ياسين مامي: هذا البرلمان يُعدّ من أكثر البرلمانات التي تقدّمت بمقترحات قوانين"    هل سيؤدي فوز الرئيس ميلي في انتخابات التجديد إلىتعزيزالإصلاحات في الأرجنتين؟    القضاء الفرنسي يأمر بالإفراج عن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي    الترجي الرياضي - اصابة في الرباط الصليبي ليوسف البلايلي واخرى عضلية ليان ساس    إرتفاع في ميزانية وزارة الداخلية    تقلبات جديدة ..كيف سيكون الطقس طيلة هذا الأسبوع؟..    المهرجان الدولي لفنون الفرجة ببوحجلة: مشاركات من فرنسا والسينغال والمغرب    عاجل/ حماس تقدم مقترحا لخروج مقاتليها العالقين..    بداية من 12 نوفمبر: "السنيت" تعرض شقق من الصنف الاجتماعي للبيع في سيدي حسين    تحوير جزئي لمسلك خطي الحافلة رقم 104 و 30    هذه الدولة تبدأ استقبال رسوم حج 2026...وتؤكد على عدم الزيادة    في اختصاصات متعدّدة.. تفاصيل انتدابات وزارة التربية لسنة 2026    ردّ بالك: 7 أخطاء تعملهم للسلطة تفقد قيمتها الصحية    في الرياض: وزير السياحة يجدّد التزام تونس بتطوير القطاع ودعم الابتكار السياحي    سليانة: تقدم موسم البذر بنسبة 30 بالمائة في ما يتعلق بالحبوب و79 بالمائة في الأعلاف    ميزانية التربية 2026: مدارس جديدة، حافلات نقل، وترميم ...شوفوا التفاصيل    عاجل: الزّبدة مفقودة في تونس...الأسباب    الأهلي بطل للسوبر المصري للمرة ال16 في تاريخه    كميات الأمطار المسجّلة خلال ال24 ساعة الماضية    جامعة لكرة القدم تتمنى الشفاء العاجل للاعب ويسيم سلامة    الرابطة الثانية: برنامج مباريات الجولة التاسعة    بطولة فرنسا: باريس سان جرمان يتغلب على ليون وينفرد بالصدارة    صالون التقنيات الزراعية الحديثة والتكنولوجيات المائية من 12 الى 15 نوفمبر 2025 بالمعرض الدولي بقابس    عاجل: هبوط اضطراري لتسع طائرات بهذا المطار    بنزرت: وفاة توأم في حادث مرور    عاجل-التواريخ الهامة القادمة في تونس: ماذا ينتظرنا؟    ''واتساب'' يُطلق ميزة جديدة للتحكم بالرسائل الواردة من جهات مجهولة    فتح باب الترشح لمسابقة ''أفضل خباز في تونس 2025''    عاجل/ طائرات حربية تشن غارات على خان يونس ورفح وغزة..    البرلمان يناقش اليوم ميزانية الداخلية والعدل والتربية والصناعة    تأجيل محاكمة رئيس هلال الشابة توفيق المكشر    عاجل: غلق 3 مطاعم بالقيروان...والسبب صادم    عاجل/ نشرة تحذيرية للرصد الجوي..وهذه التفاصيل..    عاجل: عودة الأمطار تدريجياً نحو تونس والجزائر بعد هذا التاريخ    إنتر يتقدم نحو قمة البطولة الإيطالية بفوز واثق على لاتسيو    بطولة اسبايا : ثلاثية ليفاندوفسكي تقود برشلونة للفوز 4-2 على سيلتا فيغو    علاش فضل شاكر غايب في مهرجانات تونس الصيفية؟    تونس: 60% من نوايا الاستثمار ماشية للجهات الداخلية    لن تتوقعها: مفاجأة عن مسكنات الصداع..!    دواء كثيرون يستخدمونه لتحسين النوم.. فهل يرتبط تناوله لفترات طويلة بزيادة خطر فشل القلب؟    أفضل 10 طرق طبيعية لتجاوز خمول فصل الخريف    عاجل/ فاجعة تهز هذه المعتمدية..    زيلينسكي: لا نخاف أميركا.. وهذا ما جرى خلال لقائي مع ترامب    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية مفاجئة ويُنقل للمستشفى    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    رواج لافت للمسلسلات المنتجة بالذكاء الاصطناعي في الصين    مجلس الشيوخ الأمريكي يصوت لصالح إنهاء الإغلاق الحكومي    الشرع أول رئيس سوري يزور البيت الأبيض    أيام قرطاج المسرحية 2025: تنظيم منتدى مسرحي دولي لمناقشة "الفنان المسرحي: زمنه وأعماله"    حجز أكثر من 14 طنا من المواد الفاسدة بعدد من ولايات الجمهورية    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النساء في مؤتمر طبرقة: هل هي خيبة موضوعية أم رفض ذكوري ؟
نشر في الشعب يوم 07 - 01 - 2012

الاتحاد العام التونسي للشغل تلك القلعة العريقة المتينة البنيان، الاتحاد، البطحاء القطاعات، الاقسام، الاتحادات الجهوية، النقابات الاساسية، النساء، الرجال المناضلات، المناضلون الحداثة، المدنية، الديمقراطية، التقدمية هي بعض من مفردات ترسم بتفاصيلها صورة الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان دائما حضنا للجميع ومأوى سكن اليه الكلّ عندما ضاقت الساحة على الجميع نراه اليوم يضيق بشريحة مهمة من ابنائه بل من بناته او مناضلاته الباسلات...
