ميزانية التعليم العالي ترتفع إلى 2.3 مليار دينار... والبحث العلمي أكبر المستفيدين!    صابة التمور: توفير مخازن تبريد للفلاحين بهذه الولاية..#خبر_عاجل    عاجل: إمكانية اجراء تغييرات كبيرة في تشكيلة المنتخب أمام الأردن    مدنين: جلسة تاسيسية لبعث اول شركة اهلية محلية نسائية في الصناعات التقليدية ببن قردان    مشروع ميزانية الدولة 2026: نواب يحذرون من تعميق تعثر الانتقال الطاقي بسبب تقليص ميزانية وزارة الصناعة    عرض التجربة التونسية في مجال النجاعة الطاقية امام مؤتمر اطراف اتفاقية الامم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ    عاجل/ الأجراء والمتقاعدون مدعوّون للتصريح بالمداخيل قبل هذا الأجل    قابس: تعرض12 تلميذا الى الاختناق واحتقان في صفوف الأهالي    شاب يفاجأ باختفاء قبر والدته..ما القصة؟!..    عاجل/ حكم قضائي جديد بالسجن ضد الغنوشي..    الصين تندد بموافقة أمريكا على صفقة أسلحة لتايوان    الإفتاء الفلسطينية: إحراق مسجد في الضفة الغربية "جريمة نكراء"    هيئة البث: مسودة قرار أميركي تدفع نحو إقامة دولة فلسطينية    تحكيم تونسي يدير مواجهة المنتخب الأردني ونظيره المالي    يتسللان الى منزل طالبة ويسرقان حاسوب..    عاجل: أمطار غزيرة وبرد يضربوا كل مناطق هذه البلاد العربية اليوم!    إنطلاقا من 20 نوفمبر مهرجان غزة لسينما الطفل في جميع مدن ومخيمات قطاع غزة    شوف وقت صلاة الجمعة اليوم في تونس    يوم صحي متعدد الاختصاصات يوم الخميس 20 نوفمبر بالمكتبة الجهوية بقابس    ردّا على برنامج أيام قرطاج المسرحية: الجمعيّة التّونسيّة للنّقّاد المسرحيّين غاضبة    عاجل: وزارة التربية تفتح مناظرة نارية...فرص محدودة    آبل تطلق جواز السفر الرقمي...    رشفة واحدة ليلاً قد تكلفك صحتك: كوب الماء بجانب السرير خطر صامت!    إيصالات التسوق قاتلة بصمت: مواد كيميائية تهدد صحتك!    السكّر كيف يطيح ينجّم يتسبّب في الموت...كيفاش؟    7 سنوات سجناً لشاب ابتزّ فتاة ونشر صورها وفيديوهات خاصة    ثنائي يرفع راية تونس في نهائيات سباقات السيارات الإلكترونية    عاجل/ وزير أملاك الدولة يكشف عدد العقارات التابعة للأجانب التي سويت وضعيتها..    عاجل/ ديوان الزيت يعلن عن موعد انطلاق قبول زيت الزيتون من الفلاحين..    الرابطة الأولى: تعزيز جديد في صفوف الترجي الرياضي    سفارة تونس ببلجيكا تنظم تظاهرة ترويحية للتعريف بأهمية زيت الزيتون التونسي    الكاف : إفتتاح موسم جني الزيتون    نابل: 2940 زيارة مراقبة خلال الشهرين الاخيرين تسفر عن رصد 1070 مخالفة اقتصادية    محرز الغنوشي: عودة منتظرة للغيث النافع الأسبوع القادم    الجزائر: 22 حريق في يوم واحد    مونديال قطر 2025: المنتخب التونسي يواجه النمسا في ثمن النهائي..هذا الموعد    عاجل/ "الأونروا" تطلق صيحة فزع حول الوضع في غزة..    خطير/ قلة النوم تدمر الانسان..دراسة تكشف وتحذر..    