أصدرت النقابة الاساسية لمتفقدي الشغل بيانا أعلنت فيه فشل المفاوضات مع وزارة الشؤون الاجتماعية موضحة انه جلسة عمل انعقدت يوم السبت الماضي بمقر اللجنة المركزية للتصالح وقد سجل خلالها تمسك ممثل النقابة بضرورة ادراج سلك تفقد الشغل ضمن الاسلاك الخصوصية وذلك باصدار مرسوم في الغرض. وامام عدم اصدار هذا المرسوم تمسك الطرف النقابي بالاضراب الذي نفذ لمدة 4 ايام بداية من يوم 2 الى غاية 5 أوت 2011. وقد حيّت النقابة الاساسية جميع المتفقدين انجاحهم لهذا التحرك النضالي على غرار التحرك السابق حتى يبيّنوا للوزارة والحكومة الوقتية، انهم متمسكون بهذا المطلب دفاعا عن خصوصية المهنة وتكريسا للمعايير التي ارستها الاتفاقية الدولية عدد 81. ان نقابة متفقدي الشغل التي تأسست منذ يوم 5 ديسمبر 2010 تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل قد تبنت طلبات متفقدي الشغل والتي نادوا بتحقيقها منذ اكثر من 30 سنة وتجاهلتها وزارة الاشراف منذ ذلك الحين. وقد صيغت هذه المطالب في لائحة مهنية في المؤتمر التأسيسي للنقابة ووجهت الى كل من الوزير الاول ووزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج. وقد أجمع المؤتمرون وقتها على: التمسك باحترام كل النصوص القانونية الوطنية والدولية التي تنظم عمل متفقد الشغل خاصة من حيث احترام الوظائف الاساسية وعدم الاضرار بها بإحداث وظائف تضرّ بحياده ومهامه القانونية. الالتزام بمبدأيْ الحياد والاستقلالية وان الانضمام للاتحاد العام التونسي للشغل لا يمس من مبدأ الحياد ازاء كافة الاطراف الاجتماعية. الرفض المطلق للمهام الاضافية التي جاء بها الامر المؤرخ في 25 اكتوبر 2010 في غياب هيكل شرعي يمثل سلك متفقدي الشغل للدفاع عن مصالحه. الاستياء من الاوضاع المادية والمعنوية لعمل متفقد الشغل التي اصبحت اليوم غير مواكبة لمتطلبات الادارة الحديثة ولتطلعات العاملين بسلك تفقد الشغل. وتتمثل أهم المطالب التي دونت باللائحة المهنية في: ادراج سلك متفقدي الشغل بالفصل 2 القانون الوظيفة العمومية الذي يضبط الأنظمة الأساسية الخاصة لبعض الاصناف من الاعوان. سحب الهيكل التنظيمي للادارات الجهوية للشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج على أقسام تفقديات الشغل والمصالحة. الارتقاء بصفة آلية في الخطة الوظيفية بعد بلوغ أقدمية خمس سنوات. تسوية الوضعيات التي لم تشملها الترقيات لسنوات عديدة. فتح المناظرات الداخلية سنويا للارتقاء في الرتبة. تمكيننا من منحة الحوار الاجتماعي والمحافظة على السلم الاجتماعية. تمكين متفقدي الشغل من منحة الاشراف على المفاوضات الاجتماعية. تحسين الظروف المادية للعمل (سيارات ادارية، مقرات عمل لائقة، وسائل اتصال عصرية، توثيق... الخ). حماية متفقد الشغل من كل ما شأنه ان يؤثر على استقلالية نشاطه أو يمس من كرامته ومن نجاعة أدائه لمهامه. وعلى اثر تأسيس نقابة متفقدي الشغل، تم استهداف اعضائها ومنخرطيها من طرف الوزير السابق وأزلامه في العهد البائد وبشتّى الضغوطات المادية منها والمعنوية لاجبارهم على الانسلاخ. الا ان متفقدي الشغل في كل الجهات كانوا متوحدين ووقفوا صفا واحدا لصد هذه الممارسات. اثر تولي الوزير الحالي السيد محمد الناصر مقاليد الوزارة بعد ثورة 14 جانفي المجيدة، استبشر متفقدو الشغل بهذا التعيين بحكم معرفة الرجل لهذا السلك وخصوصية المهام التي يقوم بها، مما جعل اعضاء النقابة يعقدون لقاءً أوليا معه يوم 3 فيفري 2011 نتج عنه الاعتراف بنقابة متفقدي الشغل كممثل شرعي لسلك متفقدي الشغل. الا ان مصالح الوزارة تباطأت في البت في طلبات متفقدي الشغل مما جعل النقابة تصدر عن طريق المكتب التنفيذي للاتحاد تنبيها مسبقا باضراب اول يوم 24 مارس 2011، انعقدت على اثره جلسة صلحية يوم 29 مارس حيث التزم ممثلو الوزير بتجسيم جل الطلبات وتم الاتفاق على تعليق الاضراب المزمع شنه يومي 4 و 5 افريل 2011. إلا أن أحد المطالب الاساسية المتمثل في ادراج السلك بالفصل 2 من النظام الاساسي العام للوظيفة العمومية لم يحظ بالاهتمام الجدي من طرف الوزارة الاولى مما جعل متفقدي الشغل يشنون اضرابا قانونيا ناجحا بكامل البلاد يومي 15 و 16 جويلية 2011 ، وعلى اثر عدم مصادقة مجلس وزراء الحكومة الوقتية على