لقد كان الكثير يعيبون على المنظمة تحليقها دائما بجناح واحدة هي جناح الرجال دون النساء وجاءت ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي وتأكد الجميع انها ستجبّ ما قبلها وتخرج الاتحاد من حالة غير طبيعية الى حالة طبيعية وستجعل اكثر الرجعيين يتأكد ان البلاد والمنظمة اليوم في حاجة لكل ابنائها ذكورًا واناثا... ولكن فوجئ الكثير... لقد كان المؤتمر الثاني والعشرين للاتحاد في علاقة بالنساء المناضلات اسوأ من سابقيه باعتبار الحالة الثورية، فقد تراجع عدد النيابات الممنوحة للنساء كما لم تفز أية امرأة بمقعد في المكتب التنفيذي وقد ترشحت ثماني نساء ولم تفز أي امرأة بمقعد للجنة النظام التي ترشحت لها امرأتان. والسؤال المطروح هنا ما السبب في ذلك خصوصا والبلاد تعترف بجهد نسائها في كل المواقع فها أن اتحاد الصناعة والتجارة ترأسه امرأة وها ان جمعية القضاة التونسيين ترأسها امرأة وكذلك نقابة القضاة، كما ترأس النقابة الوطنة للصحافيين امرأة وقد تحصلت المترشحات الخمس لمكتب الرابطة التونسية لحقوق الانسان على ارفع الاصوات وتفضلت بمنح الرئاسة لمناضل رجل؟ فلماذا تنال النساء في الاتحاد العام التونسي للشغل جزاء سنمار هل للهيكلة المنظمة دور في هذا هل لطبيعة منح النيابات دور هل ان طبيعة الفعل النقابي للمرأة واداءها هو السبب هل هي عقلية النواب المتحجرة التي لم تؤمن بقدرات المرأة هل من المعقول ان نجد اليوم من يُحدث الضجيج ويطلق النعوت السيئة على امرأة تطالب مؤتمر اتحاد الشغل اثناء حفل الافتتاح باهمية التزامه بشرط المساواة بين ابناء البلد الواحد وبناته...
