هذا المساء جلست كثيرا لحزني... وقلت لمن سأتركك يا وجعي... ولمن ستتركني والكأس ضاقت بالأسئلة... لمن ستتركني والقصيدة تاهت في المسافات وانكسرت على عتبة الطريق، كلّ الأشياء المؤثرة في الأنثى والعظيمة جدّا في الكون مؤنثة يا أرضي... وكلّ الأشياء التي تفعل فعلها في الأنثى مذكرة يا وطني... وهذا سؤال آخر لفهم بقيّة المرحلة قبل اندثار الروح في زمن التفاهات الثائرة.. لكن يا صديقي في الوطن كم أشعر بتفاهتي عندما أقرأ للعظماء،، وأشعر بعظمتي عندما ألتقي التافهين فأزفهم بعض خرابي ويخرجون مُهلّلين..! ويزحف الزّمن كجرادة يُجرّدني من قشوري وأشيائي الجميلة القليلة، فأتوق إلى أن أصبح مولودًا جديدًا يحسّ بطعم الوجود وهو يرى النور لأوّل مرّة نغمات الناي تشعرني بالحنين تذيب في نفسي المسافات والساعات وتُوصلني بالبعيد... لكنّه الحلم دائما يهرب منّي إلي مشنوقا بحبل الوهم / الخراب... هذا أنا يا وطني ويا وجعي أفكّر بانبثاق النور ووحده الموت بحضوره يزرع الرعشة الصاخبة في جسدي الذي يحتضر وتنكسر على ضفتيه مجاديف الحياة. أبعث في لُجّة احتضاري شكوى استغاثة للكون وقد ترفض الشمس ويتشنج القمر.. ويكتبُ حزب عطارد رسائل التّنديد ويطلق حزب نبتون نكتته الساذجة ويكتفي حزب المريخ بالصّمت... لكنّه الموت لا يعترف بالوساطات فيغرق الكون في ظلمة التراجيد المرّة.. ولا أجد أمامي حيالَ هذا المارد الملتهب بالفناء الاّ أن أقف على السكون، فالكلمات ما عادت قادرة على استيعاب هذه الوحشة المتلاطمة كأمواج المحيط، فلا تَحمل يا وطني نوايا أكثر ممّا تحتمل ووحده السكون واللّيل بظلمته يعلم اتساع دائرة الموت في كينونتي.