كنت في مناسبات عدة وفي كل المحطات التاريخية المتعلقة بالمرأة لا أوافق تماما كل المطالبين بحرية المرأة ومساواتها بالرجل ليقين بداخلي. انهم يفعلون ذلك من منطلقات سياسية ضيقة من باب احراج السلطة والنظام القائم وبطبيعة الحال بما ان النظام غارق في لعبة السياسة القذرة تعامل مع الجميع بما يريدون فاندفع الى الامام في اتجاه جعل المرأة متمما لمكونات الديكور الديكور السياسي المطلوب من الداخل والخارج لدرجة ان بلادنا اصبحت عند بعضهم مضربا للأمثال في حرية المرأة واقتحامها كل الميادين وبعد الثورة واصل المناصرون لهذا الجانب في مطالبتهم بحقوق المرأة ومساواتها بأخيها الرجل وبما ان النظام الذي كانوا يُحَاجُونَهُ في الامر قد سقط بمفعول الثورة التي فتحت الابواب على مصراعيها امام الجميع للعودة للميدان السياسي العلني بالنسبة الى البعض ممن كانوا مشردين ومنفيين عن الوطن او الذين كانوا متسترين بالحزب الحاكم بالنسبة للبعض الآخر ومن كان مسكونا بالخوف من نفس الحزب الحاكم فجأة ازدحمت الساحة بالاحزاب المتنوعة التوجهات والاديولوجيات وبشر جميعهم التونسيين وخاصة التونسيات بالنعيم والديمقراطية والتشغيل والحد من البطالة والغاء جوانب كبيرة وكثيرة من القوانين المجحفة كل حسب تقييمه للوضع من منظور توجه حزبه ان يسارا فيسار وان يمينا فيمين لكنهم التقوا جميعهم في خانة واحدة وتفننوا في العزف على أوتارها متوجهين بإصبع الاتهام لحركة النهضة بعد ما اراحتهم الثورة من التجمع فانهالوا على ممثليها ونوابها وانصارها في كل المناسبات والمنابر والندوات وكم كانت كثيرة ومتعددة التي بثتها المحطات التلفزية بالبلاد وأجزم ان العديد منها كان موجها وطرح بعض المسائل خلال نقاشاته مبرمجا ومحسوبا مسبقا حتى الضيوف يتم اختيارهم بصفة مدققة وكان اخطر موضوع يطرح ويستغرق اكبر جانب من وقت البرنامج هو حرية المرأة ومكانتها ونظرة النهضة لها وما رأي الاسلام في كذا من حقوق المرأة وما موقف الشخصية (النهضوية) من تعدد الزوجات وكيفية الطلاق وزواج المتعة وزواج المسيار والميراث وحقها في تقاسمه مناصفة مع أخيها الرجل حتى جاء قرار الهيئة العليا لحماية الثورة بضرورة المناصفة في القوائم الانتخابية والتي لم تعجب الكثير من انصار المرأة ممن يسمون انفسهم بالمتفتحين والعلمانيين وانصار الديمقراطية وأعداء الرجعية واعتبروا ان قرار المناصفة خطوة صغيرة الى الامام حتى ان بعض النساء الديمقراطيات اعتبرنه ايجابيا لكن لابد من دعمه حتى لا تتعثر المرأة وتخسر من المقاعد والمناصب النيابية مثل ما تتمتع به في العهد البائد وحتى لا تمّحي صورتها من على المنصات الشرفية وحضورها الاجتماعات التشريفاتية والوقوف في الصفوف الامامية لاستقبال الرئيس عند زيارته لمقر حزبه او حتى لزيارة مأوى للعجز وبقيت انتظر موعد صدور القوائم الانتخابية حتى اقف على حقيقة نظرة التقدميين ببلادي للمرأة وصدق ممارسة الديمقراطية الذي بحت اصواتهم بالمطالبة بحقوق المرأة واعطائها الفرصة لاثبات ذاتها وقدرتها على التعاطي مع الشأن السياسي والاجتماعي بالبلاد شأنها شأن اخيها الرجل الذي لا تقل عنه فكرا ولا علما وقدرة على التسيير وتحمل المسؤوليات على اختلاف درجاتها وكأني بالثورة لم تأتي فقط لكشف النظام السابق ومناصريه والعائلة المالكة وتظهرهم على حقيقتهم امام الرأي العام الداخلي والدولي فهي لم تستثني أحدا من ذلك حتى من يدعون الديمقراطية وحقوق الانسان والمساواة بين المرأة والرجل لهم جانب قبيح في سلوكهم