اسئلة توجهنا بها لبعض المناضلات في المنظمة منهن مترشحات ومنهم غير ذلك محاولين متابعة مرارة الخيبة غير اللائقة بتونس الثورة فكان الوجع التالي الاخت امنة العوّادي مناضلة من قطاع التعليم الاساسي ولم تترشح للمؤتمر توجهت اولا بتحية وفاء لشريفة المسعدي ونجاة المحمدي ونايلة جراد ودرّة محفوظ وحفيظة شقير واخريات اعتذرت لعدم ذكر اسماءهن واخريات في نظرها مناضلات من خمسينات القرن الماضي وفي كل المحطات مرورا بازمتي 78 و85 إلى ثورة 17 ديسمبر 2010 14 جانفي 2011 راكمن التجربة النضالية بامتياز والحنكة للسياسية بحكمة والقدرة العلمية بذكاء والمهارة المعرفية بتفوق في تونس تلك الاميرة التي عرف تاريخها الحداثي عبر القرون تمييزا للمرأة وتقديرا لها بدءًا بعليسة وامرأتنا في الشريعة والمجتمع مرورا بمجلة الاحوال الشخصية وصولاً الى قانون التناصف، واكدت امنة العوادي ان الارث العظيم لن يسمح كما لن يسمح التاريخ لاحفاد الحامي والحدّاد وحشاد والتليلي وعاشور و14جانفي ان تغيب المرأة من قيادة المنظمة الوطنية العريقة الاتحاد العام التونسي للشغل على مستوى المكتب التنفيذي ولن تنسى الذاكرة النقابية ما قامت به المرأة النقابية المناضلة ودورها الريادي ماضيا وحاضرا في الدفاع عن المنظمة اثناء الازمات واثر الهجمات الشرسة الاخيرة، لقد كانت في مواقع العمل وفي الشارع وفي بطحاء محمد علي الملحمية، وتواجدت المرأة جنبا الى جنب مع المناضل النقابي لتحمي المنظمة والبلاد من شر العباد ولكن للاسف قوبل هذا النضال والعطاء والمثابرة والمسؤولية بالجحود والنكران واقصيت المرأة من تسيير شؤون الاتحاد واخذ القرار ولم يكن هذا الاقصاء الا انعكاسًا لتغلغل عقلية ذكورية لم تتنازل فيها الحسابات السياسية والقطاعية والجهوية للمرأة ولم تنصف فيها نضالات المرأة وقدرتها وكفاءتها وجدارتها رغم الحملة الميدانية والاعلامية للمناضلات والبيانات والاتصالات باصحاب «النفوذ النيابي» الذي نفتقره نحن النساء ومحاولات اقناع النقابي قبل المؤتمر واثناءه بضرورة تواجد المرأة في المكتب التفنيذي واستحقاقه لكن دون جدوى...
فالمؤتمر العادي 22 للاتحاد انتهى بقوّة وشفافية وديمقراطية وانتهى معه بمرارة حلم راود مناضلات الاتحاد لكنه لم ينهي احلامنا الاخرى، سيبقى الاتحاد بيتنا وسنناضل وذلك قدرنا ولكن بطرق واستراتيجيات اخرى وسنفكر جميعا في اليات وادوات ووسائل لانصاف المرأة واعطاءها المكانة التي تستحق، مستقبلا لن يكون انخراطنا بنسبة 47 ٪ هباء ولن يكون تحملنا للمسؤوليات الوسطى هامشيا ولن يكون تواجدنا باللجان والمكاتب مسكّنا ولن يكون تمثيلنا للاتحاد العام التونسي للشغل في المكاتب القيادية اقليميا وعربيا ودوليا صوريا ولن يكون خاصة مشروعنا النضالي من أجل المساواة الفعلية والتامة بين المناضل والمناضلة على قاعدة الجدارة والاحقية والنضالية وهمًا، ولن تكون قناعاتنا وتصوّراتنا لمساهمات الاتحاد واستحقاقاته للمرحلة الانتقالية والقادمة غائبا او مغيّبا، سندافع عن انفسنا داخل الاتحاد وخارجه وسنعمل من أجل تطوير المكتسبات وسنسعى من أجل تحديث عقلية ذكورية فوتت على المنظمة موعدًا اخر مع التاريخ النيّر لتونس الجميلة واذا كان محمود درويش قد كتب يوما على هذه الارض ما يستحق الحياة» فنحن نقول بداخل الاتحاد ما يستحق العناء.
❊ غياب كتلة نيابيّة نساڈئيّة
المناضلة وسيلة العياشي حدثتنا عن تجربة الترشح للمؤتمر فكان هذا البوح: لسائل ان يسأل لماذا تقدم امرأة لها مسؤولية عائلة واطفال والتزامات في العمل والنضال النقابي والنسوي... لماذا ترهق نفسها بالتزامات جديدة تزيدها تعبا على تعب؟
لقد دخلتُ غمار هذه التجربة وانا على قناعة بان تواجدي بالمكتب التنفيذي مسؤولية جسيمة تستوجب على كل مناضل يؤمن بان الاتحاد العام التونسي للشغل كان وسيظل المنظمة الوحيدة القادرة على الدفاع عن حقوق الشغالين والمسحوقين ثم انني مسؤولة نقابية من جملة نقابيات مناضلات تواتجدن في مختلف المحطات النضالية وشاركن الى جانب النقابيين (الرجال) في انجاح الاضرابات والتجمعات والمسيرات.
