نستهدف استعادة اشعاع منتخب كرة السلة للكبريات بعد سنوات من الاستغناء عن هذا الصنف (مدرب المنتخب التونسي)    كيف سيكون طقس عشية يوم العيد ؟    كيف تحافظ على جلد الأضحية في الطقس الحار قبل وصول البلدية؟    منوبة تثمن جلود الأضاحي: حملة بيئية واقتصادية لمجابهة التلوث في العيد    الحجاج يؤدّون رمي جمرة العقبة الكبرى في منى    هارفارد تقاضي ترامب بعد حظر دخول الطلبة الأجانب    بلدية منّوبة تشرع في حملة تثمين جلود الأضاحي للحفاظ عليها كمواد أولية صناعية    دي لا فوينتي: جمال قدم أوراق اعتماده للفوز بالكرة الذهبية أمام فرنسا    كرة القدم العالمية: على أي قنوات تُبث مباريات نهاية الأسبوع؟    من القلاية للكسكسي: أطباق ما تخرج كان في عيد الكبير!    ارتفاع في درجات الحرارة وخلايا رعدية محلية في الجنوب    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    ما هو طواف الإفاضة؟ فريضة الركن بعد عرفات    حتى 41 درجة مئوية في يوم العيد : يوم حار في كامل أنحاء تونس    عاجل: موعد مباراة المغرب ضد تونس والقنوات الناقلة للبث الحي والمباشر    التمديد في نشر فيلق مشاة خفيف وسرية تدخل سريع تونسيين تحت راية الأمم المتحدة في إفريقيا الوسطى    احفظ لحوم عيد الأضحى بأمان: أهم نصائح الإدارة البيطرية    بداية مخيبة لانشلوتي مع البرازيل    اريانة: بلدية رواد تزيل النقاط السوداء بمنطقة الغزالة    هل نحمي صغارنا من مشهد الذبح... أم نعلّمه معنى القربان؟    محرز الغنوشي: ''تذبح العلوش ثم البحر ينادي''    هيئة السّلامة الصّحية: تكليف فريق من الأطباء البياطرة لتقديم التوجيهات اللازمة للمواطنين    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    آلاف المصلين يؤدّون صلاة العيد في المسجد الأقصى    الحجاج يرمون الجمرات في أول أيام عيد الأضحى    جمرة العقبة تُرمى فجر العيد... والحجاج يشرعون في النحر والطواف    ماذا بعد الانتهاء من رمي جمرة العقبة الكبرى؟    الأردن وأوزبكستان يحققان إنجازاً تاريخياً بالتأهل إلى كأس العالم 2026    ارتفاع أسعار لحم الضأن بنسبة 19,8% في شهر ماي 2025 (باحتساب الانزلاق السنوي)    عيدكم مبروك...    فريق قسم جراحة الجهاز الهضمي "أ" بمستشفى الرابطة ينجز تقنية متقدمة لعلاج سرطانات البطن    صابة الحبوب: تجميع 992.776 ألف قنطار إلى غاية 4 جوان 2025    ترامب يؤكد أنه طلب من 'المجنون' ماسك ترك منصبه    سوق البورصة تجه صعودا هذا الاسبوع    العاصمة الإيطالية روما تحتضن معرض "مانيا ماتر من روما إلى زاما"    هل ''الكعابر'' تحت أذن الخروف تبطل الأضحية؟    الأوركسترا السمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى في يومها العالمي 21 جوان    ثورة طبية جديدة.. تقنية مبتكرة لإزالة جلطات الدم بفعالية مذهلة    بوسالم.. يضرم النار في جسد طليقته امام مركز البريد    القيروان: وفاة شخصين وإصابة 20 آخرين في حادث انزلاق شاحنة خفيفة بحاجب العيون    المنظمة الفلاحية تدعو إلى تعديل سعر قبول البطاطا الفصلية ب1350 مي/ كغ كحدّ أدنى    المتاحف والمعالم التاريخية تفتح أبوابها مجانًا للتونسيين والمقيمين هذا السبت    عاجل/ المتّهم بقتل هشام الميراوي يمثل أمام القضاء الفرنسي (تفاصيل)    صافرة تونسية تدير مواجهة المغرب والبينين الودية    نجوم الراي في حلقة استثنائية من برنامج "أنا والمدام" على قناة تونسنا    هل السخانة أثّرت على حجاج تونس في عرفة؟ المنسّق الصحي يطمئن العائلات    القصرين: حملات تلقيح الأغنام والأبقار فرصة لتحيين المعطيات وتحديث الأهداف للسنوات المقبلة    وزير الفلاحة يفتتح موسم الحصاد بزغوان    مدنين: إحباط تهريب هواتف بقيمة تفوق 690 مليون وفتح تحقيق أمني عاجل    عاجل/ إيقاف عشرات الحجاح يحاولون التسلل إلى مكة سيرا على الأقدام عبر الصحراء..!    مشهد مهيب.. الحجاج على جبل عرفة (فيديو وصور)    بطولة رولان غاروس: ديوكوفيتش يفوز على زفيريف ويضرب موعدا مع سينر في نصف النهائي    رئيس الجمهورية: لا مجال للتفريط في مؤسّساتنا ومنشآتنا العمومية، وسيتمّ تحميل المسؤولية القانونية كاملة لمن خرّبها    عمره عامان.. وفاة رضيع بعد أسابيع من التعذيب على يد جديه    بينها 4 بلدان عربية: ترامب يحظر دخول مواطني 12 بلدا لأميركا    نحو رقمنة شاملة للقطاع السياحي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الكاتب حسونة المصباحي    المُثَلَّثُ الشُّجَاعُ والمُسْتَطِيلُ اُلذَّكِيُ    









العود بمأساة أو مهزلة (1)
نشر في الشعب يوم 24 - 03 - 2012

هاجم أبو طاهر الجنابي الحجيج في فجاج مكة في الثامن من ذي الحجة (يوم التروية) وقتّلهم قتلاً شنيعا ثم دخل البيت الحرام فقتل أمير مكة وكان أن عرّى البيت واختتم فعله بحمل الحجر الأسود الى هَجر بالبحرين. وكان أن دخل قرمطيّ الى حاشية الطواف سكران على فرس بال عند البيت وضرب الحجر الأسود بدبوس فكسره ثم اقتلعه (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة). وبقي الحجر الاسود هناك الى ان أرجع في ايام الخليفة المطيع. وكان ان هدم خالد بن عبد الله القسري جميع المآذن التي طالتها يده بعد ان أنشد السري بن عبد الرحمان متماجنا:
ليتني في المؤذنين حياتي إنهم يبصرون من في السطوح
فهجاه الفرزدق:
بنى بيعة فيها للنصارى لأمهِ ويهدم من كُفر منارَ المساجد
(عن جمال جمعة).
