... هل كنّا في حاجة إلى تلك الكارثة التي حصلت بمستودع الأدوية بالمدينة الجديدة من ولاية بن عروس لنفتح الملف على مصراعيه... أم أنّ هذا الملف المنسي والذي ظلّ منذ ثورة 14 جانفي يثير الشكوك والأحاديث كان لابدّ من فتحه سواء حصلت الكارثة أو لم تحصل... كذلك لماذا لم تسارع وزارة الصحة من خلال وزيرها الجديد الدكتور عبد اللطيف المكي بالاقتراب من هذا الملف على أهميّته الاجتماعية والاقتصادية وبما أنّ الذي حصل حصل كما يقال فإنّ أسرة «الشعب» ومن خلال هذه الكارثة ذهبت بعيدًا في رصدها لواقع الملف بما أنّه كلّف المجموعة الوطنية خسائر فاقت 14 مليارا لكنّ بالعودة الى شيء من التاريخ فإنّها ليست أوّل كارثة يعرفها القطاع خاصّة على أهميّة الأدوية في حياة الانسان التونسي. ... أعود من حيث بدأت بطرح الأسئلة لأقول إنّ مسؤولي الصيدلية المركزية وضعوا علامة «قف» أمام كلّ زائر لمكان الحريق بعد صدور إنابة بفتح بحث تحقيقي حول الحادثة . ولمعرفة الأسباب الحقيقية لاندلاع الحريق والذي لم يتفطّن العاملون هناك إليه رغم اتفاق عديد الأطراف على كون «روائح» الحريق توضّحت منذ الساعة السادسة ونصف صباحا. ولضمان السير الطبيعي للتحقيقات المجراة في هذه القضية فإنّنا لن نذكر الأسماء تفاديا للاحراج وكذلك للابتعاد قدر المستطاع عن مسألة مايسمّى بالتأثير على الأبحاث، لكن لا بأس بالعودة إلى بعض التفاصيل التي تؤكد انّ المستودع الذي أحرق يحتوي على الاكسسوارات التي تستعمل في العمليات الجراحية كالقطن والخيوط و«الأباري» اضافة إلى بعض أدوية الأمراض المزمنة والسرطان وحسب جرد أولّي للخسائر قال مصدر اداري «للشعب» أنّ الخسائر كانت في حدود 15 مليارا. ? بين طرف وآخر... من خلال عمليات المعاينة الميدانية تبدو للوهلة الأولى للناظر أنّ الحريق ناتج عن خلل فنّي في حين تصرّ أطراف أخرى على القول أنّ العملية وراءها تدبير وتنفيذ بطريقة فيها الكثير من الحبكة والاتقان ولضمان الحياد نقول إنّ الأبحاث وحدها كفيلة لتبيان الخيط الأبيض من الأسود. ? سؤال الحاضر وجواب الماضي ... وبما أنّنا كنّا على عين المكان للبحث والتمحيص فإنّنا سألنا أحدهم عن تأثير هذا الحريق على عمليّة توزيع الأدوية للصيدليات فكانت الاجابة حاضرة جاهزة ليقول: انّ عمليّة الانتاج قادرة على تزويد المواطن ب 3 أشهر من الأدوية دون بحث طويل في التفاصيل فهمّنا مغزى الاجابة لأنّ العملية تدخل في خانة تصريف الشؤون دون التوقف أمام الجزئيات وما أكثرها هذه الأيّام! ? نحن جزء من الواقع غادرنا مكان الحريق بما أنّهم التفّوا على الواقعة رافضين مدّنا بأدق التفاصيل بدعوى أنّ القضية أصبحت من أنظار العدالة لكنّنا كنّا على قناعة ان شيئا ما يثير الدهشة والاستغراب، لذلك كان لابدّ أن نلتقي بأحدهم بعيدا عن الأعين فقال لنا في جملة «مختصرة» كلّ شيء في الصيدلية المركزية يثير الدهشة خاصة بَعْدَ الحديث السابق عن فساد كان حصل هناك....!! وبما أنّ المسألة توضّحت فإنّنا خيرنا التوجّه إلى الأخ عثمان الجلولي (الكاتب العام المساعد لجامعة الصحة الذي أفادنا بما يلي: «أعتقد أنّ قطاع الصحة في حاجة إلى أكثر من تدخل لمعالجة ملفاته المنسية لكن قبل ربط الماضي بالحاضر عليّ التوقف أمام الأسباب الرئيسية للاضرابات التي حصلت في بعض مصانع الأدوية مثل «أدوية» أو «أوباليا» فإنّ ذلك يعود إلى تفصّي الطرف الاداري من تطبيق مقتضيات محاضر جلسات سابقة حصل فيها اتفاق على تمتيع العمّال من حقوقهم كاملة في منحتيْ الانتاج والخطر، أمّا عن أسباب غياب بعض الأدوية عن بعض الصيدليات فقد أوعز ذلك الى 3 أسباب رئيسية هي: 1 سوء مسالك التوزيع. 2 تخزين مبالغ فيه لأصحاب الصيدليات لبعض الأدوية ليصرفوه على طريقتهم الخاصة. 3 تهريب الأدوية إلى بعض دول الجوار. وحتى نضمن أكثر اجابات لبعض النقاط الغامضة اتصلنا بالأخت شيراز بالحاج يوسف (الكاتب العام لنقابة شركة أدوية) التي قالت لنا إنّ الحديث عن غياب بعض الأدوية في مثل هذا الوقت من السنة والبلاد تمرّ بموجة برد قاسية جدّا حديث الغاية منه تحميل المسؤولية لطرف دون غيره والحال أنّ المسألة واضحة جدّا فنحن اضربنا في مصنع الأدوية اضرابا شرعيا. بداية من 6 فيفري الماضي بحكم أنّ المدير العام للمؤسسة لم يطبق ما اتفقنا فيه سابقا كما أنّ مدير الموارد البشريّة تعمّد جلب «باندية للمؤسسة بنيّة ارهاب العملة بعد ان عمدوا إلى غلق باب المعمل كما اتهموا بعض العملة بسرقة الأدوية وبالتالي تمّ تقديم قضايا مدنيّة ضدّنا وقد ذهبنا إلى القرجاني للتحقيق في ذلك! إلى هنا أردت إنهاء الجزء الأول من هذا التحقيق، على إنّني سأقدم بقيّة تفاصيله في عدد لاحق مع التأكيد انّني أترك لكل من له شهادة أو رأي يريد الادلاء به أو ردّا يريد تقديمه فإنّنا نترك لكل هؤلاء جميعا امكانية الدفاع عن أنفسهم. ? يتبع