كما كنت اعتقد ان الوقت قد حان لتحظى المرأة بالمكانة التي تستحقها في المنظمة الشغيلة خصوصا وانها تمثل نسبة هامة من منخرطيها 40 ٪ او اكثر حتى ان بعض القطاعات اصبحت شبه نسائية (تعليم صحة نسيج..) كما ان التأكيد على ضرورة تواجد النساء في مختلف هياكل التسيير ومنها المكتب التنفيذي كان منصوصا عليه في مختلف لوائح مؤتمرات الاتحاد، فهل يعقل بعد كل هذا ان لا تحظى المرأة بالتواجد خصوصا بعد الثورة التي حققت تغييرات جذريا في مختلف المستويات السياسية والاجتماعية؟ هل يعقل ان لا تغير ولو جزئا يسيرا من عقلية النقابيين؟ ثم اني مؤمنة بانه يتوفر في عديد النقابيات قدرا من الكفاءة والتجربة الضروريتين لقيادة المرحلة القادمة خاصة في هذا الظرف الدقيق الذي تعيشه بلادنا والذي تحتاج فيه لتظافر جهود كل ابنائها (نساء ورجالا) لبنائها وكنا نؤيد المشاركة الفعلية في صناعة القرار المناسب لهذه المرحلة مع مجموعة من المناضلين موجدين ضمن القيادة الحالية حملنا معا نفس المشروع المجتمعي الذي امنا به في بناء «تونس اخرى ممكنة» ولكننا نحرم من ذلك لاسباب ندرك بعضها ونتجاهل بعضها الاخر عمدا حتى لا نصدم في اصدقائنا!!
كم حلمت كذلك بان اردّ ولو جزءا من دين واعتبار لجهة درست فيها وناضلت فيها نقابيا (هي جهة بن عروس) وخاصة لحي شعبي فقيرا معدم نشأت فيه وتخرج منه الطبيب والمحامي والاستاذ.. ولكن انتج كذلك العامل البسيط الذي يسعى جاهدا وراء لقمة العيش والعاطل عن العمل الذي لا يجد قوت يومه والعاملة في المصنع التي تعاني الامرين فمن صميم ذلك الحي الشعبي (الكبارية) ترسخت قناعتي بالنضال والدفاع عن الطبقة العاملة، ولكنني سأظل كما كنت دائما وفيّة لهذا المبدأ في اي موقع من المسؤولية كنت.
وانا سعيدة بهذه التجربة الثرية التي عشتها وعرفتني علي نقابيين مناضلين في مختلف الجهات والقطاعات، كما عرّفتني على اصدقاء جدد اقتنعوا بي وساعدوني (فالحصاد الحقيقي هو العلاقات الانسانية) كما انها تجربة علمتني الكثير لقد دخلت هذه التجربة ولا املك الا الصدق، وبنفس الصدق اواصل رحلتي.
ولكن علينا ان لا نهمل ان هناك اسبابا رئيسية لفشل النساء في المؤتمر ومنها عقلية ذكورية نرفض تواجد المرأة فضلا عن غياب كتلة نيابية ذات شأن 13 امرأة مؤتمرة فقط ضمن 518 مؤتمرا.
وكذلك المخاتلة التي حدثت في القائمة الوفاقية التي كنا نأمل ان تضم امرأتين ولكن تمت التضحية بالمرأة لارضاء بعض الجهات والقطاعات.
❊❊❊
قدر هائل من الخيبة والمرارة انساب مع شهادة الاخت فضيلة المليتي التي ناضلت من اجل النساء وكانت صوتهن لان كل المترشحات لم تكن لهن نيابات وبالتالي منعن من دخول مكان المؤتمر وحضور اشغاله.
