تنفيذًا لتوصيات المؤتمر الثاني والعشرين للاتحاد العام التونسي للشغل، عقد قسم الاعلام والاتصال والنشر ندوته الدستوريّة الأولى تحت شعار «من أجل تجذير الاعلام النقابي وتطويره» وذلك يومي 17 و18 فيفري 2012 بالحمامات. وبحضور الأخ محمد المسلمي الأمين العام المساعد المسؤول عن التكوين النقابي والتثقيف العمالي والأخ ناصر الماجدي ممثل الاتحاد الجهوي للشغل بنابل، افتتح الأخ سامي الطاهري الامين العام المساعد المسؤول عن الاعلام والاتصال والنشر فعاليات الندوة التي اعتبر الحضور فيها وجوبي بحكم ان ما ستفرزه من قرارات وتوصيات ونتائج ستظل محل متابعة وتواصل، حيث ان انعقادها قد جاء في اطار سدّ الفراغ والاسراع لانقاذ ما يمكن انقاذه مما هو موجود عبر انتهاج الاساليب الديمقراطية والمصداقية والشفافية على اعتبار انها مبادئ اساسة يقوم عليها الاعلام في منظمة عتيدة. وابرز الأخ سامي الطاهري جملة النواقص والاخلالات التي شهدها الاعلام النقابي بُعَيْدَ الثورة وخاصة على اثر الحملات التي شُنّت على المنظمة الشغيلة مستعملة كلّ انواع الاسلحة القذرة ومركزة اهدافها على القيادة النقابية في محاولة لاحداث شرخ وتصدّعات داخلها. وأمام حالة البهتة والدهشة التي ميزت الاعلام النقابي في تلك الفترة بحكم ثقل الاعباء الماضية التي عانت منها جريدة «الشعب» بادر الاتحاد العام التونسي للشغل بتعيين ناطق رسمي وبادرت الهياكل النقابية بفرض حضورها عبر المشاركة المتنوّعة في وسائل الاعلام فضلا عن المحاولات الاولى في الاستفادة من الاعلام الافتراضي. وبالمحصلة، لم تكن للاتحاد العام التونسي للشغل القدرة علي الحدّ من هجومات هذه الحرب الاعلامية الشعواء التي استخدمت كل أنواع الخطابات ومما زاد الأمر تعقيدا انصراف النقابيين في اتجاه الساحات السياسية الجديدة التي «انهت اللجوء داخل مظلات الاتحاد التاريخية وتفويت الفرصة في تحويل الاعلام النقابي إلى قاطرة ريادة تعكس الدور الكبير الذي قام به الاتحاد خلال ثورة الكرامة. وتساءل الأخ سامي الطاهري «بلغة الجمع» أية سياسة اعلامية يمكن ضبطها الآن وماهي الوسائل التي يجب اعتمادها لتحقيق الاهداف مستقبلا؟ وأوضح الامين العام المساعد المسؤول عن الاعلام والاتصال والنشر أنه من الضروري ان تنهض السياسة الاعلامية المستقبلية على ارجاع صوت الاتحاد ليس من خلال نشاطه الدّاخلي وحسب، بل من خلال الاعلام بجميع تخصصاته الورقية والالكترونية، المرئية والمسموعة. وبعد ان تعرّض إلى جملة التحديات والعراقيل التي قد تواجه السياسة الاعلامية المستقبلية مثل استعمال أسلحة الاشهار العمومي في تركيع الصحف وتعقيد وسائل ومسالك التوزيع وغلاء كلفة الورقة والغاء عديد الاشتراكات، قدّم الأخ سامي الطاهري المحاور الرئيسية للاعلام البديل والمتعلقة ببعث اذاعة «صوت الشعب» FM تغطي ذبذباتها اقليمتونس في مرحلة أولى وبموقع الشعب الالكتروني ومع الاتحاد العام التونسي للشغل وبشبكة التراسل بين الاقسام والاتحادات الجهوية والجامعات واتفاق الشراكة مع قناة «الحوار» التونسي وغيرها... المرسومان وتدخل المقاولين وفي مستهل مداخلته، قال الدكتور عبد الكريم الحيزاوي مدير المركز الافريقي لتدريب الصحافيين والاتصاليين ان ما يجري داخل بلادنا جعل الاعلام مجالا مخاتلا بعدما اصبح يحتوي على 12 قناة اذاعية وخمس قنوات تلفزية، حيث يتميز بضرب من التواصل مع المشهد رغم محاولات بعض الصحف والقنوات تغيير خطاباتها، مبرزًا في السياق ذاته أن الجسد الاعلامي قد ظلّ مع