وزير البيئة: 10 آلاف طن نفايات يوميا وتجربة لإنتاج الكهرباء منها    النائب طارق المهدي: ضريبة على الثروة... ضريبة على النجاح    ''حُبس المطر'': بالفيديو هذا ماقله ياسر الدوسري خلال صلاة الاستسقاء    تصفيات مونديال 2026 : إيطاليا تنتظر للحظات الأخيرة لتفوز 2-صفر في مولدوفا    وفاة محمد صبري نجم الزمالك ومنتخب مصر السابق    اتحاد الشغل بصفاقس: إضراب ال68 مؤسسة "خيار نضالي مشروع" وسط تعطل المفاوضات الاجتماعية    ولاية تونس: جلسة عمل حول الاستعدادات لتنظيم الدورة 26 للمهرجان الدولي لأيام قرطاج المسرحية    حفل تسليم جائزة العويس الثقافية/ المؤرخ عبد الجليل التميمي ل"وات" : تتويجي هو دليل على مواكبة ذكية لمسيرتي    رونالدو يرتكب المحظور والبرتغال تتكبد خسارة قاسية تهدد تأهلها المباشر إلى مونديال 2026    فرنسا تهزم أوكرانيا وتحسم تأهلها رسميا إلى كأس العالم 2026    الجمعة: الحرارة في ارتفاع طفيف    كم مدتها ولمن تمنح؟.. سلطنة عمان تعلن عن إطلاق التأشيرة الثقافية    خطبة الجمعة ...استغفروا ربّكم إنه كان غفّارا    الاختلاف بين الناس في أشكالهم وألوانهم ومعتقداتهم سنّة إلهية    أيام قرطاج المسرحية ..يحيى الفخراني نجم الدورة و«حلم» الجعايبي يتحقّق    حالة الطقس هذه الليلة    ديوان الافتاء يعلن نصاب زكاة الزيتون والتمر وسائر الثمار    عاجل : وفاة المحامي كريم الخزرنادجي داخل المحكمة بعد انتهاء الترافع    سوسة: طفل العاشرة يحيل شيخ إلى غرفة الإنعاش    تعاون ثقافي جديد بين المملكة المتحدة وتونس في شنني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرفية عالية وجمالية.... لكن!
«آخر فيلم» للنوري بوزيد :
نشر في الشعب يوم 24 - 02 - 2007

انطلق النوري بوزيد في أعماله السينمائية بما يعرف بشريط المخرج بشريطية «ريح السدّ»، «وصفائح من ذهب» في بداية قوية نسبيا ثم عاد الى هذه النوعية في شريط ما قبل الاخير «عرائس الطين». وفيما بين هذين وذاك «بزناس وبنت فاميليا» ولئن كان عنوان شريطه الاخر الفائز بجائزة التانيت الذهبي في الدورة الاخيرة للمهرجان «آخر فيلم» فإننا لا نظن انه قد القى بكل ما عنده...
ينحو بوزيد في تقديرنا في اعماله الثلاثة المذكورة وهذا العمل الاخير منحى بنيويا ويميل الى الرمزية فيما يحاول من التجريب احيانا وقد توخى في هذا الشريط تقنية ما يعرف في قاموس السينما ب «شريط على شريط» «MAKING OFF وتتمثل هذه التقنية في الخروج عن السياق الدرامي المتخيل الى المعيش المباشر لاعتراض او موقف او فكرة مغايرة وتعرف بصفة مشابهة في الأعمال السردية والروائية خاصة لدى اعلام ومنظري الواقعية الجديدة بمبطلات التحليل النفسي والاجتماعي والايديولوجي وتمحيص «الفن للفن» أو اثبات «ادبية الادب»..
ويبدو أن بوزيد قد اضطر الى توخي هذه التقنية في تناول قضية خطرة وحساسة جدا يجوز وضعها في خانة «الثالوث المحرم» تتعلق بالدين والسياسة والحكم وذلك في اطار ما يجري حاليا على الساحة الوطنية والاقليمية والعالمية من الصراع العنيف بين الغرب والمسلمين نعني... الامبريالية والصهيونية الصليبية الجديدة فيما يسميه الغرب ب «الارهاب الاسلامي».
والواضح ان بوزيد قد ركب هذه التقنية لتزيل الرأي والرأي المخالف: (رأي المخرج ورأي الممثل والمتلقي) على معنى ان رأي بوزيد كان على مستوى كتابة السيناريو والاخراج للشريط انما هو فرد ضمن الفريق الذي قام بإنجاز هذا الشريط والمتلقين له ايضا.. ولو نجوزا بحيث يضع مفهومه اللائكي للدين وموقفه من الحركات السياسية و»النضالية» الاسلامية عامة موضع نقاش فكري يتقابل مع مفاهيم ومواقف اطراف تشاركه في نفس الانجاز لذلك العمل... وذلك ما قد يحمي الشريط فنيا وأدبيا من التوظيف او المتاجرة.