تكلمت فضيلة المليتي فكانت هذه الاوجاع: علّق الجميع امالا استثنائية وخصوصا النساء النقابيات على المؤتمر الاخير وكن يتطلعن الى ان يكون مؤتمر الانصاف وان تتحقق فيه امنيتهن في التواجد الفعلي ضمن اعضاء المكتب التنفيذي فخضن حراكا اعلاميا واتصاليا منذ اوائل هذا الشهر: اجتماعات ندوات تصريحات في الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب، بيانات حضور اجتماعات الهيئات العليا بالمنظمة ولكن اكتشفنا من اول اجتماع بالمكتب التنفيذي ان هواجسنا ومطالبنا غير التي يطمح لها الامين العام السابق للاتحاد الذي عبر لنا بانه كان ينتظر منا ان نطلب منه ان يعمل على مراجعة شروط الترشح للنساء؟ والحال ان هناك قرابة 40 امرأة تتوفر فيهنّ شروط الترشح ؟ فمن اجل من يريد الامين العام السابق مراجعة شروط الترشح؟
وحان موعد المؤتمر والتحقت النساء بطبرقة وكلهنّ امال كي يحققن المراد ولكن هيهات لقد وجدن انفسهن على هامش المؤتمر موجودات قليلات كنائبات (حوالي 13 نائبة ضمن 518 نائب) مترشحة واحدة هي ناڈئبة من بين خمس مترشحات وعدد كبير من هنّ خارج المؤتمر امام النزل صامدات.
دار المؤتمر في اجواء محمومة من التجاذبات والمشاورات والتوافقات حول القائمات احزاب جهات وقطاعات كلها خاضعة الي التوازنات والنساء عن هذا كله مقصيات لا استشارة ولا حديث معهن وكأنهن غير موجودات في كل لحظة كنا نستمع الى تصريحات من طرف السادة النقابيين بانهم سيتكرّمون على امرأة واحدة سيختارونها ويتم الوفاق حولها ولا ندري ماهي الخصال التي سيقع اعتمادها في هذا الاختيار وكم تذكرنا هذه الممارسات بعهود غابرة عاشتها جدّاتنا وامهاتنا حين كانت المرأة لا تستشار في ادق الامور المتعلقة بحياتها وكان ولي امرها هو الذي يقرّر مصيرها؟
كم هو فضيع هذا الاحساس بان المرأة المناضلة تقدم في صورة قطيع يُباع ويشتري في منظمة عريقة تدّعي التقدمية مثلما تباع النعاج في سوق المزاد العلني.
كم هو قاتل هذاالاحساس بان المناضلة النقابية التي لطالما ناضلت الي جنب الرجل النقابي هي اليوم وبعد الثورة ينظر اليها علي انها قاصرة وغير جديرة لا بالاهتمام ولا بالتشاور ولا بالمسؤولية لقد عشت اسوء لحظات عمري انا المترشحة الوحيدة النائبة داخل هذا المؤتمر اذ كنا قلة من النائبات ضائعات مندّدات هائمات تتلاطمنا امواج الاحتقار العاتية المدمّرة فتلقي بهنا على صخور صماء مخيفة تلتهم كل امالنا وتطلعاتنا نحو الانصاف والمساواة الحقيقية فتتركنا جثث هامدة متناثرة هنا وهناك.
وفجأة توزع القائمة الوفاقية ولا توجد بها اي امرأة فتتساءل النائبات لماذا لماذا ويأتي الجواب برجع الصدى من كل انحاء النزل «قرّرنا ان لا تكون المرأة ممثلة الآن عليها ان تنتظر حتى تغيير القانون الاساسي لاحقا» هكذا قرّر السادة النقابيون عوضا عن العبدات النقابيات فليلتزم الكل بهذا القرار، وكان الالتزام فعلا سيد هذا المؤتمر فكل مؤتمر تحاول مخاطبة ضميره يذكرك بالالتزام ما عدى بعض النقابيين المتسيسين والغير محددين كانوا يساندون بعض المترشحات المتسيسات ايضا لتكوين بعض القائمات الجانبية، عندها فقط ادركنا اننا محاصرات بعقلية ذكورية متحجرة لا تؤمن بنضالية المرأة وتعتبرالنقابيين اسياد والنقابيات عبيد عليهن النضال والنضال في مقدمة الصفوف لحماية مصالح الاسياد الذين ما انفكوا يرفعون شعارات المساواة وضرورة التمسك بحماية وتطوير حقوق المرأة..؟
