا محلية شعبية للدفاع المدني لحماية الممتلكات العامة والخاصة والاعراض وتكونت غرفة عمليات بدار الاتحاد العام التونسي للشغل بالمهدية للتنسيق بين هذه اللجان ووحدات الجيش والحرس الوطني والشرطة والولاية فتجسدت بذلك روح المواطنة الفعالة لمتساكني المهدية بمختلف مكوناتهم الجهوية الذين امنوا بضرورة حماية هذه الثورة المعطّرة بدماء شهدائنا الابرار والتي تحيط بها اخطار القوى المضادة والمرتهنة بالخارج من كل جانب والتي مازالت تحركاتها ومناوراتها تستهدف الالتفاف على مطالبه الشرعية ومطامحه في بناء الدولة الديمقراطية فاعلنوا عن تكوين المجلس الجهوي لحماية الثورة بالولايات يتركب من مختلف الاحزاب السياسية الناشطة بالجهة والجمعيات المدنية والمنظمات المهنية والشخصيات الوطنية المناضلة اضافة إلى ممثلي اللجان المحلية والقطاعية فكان إطار ممثلا للطيف السياسي والفكري والاجتماعي للمجتمع المدني تعمل بالتّوافق ضمن فضاء حواري تكويني تمارس فيه التعددية والحرية مساهما في الانتقال الديمقراطي فنظم ندوات سياسية هدفها تعزيز الممارسات الديمقراطية ومبادئ المجتمع المدني متخذا الحوار وسيلة تفاهم بين الجميع حتى يتحقق الوفاق الوطني إلى جانب حلقات النقاش السياسي التي تعجّ بها المقاهي والشوارع والانهج والمعاهد والكليات. فصار المواطن في مدينة المهدية يمارس مواطنته بكلّ حرية واصبح يصدح برأيه وخطابه مباشرة ودون خوف فخرجت المسيرات الشعبية الحاشدة السلمية والمؤطرة والاعتصامات وآخرها اعتصام المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بالولاية للاحتجاج ضد سياسة عدم مبالاة من طرف سلطة الاشراف للقضايا المطروحة جهويا وضرورة معالجتها واخذ القرارات الضرورية لمعالجتها ولئن نعتبر هذه الحمّى من الحريات علامة صحية وقطعا مع الماضي المستبد فإنّها محفوفة بالمخاطر والانزلاقات والانفلات فالكثير تطغى عليهم السطحية حيث ظهرت في الآونة الاخيرة رجوعا للنعرات الجهوية التي قوبلت بالشجب والرفض الشديدين من أغلب المتساكنين والمنظمات والهياكل والاحزاب الفاعلة بالجهة فكان من الضروري الاحاطة بعموم المواطنين عبر ورشات تدريب في الاحزاب والمنظمات والجمعيات من أجل تأسيس تقاليد لثقافة ديمقراطية متسامحة تحترم الرأي والرأي المخالف وترسي كذلك لثقافة الاختلاف والتنوع. فالحراك السياسي على أشدّه بالجهة هذه الايام فعقدت احزابا سياسية كثيرة بمختلف الوانها اجتماعات عام فكان الاقبال عليها مميزا ونوعيا فالمواطنون على تنوّع شرائحهم هبّوا للتعرّف على هذه الاحزاب عن قرب وعلى برامجها المستقبلية لتنمية ثقافتهم الحزبية ومهارات الدفاع عن الرأي فوفرت هذه اللقاءات إطارا لهم للتكوين المدني السياسي واساسا للتربية الانتخابية واستعداد للانتخابات القادمة ليضمنوا صوتا انتخابيا حرا مستقلا يضمن تطلعاتهم ويجسد ارادتهم. فالدعوة الى هذه الاحزاب ومختلف القوى السياسية لمجتمعه المدني للتكتل ضمن جبهات سياسية وطنية تقدمية تبحث عن مساحات مشتركة وصيغ توافقية للمسائل الجوهرية المطروحة وطنيا على غرار المجلس التأسيس سيكون المنطلق لرفع الدستور الجديد حتى نسهّل على المواطنين الانتظام وتأسيس رأي عام متضامن حول القضايا الكبرى فالانتقال الديمقراطي رهين الشعب التونسي والمواطنة الفعالة اساس بناء الجمهورية الديمقراطية المدنية تكون فيها السيادة للشعب الذي يمارسها عبر انتخابات تعددية وحرة وهنزيهة وشفافة وتمنع التمييز بين المواطنين وتنبذ جميع اشكال العنف وتحترم الحق في الاختلاف وتضمن الحريات العامة والفردية وحقوق المرأة والمساواة والحق النقابي.