أجل لقد اوقف المخرج عجلة الصراع الميلودرامي فجأة وتصدى للبطل (لطفي العبدلي) في ضراعة وتوسل لاقناعه بمواصلة تشخيص الشريط الثاني الموازي او النقيض للاول الذي شخصه البطل (الطيش والعربدة والخمر والرقص، والفنيات والتمرد، إلخ) فيما ترك له الفرصة في سلاسة للتعبير عن رأيه المناقض والمناهض لرأي المخرج وقناعته بأن الاخر يأتي نفس الصنيع وبأدوات ووسائل أشد ضراوة تحت غطاء الديمقراطية وحقوق الانسان.. وفي لهجة حادة لا تخلو من إحتقان... مما قد يستجيب الى ما يسعى إليه المخرج من اثبات الشراكة بينه وبين البطل في انجاز الشريط.
فإلى أي حدّ يمكن ان توفر تلك البنية المباشرة بين الشريطين بوجهيهما المتناقضين من حظوظ التوازن والموضوعية وبالتالي الاقناع الفني والفكري والجمالي.
أجل ان بطولة الشريط كانت محورية وقد ادرك البطل قمة الامتياز في القيام بدوره في الشريط الاول ونال جائزة احسن ممثل بجدارة واضحة قد ترجح حصول التوازن بينه وبين المخرج على مستوى الابداع ولكن المخرج وصاحب السيناريو قد انقلب عليه في الشريط الثاني فقد كان صاحب الشريط يمثل خطة اعدها المخرج اذ بدا البطل مسلوب العفوية والتلقائية والتوهج الذاتي على نقيض ما كان عليه في الشريط الاول ولم يجد دفاعا عن نفسه في تدخلات مباشرة ناقما اومستنكرا لما وضعه فيه صاحبه من التهشيم للذات... يجلس في خشوع بين يدي ذلك الداعية يتلو القرآن في المقبرة ويقبض مبالغ مالية مقابل التزامه...
وفي خضم هذا النجاح والسجال يجف نسغ الوجدان ويتخشب الصراع الميلودرامي ليسطو الاسقاط والتوظيف وتذوي اشراقة الفن وتتوارى جماليته ويذهب الزبد في الرغى...
ويتمثل الاسقاط في تسريب نفس الصورة التي يحملها الغرب واليسار المتطرف عن تلك الحركات الاسلامية في مفهومهم للدين وتلقينه وتوظيفه ومنهجهم في استقطاب المريدين واستخدامهم الحركي والسياسي وبالخصوص في المنازلات «الاستشهادية» فيما اسماه الغرب ب «الإرهاب الاسلامي» اذ يصر الغرب على عدم اعتبارهم «فدائيين» لأوطانهم ودينهم وحضارتهم بكل ما لديهم حتى حياتهم وينفي عنهم تأصل العقيدة وعمق الوطنية ويغزو ما يقدمون عليه من التضحية الى الخصاصة واليأس من الحياة وكون الفاعلين هم مؤجرون مسبوقوا الدفع وتلك صورة البطل حرفيا في هذا الشريط حيث استغل ذلك الداعية سحقه الاجتماعي وكان يفكر في «الحرق» لذلك الواقع الذي يكابده شخصيا وعائليا ودفع له مالا شجعه المخرج على تسلمه لتنطلي الخطة...
وتجذيرا لهذه الصورة يعمد المخرج الى ابراز صورة الشيخ اسامة بن لادن في إطار يشبه الوحش ويرشق المقاومة العراقية بسهام تهكمية وكأنما يتعمد عدم التفريق بين المقاومة الشرعية الباسلة والارهاب الايراني والصهيوني المندس وعملائهما من الغوغاء في العراق وما حوله حيث يتماهى مطلقا مع خطاب الاحتلال الغربي والصهيوني.
واعتقادنا أن لذلك الإسقاط وظيفة وثمنا هو فتح الطريق لتوزيع الشريط ثم الوقوف على عتبات «هوليوود وكان» وحتى «البندقية» وغيرها.
إن هذا الشريط يشخص الى حدّ كبير ما رأينا من «واقع سينما الجنوب» أو الكثير منها، فهناك حرفية وجمالية وتطلعات تجريبية تدنو من العالمية ولكن قل أن تسلم من أدواء تنخرها من الخارج ومن الطريف ان تكون لجان التحكيم على المقاس غالبا كإدارة المهرجان...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.