المرسوم المتعلق بادراج سلك تفقد الشغل ضمن الاسلاك الخصوصية، وقد اعتبر متفقدو الشغل هذا الموقف تجاهلا لأهمية سلكنا والمهام التي يقوم بها لاستتباب الأمن الاجتماعي بالبلاد. واعتبارا لتمسك كل متفقدي الشغل بكل هذه المطالب وتحقيقها، قامت نقابة متفقدي الشغل باصدار ببرقية تنبيه باضراب لمدة 4 ايام بداية من 2 اوت 2011 الى غاية 5 اوت 2011، حتى تثبت لكل الاطراف التزام هذا السلك بالنضال بكل الطرق في سبيل تحقيق أهدافه والدفاع عن كرامته خاصة بعد الرفض الغريب من مجلس الوزراء لادراجه ضمن الاسلاك الخصوصية تماشيا مع الاتفاقيات الدولية وخاصة الاتفاقية الدولية عدد 81 المتعلقة بتفقد الشغل. وللعلم فان المطالبة بادراج سلك متفقدي الشغل ضمن الاسلاك الخصوصية له مبرراته في الواقع والقانون: ان جهاز تفقد الشغل يعتبر من أعرق الاجهزة الادارية المكلفة بالمراقبة وتتمثل خصوصية هذا السلك في انه من الاسلاك القليلة التي أولته التشريعات الدولية اهتماما خاصا كرسته الاتفاقية الدولية رقم 81 التي اصدرتها منظمة العمل الدولية في 19 جوان 1947 بشأن تفتيش العمل في الصناعة والتجارة والتي صادقت عليها بلادنا منذ فجر الاستقلال بمقتضى الامر المؤرخ في 25 افريل 1957. وقد أكدت أحكام هذه الاتفاقية على ضرورة توفير عوامل استقرار متفقدي الشغل في وظائفهم وابعادهم عن اية مؤثرات خارجية، كما ألزمت الاتفاقية الحكومات المصادقة عليها باتخاذ التدابير اللازمة لتوفير ظروف عمل مادية تتماشى وطبيعة مهامهم الدقيقة وتغطية تكاليف عملهم. وتكريسا لهذه المبادئ جاء التشريع الوطني ليؤكد هذا التوجه الدولي حيث ضبطت مشمولات وصلاحيات متفقدي الشغل بمقتضى قوانين أهمها القانون عدد 27 لسنة 1966 المؤرخ في 30 افريل 1966 والمتعلق باصدار مجلة الشغل. ولا يزال جهاز تفقد الشغل والمصالحة في حاجة الى مزيد من الدعم ورعاية خصوصياته بما يتلاءم مع حجم مجهوداته الفعلية ودقة المهام المنوطة بعهدته وخاصة اتساع مجالات تدخله باكتساب أدوار جديدة أملتها التحولات الكبرى التي طبعت النسيج الاقتصادي والاجتماعي لمختلف بلدان العالم ومن بينها تونس وما نتج عن ذلك من تغير في العلاقات المهنية بين الاطراف الاجتماعية خاصة بعد الثورة. وتجدر الاشارة الى ان جهاز تفقد الشغل لا يتقيد عند ممارسة مهامه بما وقع ضبطه في مجلة الشغل في فصولها من 170 (جديد) الى 182 (جديد) ، انما تمتد هذه المهام لتلامس مشمولات اخرى بالغة الدقة والاهمية لها وثيق الصلة بدعم السلم الاجتماعية والحوار الاجتماعي بما يتيح أوفر الفرص لنمو اقتصاد البلاد وحسن العلاقات المهنية. وتتمثل اهمّ مهام متفقدي الشغل فيما يلي: ❊ مراقبة تطبيق الاحكام القانونية والترتيبية والتعاقدية الضابطة للعلاقات الشغلية او الناتجة عنها وذلك بجميع الانشطة المنصوص عليها بالفصل الاول من مجلة الشغل. ❊ مدّ المؤجرين والعملة بالارشادات والنصائح الفنية حول أنجع الوسائل لتطبيق تشريع الشغل. ❊ القيام بالمصالحة قصد البحث مع كل الاطراف المعنية عن الحلول الكفيلة بالوقاية من نزاعات الشغل الفردية والجماعية والتدخل لحسمها عند وقوعها. ❊ مساعدة الولاة في مهمة المصالحة لفضّ نزاعات الشغل الجماعية. ❊ معاينة الاضرابات والصد عن العمل. ❊ معاينة المخالفات المتعلقة بتطبيق تشريع الشغل وتحرير محاضر في شأنها تحال الى وكيل الجمهورية قصد التتبع وذلك باعتبار ان متفقدي الشغل هم من اعوان الضابطة العدلية. ❊ تحرير الاحصائيات على اختلاف انواعها في ما يخص ظروف العمل والتشغيل وذلك في الانشطة الخاضعة الى رقابتهم. ❊ متابعة هياكل الحوار بالمؤسسات بما من شأنه النهوض بالحوار الاجتماعي داخلها والتوقّي من نزاعات الشغل. ❊ الاشراف على اللجان القطاعية للتفاوض. وقد ساهمت هذه المهام في المحافظة على السلم الاجتماعية من خلال فضّ النزاعات الشغلية والتقليص من عدد ايام العمل الضائعة بسبب الاضرابات والصد عن العمل بما من شأنه المحافظة على ديمومة المؤسسات وعلى مواطن الشغل بها. واعتبارا لأهمية هذه المهام ودقتها، وتبعا للدور الاقتصادي والاجتماعي الذي يؤديه متفقد الشغل خدمة للبلاد، فان المنتمين الى سلك تفقد الشغل سيواصلون التمسك بالاعتراف القانوني بخصوصيتهم التي تجاهلها نظام العهد البائد لعقود عديدة.