الاستقلالية خاصة بعد الغاء وزارة الاتصال وحذف وكالة الاتصال الخارجي وحذف المجلس الاعلى للاتصال. ثم تطرّق المحاضر إلى الدور الذي لعبته الهيئة العليا لاصلاح الاعلام والاتصال، خاصة انها كانت حاضنة للتفكير الاستراتيجي حول اصلاح الاعلام باعتباره الأداة الاساسية لاضفاء الشفافية وتحقيق الحكم الرشيد ووضع حدّ للفساد تحت حجب المعلومة. وتعرّض الدكتور عبد الكريم الحيزاوي للمرسوم عدد 115 المتعلق بحرية الصحافة والاعلام والنشروللمرسوم عدد 116 باعتبارها إطارا قانونيّا للقطاع السمعي البصري، معتبرا المرسومين من أفضل ما يمكن ان يحمي الحرية بالنسبة إلى الاطراف الضعيفة مثلما تقوم بذلك مجلة الشغل خاصة أن هناك التقاء بين أصحاب القرار في النظام القديم وأصحاب المصالح في المرحلة الجديدة فضلا عن تنامي تدخل المقاولين في بعث المشاريع الاعلامية. جدل.. نقاش وتوجسات بعد هاتين المداخلتين شارك ممثلو الاتحادات الجهوية والقطاعات بكثافة في مجريات النقاش العام وقد تراوح جوهر التدخلات بين الرفض والبناء.. بين تحديد النواقص واقتراح البدائل، بين الموجود والمنشود في الاعلام النقابي، حيث استأثرت جريدة «الشعب» بالمساحة الزمنية الاوسع من هذا الجدل الداعي الي تنويع الاعمدة واقرار مبدإ التداول عليها ومزيد توسيع مجالات المشاركة في التعبير من خارج اسرة التحرير وتغيير شكل الجريدة والجانب الاكبر من مضامينها ودعوة الصحافي إلى نقل ما يعتمل داخل الساحتين النقابية والوطنية دون السقوط في التأويلات الايديولوجية على اعتبار أن التنوّع أو الاختلاف أو التعدّد هو الذي بات يحكم الساحتين، وبضبط استراتيجية توضح الخط التحريري تجدّد اركان الجريدة وتوجهاتها الاعلامية والاهتمام اكثر بما تعانيه الجهات الداخلية وعديد القطاعات المهنية والاجتماعية. كما تطرّق المتدخلون إلى أسباب عزوفهم عن اقتناء الجريدة. كما تعلق اهتمام البعض بقضايا التوزيع والانخراط والترويج. وابدى البعض الآخر نوعا من الرضى عمّا تحقق من الاصلاحات خلال الاسابيع الستة الاخيرة. وفي الحصة المسائية لليوم الاوّل من اشغال الندوة، قدّم الاخوان شريف الصباغ ومحمد القلمامي عرضا حول موقع الاتحاد الالكتروني وشبكة التراسل مع بقية الهياكل النقابية، كما أبرز الحدود والامكانيات المطروحة أمام مزيد تفعيل هذين المشروعين مستقبلا. الالكترونيات ومساحة الحرب الافتراضية في مداخلته قدّم الأخ محمّد العروسي بن صالح ورقة حدّدت المنجز الاعلامي النقابي راهنا من خلال الشعب الالكترونية والاذاعة والتلفزة باعتبارهما مشروعين أخذا في التموقع داخل مجالات الاهتمامات النقابية العامة والاعلامية الوطنية نظرًا إلى مضمونيهما المميّزيْن واعتمادهما كإحدى مصادر الخبر في العمل الصحافي، مبرزا ان الجهد المبذول حول جريدة لم يعد وحده كافيا أمام التحوّلات السريعة للفضاء الاتصالي المعولم وأمام سعي المكوّنات الاجتماعية والسياسية الصاعدة إلى حسم المعركة لصالحها عبر الاعلام. ثم بعد ذلك توزع المشاركون إلى ثلاث ورشات اهتمت الأولى «بكيفية ضمان حضور مكثف للاتحاد في مختلف وسائل الاعلام» ونشطها الاستاذ نبيل الهواشي فيما اهتمت الثانية «بكيفية دعم الجريدة ماليا» ونشطها الاستاذ أحمد المهوك، بينما اعتنت الورشة الثالثة «بصياغة برنامج سنوي لقسم الاعلام جهويا وقطاعيا ووطنيا» ونشطها الاستاذ حسن الودرني. اختتام وخصص اليوم الثاني من اشغال الندوة الدستورية لقسم الاعلام والاتصال والنشر لتلاوة تقارير الورشات الثلاث ومناقشتها.