عندها فقط ادركنا اننا سنظل ضحية الجشع والنهم والتكالب على الكراسي سنظل ايضا ضحية ازدواجية الخطاب وان الشعارات التي لطالما رفعها المحدّدون في المنظمة لا تتطابق ابدا مع ممارساتهم لقد كان من السهل ومن المتيسر ان يخصصوا اماكن للنساء مثلما فعلوا مع الاحزاب ومع القطاعات ومع الجهات ولكنهم اختاروا التجاهل والتحقير لهذه الكتلة الانتخابية كان على النساء المنخرطات والنقابيات ان تدركن ان منظمتهن هذه لم تعرهن الاهتمام الكافي منذ نشأتها الى الآن وتاريخيا هي قد خطت خطوتين في مجال تمكين المرأة النقابية وكل خطوة دامت قرابة الثلاثون سنة: الاولى في عهد حشاد العظيم الذي اعطاهم المثل بانتخاب المناضلة شريفة المسعدي كأوّل امرأة في أعلى سلطة قرار ان ذاك وبعدها خطى الاتحاد خطوّ ثانية اقل بكثير من الخطوة الاولى الا وهي تكوين لجنة قضايا المرأة في الثمانينات ومنذ ذلك الحين لم يهتم الاتحاد حتى بتقييم مساره مع المرأة الذي تراجع كثيرا واتسم بعدم الاهتمام اذ دامت نيابة المكتب الوطني المتخلي في سنة 2010 قرابة العشر سنوات والاتحاد لم يحرّك ساكنا بينما يحرص كل الحرص على ان لا يتجاوز اي هيكل اخر فيه وسيطا كان او اساسيا مدّته النيابية؟ هذا الى جانب غياب الاستراتيجيات الواضحة لتفعيل اللجنة الوطنية للمرأة العاملة قطاعيا وجهويا وهي تكاد تكون مفقودة عدا بعض الجهات التي تتبنى فعلا قياداتها الفكر التقدمي الواعي باهمية تفعيل هذه اللجان وهكذا فإن وضع النساء في النقابات بقي هشا وباهتا فلا هن تتحملن المسؤوليات الاولى والمحدّدة ولا هن تتمتعن بأيّ تميّز او امتياز الا قلة قليلة. منظمة الاتحاد العام التونسي للشغل بالاساس منظمة ذكورية متحجرة تمارس الوصاية والتبعية وعدم الاعتراف بندية المناضلة النقابية للمناضل النقابي تهمل تمثيلية نصف منخرطيها.
أفيقي ايتها المرأة العاملة المنتمبية للاتحاد أفيقي أيتها المناضلة النقابية ورصّي الصفوف للتصدي لهذا الطوفان الذي جرفنا وسيواصل جرفناجميعا سيجرف مستقبل بناتنا وحفيداتنا بل سيجرف بلدنا الذي نريد ان نبنيه معا رجالا ونساء، افيقي ايتها المرأة العاملة واكتسحي النقابات ولا تتركي مكانك فيها حتى لا يفوت الاوان ويزداد التهميش. والامتهان الاخت نجوى مخلوف منسّقة المكتب الوطني للمرأة العاملة رأت ان المسألة تتلخّص في:
الرفض الذكُوري لنضالات النساء وذلك من خلال ما لاحظناه من طبيعة الفوز بالمقاعد التي حدّدها الانتماء للقائمة الرسميّة التي اصطلح عليها بالقائمة الوفاقية والتي تناست انّ شريحة هامة يمكن ان تدخل ضمن هذا الوفاق وهنّ النساء اللواتي يُشكّلت 40 ٪ من المنخرطين، لقد الغيت المرأة كجنس واخرجت حتى المحاصصة السياسية وكان يمكن ان تكون ضمنها ، المكتب المتخلي أعدّ القائمة الوفاقية على أساس مخاصصة حزبية جهوية وكانت الاتّحادات الجهوية التي لديها اكثر نيابات كتونس وبن عروس وصفاقس هي صاحبة الكلمة الفصل لذلك نحتاج اليوم اعادة هيكلة الاتحاد باقرار مبدإ «الكوتا» كما وردت في اللائحة العامة وتفعيلها في المجلس الوطني خلال السنة القادمة.
انتهينا اليوم من مرحلة الشعارات التقدمية الفضفاضة التي تحلق فوق الواقع انتهى عصرها لن تخدعنا مستقبلا عبارات المزايدة او التبجّح التي طالما كرّرها البعض رافعين الصوت: انهم لن يكونوا ضمن قائمات تخلو من النساء ولكن للانتخابات حساباتها التي تتجاوز اللشعارات والمبادئ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.