كانوا يتسترون عنه وراء بشاعة السلطة التي كنا جميعا نعيب عليها سَلْعَنَة المرأة والمتاجرة بقضاياها سرا وعلنا وتوظيفها في المواضع التي يحط من قيمتها الانسانية من معنوياتها كائنا بشريا وصفها الحداد بنصف المجتمع والمسؤولة على تربية نصفه الآخر ولما حان موعد ممارسة تلك الشعارات التي كانت ترفع في وجه النظام والظلاميين واعداء الحرية للمرأة والذين يعتبرونها أداة متعة فحسب كانت المفاجئة حيث اصطف الجميع على نفس الخط وبقوا على نفس المسافة من المرأة كلهم سواء الديمقراطي والتقدمي والوطني والتنموي والخوانجي والتحرري. وما الى ذلك من اسماء الاحزاب التي لا يمكن تعدادها ولا تسميتها نظرا لكثرتها وتشابهها في الالقاب وهذا ليس تحاملا على اي حزب وتعاطفا مع آخر أبدا وأنا يعرفني الجميع لا أنتمي سياسيا لكني أعيش هموم الوطن والمرأة من خلال نشاطي النقابي داخل الاتحاد العام التونسي للشغل الذي هو النافذة الأصح والزاوية الاكثر اطلاعا على المشهد الوطني لأجل ذلك كانت ومازالت المرأة محترمة وتناضل في صلبه شأنها شأن أخيها العامل او المسؤول النقابي لا تهدى اليها داخله المسؤولية النقابية بل تقتلعها اقتلاعا بنضالها وصدقها وحماستها في التعاطي مع القضايا العمالية حيث رفض النقابيون على امتداد السنوات الماضية مبدأ التسميات ان المحاصصة داخل الهياكل انما صندوق الاقتراع هو الفيصل بين المرأة والرجل والمكانة لمن رضيه العمال لا لمن وقعت تعيينه او تزكيته لسبب من الاسباب من اجل ذلك انا أتحدث دون مركبات ولا حسابات لهذا الطرف أو ذاك والمتتبع للقوائم المترشحين للمجلس التأسيسي المقرر ليوم 23 اكتوبر 2011 يلمس فعلا مبدأ المناصفة وهو أمر جميل والتزام من الجميع بهذا العنوان لكن حظ المرأة يقف عند هذا الحد ولا يمكنها ان تطمع في ما هو اكثر يكفيها شرفا انها كانت متواجدة في القوائم الانتخابية بنفس العدد مع أخيها الرجل في الحزب المنتمية اليه وبما ان العملية الانتخابية تعتمد على انتخاب القوائم بمعنى ان الاولوية لرئيس القائمة في المركز الاول فكم من قائمة تترأسها امرأة من جملة القوائم المترشحة لجميع الاحزاب البالغة 1600 قائمة فهي تعد على الاصابع وهنا مربط الفرس وتبرز عديد التساؤلات لماذا لم تمتد فكرة المناصفة عند انصار المرأة والعلمانيون والتقدميون وغيرهم الى حد ان عدد رؤساء القوائم عندهم يكون مناصفة بين المرأة والرجل بمعنى من له عشرون قائمة يكون رؤساء القوائم فيها عشرة رجال وعشر نساء؟ لماذا جعل الجميع دون استثناء المرأة من الخوالف عند تحديد رؤساء القوائم؟ هل يا ترى اتفق جميعهم على مقولة المرأة ناقصة عقل ودين؟ هذه الاقوال والامثلة كان الجميع يحاربها من منطق مناصرة المرأة واحراج السلطة والاحزاب ذات التوجه الديني اين الحاصلات على الدكتوراة في جل الميادين العلمية؟ اين الطبيبات؟ والمحاميات؟ اين دراسات القانون والقاضيات اللاتي كنا نفاخر بهن ونعتبرهن من ثروات الوطن؟ ام ان الثورة قدمت الدليل بما لا يدع مجالا للشك ان حديث المنابر والصالونات هو غيره لما يخلو الجميع بعضهم لبعض ولما تكون المصالح الشخصية محل رهان؟ مع خالص تحياتي لكل امرأة مناضلة صاحبة مبادئ وهن كثيرات والحمد لله فلا يغرركن معسول الكلام من بعضهم ولا أريد هنا ان استعرض بعض التصريحات لكبار السياسيين بالبلاد حول موضع ترأس المرأة للقوائم الانتخابية لأنها مخجلة وغير مشرفة لأصحابها في حق المرأة الثائرة والمناضلة يوم 14 جانفي من اجل هذا الاستحقاق الدستوري وللحديث بقية.