... وكم من كتاب أُتلف وكم من مكتبه أُحرقت.. همجية ساسة المغول وان سبقوهم في الفعل... الفلسفة ممنوعة... الفنون ممنوعة... حتى الحكي ممنوع.. ببساطة مُحرّم معانقة الوجود.
ذكّرنا أبو طاهر ومن ماثله وان اختلفت الاهداف بالمروي عن حكاياهم بما تعيشه اليوم في وطننا تونس.
أحرقت قاعة افريكا للسينما بالكلام البذيء. أهين النحت في شارع بورقيبة واقتُحمت كليات الجامعة التونسية مصاحبة باقتحام المساجد و... و... وتوج الحراك بمكثر التي شهدت حرق قبر منصف الطبيب في تسعينات القرن الماضي. وبئر علي بن خليفة التي ذاقت كل انواع المرّ.
ليعنف النوري بوزيد وسليم ساسي وغيرهما، ولكن المس بالسيد الحبيب الكزدغلي مسألة أخرى، ان يعنف باعتباره معارضا مثلما كان تلميذا او طالبا او استاذا لهان الأمر لأننا تعودنا تسليط العنف على اليساريين علما انه في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي كان مدافعا عن الاسلاميين فاتهم باليمينية لأن الاخوان كانت لهم أنشطة مع محمد الصياح مدير الحزب الحاكم (لقاء دوز سنة 1973) ولعلاقتهم بالحكومة (وأساسا محمد مزالي) وما شابه ذلك. اما ان يكون عرضة للفظاعة وهو عميد كلية منوبة فلذلك دلالات عميقة تؤكد الضّرّ بوطننا حاضرا ومستقبلا زيادة على نسف الحيّ من ماضينا.
قدّم الفكرُ المتخلف الجزيرةَ العربية منطقةً تفتقر الى الثقافة الانسانية ولكن التاريخ والوثائق يفندان. كما حاول نسف تاريخ افريقية وشمال افريقيا رغم ان ساكنهما الاول نعت نفسه بالانسان الحر. ان الشعوب تتطور لا على اساس القوى المنتجة وعلاقات الانتاج فقط وانما على البنية الفوقية ايضا والثقافة والفكر والتعليم واحدة من ركائزها الاساسية. والفكر القروسطي بسلوكه الهمجي لا يقيمُ اعتبارا لعموم الثقافة التي تحاول ان تطور من ذهنية الانسان دون توقف لذلك كان التشنيع فظيعا بالانسان المفكر والمبدع قديما وحديثا. إن ما تعرض له الكزدغلي ليس بجديد اذ سبقه في ذلك الدكتور علي الحيلي عميد كلية العلوم وعلى يد نفس التيار السياسي وان تبدلت الاسماء، ولكن هذا السلوك الذي يرمي بمكانة المدارس والمعاهد والكليات ومؤسسات الثقافة عرض الحائط يتطور نحو الاشد فظاعة. لقد وصل بهم الامر الى انزال علم تونس وتعويضه بآخر غريب عنا ومستورد من غيرنا وتعنيف فتيات دافعن عنه رافضات علما قروسطيا يعوضه.
أيستطيع مواطن في البلدان ذات الحرية السياسية ان يقدم على مثل هذه الجريمة؟ لن يكون ذلك ابدا لان مؤسسات الدولة لن يهدأ لها بال حتى يقع القبض على الجاني لتقديمه الى المحاكمة، ولكن مؤسسات الحكومة الوقتية تتحرك باحتشام والمجرم طليق بل وتجد له أعذارا من هنا وهناك، السبب بسيط لأن الحكومة حكومة التفاف على الثورة.
من واجب مكونات المجتمع المدني الباحث عن الحرية السياسية الفعلية والاحزاب الديمقراطية والوطنية أن تولي للتعليم والثقافة والبحث العلمي المكانة التي تؤكد التمسك بالمعارف العلمية التي تطوع الانسان والطبيعة في آن واحد لصالح الانسان الواعي، ان طبقات مجتمعنا وفئاته المضطهدة يمكن ان تتحمل الجوع، جوع البطن والاعضاء التناسلية لكن جوع الفكر لا يحتمل أبدا فناشئتنا وشبابنا هم أثمن رأسمال فعليّ عندنا، فلا نضيّع هذا الرأسمال الاهم الذي لا يقدر بثمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.